أمريكا وإيران: صراع خفي بين اجنحة التشدد والاعتدال

ضغوط اللوبي الاسرائيلي ونهج كلنتون قد يدفعان الى عودة المواجهة

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لا تزال تجاذبات الملف الايراني الامريكي تلقي بضلالها على المنطقة باسرها بالرغم من عدم توصل الطرفين الى لغة حوار مشتركة حتى الان.

حيث بدت هواجس العديد من دول المنطقة العربية على وجه التحديد جلية للعيان مما اضطر اوباما بدفع وزير دفاعه روبرت غيتس الى جولة مكوكية بين بعض العواصم في المنطقة لتأكيد التعهدات الاميركية بعدم تأثر العلاقات بين الاطراف اذا ما تم التوصل الى اتفاق مع ايران.

فيما لوحظ مؤخرا عودة بعض النبرات المتشنجة والتهديدات الضمنية بين ايران وامريكا، وخصوصا من الاقطاب المعروفة بالتشدد في الدولتين.

وقت محدود للنجاح

 طمأن نائب الرئيس الاميركي جو بايدن لوبي موال لاسرائيل الى ان ادارة الرئيس باراك اوباما تعلم ان امامها وقتا محدودا لاتاحة الفرصة لنجاح سياستها الجديدة المستندة الى التعامل الدبلوماسي مع ايران.

وقال بايدن امام لجنة العلاقات العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك) "نحن نركز بشكل كبير على تجنب الخطر الداهم ..المتمثل بامتلاك ايران اسلحة نووية". واضاف ان "حصول ايران على اسلحة نووية يهدد بنشوب سباق تسلح في المنطقة يجعل من كل بلد فيها اقل امنا".

واضاف "ان ما حاولناه مع ايران خلال السنوات الاخيرة لم يثمر عن نتيجة كما هو واضح"، في اشارة الى رفض ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش فتح حوار مع ايران الى حين وقف عملياتها النووية الحساسة. وقال "لا زلنا بانتظار ان نعرف ما هو الاسلوب الناجع".

وتابع "منذ عام 2000 نصبت ايران الاف اجهزة الطرد المركزي وانتجت الاف الكيلوغرامات من اليورانيوم المنخفض التخصيب" في اشارة الى برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم الذي اثار مخاوف اميركية واسرائيلية من محاولة طهران امتلاك قنبلة نووية.

وقال "بدلا من وقف الخطر، زاد التهديد خلال السنوات الست الماضية .. ولهذا السبب سنتبع دبلوماسية مباشرة قائمة على المبادئ مع ايران بهدف منعها من الحصول على اسلحة نووية".

واضاف "نريد لايران ان تاخذ المكان الذي تستحقه في المجتمع الدولي .. اذا لم تنجح جهودنا لمعالجة هذه المشكلة من خلال الحوار، فسنحظى بمزيد من الدعم الدولي لدراسة خيارات اخرى". بحسب فرانس برس.

واشار بايدن الى ان "الدعم الدولي مهم كما تعلمنا خلال السنوات الثماني الماضية". واضاف انه "نظرا الى الوضع الذي ورثناه، نعلم انه ليس لدينا وقت مفتوح لنقوم بهذا التقييم".

وتسعى لجنة ايباك الى استصدار قانون اميركي جديد يشدد العقوبات على طهران باستهداف الشركات التي تمول وتشحن او تؤمن على صادرات البنزين الى ايران التي تستورد نحو 40 بالمئة من البنزين الذي تحتاجه. وتواصل ايران جهودها لتخصيب اليورانيوم رغم ثلاث مجموعات من العقوبات التي فرضها عليها مجلس الامن الدولي.

وحذر روبرت ساتلوف رئيس معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، في احدى جلسات ايباك الاحد من "احتمال وقوع خلاف عميق بين الولايات المتحدة واسرائيل حول كيفية التعامل مع ايران نووية". وقال انه اذا لم تتم معالجة هذه المسالة بالشكل الملائم، فقد ينتج عن هذه المسالة "اسوأ خلاف وجها لوجه بين الولايات المتحدة واسرائيل خلال الاعوام ال61 الماضية".

