بريطانيا في العراق: استبدال الوجود العسكري بنفوذ سياسي واقتصادي

مؤتمر لندن يخرج 12 اتفاقية للتعاون والجيش يبدي رغبته في حماية النفط

 

شبكة النبأ: يرى العديد من المراقبين ان دخول بريطانيا في الحرب على العراق لن يمر دون حصولها على غنيمة سياسية واقتصادية لا تقل اهمية عن حجم الخسائر التي تكبدتها.

فرغم اعلان الحكومة البريطانية انتهاء الاعمال القتالية وسحب قطعاتها العسكرية من العراق ابدت وعلى لسان رئيس وزرائها رغبة بريطانيا في حماية المصالح الاقتصادية عموما والحقول ومكامن انتاج النفط خصوصا.

حيث عزز مؤتمر لندن الذي اقيم مؤخرا تلك الرغبات بالتوقيع على اتفاقية اقتصادية وسياسية من 12 بندا يؤمن سلاسة دخول الشركات والمصالح البريطانية في العراق.

الانسحاب بلغ مرحلة متقدمة

أفادت تقارير من جنوبي العراق أن تنفيذ خطة سحب القوات البريطانية من مدينة البصرة بلغ مرحلة متقدمة مما يضع حداً لست سنوات من الوجود البريطاني في العراق.

فيرى العديد من المراقبين ان الوجود العسكري البريطاني في البصرة بالحملة الطويلة والشاقة حيث أدت إلى مقتل نحو 178 جنديا بريطانيا وإصابة أعداد أكبر.

ويشتكي سكان البصرة من أن القوات البريطانية ـ بوصفها قوات احتلال ـ لم تبذل جهداً كبيراً لانقاذ الخدمات العامة من الانهيار.

ووصف أحد الضباط البريطانيين ردود فعل السكان قائلا" بعضهم لديه وعي كامل ويعرف ان البريطانيين سيرحلون وسيأتي الأمريكيون بدلا منهم، هم في الحقيقة لايهتمون وهناك البعض الآخر يعتقد ان البريطانيين قاموا بعمل جيد".

وكانت بريطانيا قد سلمت بالفعل نهاية مارس/آذار الماضي مهام قيادة قوات التحالف في البصرة إلى الجيش الأمريكي.

وخلال الأيام والأسابيع القادمة ستتسارع وتيرة عمليات سحب الجنود البريطانيين من العراق والمقدر عددهم حاليا بنحو 3700 .

وبنهاية يوليو/تموز المقبل تستكمل عملية الانسحاب على أن يبقى نحو 400 جندي فقط لأغراض تدريب القوات العراقية.

وكانت بريطانيا قد شاركت مع الولايات المتحدة في غزو العراق في مارس/آذار 2003 ومازال قرار حكومة رئيس الوزراء السابق توني بلير بالمشاركة في الحرب مازال مثار جدل حتى الآن.

ووصل عدد الجنود البريطانيين خلال الحرب إلى 46 ألف جندي، وبدأت العمليات البرية البريطانية بهجوم قوات مشاة البحرية الملكية على ميناء الفاو في 20 مارس/آذار 2003 ودخلت القوات البريطانية البصرة في 6 أبريل/نيسان 2003.

وفي مايو/آيار 2004 تم تخفيض القوات البريطانية إلى 8600 جندي، وفي فبراير/ شباط 2007 أعلن توني بلير المرحلة الأولى من خطة انسحاب القوات البريطانية وشملت 1600 جندي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 قام رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون بزيارة إلى العراق أعلن خلالها تخفيض عدد القوات البريطانية إلى 4500 جندي، وسبق هذا الإعلان انسحاب نحو 550 جندي من القصر الرئاسي في البصرة.

يشار إلى أن القوات العراقية تسلمت المسؤولية الأمنية في محافظة البصرة في ديسمبر/كانون الأول 2007, وتركزت مهمة القوات البريطانية منذ ذلك الحين على تدريب الجيش العراقي ومساعدته عند الحاجة.

ومن المحطات المهمة للوجود العسكري في البصرة العملية التي شنتها القوات العراقية ضد ميليشيا جيش المهدي في مارس/آذار 2008 بدعم من القوات الأمريكية والبريطانية.

وقد أدت هذه العمليات إلى إرجاء تنفيذ خطط سحب المزيد من القوات البريطانية بحسب ما أعلن حينها وزير الدفاع البريطاني ديس براون.

وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2008 أعلن رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون أمام مجلس العموم أن جميع الوحدات البريطانية المقاتلة ستنسحب من العراق بنهاية مايو/آيار 2009 على أن تستكمل عميلة الانسحاب بحلول 31 يوليو/تموز 2009.

وقد وقعت الحكومة العراقية مع بريطانيا لتفاقية لتمديد وجود القوات البريطانية حتى منتصف العام الحالي بعد نهاية تفويض الأمم المتحدة بنهاية عام 2008.

وفي مطلع من يناير/كانون الثاني 2009 سلمت القوات البريطانية مطار البصرة إلى القوات العراقية.

بريطانيا تنهي عملها بتكريم جنودها القتلى

قال البريغادير توم بيكت قائد الفرقة المدرعة العشرين "انتهاء المهام القتالية للقوات البريطانية الداعمة للحكومة العراقية ليس نهاية لعلاقة بريطانيا مع العراق".

واضاف "نشعر بالاسى لاننا نترك الاصدقاء العراقيين، لكننا نغادر ونحن نعرف اننا انجزنا مهمتنا، وبشكل جيد، نغادر ورؤوسنا مرفوعة".

واحيا الجيش البريطاني ذكرى 179 جنديا في الوقت الذي تسرع فيه انسحابها من هذا البلد.

وبدات مراسم احياء الذكرى بحضور وزير الدفاع البريطاني جون هاتن، تخللها قداس على ارواح الجنود حلقت خلاله طائرة فوق الحاضرين تحية لذكراهم.

وذكرت خلال القداس الذي استغرق اقل قليلا من ساعة اسماء افراد القوات المتعددة الجنسيات الذين قتلوا خلال العمليات العسكرية بقيادة بريطانية في منطقة البصرة (550 كلم جنوب بغداد).

وقال رجل الدين العسكري الذي رعى الاحتفال "إن مجرد ذكر الاسم امر مهم".

واضاف "كل اسم يشكل استثناء ولكل اسم قصة عن ابن او ابنة او زوج او زوجة او اب أو ام كل اسم يثير ذكريات قوية، وخصوصا بالنسبة لعائلاتهم واحبائهم في الوطن".

وقد قام الميجور جنرال اندي سالمون، القائد الاعلى للقوات البريطانية في البصرة بتسليم القاعدة للقوات الاميركية في احتفال مماثل الشهر الماضي في خطوة مهمة نحو مغادرة جميع القوات الاجنبية العراق.

وانزلت الرايات الخاصة بالقوات المتعددة الجنسيات وخصوصا راية مشاة البحرية الملكية، واستبدلت براية الفرقة الجبلية العاشرة للجيش الاميركي.

وياتي انسحاب القوات البريطانية بعد خمسين عاما من خروج مماثل لها من العراق في ايار/ مايو 1959، عندما غادر الجنود اخر قاعدة لهم في الحبانية، غرب مدينة الفلوجة لانهاء وجود بدا عام 1918.

وبالاضافة الى تدريب القوات العراقية، فان للقوات البريطانية الفضل في اعادة احياء القوة البحرية العراقية.

بريطانيا تسعى لدور في حماية إمدادات النفط

من جانب آخر كشف رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ان بلاده تود المشاركة في حماية امدادات النفط العراقي بعد انتهاء دورها في العمليات القتالية هناك.

وكان براون يتحدث بعد مباحثات أجراها مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في لندن تزامنت مع انتهاء العمليات القتالية للقوات البريطانية في جنوب العراق رسميا.

وقال براون في مؤتمر صحفي "نأمل في توقيع اتفاق مع الحكومة العراقية بشأن الدور المستقبلي الذي يمكن أن نضطلع به في التدريب وفي حماية امدادات النفط العراقي وهذا سيكون اتفاقا بين حكومتينا وليس قرارا جديدا من الامم المتحدة." بحسب رويترز.

وعبر عن اعتقاده بان الاتفاق المقترح سيطرح على البرلمان العراقي خلال الاسابيع القليلة المقبلة.

وينتج العراق حاليا نحو مليوني برميل من النفط يوميا ويمتلك ثالث اكبر احتياطيات مؤكدة في العالم.

التوقيع على اتفاقية تشمل 12 مجالا للتعاون

يذكر ان حكومة جمهورية العراق وقعت وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية اتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني، الخميس، في لندن نصت على تشكيل لجنة مشتركة تتولى متابعة تطبيق بنود الاتفاقية  التي شملت 12 مجالا للتعاون، بحسب بيان للناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ.

