المخدَّرات تحيط افغانستان بـ دائرة مغلقة

انتاج المخدرات يزيد من الفساد الرسمي وتمرّد طالبان!

 

شبكة النبأ: تُعتبر حركة طالبان المسلحة في أفغانستان، المستفيد الأكبر من زراعة نبات الخشخاش، المنتج لمادة الهيروين، في إقليم هلمند، حيث تستغل الحركة المردود المادي الذي تجلبه هذه النباتات لدعم المهام وتوفير السلاح اللازم لها.

وتمتلك أفغانستان مساحات شاسعة من حقول نبات الخشخاش، حيث تعد هذه المزارع الأوسع والأكبر في العالم، ويعتبر إقليم هلمند، الذي يشهد صراعاً بين مسلحي حركة طالبان والحكومة الأفغانية، مسؤولاً عن إنتاج ثلث كمية الهيروين في العالم.

من جهة ثانية قال المدعي العام الأفغاني محمد اسحق الوكو ان أفغانستان محصورة داخل (دائرة مُغلقة) حيث يزيد انتاج المخدرات من الفساد الرسمي وتمرد طالبان وان انعدام الأمن نتيجة لذلك يشجع المزارعين على زراعة مساحات أكبر من المخدرات.

وأعلنت السلطات الافغانية انها صادرت كميات من المخدرات فاقت قيمتها السوقية المليار دولار خلال السنة التي انتهت في 21 اذار الماضي واعتقلت عددا من كبار الموظفين بتهمة الاتجار بالمخدرات.

وذكر مسؤولون في مكافحة الارهاب ان عدد المعتقلين قد تراجع مقارنة بالسنة الماضية لكن كميات المخدرات المصادرة تشهد ارتفاعا، ما يعني على ما يبدو ان مهربين كبارا قد اعتقلوا.

وقال احمد بيغ قادري المسؤول في مكافحة المخدرات في تصريح صحافي ان السلطات صادرت 76,516 كلغ من الافيون تبلغ قيمتها 13,5 مليون دولار في البلدان الغربية، و3792 كلغ من الهيرويين (379 مليون دولار) و5223 كلغ من المورفين (522 مليون دولار).

واضاف ان 352,742 كلغ من حشيشة الكيف (7 ملايين دولار) و243,660 كلغ من المخدرات الكيميائية المصنعة (146 مليون دولار) قد صودرت ايضا. ولم يقدم ارقاما عن السنة الماضية. واوضح قادري ان "هذه المبالغ الطائلة لم تعد في حوزة المهربين، وهذا في حد ذاته امر مهم".

وتنتج افغانستان اكثر من 90% من الافيون الذي يستخدم لصنع الهيرويين في العالم. وتقدر عائدات هذا المخدر باربعة مليارات دولار في السنة، كما تقول الامم المتحدة. وافغانستان ايضا من ابرز البلدان المنتجة لحشيشة الكيف في العالم.

وغالبا ما يزرع الافيون في المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان، ويشتبه في ان اموال المخدرات تغذي صناديق المجموعات الاسلامية. بحسب فرانس برس.

وخلال السنة الماضية، اعتقل 442 شخصا لجرائم مرتبطة بالمخدرات، ووجهت 167 تهمة، كما جاء في بيان لاجهزة مكافحة المخدرات. واضافت هذه الاجهزة ان "عدد القضايا التي تورط فيها مهربون متوسطو المستوى ورفيعو المستوى قد ارتفع".

ومنهم مساعد مسؤول اقليمي لشرطة مكافحة المخدرات، وموظفون كبار وضباط في الجيش الافغاني والشرطة واجهزة الاستخبارات، كما اوضح البيان الذي لم يقدم مزيدا من التفاصيل.

مزارعون أفغان يتحولون من المخدرات الى الاسماك

كان حاجي نظر الله يزرع الافيون في اقليم ننكرهار بشرق افغانستان لكن تحت وطأة ضغط من السلطات تخلى عن هذا المحصول غير المشروع ووجد بديلا مربحا في تربية الاسماك.

وقال انظر الله الذي تدرب على مهنة زراعة الاسماك على يد منظمة اغاثة أجنبية تساعد القرويين في العثور على مصادر بديلة للدخل بخلاف زراعة الخشخاش "أشتري الاف الاسماك الصغيرة للغاية من باكستان وأربيها هنا. متى تصبح كبيرة بالدرجة الكافية أبيعها لتجار الاسماك."بحسب رويترز.