تنامي المد الإيراني والصيني في أمريكا اللاتينية

حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، من توسع "مقلق" للنفوذ الإيراني والصيني في أمريكا الوسطى والجنوبية، وضرورة تبني تدابير مناوئة لمجابهة تنامي هذا النفوذ.

وأوضحت، في لقاء مع "كبار ضباط الخدمة الخارجية" بالوزارة، أن السياسات التي تبنتها إدارة الرئيس السابق، جورج بوش، لعزل قادة دول لاتينية محددة أخفقت، وشددت على ضرورة تبني الإدارة الراهنة إستراتيجية مناوئة للتصدي لمساعي الصين وإيران وروسيا، توسيع نفوذهم في المنطقة.

وعقبت في هذا السياق بالقول: "ما نقوم به لم يسر على نحو جيد للغاية، والحقيقة إذا نظرت للمكاسب، تحديداً في أمريكا اللاتينية، التي تحققها إيران والصين، الأمر مدعاة للقلق."

وتابعت: "أنهم يبنون روابط سياسية واقتصادية متينة للغاية مع أولئك القادة.. ولا أعتقد أن ذلك ينصب في صالحنا."

وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية، أن إدارة الرئيس باراك أوباما ستعمل على تطوير وتحسين العلاقات الثنائية مع قادة الشق الغربي، حتى بين أعنف منتقدي إدارة واشنطن، ومنهم الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز.

وأشارت إلى تطلع الإدارة الأمريكية الراهنة لـ"الأخوين كاسترو" في كوبا -  الرئيس الحالي راؤول كاسترو وشقيقه الرئيس السابق، فيدل -  لاتخاذ مبادرة تبادلية رداً على قرار الحكومة الأمريكية الأخير تخفيف قيود السفر إلى الجزيرة الشيوعية وبعض الحظورات السابقة.

وأردفت: "في عالم اليوم حيث الأقطاب المتعددة، وحيث نتنافس من أجل الاهتمام والعلاقات مع الروس والصينيين والإيرانيين.. لا أعتقد أن من مصلحتنا إدارة ظهورنا" لدول المنطقة.

وأوضحت أن الإدارة تنظر في سياسة كيفية التعامل مع رئيس نيكاراغوا، دانيل أورتيغا، مضيفة: "الإيرانيون يشيدون سفارة ضخمة في ماناغوا.. ولكم تخيل الأسباب وراء ذلك."

وبدت المسؤولة الأمريكية متوعكة بعض الشيء، وسعلت مراراً فيما تبدو كأنفلونزا، إلا أنها لم تتطرق إلى ذلك أثناء كلمتها.

وفي الشأن الكوبي، ذكرت كلينتون أن الإدارة تنتظر أن تبادل حكومة هافانا، وبخط مواز، الإجراءات الأمريكية الأخيرة، والقيام بتحرك إزاء السجناء السياسيين، وحقوق الإنسان."

وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن خلال قمة الأمريكيتين الشهر الماضي أن الولايات المتحدة تسعى إلى "بداية جديدة" في علاقاتها مع كوبا الشيوعية.

وقال أوباما في الجلسة الافتتاحية في القمة الخامسة للأمريكتين المنعقدة في ترينيداد وتوباغو "الولايات المتحدة تسعى إلى بداية جديدة مع كوبا.. أدرك أن هناك مشوارا أطول يتعين القيام به للتغلب على عقود من انعدام الثقة ولكن توجد خطوات سريعة نستطيع القيام بها في اتجاه يوم جديد." بحسب (CNN).

وقوبلت كلمات الرئيس الأمريكي حول كوبا بتصفيق حار، تبع تصفيقا آخر بعد مصافحة أوباما للرئيس الفنزويلي شافيز، أحد أكثر منتقدي واشنطن شراسة في المنطقة.