وقال الدباغ ان ” نائب رئيس الوزراء برهم صالح وقع الاتفاقية عن الحكومة العراقية فيما وقعها عن الحكومة البريطانية وزير الأعمال البريطاني اللورد مانديلسون”.

وجاء في الاتفاقية ،التي تضمنت 8 مواد وملحقا يحدد 12 مجالا لللتعاون، ان حكومة جمهورية العراق وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية وقعتا هذه الاتفاقية “سعيا منهما لتعزيز الروابط التاريخية وأواصر الصداقة بينهما ، ورغبة منهما في تطوير علاقات استراتيجية اقتصادية عبر التعاون التقني والمهني على اساس من المنفعة المشتركة والفوائد المتبادلة “.

وحدد ملحق اتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني بين حكومة جمهورية العراق وحكومة المملكة المتحدة لبريطايا العظمى وايرلندا الشمالية 12 مجالا للتعاون في “الاستثمار والخدمات المصرفية والمالية  وتكنلوجيا المعلومات والاتصالات والبيئة والطاقة والمياه والنفط والغاز والنقل ( بما في ذلك المطارات وسكك الحديد والموانئ  البحرية ) والعلوم الحيوية والرعاية الصحية والتعليم والمهارات والتصنيع والانشاءات والاسكان والبنية التحتية ومعدات واجهزة الدفاع والامن والخدمات العامة والحكومية والمجالات الاخرى من التعاون الاقتصادي والتقني والمهني التي يحددها الطرفان “.

ونصت المادة الاولى على ان “يتعاون الطرفان في المسائل الاقتصادية والمالية والتقنية والمهنية في المجالات المنصوص عليها في الملحق المرفق بهذه الاتفاقية”.

وجاء في المادة الثانية ان الطرفين  ينفذان هذه الاتفاقية من خلال “تبادل المعلومات وتسهيل الزيارات بين ممثلي الطرفين وتطوير أليات تنفيذها لغرض تعزيز التجارة والاستثمار بشكل ثنائي ودعم المعارض التجارية وتسهيل تبادل الخبراء أو المستشارين ولقيام بنشاطات اخرى يجري الاتفاق عليها لغرض تعزيز التوسع في العلاقات الاقتصادية بينهما”.

ونصت المادة الثالثة على “تشكل لجنة تسمى ( اللجنة المشتركة ) تضم ممثلين عن الوزارات والجهات ذات العلاقة “.

وتتولى هذه اللجنة “استعراض العلاقات الاقتصادية بين الطرفين وخاصة فيما يتعلق بالتعاون في المجالات المنصوص عليها في الملحق المرفق بهذه الاتفاقية وتسهيل تنفيذ احكام هذه الاتفاقية من خلال تقديم وتقويم المقترحات لتنفيذها والاستمرار بالاتصال الوثيق مع القطاع الخاص في كلا الطرفين ، ودعوة ممثلي الشركات للمساهمة في جدول اعمالها والمشاركة في اجتماعاتها كلما كان ذلك ممكناً واقتراح مجالات اخرى تكون ذات اهتمام مشترك يجوز فيها تعزيز التعاون”.

وتعقد هذه اللجنة ، بموجب المادة الرابعة اجتماعاتها سنوياً وبالتناوب في بغداد ولندن .

ونصت الاتفاقية ايضا على ان “يقر الطرفان بان تنفيذ المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية للتعاون بموجب احكام هذه الاتفاقية لن يخل بالتزاماتها اتجاه المجموعة الاوربية وان هذه الاتفاقية لا تغطي اي مسائل مشمولة بالسياسة التجارية الموحدة للمجموعة الاوربية”.

واجازت الاتفاقية للطرفين “تعديل هذه الاتفاقية بالموافقة الخطية الثنائية للطرفين “.

 واشارت المادة السابعة الى ان “هذه الاتفاقية تحل محل اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني الموقع عليها بين الطرفين في لندن بتاريخ 24 حزيران 1981 والمصادق عليها بالقانون العراقي رقم 87 لسنة 1981″.

وستدخل هذه الاتفاقية حيز النفاذ “في تاريخ اخر ابلاغ لتبادل المذكرات الدبلوماسية التي يعلم فيها كلاً من الطرفين الطرف الاخر باكتمال الاجراءات الداخلية اللازمة لدخول الاتفاقية حيز النفاذ” .

