لا يمكن وصف ما يحدث في العراق من تفجيرات ومذابح وبرك من دماء
الأبرياء.. إلا بالمذبحة البشعة ضد الإنسانية، واعتداء على الديمقراطية
والحرية والتعددية الفكرية والدينية، ومحاولة لإشعال نار الفتنة وإعادة
العراق للاقتتال ثم للدكتاتورية، وإصرار على تأجيج التوتر الطائفي في
المنطقة.
هل أنظمة المنطقة مع استقرار العراق بقيادة حكومة قوية منتخبة من
الشعب؟، إذ كان الجواب بـ نعم لماذا لم تتحرك تلك الدول في دعم الحكومة
العراقية بما هو مطلوب ليعم الاستقرار وفرض الأمن وسلطة القانون التي
حققت نجاحا مميزا خلال العامين الماضيين، هل من صالح هذه الدول استمرار
حالة الفوضى والتفجيرات في العراق، هل هناك من يعمل على عدم استقرار
العراق وبالتالي عدم نجاح النظام الديمقراطي الذي يهدد بعض الأنظمة، من
المستفيد من استهداف المواقع الدينية وطوائف معينة ومن يقف وراءها،
ولماذا الصمت عن هذه الجرائم؟
إن التفجيرات الدموية التي شهدها العراق مؤخرا عملا إجراميا إرهابيا
خطيرا، لأنه استهداف للناس الأبرياء المسالمين الآمنين المؤمنين مهما
كانت جنسيتهم أو عرقهم أو ديانتهم أو مذهبهم أو قبيلتهم من ذكر أو أنثى.
فالاعتداء على حياة أي إنسان هو اعتداء على الإنسانية جمعاء قال تعالى"
مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ
فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا"، وعندما يحدث اعتداء واستهداف
على أي فرد برئ من البشر مهما كان ..، يجب الوقوف بجانبه ودعمه
ومساعدته والتنديد والاستنكار بالجريمة، والمطالبة بمعاقبة المجرمين
بأنهم إرهابيين مفسدين، وعندما يكون الاعتداء كبيرا جدا بمستوى
التفجيرات الإرهابية الإجرامية (مذبحة) التي وقعت في العديد من المدن
وسقوط المئات من القتلى والمصابين، فينبغي أن تكون ردود الفعل بمستوى
الحدث أي ردود غاضبة تؤدي للتحرك الجدي والقوي على جميع المستويات
الداخلية والخارجية العربية والإسلامية والدولية لإيقاف هذه الأعمال
العدوانية على الإنسانية التي تشكل ظاهرة خطيرة ومخيفة!؛ كي لا يتكرر
العمل الإجرامي و ينتقل إلى مواقع أخرى، مؤديا لسقوط ضحايا آخرين من
الناس الأبرياء.
فالضحايا الذين سقطوا نتيجة التفجيرات الأخيرة الذي تجاوز 250 إنسان
بالإضافة إلى المئات من المصابين جلهم من أبناء طائفة واحدة معينة
بالإضافة إلى من كان بانتظار الحصول على الحصص الغذائية، ومن يمارس
معتقده الديني، قتلوا وهم في حالة نشوة الشعور بالأمن والامان والسلام..،
لم يعتدوا على احد ...، قتلوا لأنهم مع بناء العراق ووحدته الوطنية ومع
خيار الحرية والديمقراطية والتعددية.
وما تلك التفجيرات الإجرامية الشنيعة إلا محاولة من قبل أعداء
العراق وأعداء الإنسانية وأعداء الديمقراطية المجرمين الذين صدموا
وفقدوا ما تبقى لديهم من عقل بعد ما تمكن العراق الجديد الخروج من
النفق المظلم للحروب والفتنة والفوضى، وتحقيق نجاحات على المستوى
الأمني والاقتصادي والاجتماعي، أدى إلى استلام القوات العراقية المهام
الأمنية في البلد، وتراجع الأعمال الإرهابية والفوضى، وتحديد موعد
انسحاب القوات الأمريكية بعد أشهر قليلة، وتحول العراق إلى قبلة للزوار
والسواح من جميع أقطار العالم، وان يعيش الشعب العراقي في راحة وامن..
في ظل النظام الجديد الديمقراطي، بعدما كان العراق يعيش في دوامة العنف
والقتل والتفجير والتدمير، طبعا هناك ملاحظات كبيرة بوجود تقصير وفساد
وان الأوضاع ليست بمستوى المأمول والطموح.
ان هولاء المجرمين الذين قاموا بالتفجير لم يشعروا يوما بالارتياح
منذ سقوط النظام الدكتاتوري الظالم، لأنهم برحيله فقدوا القوة والمكانة
الكاذبة الظالمة السوداء بسبب استغلالهم للسلطة والتسلط على رقاب الشعب
بما يقومون به من أعمال إجرامية و دكتاتورية واستبداد وظلم واعتقال
وتعذيب وإعدام وقتل لكل من يخالف حزبهم وقيادتهم..، بالإضافة إلى من
يقف بصفهم بالخارج الذين لا يريدون انتشار المبادئ الديمقراطية
والتعددية وحرية الرأي والمعتقد والتعبير لجميع فئات المجتمع العراقي،
وان يحكم الشعب نفسه ويختار حكومته بطريقة ديمقراطية عبر صناديق
الانتخاب، ... وهم بالتالي على أتم الاستعداد للقيام بأي عمل إجرامي
لتحقيق أهدافهم، وأهداف من يدعمهم من الخارج، وهو إسقاط نظام الحكم
الجديد الديمقراطي.
للأسف الشديد لقد تعامل البعض مع حادثة تفجير المدنيين الأبرياء
وسقوطهم في بركة من الدماء..، بين الصمت وحالة من البرود وعدم المبالاة
وبين مستوى لا يتناسب مع حجم المصيبة الأليمة، حيث انشغلوا بالتحليل
والبحث عن نقاط لنقد النظام وضعف الأمن والتخويف والتضخيم بعودة
الاقتتال الطائفي؛ وكأن الذين قتلوا ليسوا بشرا يستحقون أكثر من ذلك..،
بشر يستحقون التضامن الحقيقي والتركيز على البعد الإنساني للاعتداء على
الأبرياء المدنيين، والتنديد بالجريمة البشعة بأنها عملية إرهابية يجب
معاقبة المعتدين ومن يؤيدهم ويمدهم.
على الشعب العراقي التحلي بالصبر وضبط النفس، والعزيمة والإصرار على
مواصلة نجاح النظام والدولة والديمقراطية والقانون، وتنظيف الدوائر
الأمنية من المرتزقة الأعداء، والحرص على الوحدة واللحمة الوطنية
لإضاعة الفرصة على الأعداء المتربصين. فإن مصير أعداء الشعب العراقي
وأعداء الديمقراطية والحرية ـ الذين يسعون لإشعال نار الفتنة والاقتتال
ليعيش العراق في بحر الدمار والفوضى والدماء ـ هو الاحتراق بشرر نار
الفتنة! |