ضاحية لوتيان الهندية.. مِثال العمارة الكلاسيكية البريطانية

شبكة النبأ: تعد ضاحية لوتيان صورة مصغرة للعاصمة الهندية دلهي التي يقطنها صفوة الشعب الهندي. وتتاخم ضاحية لوتيان فندق (قصر كانوت) في قلب العاصمة الهندية وتضم اكثر من مئة منزل فخم يملكها صفوة الشعب الهندي مثل رئيس الوزراء واعضاء حكومته والنواب في البرلمان والقضاة وكبار القادة في وزارة الدفاع ومكاتب الأحزاب السياسية.

وتبدو هذه المنازل الفخمة - المكونة من طابق واحد ويطغى عليها اللون الابيض فيما يحيطها اسوار خضراء من نبات الخيزران - أنيقة وتتصف بالأرستقراطية وتعد فعلا "رمزا للقوة" في العاصمة الهندية.

ويسكن في هذا الجزء من العاصمة دلهي مشاهير السياسة الهندية ومن بينهم سونيا غاندي ورئيس الوزراء الدكتور مانموهان سينغ ورئيس الهند براتيبها باتيل وزعيم المعارضة لال كريشنا ادفاني.

وتحاط ضاحية لوتيان دلهي بفندق (قصر كانوت) وطريق بريثفيراج وشارع الأم تيريزا وطريق ماتورا وتحظى مبانيها البيضاء بحماية وصيانة قسم الأشغال العامة المركزية (سي بي دبليو دي) ومؤسسة بلدية نيودلهي لتزداد قوة رغم هبوب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية كل عام.

ويرى البعض ان تلك القصور شيدت باستخدام مادة "تشونا" وهي مادة تشبه الأسمنت الأبيض والتي تزداد متانتها عند تعرضها للماء.

وصمم المهندس المعماري البريطاني السير ادوين لاندسير لوتيان هذه الضاحية في عام 1920 وتكون هذه المباني في موقع مركزي في اراض تختلف مساحتها من فدان واحد الى خمسة فدادين من المروج الخضراء المترامية الاطراف وتحيط بها الطرق التي تصطف على جانبيها أشجار ضخمة ويوجد في بداية ونهاية كل طريق دوار عليه لافتات واشارات واضاءة. بحسب تقرير لـ(كونا).

وتكريما للرجل الذي صمم هذه المنطقة تم اطلاق اسم المهندس المعماري البريطاني السير ادوين لاندسير لوتيان (1869 - 1944) عليها حيث اشتهر السير لوتيان بالابداع في تكييف الاساليب المعمارية التقليدية لمتطلبات عصره كما انه صمم الكثير من المنازل الريفية الانجليزية أيضا.

وكان لوتيان قد صمم المنطقة على مدى أكثر من 20 عاما ونصف العام واختيرت نيودلهي لتحل محل مدينة كالكوتا غربي الهند حيث كانت مقر الحكومة البريطانية - الهندية في عام 1912 وتم الانتهاء من المشروع في عام 1929 وافتتح رسميا عام 1931 .

وفي هذا المشروع اخترع السير لوتيان اسلوبا جديدا خاصا به في العمارة الكلاسيكية الذي أصبح يعرف باسم "نظام دلهي" واستخدمها كذلك في تصاميم عدة في انجلترا مثل قاعة كامبيون في أوكسفورد.

وخلافا للمعماريين البريطانيين التقليديين الذين سبقوه استوحى السير لوتيان السمات المختلفة من المجتمعات المحلية والتقليدية الهندية وادرجها في العمارة ويتجلى أكثرها وبوضوح في القبب البوذية في (فايسريغال لودج) التي يطلق عليها الآن راشتراباتي بهافان والتي يسكنها الرئيس الهندي.

ويحتوي هذا البناء الفخم - الذي صممه لوتيان خصيصا ليكون مقر الاقامة الرسمي لنائب الملك في الهند - 340 غرفة وبني على مساحة حوالي 330 فدانا ويضم حديقة خاصة. وكان لوتيان قد حصل على وسام الفارس من الامبراطورية الهندية في الاول من يناير 1930 .

يذكر ان "نظام دلهي" هو عبارة عن اعمدة تصطف امام مدخل القصر نحتت عليها أجراس حيث يشير البعض الى ان لوتيان قد صممها وفقا لاعتقاده بأن الحكم البريطاني لن ينتهي طالما كانت الاجراس صامتة. وبلغ عدد الاشخاص الذين يعتنون بمبنى نائب الملك البريطاني في وقت ما أكثر من 2000 شخص.

وتنتصب تلك المباني البيضاء الجميلة رغم الجدل الذي شاع في الآونة الأخيرة والداعي الى محوها "وعادة تطويرها" لتوفير شقق سكنية فسيحة تستوعب المزيد من كبار الشخصيات الذين تتزايد أعدادهم يوما بعد يوم.

يشير البعض الى ان وزارة التنمية الحضرية الهندية لديها خطط لهدم الضاحية واستخدام الأرض استخداما أمثل وتهدف الفكرة لتعظيم الاستفادة من مئات الهكتارات من الأراضي المتاحة دون الاخلال بالمفهوم الأصلي للمنطقة وجمالها.

وبالرغم من انها لم تتخذ اي خطوات "ملموسة" في هذا الاتجاه حتى الآن الا ان الخطة اجتذبت انتقادات شديدة من نواب البرلمان.

وقالت انجان كومار ياداف وهي عضو في البرلمان من ولاية اندرا براديش جنوبي البلاد "ان كل سياسي يطمح ليصبح نائبا ويحلم ايضا باحتلال واحد من هذه المنازل البيضاء" داعية الى ضرورة المحافظة على تلك المباني كما هي في شكلها الحالي حتى تتمكن الأجيال المقبلة من اخذ لمحة عن هذه المباني حيث لكل واحد منها تاريخه الخاص به على حد تعبيرها.  

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22/نيسان/2009 - 25/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م