وعلى الرغم من انخفاض بنسبة 19 في المئة العام الماضي ما زالت افغانستان تنتج اكثر من 90 في المئة من انتاج العالم من الافيون وهو المادة الخام للهيروين. ويعتقد أن تجارة المخدرات في افغانستان تدر نحو ثلاثة مليارات دولار في العام على الاقتصاد الافغاني وتساعد عائداته في تمويل مقاتلي طالبان.وفي العام الماضي تحول اقليم ننكرهار من ثاني اكبر اقليم في زراعة الخشخاش بالبلاد الى شبه خال منه.

ويرجع هذا جزئيا الى حاكم اقليم ننكرهار القوي جول اغا شرزاي الذي ألمح الى احتمال خوضه الانتخابات الرئاسية التي تجري في 20 اغسطس اب. ويعرض شرزاي حوافز مالية على المزارعين في اقليمه والمساعدة في اختيار أشكال بديلة ومشروعة لكسب الرزق مثل زراعة القمح او تربية الاسماك.واذا قاوم المزارعون يتم تدمير محاصيل الخشخاش الخاصة بهم.

وبعد أن أزالت الحكومة محصوله حول انظر الله زعيم قرية ساراتشا على مشارف عاصمة الاقليم جلال اباد حقلي الخشخاش اللذين يملكهما الى بحيرتين للاسماك حيث يربي الان اكثر من ستة الاف سمكة.

وهو لا يدفع اكثر من الف افغاني (20 دولارا) مقابل الاف الاسماك في بيشاور على الجانب الاخر من الحدود القريبة في باكستان. ثم يربيها لنحو عشرة اشهر ويبيعها بربح كبير.

ويقول خبراء في مكافحة المخدرات ان الشرط الاساسي اللازم لخفض زراعة الافيون هو وجود حكومة قوية قادرة على تجاوز المثبطات التي تفوق الارباح الكبيرة التي تدرها زراعة الخشخاش.

الهيروين مصدر تمويل الحركات المسلحة في أفغانستان

وتعتبر حركة طالبان المسلحة في أفغانستان، المستفيد الأكبر من زراعة نبات الخشخاش، المنتج لمادة الهيروين، في إقليم هلمند، حيث تستغل الحركة المردود المادي الذي تجلبه هذه النباتات لدعم المهام وتوفير السلاح اللازم لها.

وتمتلك أفغانستان مساحات شاسعة من حقول نبات الخشخاش، حيث تعد هذه المزارع الأوسع والأكبر في العالم، ويعتبر إقليم هلمند، الذي يشهد صراعاً بين مسلحي حركة طالبان والحكومة الأفغانية، مسؤولاً عن إنتاج ثلث كمية الهيروين في العالم. بحسب سي ان ان.

وثمة تقارير تفيد بأن أفغانستان تعتبر مصدر إنتاج لنحو 90 في المائة من الهيروين في العالم، وبالتالي فهي أحد أكبر معاقل تجارة وتهريب المخدرات.

والمصلحة متبادلة بين تجار المخدرات وعناصر حركة طالبان، الذين يتلقون الدعم المادي مقابل ضمان الحماية لطرق التهريب ومعامل إنتاج المخدرات، والحقول التي تزرع بها النباتات المخدرة.

 أما الحلقة الأضعف بين تجار المخدرات وحركة طالبان هم عناصر الشرطة الأفغانية، الذين يتعرضون لتهديدات يومية بالقتل أو إيذاء عائلاتهم في حال استمروا بملاحقة المهربين.

عبد القادر، قائد شرطة مكافحة المخدرات، قال إنه يتعرض لمضايقات أثناء مزاولته لعمله، وقال "أنا أتعرض لضغط كبير من قبل الجهات الفاسدة، لأنهم بدورهم يتعرضون لتهديدات شخصية من قبل الحركات المسلحة بإيذاء أولادهم وأفراد من قبائلهم."

وتمكنت الشرطة حتى الآن من مصادرة حوالي 17 طنا من بذور الخشخاش، وهي كافية لإنتاج 20 طنا من الهيروين، وتعادل قيمتها حوالي 20 مليار دولار أمريكي. وتعتبر هذه الكميات أقل من بسيطة مقارنة بتلك التي يمكن مصادرتها لو تضافرت جهود الجهات المعنية في أفغانستان.

قطع الكترونية بريطانية في قنابل تستعملها طالبان

من جهة ثانية ذكرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية ان بعض القنابل التي تستخدمها حركة طالبان في افغانستان تحوي قطعا الكترونية زودها بها مسلمون بريطانيون.