وتابع أوباما قائلا "لا يمكن أن نسمح بأن نكون أسرى لخلافات الماضي.. إنني مستعد لجعل إدارتي تشارك الحكومة الكوبية بشأن مجموعة كبيرة من القضايا.. ابتداء من حقوق الإنسان وحرية التعبير والإصلاحات الديمقراطية إلى المخدرات والهجرة والقضايا الاقتصادية."

وكان الرئيس الكوبي راؤول كاسترو قال إن حكومته "مستعدة للتحدث بشأن كل شيء مع الولايات المتحدة بما في ذلك السجناء السياسيين وحرية الصحافة."

يشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوبا مقطوعة منذ عام 1959 عندما قامت الثورة في هافانا بقيادة فيدل كاسترو.

وفي إبريل/نيسان، خففت إدارة أوباما الحظر التجاري الذي تفرضه أمريكا على كوبا منذ 47 عاما، عبر تخفيف بعض القيود المتعلقة بالسفر والتحويلات المالية مع الدولة الشيوعية بالنسبة للأمريكيين من أصل كوبي.

أمريكا مهدت للهجوم على إيران

من جهته قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تخطط للهجوم على إيران بعد اجتياح العراق وأفغانستان، إلا أن "تكاتف الإيرانيين أفشل تلك المخططات."

وفي تصريحات له تناقلتها وسائل إعلام إيرانية، قال نجاد "إن الذين احتلوا أفغانستان والعراق، كانوا يتصورون أن الأرضية تمهدت للهجوم على إيران، فأخذوا يهددون بهجوم عسكري، وأخذوا يغمزون ويلمزون ويطلقون التهديدات، لعلهم يشاهدون ضعفا في صفوف الشعب المتراصة."

وأضاف مخاطبا جموع أهالي مدينة كرج، "إنهم لو كانوا يشاهدون أدنى ضعف لكانوا هجموا على إيران.. إلا إنكم تصديتم لهم متحدين، متلاحمين سائرين خلف القيادة والى جانب الحكومة الشجاعة المنبثقة من إرادتكم."

وتابع نجاد، الذي يعرف بعداوته للولايات المتحدة، مخاطبا الدول الغربية، "إنني أقول لكم إنكم أخطأتم، ولم تعرفوا الشعب الإيراني،" مشددا على أن "هذا الشعب المتحد وحتى يستوفي جميع حقوقه التي منعتموه منها طيلة سنتين، صمد ولن يتنازل قيد أنملة." وفقا لما أوردته وكالة مهر الإيرانية للأنباء.

وتحاول إيران تطوير برنامجها النووي، الذي تقول عنه إنه للأغراض السلمية، وسط معارضة إسرائيل والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقول إن الجمهورية الإسلامية تسعى لامتلاك سلاح نووي. بحسب (CNN).

وأشار نجاد إلى إصدار مجلس الأمن الدولي إلى الآن 4 قرارات ضد إيران، ووصف هذه القرارات بأنها "غير قانونية ومجحفة وفاقدة للأسس الحقوقية،" مضيفا "أنهم أخطئوا وكانوا يظنون أنهم بمجرد فرض العقوبات وإطلاق التهديدات وإصدار القرارات، فأن الشعب الإيراني سيتنازل."

وفي تغير كبير عن سياسة الإدارة الأمريكية السابقة، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 19 مارس/آذار الماضي، إن واشنطن تسعى لـ"بداية جديدة" لعلاقتها بطهران على أساس من "الاحترام المتبادل."

والرسالة التي أختار أوباما أن يوجهها، الذي يصادف عيد النيروز وبدء السنة الإيرانية الجديدة، تمثل تحولا مثيرا في لهجة الخطاب الأمريكي، بعد أن كان الرئيس السابق، جورج بوش، شمل إيران إلى جانب كوريا الشمالية والعراق في مصطلح "محور الشر."

وقال أوباما مخاطبا إيران في مناسبة عيد النيروز وبدء السنة الإيرانية الجديدة "الولايات المتحدة تريد أن تتبوأ إيران المكانة التي تستحقها في المجتمع الدولي، وهذه المكانة لا يمكن أن يتم التوصل إليها عن طريق الإرهاب أو السلاح، وإنما من خلال حوارات سلمية تظهر العظمة الحقيقية للشعب الإيراني وحضارته."

