البرلمان العراقي رمز الخيبة الانسانية

محمد الوادي

استخدمت الخيبة الانسانية ولم استخدم الخيبة الوطنية لاني أولا اعتقد ان الانسانية هي اكبر واعمق بكثير من حدود الوطنية الضيقة، وثانيا ان مفردة الوطنية في العراق ومنذ عقود طويلة فرغت من محتواها الجوهري والحقيقي لتصبح سلعة تمنح لمن يرضخ للحاكم الديكتاتوري او فزاعة لمن يقاوم الظلم والاقصاء والتفرد.

ومشكلة البرلمان العراقي الحالي انه فقد بوصلته الانسانية واصبح " برلمان نرجسي " بكل معنى للكلمة وبرزت هذه الميزة بشكل اكبر حين أحب 275 شخص أنفسهم ومنحوها أفضلية على اكثر من سبعة وعشرين مليون عراقي جميعهم يعانون وان اختلفت الظروف بشكل جذري او نسبي.

وهذا البرلمان ابتعد عن حدود الوطنية وحصر نفسه في دروب ضيقة حينما تاجر بمعاناة كل الطوائف والقوميات والاديان العراقية لأجل الحصول على مكاسب شخصية ليس اكثر. لذلك لم يتم تعويض ابناء المقابر الجماعية ولاعوائل المفقودين ولاابناء الشهداء وايضا لم يتم اعادة اعمار مدينة واحدة دمرت في زمن النظام السابق وبقيت بغداد المدينة التي تتنفس تاريخ ومجد عبارة عن خراب يدمي القلوب وبقيت العمارة والبصرة تشرب ماء " مج " ومالح حتى هذه اللحظة، وكل مدن الجنوب والفرات الاوسط مازالت تتدعى من الخراب.

وبقيت ايضا الفلوجة التي دمرها الارهابيين بعد سقوط الصنم على حالها دون تعمير ، ونفس الشيء ينطبق على مئات القرى في كردستان العراق والتي كانت وقود لحملات الانفال. وقبل هذا كله ان هذا البرلمان لم تسجل له ولاجلسة واحدة خلال اربعة سنوات لاجل دراسة وحل على الاقل واحدة من معاناة الشعب العراقي والبحث عن الحلول لها وسن القوانين ومحاسبة المقصرين.

وايضا هذا البرلمان عجز ان يتفق على علم عراقي موحد يرفع في كل مدن العراق او نشيد وطني من عشرة ابيات شعرية يتغنى به الصغير والكبير بفخر وكبرياء، وعجز ايضا على الاتفاق على شعار جديد للدولة العراقية.

 ان برلمان بقى مثل دار الايتام اربعة اشهر دون رئيس يدير الجلسات و ان برلمان اصابه الخرس على توزيع شاي مخلوط بنشارة الحديد وطحين فاسد للشعب العراقي وبرلمان لم تحركه شكوى العراقيين ولوعتهم من انقطاع التيار الكهربائي وبرلمان يرى طوابير الانتظار الطويل في بلد الاحتياط النفطي الاول ومع ذلك لايحرك ساكنآ، هو بحق برلمان خائب لايستحق ان يكمل بقية الاشهر من عمره " العتيد ". فكيف وبعد كل هذا وغيره الكثير ياتي وبكل جراءة ووقاحة بعض اعضاءه يقترحون تمديد فترة عمله لعام اضافي !! من الواضح انهم يعرفون انفسهم جيدا غير مرغوب بهم بعد الان وان غالبية هذه الوجوه يجب ان تتوارى من الواجهة السياسية بعد ان اثبتت فشلها الذريع وبعد ان كانت شريك أساسي بسلب ثروات العراقيين وايضا شريك اساسي بسكوت الشياطين المنتفعين من المختلسين والسراق واللصوص.

نعم العراقيين الاكارم هم من انتخب هذا البرلمان وفي ظروف ارهابية غاية في الخطورة. لذلك فان هذا الشعب هو البطل وهو الديمقراطي لكن الغالبية الساحقة ممن تم انتخابهم هم من لايملكون هذه الصفات النبيلة ويفتقدوها. ولذلك حل البرلمان الان واجراء انتخابات جديدة يعتبر مكسب وطني للعراق لانه على الاقل يوفر للخزينة رواتب هولاء الخائبين ومصاريفهم الجانبية والتي بلغت ملايين الدولارات. حيث يدفع سنويا فقط الى فندق الرشيد سبعة مليارات دينار لاجل تقديم خدمات وغرف خاصة لبعض اعضاء برلمان الخيبة هذا. والذي تحول بعض اعضائه الى مهربين لمجرمين قتله وسفاحين مثل محمد الدايني وامثاله.

 ان برلمان ياخذ رئيسه السابق راتب تقاعدي اربعين الف دولار و200 شخص حماية مع رواتب عالية واسلحة وسيارات مصفحة هو الاحرى والاجدر بالاختفاء عن الانظار وبالطرق الدستورية الشرعية.

 وان برلمان لم يستطيع خلال اربعة سنوات محاسبة او اقالة وزير واحد رغم الاذى الكبير الذي تحمله العراقيين الاكارم من " شلة " الوزراء هذه، ان مثل هكذا مجموعة خائبة تسمى البرلمان، هي فعلا خيبة انسانية كبرى سوف تسجل في التاريخ السياسي العراقي. لذلك الاجدر الحل الفوري وبالطرق الدستورية وليس التمديد لطرق الاختلاس المستمر.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 3/آيار/2009 - 6/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م