شبكة النبأ: ان انتشار الغش بدون رادع
يحطم الروح المعنوية في الصف لأنه يقضي على الباعث الى التعلّم، ويظهر
التحصيل المبني على الأمانة العلمية والأدبية وكأنه لا قيمة له.
والغش هو تكيف سلبي يهدف للحصول على مكاسب او إنجازات لا يستحقها
وليست لدى الطالب القدرة او الكفاءة المطلوبة للحصول على هذا الإنجاز
او المكسب المادي او المعنوي، وهو زيادة الربح بأقل استثمار او جهد رغم
ما تحويه من خطر الانكشاف.
الطالب في دواخله يقول، لماذا يجب عليّ ان استذكر الدروس او أقوم
بواجباتي المنزلية؟
يفهم ان الواجب يقع على المدرس الناجح هو الذي يوصل إليه المادة او
يخلق من الدروس منافسة شريفة.لأن معظم الطلبة لا يعتبرون الغش في
الامتحانات على انه عمل سيء او خطأ.
خطورة هذه الظاهرة السيئة في إنها تنتج جيلا فاشلا دراسيا لا يملك
أي معلومات عن المواد التي درسها والأخطر من ذلك سرعة انتشارها وتعدد
وسائلها وأساليبها.هناك أسلوب لكل مادة وأسلوب لكل نوعية من الأسئلة.
والغش ظاهرة انتشرت بشكل واسع وملفت للنظر ليس على مستوى المراحل
الابتدائية والثانوية فحسب بل تجاوزتها الى الجامعة. هناك سرقة البحوث
وليس للطالب فيها إلا إسمه.
الغش في الدين
قال الله تعالى: ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا).
إن الأمانة خلق رفيع من أخلاق الإسلام. والأمانات أنواع كثيرة فحمل
هذا الدين وتبليغه أمانة والصلاة والصوم وسائر العبادات أمانة، الحرفة
والمهنة أمانة، فالنجار مؤتمن والحداد مؤتمن، المدرس، المزارع، الإمام
وغيرهم. كل مؤتمن يؤدي أمانة مهنته ووظيفته. وهذه الأمانات تحتاج
لأدائها إلى الإحسان والإتقان فأنهما من أسس الإيمان.
وقال تعالى في كتابه العزيز: ( إن الله يأمر بالإحسان وإيتاء ذي
القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون). وقال
ايضا سبحانه وتعالى: (واصبر إن الله لا يضيع اجر المحسنين).
وقال رسول الله (ص): ( ان الله كتب إحسان على كل شيء). وقال أيضا
(ص): (ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه).
أيها الطلبة:
أليس طلب العلم والدراسة عبادة وأمانة؟
أليس بعدها ستكون صاحب مهنة او وظيفة مؤتمنا عليها؟
ألست داعيا الى الإسلام بالخلق الطيب والمعاملة الحسنة من خلال
مهنتك؟
طبعا الجواب نعم.
إذا..أليس مطلوب منك ان تحسن طلب العلم، تجد وتجتهد، لتحسن تأدية
مهنتك بعد ذلك فتكون محسنا والإسلام يريد المتفوقين ويحب المتميزين
ويحث على طلب العلم.
فكيف تطلب عبادة بالغش؟ وكيف ستصل الى الوظيفة بالغش؟ فهل ستكون
صادقا وداعية ناجحا؟ وهل سيقبل منك أم ترى ان هذا يرضى ربك عز وجل الذي
سيحاسبك يوم القيامة أم انك ستجرؤ أن تتكلم عن الأمانة والصدق أم سترشد
غيرك الى الغش في الامتحانات؟.
الغش رذيلة
المرجع السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) يرى: إن على طالب
العلم أن يتعب نفسه قدر الإمكان في سبيل الدراسة، ولا يكون كسولا أو
خاملا بل يعبىء كل طاقاته، ويجب عليه ألا يغفل أن الذي يعطي لهذه
الأتعاب وللعلم هو ان ينظر الله إليه بعين رعايته، فمن دون هذه النظرة
لا فائدة من كثرة التعلم، وترك الدراسة لا يعني ان الدراسة وحدها غير
كافية بل هي إحدى الأعمدة لعلم الإنسان، أما العمود الآخر فهو نظرة
الله إلينا.
ويقول سماحته مخاطبا الطلاب:
لقد ترك الكثير من الشباب الذين طلبوا العلم، تركوا العشرات بل
المئات من القضايا والاحتياجات المالية والعائلية والاجتماعية وغيرها،
في سبيل العلم.
لذا فإن قول طالب العلم وفعله وسيرته وتاريخه يشجع الناس على
الفضيلة إذا كان هو من أهل الفضيلة، لكن مجرد عدم كونه كذلك يدفع
الآخرين نحو الرذيلة.
