الكونجرس الأميركي يدرس التمويل الإسلامي

علاء بيومي

أشادت دراسة أعدها مركز أبحاث الكونجرس الأميركي عن "التمويل الإسلامي" بالبنوك الإسلامية لكونها "أكثر صلابة في مواجهة التراجع الاقتصادي العالمي والأزمة المالية الدولية مقارنة بالبنوك التقليدية"، وأشارت الدراسة إلى اعتقاد كثير من المراقبين بأن "التمويل الإسلامي يمثل عجلة للتعافي من الأزمة المالية الدولية"، كما توقعت الدراسة بأن "تعزز صناعة البنوك الإسلامية مكانتها في السوق الدولي في ظل بحث المستثمرين والشركات عن مصادر بديلة للتمويل" خلال الأزمة الراهنة وفي المستقبل.

الدراسة المختصرة الصادرة عن "خدمة أبحاث الكونجرس" وهي الذراع البحثي للكونجرس الأميركي سعت إلى توعية أعضاء الكونجرس بطبيعة التمويل الإسلامي، وبحجم نموه دوليا خلال السنوات الأخيرة، وبانتشاره في الأسواق الأوربية والأميركية، وببعض المخاوف السياسية التي تثار حوله ليس بسبب طبيعته الاقتصادية ولكن بسبب "الأفكار النمطية السلبية" المنتشرة عن التمويل الإسلامي لدى معارض التمويل الإسلامي في أميركا والدول الغربية.

تعريف بالتمويل الإسلامي

لذا بدأت الدراسة الصادرة في أوائل العام الحالي تحت عنوان "التمويل الإسلامي: نظرة عامة وقضايا سياسية" بالتأكيد على تحريم التمويل الإسلامي للربا وللعقود غير واضحة المعالم والمخاطر وكذلك للاستثمار في الصناعات الضارة بالمجتمع من وجهة نظر الإسلام مثل الخمور والإباحية والقمار.

كما أبرزت حرص التمويل الإسلامي على الربط بين الأرصدة المالية والأرصدة الحقيقة وعلى رفض اعتبار النقود أرصدة في حد ذاتها.

وذكرت الدراسة المختصرة أن التمويل الإسلامي موجود منذ السبعينيات وأن حجم سوقه الحالية يتراوح بين 800 بليون وترليون دولار أميركي، وأنه ينمو حاليا بمعدلات سريعة تتراوح ما بين 10-15% سنويا.

وأشار التقرير إلى أن أسواق التمويل الإسلامي الأكبر عالميا تتواجد في منطقتي الخليج وجنوب شرق أسيا، وأن إيران تعتبر السوق الأكبر للتمويل الإسلامي (40% من حجم السوق تقريبا) تليها السعودية وماليزيا والكويت والإمارات وفقا لتقديرات عام 2007.

كما أبرز التقرير توسع التمويل الإسلامي في أوربا وفي أميركا، حيث أسس في بريطانيا في عام 2004 سلطة الخدمات المالية بالمملكة المتحدة (FSA) والتي منحت ترخيص لأول بنك إسلامي ببريطانيا وهو (IBB)، كما تم أيضا الترخيص لأول بنك استثمار إسلامي، وهو البنك الأوربي للاستثمار الإسلامي.

وفي أميركا أقرت داو جونز في عام 1990 أول مؤشرات للاستثمار الإسلامي في الأسهم الموفقة للشريعة الإسلامية، كما ظهرت عدة شركات معنية بالاستثمار الإسلامي وبالتمويل العقاري.

الأزمة الاقتصادية الدولية

ويشير التقرير إلى الضوء الإيجابي الذي سلط على صناعة التمويل الإسلامي خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة نظرا لتجنب البنوك الإسلامية المضاربة على المشتقات المالية التي أدت إلى الأزمة المالية الراهنة، لذا بدت البنوك الإسلامية أكثر صلابة في مواجهة الأزمة، كما نظر البعض إلى التمويل الإسلامي كمخرج للتعافي، وتوقعوا لصناعة التمويل الإسلامي مزيد من النمو وتعزيز المكانة في السوق الدولي.

ولكن الدراسة تؤكد في نفس الوقت على أن البنوك الإسلامية لم تكن معزولة عن الأزمة لأنها تعمل ضمن النظام المالي العالمي، فعلى سبيل المثال تمتلك البنوك الإسلامية استثمارات كبيرة في قطاع العقارات والتي تأثرت بشدة خلال الأزمة، كما أن تراجع الاقتصاديات الخليجية بفعل الأزمة أثر بدوره على البنوك الإسلامية.

ويشير التقرير - في هذا الصدد - إلى الصكوك الإسلامية، ويقول أنه حجم سوقها الدولي يقدر حاليا بحوالي 80 بليون دولارـ وأنها نمت بمعدل يفوق خمس مرات في الفترة من 2004-2—7، ولكن إصدار الصكوك الإسلامية تراجع لأقل معدلاته في السنوات الثلاثة الأخيرة خلال عام 2008.

ففي عام 2008 تراجعت مبيعات الصكوك الإسلامية الجديدة إلى 15.8 بليون دولار فقط مقارنة مع 46.7 بليون دولار في عام 2007.

مخاوف سياسية

ينتهي التقرير برصد بعض المخاوف المتعلقة بالتعامل مع التمويل الإسلامية وغالبيتها سياسية، حيث يقول أن التعامل بالتمويل الإسلامي مازال يحتاج إلى توحيد القوانين في ظل تنوع تفسيرات الشريعة الإسلامية وتنوع نظم التمويل الإسلامي المعمول بها في الدول الإسلامية.

ولكنه يقول أن منتقدي التمويل الإسلامي يخشون من وجود "روابط محتملة" بين المؤسسات الإسلامية و"شبكات التمويل الإرهابية"، ويخشون أيضا من استخدام بعض الدول للتمويل الإسلامي كوسيلة للهروب من العقوبات الاقتصادية الأميركية والدولية.

ولكن التقرير يشير أيضا إلى أن مساندي التمويل الإسلامي يؤكدون على أن المخاوف الأمنية المثارة حوله نابعة من "قلة الفهم" ومن "الأفكار النمطية السلبية"، وعلى أن "دمج التمويل الإسلامي للقيم والأخلاق في العمل المالي هو تطور إيجابي خاصة في ضوء فضائح الشركات الاقتصادية الأميركية الأخيرة".

وجدير بالذكر أن خدمة أبحاث الكونجرس هي مركز أبحاث تابع للكونجرس الأميركية وممول حكوميا، ويعمل المركز على إعداد تقارير تتميز بقدر كبير من الحيادية والعلمية حول القضايا التي تثير اهتمام أعضاء الكونجرس وصانعي القرار في الولايات المتحدة بما يعدم عملية اتخاذ القرار.

www.alaabayoumi.com

..........................

* للإطلاع على نص الدراسة

http://assets.opencrs.com/rpts/RS22931_20090209.pdf

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/آيار/2009 - 12/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م