وقال أوباما "لدينا خلافات خطيرة نمت مع مرور الوقت.. إدارتي الآن ملتزمة بالدبلوماسية لعلاج مجموعة كاملة من القضايا المطروحة، والسعي لبناء العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران والمجتمع الدولي."

وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال إن بلاده ترحب بمحادثات مع الولايات المتحدة "في أجواء نزيهة واحترام متبادل."

لكن المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، قال في رده على دعوة أوباما إنه لم ير تبدلاً حقيقياً في سياسة واشنطن تجاه بلاده، مضيفاً أن تغيير اللهجة لا يكفي، بل يتوجب على الولايات المتحدة أن تطبق ما تدعو إليه على أرض الواقع.

السلام بين اسرائيل والفلسطينيين

كما اظهر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعض ليونة في خطابه المعادي لاسرائيل، مؤكدا انه لن يمنع الفلسطينيين من الاعتراف بالدولة العبرية في اطار حل اقليمي على اساس "دولتين".

وقال احمدي نجاد في مقابلة مع شبكة "ايه بي سي" الاميركية "مهما كان القرار الذي يتخذونه، لا مشكلة بالنسبة الينا، لن نحول دونه، مهما كان القرار الذي سيتخذونه فاننا سندعمه"، ما يوحي ان طهران لن تعارض قرار الفلسطينيين في حال اعترافهم باسرائيل.

واضاف احمدي نجاد "بالنسبة الينا، المسألة تتعلق بحق للشعب الفلسطيني، ونأمل ان تكون وجهة نظر الدول الاخرى على هذا النحو"، لكنه لم يوضح ما اذا كانت بلاده ستعترف باسرائيل في حال التوصل الى اتفاق حول قيام دولة فلسطينية.

وفي رأي المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران اية الله علي خامنئي ان مصير فلسطين ينبغي ان يحدده استفتاء يشمل جميع الفلسطينيين، بمن فيهم اللاجئون الذين اجبروا على مغادرة اراضيهم بعد قيام دولة اسرائيل، على ان يستثني من كانوا لا يقيمون في تلك الدولة قبل انشائها، اي غالبية الاسرائيليين. بحسب فرانس برس.

لكن الرئيس الايراني الذي صرح مرارا انه يأمل بازالة اسرائيل "من الخارطة"، لم يحد عن خطابه هذا.

وعن حملته على "الحكومة العنصرية" الموجودة في اسرائيل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية خلال مؤتمر للامم المتحدة في جنيف حول العنصرية الاسبوع الفائت، ذكر بان هذا المؤتمر "عقد لمحاربة العنصرية".

وقال "بالنسبة الي، النظام الصهيوني هو مظهر للعنصرية"، منتقدا الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي تحفظ بشدة الاسبوع الفائت عن تصريحاته.

واضاف احمدي نجاد ان "من حق (الرئيس الاميركي) ان يعبر عن رأيه".

واثارت مواقف الرئيس الايراني استياء غربيا، وطرحت الولايات المتحدة تساؤلات حول اساس الحوار الذي يسعى اوباما الى احيائه مع ايران بعد ثلاثين عاما من العداء.

وكان الرئيس الاميركي وجه في اذار/مارس رسالة تاريخية الى الايرانيين، مخاطبا قادتهم في شكل مباشر وداعيا الى تجاوز ثلاثة عقود من غياب العلاقات بين البلدين.

والاولوية لدى واشنطن التأكد من ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لن تصنع قنبلة نووية، فيما تعتبر اسرائيل انها المستهدف الاول في حال تحقق هذا الامر. لكن طهران تؤكد ان انشطتها النووية مدنية صرف.

ورغم ان ايران ردت ايجابا على دعوة للدول الكبرى الى استئناف الحوار حول تلك الانشطة، فقد اكدت انها ماضية فيها.

