
شبكة النبأ: نشرت المخابرات الأمريكية
تقريرها الدوري بشأن المخاطر المحتملة لأمريكا، ويعتبر هذا التقرير جزء
من تقرير كبير لم تنشره لأسباب خاصة.
أشرف على إعداد التقرير مدير مجمع المخابرات الأمريكي السابق، ولكن
وضع اللمسات الأخيرة عليه تم بواسطة الأدميرال دينيس بلير المدير
الجديد لمجتمع المخابرات الأمريكي.
تقرير التخمين الاستخباري الصادر مؤخراً تضمن فصلاً كاملاً عن
البرنامج النووي الإيراني، والجدير بالذكر أن المعلومات تؤكد أن محتوى
التخمين المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني يتطابق تماماً مع محتوى
التخمين السابق، الذي أثار ضجة كبرى بسبب اعتراض الإسرائيليين وجماعات
اللوبي الإسرائيلي وصور الإدارة الأمريكية آنذاك عليه.
* أبرز محاور التقرير
برغم تطابق محتوى تخمينات مطلع عام 2008 مع محتوى تخمينات مطلع عام
2009 فإن هناك قدراً من الاختلاف بين الاثنين وعلى هذه الخلفية يمكن
الإشارة إلى الجوانب المتطابقة والجوانب المتخالفة على النحو الآتي:
• كرر تقرير عام 2009 ما ورد في تقرير عام 2008 لجهة الاعتماد على
المعلومات الاستخبارية الأمريكية السابقة القائلة أن طهران أوقفت في
عام 2003 برنامجها النووي للأغراض العسكرية، ولكن التقرير الجديد أضاف
قائلاً أن إيقاف إيران برنامجها النووي للأغراض العسكرية استمر حتى
منتصف عام 2007 بحسب المعلومات المؤكدة ولكن خلال الفترة الممتدة من
منتصف عام 2007 حتى لحظة إعداد التخمين فإنه لا تتوافر أية معلومات
كافية تفيد لجهة الإجابة الدقيقة على السؤال القائل: هل استأنفت طهران
توظيف برنامجها النووي لجهة بناء قدرات عسكرية نووية أم لا؟
• أضاف تقرير التخمين الجديد نقطة تفيد لجهة قياس ومعايرة الشكوك
المتعلقة بالنوايا الحقيقية الإيرانية إزاء مستقبل وحاضر البرنامج
النووي الإيراني وبشكل قاطع أكد التخمين أن إيران أصبحت قادرة على
استخدام وتوظيف برنامجها النووي للأغراض العسكرية إذا قررت ذلك، ولكن
ما هو غير معروف يتمثل في المعلومات التي تفيد بشكل قاطع: هل قررت
طهران استخدام برنامجها النووي للأغراض العسكرية في الفترة الممتدة من
منتصف عام 2007 حتى لحظة إعداد التخمين أم لا؟
• أكد التقرير الجديد نفس ما أكده التقرير القديم لجهة القول أن
إيران أصبحت حالياً تملك التكنولوجيا والقدرات العلمية الكافية لتطوير
القدرات العسكرية النووية، ولكن ما أضافه التخمين الجديد يتمثل في أنه
من غير المعروف بشكل مؤكد للمخابرات الأمريكية إذا كانت إيران توظف هذه
القدرات التكنولوجية التي بحوزتها لإنتاج وتطوير القدرات النووية
العسكرية.
• تطرق تقرير التخمين الجديد إلى نفس ما كان قد تطرق إليه التقرير
القديم لجهة القول أن إيران ستكون قادرة على إنتاج يورانيوم مخصّب
يتميز بالجودة العالية وبكميات ستكون كافية لتطوير القدرات العسكرية
النووية، ولكن تقرير التخمين الاستخباري الأخير كان أكثر تحديداً لجهة
تقديمه جدولاً زمنياً تضمن تحديداً مفصلاً لسيناريو تطوير القدرات
النووية الإيرانية خلال الفترة المقبلة ومن أبرز ما جاء في الجدول أن
إيران ستصل إلى إنتاج اليورانيوم المخصب العالي الجودة خلال عام 2010
القادم أو بعده بقليل وإنتاجه بكميات وفيرة كافية لبناء القدرات
العسكرية النووية سيكون إما في عام 2015 أو قبله بقليل.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن تخمينات وزارة الخارجية الأمريكية
وتحديداً الدائرة المسؤولة والمعنية بشؤون سياسة ضبط التسلح وحظر
انتشار الأسلحة النووية وبهذا الخصوص أشارت تقارير ودراسات الخارجية
الأمريكية إلى أن عام 2013 سيكون بمثابة العام الحاسم لإنتاج إيران
لليورانيوم المخصب وبالكميات الكافية لباء قدراتها النووية العسكرية،
وبكلمات أخرى فإن الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير الخارجية
الأمريكية تقع في منتصف الفاصل الزمني بين الحد الأدنى والأقصى لجدول
تخمين المخابرات الأمريكية الأخير، وهذا معناه أن تخمين الخارجية
الأمريكية يقع فعلاً ضمن تخمين المخابرات الأمريكية.