وقالت الصحيفة التي لم تذكر اي مصدر ان القطع التي تستعمل في تفجير قنابل عن بعد، ارسلها مؤيدون لحركة طالبان في الدول المجاورة لافغانستان او نقلها متطوعون جوا الى باكستان ومن هناك عبرت الحدود الافغانية.

واوضحت ان ضابطا بريطانيا في نزع الالغام ابلغ وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند بعملية التهريب هذه خلال زيارته الى افغانستان الاخيرة.

وقال الضابط للوزير البريطاني "عثرنا على قطع الكترونية بريطانية في القنابل التي تستهدف القوات البريطانية".

وعندما سأل ميليباند كيف وصلت هذه القطع الى افغانستان، قال الضابط انها ارسلت الى هذا البلد او قام بنقلها بريطانيون.

واكد ناطق باسم وزارة الدفاع في لندن ان "المتمردين في افغانستان غيروا تكتيكاتهم ويلجأون اليوم اكثر مما كانوا من قبل، الى استخدام العبوات الخارقة للدروع".وتابع ان هذه العبوات "تشكل تهديدا كبيرا لامن قواتنا ونبحث عن طريق لتحسين الوقاية منها".

وينتشر حوالى 8300 عسكري بريطاني في افغانستان في اطار قوة المساعدة على احلال الاستقرار في افغانستان التابعة لحلف شمال الاطلسي (ايساف) معظمهم في اقليم هلمند (جنوب)، احد معاقل التمرد الافغاني.

المدعي العام: الفساد يزيد من الدائرة المفرغة في أفغانستان

من جهة اخرى قال المدعي العام الأفغاني محمد اسحق الوكو ان أفغانستان محصورة داخل دائرة مُغلقة حيث يزيد انتاج المخدرات من الفساد الرسمي وتمرد طالبان وان انعدام الأمن نتيجة لذلك يشجع المزارعين على زراعة مساحات أكبر من المخدرات.

لكن شبكات الجريمة الدولية تلعب دورا رئيسيا في تجارة المخدرات في أفغانستان والتي مازالت رغم الانخفاض الطفيف في العام الماضي أكبر منتج للافيون في العالم بفارق كبير. والافيون هو المادة الخام لانتاج الهيروين.

وقال الوكو لرويترز "نقر بأن هناك علاقة بين بعضهم البعض. انتاج المخدرات مع طالبان وطالبان مع الفساد الاداري. وأضاف "غير ان اصبع الاتهام يجب الا يوجه الى أفغانستان وحدها."

وتقول بريطانيا على سبيل المثال ان ما يصل الى 95 في المئة من الهيروين في شوارعها يأتي من افغانستان لكن هذا يمثل فشلا من جانب بريطانيا ودول أخرى تستخدم كطرق عبور لانها لم تتمكن من وقف الاتجار في المخدرات. وقال الوكو "ليس هناك شك في ان المخدرات في ايدي المافيا الدولية. وكما نشعر نحن فشلنا وهم فشلوا أيضا."

وقال الوكو الذي يتولى منصبه منذ بضعة أشهر فقط ان التعديل الوزاري في الآونة الأخيرة في المؤسسات الحكومية الافغانية الرئيسية أثمر عن اعتقال عدد من المسؤولين الفاسدين وتجار المخدرات.

وقال الوكو البالغ من العمر 60 عاما والذي درس القانون وعمل الشرطة في المانيا انه تم الان تخصيص خط تليفون ساخن لتلقي شكاوى المواطنين بشأن الفساد الحكومي والاجنبي.

وقال ان بعض الشكاوى التي تم تلقيها كانت ضد شركات ومؤسسات اجنبية ومنظمات غير حكومية معظمها بشان الاحتيال. ويتبادل مكتبه هذه المعلومات مع الدول المعنية بل واتخذ اجراءات ضد البعض وقام باعتقالات.

وملاحقة الفساد الذي أكسب افغانستان سمعة سيئة في الداخل والخارج يمكن ان يستغرق عدة سنوات ويتوقف هذا بدرجة كبيرة على مدى سرعة دعم قدرة الحكومة بالمساعدات الاجنبية.

ويشكو كثير من الافغان من ان الفساد الان منتشر في كل مستويات الحكومة وان المواطنين يدفعون رشى حتى لانجاز مهام مثل سداد فواتير الكهرباء. لكن الوكو قال انه ليس لديه قائمة باسماء كبار موظفي الحكومة المتورطين في الفساد والمخدرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/نيسان/2009 - 24/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م