وقال احمدي نجاد الاحد ان الرئيس الاميركي "وجه الينا رسالة صداقة، لكن البيان الذي صاغته مجموعة الدول الست لم يخل من عداء"، في اشارة الى طلب الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) والمانيا معاودة المفاوضات.

ورأى ان "العلاقات بين ايران والولايات المتحدة تظل رهنا بالقرارات التي تتخذها الادارة الاميركية" في هذا الصدد.

وطالب احمدي نجاد ب"اطار واضح" لاي حوار محتمل مع الولايات المتحدة، مشددا على "وجوب ان يكون جدول الاعمال واضحا".

واكد الرئيس الايراني الذي تنتهي ولايته في 12 حزيران/يونيو المقبل "اننا مستعدون دائما للتفاوض".

ايران ترفض التهديدات الاميركية

فيما رفض وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي التهديدات التي لوحت بها نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون الاربعاء بفرض عقوبات "قاسية جدا" على طهران اذا فشل الحوار معها حول برنامجها النووي، مؤكدا على سلمية هذا البرنامج.

وقال متكي خلال مؤتمر صحافي في بروكسل حيث شارك في مؤتمر الدول المانحة للصومال "ننصح السيدة كلينتون بأن تدرس بدقة الملف النووي لايران وانشطتها النووية السلمية".

وذكر متكي بأن بلاده ردت بايجابية هذا الاسبوع على العرض الذي قدمته اليها الدول الكبرى لاستئناف الحوار معها حول برنامجها النووي المثير للجدل. ولكن الرد الايراني تضمن اصرارا على عدم وقف الانشطة النووية الحساسة كما يطلب الغربيون.

ورحب متكي بالمواقف الاخيرة التي صدرت عن الرئيس الاميركي باراك اوباما لجهة مكافحة الانتشار النووي للوصول الى عالم خال من السلاح الذري.

وقال "نحن بصدد درس مواقف اوباما ونعتبر انه في حال ترجمت تصريحات اوباما الى افعال على ارض الواقع فبامكانها ان تكون ايجابية".

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون اعلنت الاربعاء ان الولايات المتحدة تحضر ل"عقوبات قاسية جدا" لفرضها على ايران.

وقالت "نحن اكثر من مستعدين لمد يدنا الى الايرانيين من اجل مناقشة مجموعة من القضايا (...) الا اننا في الوقت نفسه نعد لعقوبات قاسية جدا (...) يمكن ان تكون ضرورية في حال رفضت (ايران) عروضنا او في حال لم تصل العملية الى نتيجة او كانت غير ناجحة".

واعلنت ايران عن استعدادها لاجراء "حوار بناء" مع القوى العالمية بشأن برنامجها النووي وذلك بعد ان رحب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بالتغيير في السياسة الاميركية بشان ايران.

وابدت الولايات المتحدة والدول الخمس الكبرى في مجموعة الست (المانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) في الثامن من نيسان/ابريل رغبتها في استئناف الحوار مع الجمهورية الاسلامية لاقناعها بتعليق برنامجها النووي.

وردت ايران ايجابا الاربعاء على الدعوة المثير للجدل، مع تأكيدها مجددا انها ستواصل انشطتها في هذا المجال.

وتؤكد طهران ان برنامجها النووي مدني في حين تشتبه الدول الغربية في انه يخفي خلف ستاره المدني شقا عسكريا.

من جهته دعا ايضا الرئيس الايراني السابق اكبر هاشمي رفسنجاني الجمعة الولايات المتحدة الى الكف عن تهديد ايران بعقوبات جديدة اذا كانت تريد اجراء مباحثات مع طهران بشان برنامجها النووي.

وقال رفسنجاني، في خطبة صلاة الجمعة ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري "كلينتون تقول + نحن على استعداد للمناقشة لكننا نعد في الوقت نفسه لعقوبات معيقة ضد ايران+".

واضاف في الخطبة التي نقلتها الاذاعة العامة "ماذا يمكن ان ننتظر بعد مثل هذه التصريحات (...) من الافضل لهم عدم تكرار هذه التعليقات حتى لا تفسد الاجواء المؤيدة للمباحثات السائدة اليوم في ايران".

