العراق وترجمة مبادرات الإصلاح على أرض الواقع

الإصلاح الذاتي والمشاركة السياسية والاقتصاد لُب أزمة الحكومة مع إقليم كردستان

مركز النبأ الوثائقي

 

شبكة النبأ: يتفق أغلب العراقيون على أن العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان في العراق تمر حاليا بأسوأ حال، حيث الخلاف على ملفات كثيرة ومعقدة منها ملف النفط، والفيدرالية، ومسألة كركوك وباقي الاراضي المتنازع عليها، ولكن يا ترى ما هو العلاج لحل هذه المشاكل، وكيف لنا أن نتفاعل بيننا في ظل هذه المشاكل؟! أما آن الأوان بعد كل المشاكل التي جرت، ان ينظر كلا الشعبين العربي والكردي منظورا اجتماعياً وثقافياً وفكرياً، وهو ما قد يحقق مفاهيم النهضة والتنوير والتنمية. وفي وقت مضى ُطرحت مبادرات من بعض السياسيين، وأن الحكومة المركزية كانت قد طرحت ثمة أوراق حول صلاحيات حكومة المركز مع الحفاض على وضع أقليم كردستان، ترنو هذه الأوراق إلى معالجة الخلافات بين الأقليم والمركز ووضع آليات تقود في نهاية المطاف لإصلاح الوضع العراقي وإدارة أزماته.

على أي حال، ما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على المبادرات التي تنص على ميثاق لإصلاح الوضع العراقي، يضمن حماية المصالح المشروعة وتحقيق المطالب العادلة لبلدنا، ويبني العمل بين الطرفين على أوثق العرى وأقواها، وينظم العلاقات في ما بين المركز والاقليم، ويوجه العلاقات مع دول العالم. على أن هذه المبادرات جاءت كخطوة جريئة لعلاج الخلل، ولكشف الواقع المرير الذي يعيشه العراقيون، ومما يلفت النظر أن مضمون المبادرات انتقل من مفهوم الخطاب إلى طرح يتسم بالشفافية والمكاشفة.

وعند القراءة المتأنية لما جاء في هذه المبادرات، نلحظ ثلاثة أمور أساسية لإصلاح الوضع العراقي، تتمثل في: الإصلاح الذاتي، وتطوير المشاركة السياسية، والتكامل الاقتصادي، وهي موضوعات في لُب الأزمة الحقيقية بين الاقليم والمركز.

لذلك يمكن القول إن (المنفعة الجماعية) هي الركيزة التي تستند إليها المبادرات، وهي الأرضية التي تنطلق منها، وفي ذات الوقت هي الغاية التي ترغب في تحقيقها. وبعبارة أخرى (حل الخلافات العربية الكردية بالطرق السلمية)، و(حماية المصالح المشروعة).

ولذلك نقول لن نقبل من الآن فصاعدا أن نقول ما لا نفعل، أو نعد ولا نفي.. وعندما ينادي بالمشاركة السياسية أو الاقتصادية في بلدنا، فلأنه موقن أن ثمة معاناة يعيشها العراقيون، ولم يعد بالإمكان إقامة مجتمع فاعل ومدني في عالم لا يعرف إلا الأوتوقراطية، ولا يؤمن بالآلية الديمقراطية، من مشاركة سياسية واحترام لحقوق الإنسان وحرية التعبير، فالقومية باتت كلها أدوات لإعاقة أي تنمية إن لم تكن عناصر ضعف ووهن لبلدنا.

كما أن الإصلاح الذاتي في عمقه، يرتكز على تصحيح الوضع الراهن، ولا ريب في أن ظاهرة الفساد المستشرية في بلدنا، فضلا عن عدم استقلالية القضاء، ناهيك من رقابة الإعلام، أدوات فعّالة لتقويض البناء، ولتكريس سلوكيات غير مشروعة كالرشوة واستغلال المنصب أو النفوذ، غير أن المبادرات لم تلبث أن وصفت واقعنا (بالمرير)، وطالبت ببعث (اليقظة) في نفوس العراقيين حتى يكونوا قادرين (على مجابهة التحديات والمخاطر التي تحملها التطورات الراهنة وتداعياتها المتسارعة). فضلا عن المنادات بنشر ثقافة (نقد الذات أولا)، وبفتح باب المحاسبة والقضاء على البيروقراطية، كما أن محاورها تنزع إلى محاولة ردم الفجوة، لأنها تنادي بالتعددية والمشاركة وأهمية الرأي الآخر.

ولعل ما يميز هذه المبادرات هو بعدها عن الحماسة الآيديولوجية أو العاطفة القومية، رغم أن خطابها قد يُظهر العكس، إلا أن القراءة العقلانية لمضمونها تفيد أن ثمة نزعة براجماتية في ما يتعلق برؤيتها إزاء العمل المشترك لإظهار قوى سياسية عراقية نزيهة قادرة على إدارة البلد، أما الاقتصاد هو كلمة السحر لصناعة التكتل في عالم لم يعد يرحم، وهذا ما أدى إلى نجاح بعض الدول، في حين فشلت معظم القمم التي عقدت لتميزها بما يسمى بأسلوب القفز وطرح القضايا الكبيرة والمشاريع الضخمة ضمن منظومة من الانفعال اللحظي، مما يدفعها في نهاية المطاف إلى الإخفاق.. نعم إنها وصفة لعلاج الخلل، ولذا العراق في حاجة ماسة إلى ترجمة تلك المبادرات الإصلاحية، وهذا يقتضي وجود إرادة سياسية جادة من أجل حماية المصالح المشتركة، إن أردنا فعلا حمايتها..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 20/آيار/2009 - 23/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م