* مخاطر مستقبلية:
تطرق التخمين الاستخباري الأمريكي إلى المخاطر التي يمكن أن تواجهها
المصالح الأمريكية من جراء ظهور إيران نووية، ويرى التخمين بأن امتلاك
إيران لأسلحة الدمار الشامل النووية سيشكل تحدياً إضافياً بالغ الخطورة
للنفوذ الأمريكي في الشرقين الأوسط والأدنى وقد أشار التخمين
الاستخباري بهذا الخصوص إلى النقاط الآتية:
• تقوم إيران حالياً بإجراء تطوير البرنامج النووي ضمن مجالين على
الأقل الأول يتمثل في تخصيب اليورانيوم والثاني في تطوير القدرات
الصاروخية.
• المعلومات المتوافرة تقول أن إيران ليس لديها الكميات الكافية من
اليورانيوم الخام لتقوم بتخصيبه بما يتيح لها الكميات الكافية من
اليورانيوم العالي النقاء لبناء القدرات النووية، ولكن هذه المعلومات
يشوبها قدر كبير من الشكوك وعدم المصداقية لجهة أنها غير كافية للتأكيد
بأن إيران قد استطاعت بالأساس قبل فترة كافية من القيام بالحصول على
كميات كبيرة من خام اليورانيوم بما يكفي حاجتها المطلوبة.
هذا، وعموماً، ما تزال الدوائر الإسرائيلية أكثر انتقاداً لأداء
أجهزة المخابرات الأمريكية إزاء ملف البرنامج النووي الإيراني ولم
ينحصر الخلاف حول مدى مصداقية المعلومات المتاحة لدى كل طرف بحيث تزعم
تخمينات المخابرات الأمريكية من جهة أن إيران ما تزال بعيدة نسبياً عن
مرحلة الوصول إلى القدرات النووية العسكرية ومن الأخرى تزعم تخمينات
المخابرات الإسرائيلية أن إيران على وشك امتلاك القدرات النووية
العسكرية وقد أدت فجوة الخلافات بين التخمينات الاستخبارية الأمريكية
والإسرائيلية إلى خلافات داخل إدارة بوش الجمهورية السابقة، بين جناح
المطالب باعتماد معلومات التخمينات الاستخبارية الإسرائيلية كأساس
لتقدير الموقف وصنع القرار الأمريكي إزاء إيران وبين جناح وزيرة
الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتز الذي كان يطالب
باعتماد معلومات وتخمينات المخابرات الأمريكية.
الآن، بدأ يظهر إلى السطح خلاف إسرائيلي – أمريكي جديد وهذه المرة
بين وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الدفاع الإسرائيلية وتقول المعلومات
والتسريبات أن تل أبيب طالبت على لسان وزير دفاعها الجنرال إيهود باراك
ورئيس أركانها الجنرال غابي أشكينازي من الولايات المتحدة بضرورة تزويد
الجيش الإسرائيلي بطائرات إف-22 التي يقول الإسرائيليون بأنها الوسيلة
الوحيدة المضمونة لتنفيذ العملية العسكرية ضد إيران لأن هذه الطائرات
هي الوحيدة القادرة على تفادي الرادار الروسي إس-300 كما يقول
الإسرائيليون أنه طوال ما كانت طهران تمتلك هذا الرادار فإنها لن تهتم
بقدرات سلاح الجو الإسرائيلي ولكن في حالة حصول الإسرائيليين على
طائرات إف-22 فإن إيران ستفهم أن رادار إس-300 لن يجدي نفعاً في الدفاع
عن منشآتها النووية وبالتالي فسوف يكون أمام طهران إما التخلي عن
البرنامج النووي أو مواجهة الضربة العسكرية الجوية.