ويراس رفسنجاني مجلس الخبراء، الهيئة مكونة من رجال دين والمكلفة الاشراف على نشاط المرشد الاعلى.

معركة محادثات حظر انتشار الأسلحة النووية

هاجمت ايران الولايات المتحدة قبل اجتماع رئيسي بخصوص معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية منددة بتعاونها مع اسرائيل والهند ومتجاهلة عروض الحوار التي بادر بها الرئيس باراك أوباما.

ويقول دبلوماسيون غربيون ان أربع ورقات عمل أعدتها ايران للاجتماع وحصلت عليها رويترز تشير الى أن طهران تكثف جهودها لصرف الانتباه عن برنامجها النووي من خلال تسليط الضوء على واشنطن لما تقول انه انتهاكات واضحة لمعاهدة حظر الانتشار النووي المبرمة عام 1970.

وستجتمع الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي يوم الاثنين للإعداد لمؤتمر كبير يُعقد عام 2010 وتأمل دول كثيرة أن يؤدي الى إصلاح المعاهدة التي أُبرمت عام 1970 بهدف وقف انتشار الأسلحة النووية ومطالبة الدول التي تملك ترسانات نووية باتخاذ خطوات للتخلص منها.

وتريد الدول الموقعة على المعاهدة أن تفي القوى النووية بتعهداتها بنزع السلاح وأن توافق على خطة لسد الثغرات التي مكنت دولا مثل كوريا الشمالية من تطوير أسلحة ذرية وراء ستار برامج مدنية للطاقة النووية. وانسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة عام 2003 وأجرت تجربة لسلاح نووي عام 2006.

ويقول دبلوماسيون من الامم المتحدة يشاركون في الاعداد للمؤتمر ان ايران اتخذت موقف الهجوم قبل الاجتماع لابعاد التركيز عن برنامجها النووي.

وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها ان البرنامج النووي الايراني غطاء لمساع لصنع أسلحة نووية. وتنفي طهران ذلك ورفضت وقف تخصيب اليورانيوم بالرعم من ثلاث جولات من العقوبات فرضها عليها مجلس الامن التابع للامم المتحدة.

وتقول ايران في الورقات الاربع التي قدمها وفدها الى مؤتمر حظر الانتشار النووي الذي سيعقد في الفترة من الرابع الى الخامس عشر من مايو آيار ان واشنطن تنتهك المعاهدة بوضوح بتطوير أسلحة ذرية جديدة وتقديم مساعدات في المجال النووي لاسرائيل والهند. ولم يوقع أي من البلدين معاهدة حظر الانتشار لكن الهند تملك أسلحة نووية ويعتقد أن اسرائيل بنت ترسانة نووية.

كما تنتقد ايران الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لسعيها لمنع الجمهورية الاسلامية ودول نامية أخرى من امتلاك برامج كاملة للطاقة النووية. ويقول دبلوماسيون من دول نامية ان ايران لها مؤيدون كثيرون في هذا الصدد لتخوف الدول الفقيرة من أن القوى الغربية الغنية تريد مواصلة احتكارها للتكنولوجيا النووية.

لكن دبلوماسيين غربيين يقولون انه قد يكون أصعب على ايران أن تثير الانقسام بين الموقعين على معاهدة حظر الانتشار مما كان الامر في اجتماعات أخرى بخصوص المعاهدة. ودعا أوباما الشهر الماضي في تحول عن سياسة ادارة الرئيس السابق جورج بوش الى "عالم خال من الاسلحة النووية" والى اجراء محادثات جديدة مع روسيا بخصوص نزع السلاح والى المزيد من التعاون مع الدول النامية.

ولا تشير ايران في الورقات المقدمة لمؤتمر حظر الانتشار النووي الى الموقف الامريكي الجديد ولا الى عرض أوباما اجراء محادثات مباشرة مع طهران بعد قرابة 30 عاما من قطع العلاقات بين البلدين بسبب أزمة رهائن.