وتنص الاتفاقية على انها “نافذة المفعول لمدة  سنة واحدة تتجدد تلقائياً لمدة مماثلة ما لم يشعر احد الطرفين الطرف الاخر عن رغبته في انهائها قبل  ستة اشهر من تاريخ انتهاء العمل بها وفقا للطرق الدبلوماسية المعتمدة في كلا الطرفين” .

الرأي العام منقسم حول جدوى الحرب

من جانبها رأت صحيفة تلغراف  Telegraph البريطانية، أن حرب العراق قسمت الرأي العام بحدة حول جدوى الحرب في العراق، وفيما إذا كانت “الإطاحة بنظام صدام الوحشي” سوغت التكاليف البشرية والمالية الهائلة التي دفعت في سبيل هذا الهدف.

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الخميس، بمناسبة إعلان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون عن إنهاء العمليات الحربية في العراق، إن القوات البريطانية “إجتاحت العراق في مارس آذار من العام 2003 في ظل جدل سياسي ملتبس حول شرعية الفعل العسكري ووسط معارضة عامة واسعة للحرب”، لكن “بعد مدة شهر عسل، حيث رحب الكثير من العراقيين بهم كمحررين، وجدت القوات البريطانية نفسها في مستنقع تمرد شيعي شرس مدعوم من إيران”. بحسب اصوات العراق.

وتضيف الصحيفة أن “بعد ما يزيد عن ست سنوات على وجودها في البلاد ـ وهي مدة أطول من الحرب العالمية الثانية ـ تعود القوات البريطانية الآن إلى ديارها تاركة جنوبي العراق مكانا أكثر أمنا وتفاؤلا”.

وتتابع الصحيفة قولها أن الوضع الأمني في مدينة البصرة تحسن بنحو كبير، على الرغم من أن “إعادة بناء المدمرة وتأمين المياه النظيفة لكل شخص والطاقة الكهربائية، ستأخذ وقتا أطول”.

وترى الصحيفة أن “المؤرخين سيناقشون الفضائل والمساوئ السياسية والعسكرية في حرب العراق على مدى العقود القادمة”.

إذ يقول نك كليغ، الزعيم الليبرالي الديمقراطي، إن هذه الحرب كانت “أكبر خطأ كارثي في السياسة الخارجية (البريطانية) منذ أزمة السويس قبل ما يزيد عن 50 عاما مضى”.

وأضافت الصحيفة أن “عدد القتلى البريطانيين في حرب فوكلاند كان اكبر بكثير مما في العراق، لكن طول المعركة في العراق ضد عدو غالبا ما يكون غير مرئي، سبب شدّاًً كبيرا في صفوف القوات البريطانية”.

وذكرت الصحيفة أن 179 بريطانيا قتلوا في العراق ـ 178 عسكري بين رجل وامرأة ومدني واحد عامل في وزارة الدفاع.

وقالت الصحيفة إن “من اسوأ الخسائر بالأرواح، مقتل ستة من رجال القبعات الحمر بيد حشد غاضب في حزيران يونيو من العام 2005 ومقتل 10 من كادر القوات المسلحة عندما تعرضت مروحية من القوة الجوية الملكية لإطلاق نار وسقطت على مقربة من بغداد في كانون الثاني يناير 2006″.

وأشارت الصحيفة إلى أن “كلا الحادثين قادا إلى توجيه أسئلة محرجة إلى وزراء الحكومة حول مدى جودة تجهيز القوات المسلحة قبل إرسالهم إلى الحرب”.

 وكان هناك المزيد من  الجدل، كما تقول الصحيفة، عن “عدد فضائح انتهاكات حقوق السجناء التي تورط بها عسكريون بريطانيون ـ التي يؤكد الجيش أنها حوادث متفرقة، لكن آثارها السلبية مدمرة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن “تحقيقا علنيا سيجرى في وقت لاحق من العام الجاري، سوف يدرس قضية بهاء موسى، 26 عاما، وهو عامل استقبال بفندق في البصرة تعرض للضرب حتى مات في أيلول سبتمبر 2006 في أثناء احتجازه لدى القوات البريطانية”.

إلا أن الصحيفة قالت “ينبغي ألاّ يغيب عن بالنا أن  القوات البريطانية أظهرت أيضا انضباطا كبيرا وبطولة في أثناء خدمتها في العراق.”