ويؤكد المرجع الشيرازي على أهمية أن ينظر الطالب الى ما هية
المحرمات التي قد يتعرض لها، لأن كل إنسان معرض لقسم من المحرمات،
فليصمم على ترك المحرمات التي تواجهه: فطالب العلم يجب ان لا يصدر منه
المحرمات ومنها الغش في الامتحانات.
ما هي أسباب الظاهرة؟
1ـ الكسب الاجتماعي: لكي تكون مقبولا ومرحبا بك اجتماعيا من
المستحسن ان تكون درجاتك عالية، المجتمع التنافسي الذي ألغى إنسانية
الإنسان كمعيار أساسي للتعامل مستبدلا إياه بمعيار مراتب النجاح،
الشهادة او المال سيحترم او يقدر صاحب الدرجات العالية أكثر من أصحاب
الدرجات المنخفضة، المجتمع يفضل من يحصل على الدرجات العالية ولا يهمهم
كيف حصل عليها؟
2 ـ هبوط أهمية المعرفة: لم تعد أهمية المعرفة واتساعها الشغل
الشاغل للغالبية من الطلاب، بل ما هي الدرجات التي تؤهلك للوصول الى
غايتك وهدفك مما يغرس في نفس الطالب جاذبية الدرجة أكثر من المعرفة.
3 ـ الأنانية: ان (الغاية تبرر الوسيلة).لايهم أي وسيلة تتبع، المهم
أن تحقق أهدافك الأنانية المفرطة التي لا ترى للكون مركز سواها (أنا
وبعدي الطوفان).
4 ـ توفير الطاقة: يميل الإنسان بطبيعته الى توفير أقصى ما يمكن من
الطاقة بحيث أصبح ما توفره التكنولوجيا المعاصرة مخدر فكل وسائل الراحة
متوفرة والحياة تسير على ما يرام دون الحاجة الى بذل جهود خارقة.فلماذا
يبذل الطالب كل الجهود من أجل الحصول على الدرجات العالية ؟ بينما
باستطاعته الحصول عليها بأسهل وأقصر طرق الغش.
5 ـ الخوف: قد يكون السبب الخوف من الفشل او الخوف من الأهل الذين
يطلبون من أبنائهم الحصول على الدرجات كاملة. حينها يضطر الطالب اللجوء
الى أساليب الغش لكي لا يتعرض للمساءلة.
6 ـ المغامرة: يميل الطلاب عادة الى حب المغامرة وتجربة أشياء جديدة
وخرق القوانين. فقد يكون قسم ممن يغشون في الامتحان يبحثون عن الإثارة
والمغامرة والخروج عن المألوف من القواعد والقوانين.
7ـ نقص الوعي والإدراك: عدم إدراك الطالب ووعيه بما يفعل والإساءة
التي سوف تلحق به.
8ـ ضعف الوازع الديني الذي يردع الإنسان عن هذا العمل القبيح حيث
يظن ان من حقه الغش طالما قدر عليه.
9ـ عدم وجود الرادع القانوني القوي الذي يقف بوجه المخالفات
الطلابية.
10ـ عدم الثقة بالنفس:حيث يندفع الطالب الى الغش دون ان يعرف بأنه
قادر على اجتياز الامتحان.
11ـ صحة الإجابة: بعض الطلاب يغشون ليس لأنهم لا يعرفون بل ليتأكدوا
من صحة الإجابة.
12ـ صعوبة الأسئلة وخاصة الخارجية منها.
13 ـ عدم ملائمة الأسئلة مع الزمن خاصة تلك التي تكون إجابتها صح او
خطأ وما شابهها مما يجعل الغش سهلا.
14 ـ الخوف من الفشل وتهديدات الأساتذة الذين يتوعدون برسوب الطلاب.
الإرشادات العامة
الواجب علينا جميعا الوقوف في وجه هذه الظاهرة والحد منها حسب
المقدرات الشخصية والتربوية والتعليمات والضوابط الرسمية.
1 ـ التوعية الدينية بين الطلبة وبيان أخطار الغش على المدى القريب
والبعيد.
2ـ ان يلعب المرشد التربوي دورا كبيرا في الكشف عن أسباب الغش عند
كل طالب يتم إحالته إليه من مدرسيه اوالادارة.
3ـ وضع الأسئلة بحيث تلاؤم الزمن والطالب والظروف المحيطة به.
4ـ الأسئلة الموضوعة يجب ان تقيس مستوى تحصيل الطالب لينشغل بها
الطالب عن التفكير بالغش.
5 ـ تطبيق العقوبات الخاصة في هذا المجال في حق الطالب الغشاش بكل
حزم وإعلان ذلك للطلبة.
6 ـ عدم مساواة الطالب الذي يدرس ويحفظ بالطالب الغشاش. |