وقال دبلوماسي غربي "ايران ينتابها قلق بالغ من أن يؤدي التزام أوباما بنزع السلاح... الى زيادة صعوبة تصوير الامريكيين كأعداء. وينطبق الامر نفسه على سياسة أوباما الخاصة بالحوار. لذلك يريدون المبادرة بالهجوم."

وسمح للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي بالاحتفاظ بترساناتها النووية لكنها ألزمت باجراء محادثات بخصوص التخلص منها.

وتقول ايران في واحدة من الورقات "خطر الانتشار النووي الذي تمثله بعض الدول التي تملك أسلحة نووية هو أهم الاخطار وأكثرها مباشرة على نظام حظر الانتشار" مضيفة أن ذلك ينبغي أن يكون محور تركيز الاجتماع هذا الاسبوع وليس "المخاطر على حظر الانتشار من جانب دول لا تملك أسلحة نووية."

وتقول ايران أيضا ان "الالتزامات الخاصة بنزع السلاح النووي أغفلت تماما ومنع الحصول على مواد وتكنولوجيا نووية للاغراض السلمية."

ويقول دبلوماسيون غربيون ان هذه محاولة لصرف الانتباه عما يقولون انه انتهاكات ايرانية لمعاهدة حظر الانتشار.

كما تنتقد ايران "التعاون المتعلق بالمجال النووي بين الولايات المتحدة والنظام الصهيوني" وتقول ان مساندة كبار المنتجين للتكنولوجيا النووية في العالم للاتفاق الامريكي الهندي في المجال النووي ألحق "ضررا جسيما" بمعاهدة حظر الانتشار من خلال اظهار أن غير الموقعين عليها يستطيعون الحصول على معاملة خاصة.

ويهدف الاجتماع الذي يستمر أسبوعين الى تمهيد الطريق لمؤتمر اخر سيعقد العام المقبل على مدى شهر لمراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي وتقييم المعاهدة وامكان تعديلها. وتسعى الوفود المشاركة الى الاتفاق على جدول أعمال واعداد توصيات لمؤتمر 2010.

وكانت اخر مرة عقد فيها مؤتمر لمراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي في عام 2005 ومني المؤتمر بالفشل. وكان المشاركون فيه يأملون في الاتفاق على خطة عمل لسد ثغرات في المعاهدة تسمح لدول بالحصول على تكنولوجيا نووية حساسة والحصول على تأكيد من القوى النووية الخمس الكبرى لالتزامها بنزع السلاح.

لكن المؤتمر انقلب الى مشاحنات على الاجراءات بقيادة الولايات المتحدة وايران ومصر ولم يحقق شيئا.

وحاولت واشنطن تركيز الانتباه على برنامجي ايران وكوريا الشمالية بينما نددت ايران بالتقاعس عن نزع السلاح وأشارت مصر الى ترسانة اسرائيل النووية المفترضة.

ويأمل دبلوماسيون غربيون استئناف المفاوضات من حيث توقفت في مؤتمر 2005 لكن القلق يساورهم بخصوص احتمال أن ايران تريد الفشل للمؤتمر من جديد واستمرار الانقسام بين الدول الموقعة على المعاهدة البالغ عددها 189 دولة.

جيتس يطمئن السعوديين

قال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس انه سيؤكد للسعودية انها لن تتضرر من جهود واشنطن لتحسين علاقاتها مع إيران.

وتريد ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الانخراط دبلوماسيا مع إيران على الرغم من الخلافات بشأن عدد كبير من القضايا وابرزها البرنامج النووي الايراني.

واثارت هذه السياسة التي تمثل تحولا عن موقف ادارة الرئيس السابق جورج بوش قلقا بين حلفاء الولايات المتحدة في الخليج والذين يخشون من ان يخسروا اذا اقامت واشنطن علاقات افضل مع طهران. بحسب رويترز.

ولكن جيتس الذي زار مصر والسعودية قال انه ليس هناك مايدعو لقلق حلفاء الولايات المتحدة ووعد بان تكون واشنطن"واقعية" مع طهران اذا رفضت مبادراتها.