ضربة إسرائيلية لإيران
وبعد غزل سياسي طويل بين أمريكا وايران، دخل اللوبي الإسرائيلي في
واشنطن إلى حملة تستهدف إيران وسوريا معاً، وتتهم سوريا بإيواء منظومة
سلاح تكنولوجيا كورية شمالية وبتمويل إيراني للتمويه على الولايات
المتحدة والعالم برمته، في وقت سربت نتيجة دراسة عميقة قام بها مركز
الدراسات الاستراتيجية في واشنطن (CSIS) حول احتمالات نجاح أو فشل
“إسرائيل” في القيام بقصف منشآت إيران النووية، وهو التقرير الذي يتم
إعداد النسخة النهائية منه حالياً تمهيداً لنشرها بالكامل في مطلع
الصيف المقبل.
وذكرت صحيفة الخليج الاماراتية، بإن أركان تيار المحافظين الجدد
ومعهم لوبي إسرائيل يعكفون حالياً على اعداد جنرال إيراني سابق هو علي
رضا اشكاري لإخراجه للمرة الأولى للعلن منذ اختفائه في مارس 2007 ليدلي
بما يقول أنصار إسرائيل إنه معلومات مهمة هو مشروع إيران النووي في
سوريا بعد مرور أكثر من عامين على اختفائه.
ولفتت المصادر إلى ضرورة النظر في قائمة الطلبات الإسرائيلية التي
سلمت إلى هيلاري كلينتون خلال زيارتها الأخيرة إلى إسرائيل مطلع الشهر
والتي اشتملت على أربعة طلبات رئيسة هي:
1- ان أي حوار أمريكي مع إيران لابد من أن تسبقه، ثم تتوازى معه،
قائمة بعقوبات مشددة للغاية عبر مجلس الأمن الدولي وخارجه، وإلا فإن
إيران ستعتبر الحوار مع واشنطن موافقة ضمنية على استمرارها في مشروعها
النووي.
2- قبل البدء بأي حوار أمريكي إيراني يجب التخطيط والاتفاق المسبق
بين مجموعة الست (أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين اضافة لألمانيا)،
على انه في حالة فشل المفاوضات مع إيران فسيتم فرض عقوبات صارمة على
طهران.
3- ضرورة وضع برنامج زمني للمحادثات لمنع إيران من كسب الوقت
واستكمال تطوير برنامجها النووي، كما يجب النظر إلى الحوار (المحادثات
مع إيران على انها الفرصة الأخيرة أمام طهران).
4- التوقيت مهم للغاية، ويجب على واشنطن النظر بعين الاعتبار لتوقيت
بدء الحوار مع طهران هل يكون قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية المزمع
عقدها في يونيو/ حزيران المقبل أم بعدها؟
وكانت إسرائيل قد ألمحت لواشنطن بأنه إذا لم تلتزم بهذه الشروط في
التعاطي مع الملف النووي الإيراني، فإنها ستقوم باللازم بمعنى التهديد
بالقيام بقصف منشآت إيران النووية.
جاء ذلك بينما ضمّن جون بولتون مقالاً له توجهات اللوبي الإسرائيلي،
ونشره في جريدة الوول ستريت الأمريكية، وتحدث فيه عن “محور الشر النووي
الإيراني الذي يتضمن إيران وسوريا وكوريا الشمالية، وذكر ان الرسالة
غير المتوقعة التي أرسلها أوباما في كلمته للإيرانيين بمناسبة عيد
النيروز ليست هي الخبر الأهم، بل تفاصيل برنامج الأسلحة النووية السوري
الذي دمر في سبتمبر ،2007 مضيفاً انه لا يمكن حالياً تجاهل محاولات
إيران النشطة لتوسيع وتحسين برنامجها النووي على الأرض السورية.
وحاول بولتون خلال مقاله الذي انتقد فيه وكالة الطاقة الدولية،
التأكيد أن سوريا لديها برنامج نووي قد يكون كبيراً جداً على حد زعمه،
مضيفاً أنه يجب التحقق من بناء إيران في سوريا مفاعلاً نووياً تموله
بتكنولوجيا من كوريا الشمالية.