وتمثل ذلك، كما تقول الصحيفة، بالمتعاقد الخاص جونسون بيهاري، الذي “أصبح أول شخص يكافأ بـ(صليب فكتوريا) منذ ما يزيد عن عقدين من الزمان على شجاعته الاستثنائية خلال كمينين شرسين في مدينة العمارة جنوبي العراق في أيار مايو وحزيران يونيو من العام 2004″.

وقالت الصحيفة أيضا إن “جنرالات بريطانيين يعترفون بان الحملة العسكرية، كانت صعبة للغاية، لكنهم يقولون إنهم يتركون البصرة وهي أفضل حالا بكثير من السابق”، فالميجر جنرال اندي سالمون، الذي كان حتى الشهر الماضي قائد القوات البريطانية في العراق، قال للصحيفة في لقاء معه مؤخرا “أستطيع أن أضع يدي على قلبي وأقول إننا انهينا المهمة بنحو صحيح”.

ومع ذلك، كما تعلق الصحيفة، فان المملكة المتحدة ـ التي احتلت العراق أيضا خلال الحربين العالميتين ـ تخلف وراءها تركة مختلطة.

فالناس في البصرة “ممتنون للتحرر من طغيان حكم صدام، لكن بعضهم يلقون باللائمة على القوات الأجنبية على الاضطرابات التي تعاني منها بلادهم منذ العام 2003″.

فقد اظهر استطلاع اجري مؤخرا، حسب ما تذكر الصحيفة، أن 36% فقط من العراقيين يعتقدون أن وجود القوات البريطانية كان ايجابيا و42% يشعرون انه سلبي.

وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول إن انسحاب المملكة المتحدة الآن “يقرب العراق خطوة من تولي السيطرة على زمام أمره”.

افتتاحية صحيفة الأوبزرفر جاءت بعنوان " العراق: واجبنا لا ينتهي مع انسحاب جنودنا".

"جوردون براون أسماها "قصة نجاح"، وربما اتفق معه المؤرخون يوما ما، مع أنهم قد يعتبرونها كارثة، ولكن حين انتهى الاحتلال البريطاني لجنوب العراق رسميا الأسبوع الماضي تنفس الكثيرون الصعداء: أخيرا انتهى".

بهذه الكلمات يستهل كاتب الافتتاحية مقاله، ثم يتبعها بسؤال: ولكن هل انتهى فعلا ؟

يرى الكاتب أن واجب بريطانيا يتجاوز مجرد الاطاحة بنظام صدام الى المساعدة في بناء البلد وارساء الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي فيه.

تقارن الافتتاحية دور الحلفاء في العراق بدور الناتو في البوسنة، حيث استطاعت قوات الناتو والأمم المتحدة وضع حد للحرب والمساعدة في رسم حدود واضحة للبلد ومساعدة الشعب البوسني في اتخاذ خطواته الأولى على طريق التعافي الاقتصادي والاجتماعي.

تقيم الافتتاحية التجربة في البوسنة وتقول ان نوعا آخر من المشاكل يمزق البلد الآن وبعد أن غادرته قوات الناتو،أهمها وأخطرها الفساد، فماذا ينتظر العراق بعد خروج القوات الأجنبية منه ؟ واذا كان الجنود سيغادرونه مع انتهاء مهامهم، فان مهام السياسيين والدبلوماسيين قد بدأت الآن، حسب الافتتاحية.

أما في صحيفة الصنداي تايمز فيحاول مايكل كلارك الإجابة على سؤال "هل حققنا نصرا في العراق" ؟

ويحاول كلارك الاجابة على السؤال من خلال تصويره الجنود العائدين من العراق دون أن ينتظرهم استقبال حافل، بل يتجهون بهدوء الى قواعدهم مكتفين بأنهم أدوا مهامهم.

ولكن، يقول كاتب المقال، يعرف الجنود أنهم لم يؤدوا المهمة على أكمل وجه، فقد كاد الجنود البريطانيون يفقدون السيطرة على البصرة في خريف 2003، وبحلول سبتمبر/أيلول عام 2005 كانوا قد خسروا المعركة السيكولوجية تقريبا، لذلك كان عليهم أن يعيدوا تعريف مهامهم، والتركيز على حماية أنفسهم وتدريب القوات العراقية.

لم يتدخل الجنود البريطانيون بالعداوات الداخلية ولا بالنفوذ الايراني بشكل جدي، مع ان أعدادهم كانت كفيلة بإعطائهم نفوذا، كما يقول كاتب المقال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/آيار/2009 - 10/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م