واضاف ان"من بين الرسائل المهمة ولاسيما للسعوديين ان اي نوع من التواصل مع ايران لن يكون على حساب علاقاتنا على المدى الطويل مع السعودية ودول الخليج الاخرى وهم شركاؤنا واصدقاؤنا منذ عقود."

واعرب جيتس عن تشككه بشأن استعداد إيران لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

واردف قائلا"على الرغم من اننا مستعدون للتواصل مع الايرانيين مثلما قال الرئيس بيد مفتوحة فاعتقد ان الجميع في الادارة ابتداء من الرئيس الى ما دون ذلك واقعيون بشكل كبير وسيكونون واقعيين بشكل كبير اذا استمروا يواجهون قبضة مغلقة."

وقال جيتس ان من المرجح ان تتناول زيارته التي تستغرق يومين لمصر والتي تتضمن اجتماعا مع الرئيس حسني مبارك عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية وجهود مصر بمساعدة امريكية للحد من عمليات التهريب الى قطاع غزة.

واضاف ان"المصريين يلعبون دورا كبيرا فيما يتعلق بالمشكلة الاسرائيلية الفلسطينية وفي محاولة ان يتوسطوا وان يحاولوا ويساعدوا على جعل هذه العملية تحرز تقدما."

روكسانا تبدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام

من جانب آخر قال والد الصحفية الأمريكية من أصل إيراني، روكسانا صبري المعتقلة في إيران، إن ابنته بدأت إضراباً مفتوحاً عن الطعام تعتزم مواصلته حتى إفراج السلطات الإيرانية عنها.

وأكد رضا صبري، أن ابنته المعتقلة،  بدأت الإضراب عن الطعام، بعد أن قضت محكمة إيرانية، في محاكمة مغلقة استمرت يوماً واحداً فقط، عليها بعقوبة السجن لمدة ثمانية أعوام، بتهمة مزاولة العمل الصحفي دون ترخيص.

وأضاف: "كان يفترض أن تلتقي بمحاميها، إلا أن ذلك لم يحدث نظراً لعدم منح المحكمة له إذناً بذلك.. قالت إنها ستواصل الإضراب عن الطعام حتى الإفراج عنها."

وذكر صبري أنه سمح له بإجراء محادثة هاتفية مع ابنته، لمدة دقيقة واحدة.

ويعتزم طاقم الدفاع عن روكسانا الطعن في قرار المحكمة، في الوقت الذي دعا فيه رئيس القضاء الإيراني، هاشمي شاهرودي، وزارة العدل النظر في الاستئناف، بموضوعية ودون تأخير، وفق وسائل الإعلام الإيرانية.

ومبدئياً، عزا مسؤولون إيرانيون اعتقال الصحفية لمحاولتها شراء كحول، إلا أن الخارجية الإيرانية بررت الخطوة بمزاولة روكسانا مهامها الصحفية، دون الحصول على الترخيص اللازم.

واعتقلت السلطات الإيرانية الصحفية في يناير/كانون الثاني، ولم توجه لها اتهامات طيلة تلك الفترة وحتى التاسع من إبريل/نيسان الجاري، حين اتهمت بالتجسس.

وأعلن حسن حداد، نائب المدعي العام الإيراني: "دون ترخيص صحفي وذريعة العمل كمراسل صحفي، كانت تقوم بأنشطة تجسسية." بحسب (CNN).

وأكدت السلطات الإيرانية أن روكسانا اعترفت بالتهمة الموجهة ضدها.

وقالت "لجنة حماية الصحفيين"، منظمة معنية بشؤون الإعلاميين، إن صبري، من شمال داكوتا، تقيم في إيران منذ عام 2003، ورغم سحب السلطات الإيرانية بطاقتها الصحفية في 2006، إلا أنها واصلت مزاولة مهامها الصحفية.

وتعمل روكسانا كصحفية متعاونة مع "الراديو العام القومي" ومؤسسات إعلامية أخرى، وتعكف على تأليف كتاب عن الثقافة الإيرانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/آيار/2009 - 12/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م