وكشف أن دخول الولايات المتحدة مع إيران في حوار مباشر كان مقترحاً
نظرته إدارة بوش، لكن ضغوطاً داخلية محلية منعتها من الإقدام على مثل
هذه المباحثات، وذلك في إشارة ربما قصد بها ديك تشيني ومجموعته التي
تشددت حيال احتمال أي حوار مع إيران حينها. ودعا بولتون أوباما الى
تغيير المسار، ورأى أن من الأفضل لإدارة أوباما قبل عمل أي مفاوضات أن
تبحث عن أموال إيران وأين تذهب.
وفي دراسة مهمة أعدها معهد (CSIS) حول احتمالات نجاح ضربة إسرائيلية
على منشآت إيران النووية، حيث فحصت الدراسة خلال الأشهر الماضية بدقة
برنامج إيران لأسلحة الدمار الشامل وكذلك برامجها الصاروخية، والمشكلات
التي قد تواجهها إسرائيل للوصول جواً إلى إيران واختراق دفاعات إيران
الجوية. وفحصت الدراسة الطرق التي يمكن أن تسلكها الطائرات
“الإسرائيلية” المهاجمة والتفاصيل العسكرية المتعلقة، وتضمنت مسارات
تمر بسوريا والعراق وتركيا والسعودية. كما قارنت قدرات “إسرائيل”
الجوية بالنسبة لقدرات إيران.
خلاصة الدراسة
1- إن ضربة عسكرية إسرائيلية ضد منشآت إيران النووية أمر ممكن.
2- إن أفضل المسارات الجوية لتنفيذ هذه الضربة هو خط الحدود التركي
- السوري ثم جزء صغير من الأجواء العراقية وصولاً إلى إيران، والعودة
من الطريق نفسها.
3- إن عدد الطائرات المطلوبة وكذلك إعادة تموين الطائرات
“الإسرائيلية” بالوقود وكذلك مسائل وصول المقاتلات “الإسرائيلية” الى
الهدف من دون اعتراضها أو اكتشافها من قبل الإيرانيين، سيكون أمراً
معقداً ومرتفع الخطورة، وبالتالي سيكون من غير المؤكد أن المهمة ككل
ستحرز نجاحاً ذا مستوى مرتفع.
4- إن الدول العربية على الأغلب لن توافق على مهاجمة ايران في سياق
ان ايران تمثل خطراً على وجود إسرائيل، وتمثل تهديداً أمنياً للمنطقة
ككل، لأن “إسرائيل” نفسها تمتلك ما بين 200 و300 قنبلة نووية، ولديها
وسائلها لإطلاق هذه الصواريخ باستخدام قذائف (جيريكو)، ومستمرة في
احتلال الضفة وغزة والجولان السورية.
5- كلما تزايد التهديد “الإسرائيلي” لنظام الحكم الايراني، تزايد
الاصرار الايراني على الحصول على السلاح النووي.
6- إن ايران يمكن ان تنسحب من اتفاقية الحظر النووي وفق مبرر حاجتها
لصنع أسلحة نووية لحماية سيادتها من أي اعتداءات “إسرائيلية” أو
أمريكية.
7- إن أي ضربة إسرائيلية ضد إيران ستخلق عدم الاستقرار في المنطقة،
وستخلق صراعات جديدة وستزيد الارهاب.
8- إنه يجب على الولايات المتحدة التعامل مباشرة مع ايران، وأن تكون
لدى واشنطن أجندة مفتوحة، بما في ذلك المجالات العسكرية وغير العسكرية
بغض النظر عن التوافقات والاختلافات، وأي حل واقعي لبرنامج ايران
النووي سيتطلب توجهات أمريكية تستخدم فيها الولايات المتحدة توافقات
عسكرية واقتصادية وسياسية وحل الخلافات مع الإيرانيين.
9- إن على واشنطن أن تحاول التأكد من وجود فحص شامل للبرنامج
الايراني النووي كأولوية في أي حوار دبلوماسي مع طهران، كما يجب اقناع
طهران بوقف عمليات التخصيب.
10- إن الاحراج الأكبر الذي قد تواجهه واشنطن في هذه المفاوضات مع
طهران هو أسلحة الدمار الشامل لدى إسرائيل، وقدراتها الصاروخية، ولذا
فعلى واشنطن الاعتراف بارتباط الموضوعين ومواجهة الأمر حتى لا يتم
اتهامها بازدواجية المعايير.
...................................................................................................
* مركز يقدم الخدمات الوثائقية
والمعلوماتية للاشتراك والاتصال
www.annabaa.org//
arch_docu@yahoo.com |