بعد ست سنوات على التغيير في العراق: الأفق مازال ملبدا بالقلق
صورة سلبية للجندي الامريكي والأمن وعودة القمع هواجس

اعداد: صباح جاسم


شبكة النبأ: تبقى مشاهد دخول القوات الأمريكية بغداد في التاسع من نيسان عام 2003 وسقوط النظام السابق عالقة في ذاكرة العراقيين، برغم التداعيات الأمنية ومآسي الأحداث التي أعقبت السقوط طوال السنوات الست الماضية، معبرين عن مشاعرهم إزاء هذا الحدث بين مصدق لمجرياته وحائر لسرعة حدوثه ومتأسي لتداعياته وفرح لحقبة انتهت..
لكن مواطنون آخرون من محافظات عدّة طالبوا بشدّة بتحسين واقعهم الخدمي والمعيشي بعد ست سنوات من الاجتياح الامريكي، وبرغم اقرار عدد غير قليل منهم بتحسن الامن في عموم البلاد إلا أن الكثير منهم بدا منشغلاً بهاجس عودة العنف مجدداً.
وتتذكر مروه عبد الصاحب وهي طالبة جامعية لحظات الإعلان عن سقوط بغداد قائلة ” كنا نترقب الأحداث دقيقة بدقيقة، وكنا نتوجس خيفة مما قد يحصل في أية لحظة ولم نصدق حينها إن الحكومة ستسقط بهذه العجالة لأننا كنا نسمع بان الجيش والجهة الأمنية آنذاك اتخذت كل تدابير الحماية لصد ي هجوم يشنه لجيش الأمريكي على بغداد.”
وأضافت، عندما سمعت وشاهدت أن الجيش الأمريكي وصل إلى قلب عاصمة الرشيد بكيت بكاء عميقا وأحسست حينها أن البلاد فعلا دخلت في منعطف خطير لا يعرف مدياته إلا القادم من الأيام.”
وتضيف” ما حل بالعراق كان مرعبا حقا وغير متوقع وعلى الحكومات المتعاقبة أن تأخذ عبرة حقيقية مما حصل ولم يكن في الحسبان.”
كامل الحجامي، موظف حكومي من مدينة الصدر، قال “كنت حينما سقطت بغداد خفرا في دائرتي وعندها شاهدت الموظفين وهم يبكون عندما نظروا إلى آليات الجيش الأمريكي وهي تجوب شوارع وأزقة الحي الذي نحن فيه. وتابع” كان منظرا لا يصدق وعندها أحسست فعلا إن صدام ونظامه هرب إلى غير رجعة.
لكن علي احمد شرطي يقول ” أنا أختلف عن الآخرين فقد ذهبت مع الناس التي ذهبت إلى ساحة الفردوس وشاهدت بعيني الجندي الأمريكي الذي اعتلى تمثال رأس النظام السابق وغطاه بالعلم الأمريكي قبل أن يزيلوه من الوجود وعندها كنت فرحا بحق. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.
وعن أسباب فرحه يقول” أحسست حينها أن حقبة زمنية من الحكم الجائر حكمت الشعب بالنار والحديد قد انتهت فصولها فعلا وان حلما كبيرا كان يراود مخلة معظم العراقيين قد بداء بالتحقق فعلا لاسيما وأنا من الشباب الذين غيبوا في دهاليز السجون فترات طوال.
وعن تقييمه للوضع الحالي في العراق بعد ست سنوات من سقوط النظام السابق وتشكيل أربع حكومات، يقول علي متهكما “أخشى أن يأتي يوم احن فيه لظلم وجبروت وسطوة النظام السابق لأننا بتنا نعيش مأساة حقيقية في العراق تبدأ بالمفخخات وتنتهي بالأحزمة الناسفة وصولا إلى عمليات الاغتيال المنظمة.”
خليل تحسين، كاسب، يقول” حينما دخل الجيش الأمريكي كنت أراقب من خلال قناة العالم، التي كنت التقط بثها في بيتي، كيف تجري عمليات النهب والسلب التي تعرضت لها معظم المقار ووزارات الدولة آنذاك.”
ويضيف أن “سقوط النظام وهروب اغلب قياداته وسماح الجيش الأمريكي لبعض ضعاف النفوس بالدخول إلى مقار الحكومة هيأ أرضية خصبة لنهبها والهدف كان سياسيا محضا برأيي وهو إخبار المشاهد العربي بان هذه هي ثقافة العراقيين وهذا جل ما يطمحون إليه.
وتابع “كذلك رأيت بعيني كيف دخل عدد كبير من العراقيين إلى الدوائر الأمنية ومقار حزب البعث وقاموا بسرقة السجلات والأضابير الموجودة داخل هذه المقار. لافتا إلى إن” بعض ضعاف النفوس قام ببيع بعض الوثائق التي وجدت لبعض المارة بمبالغ زهيدة.
الحاج (احمد العطار) من سكنة شارع فلسطين وسط بغداد، يقول” كنت حينما وصلني خبر اجتياح بغداد وهروب الحكومة العراقية مرافقا لأحد أبنائي داخل إحدى المستشفيات الحكومية وشاهدت كيف حرص الجميع داخل المستشفى بالهروب إلى مكان آمن خشيه استهداف المستشفى من قبل المروحيات الأمريكية.”
ويضيف، كانت لحظات حزينة بامتياز، فقد سمعت كيف أن المرضى والمصابين يئنون من شده المرض دون أن يجدوا أحدا يساعدهم أو وسيلة نقل تنقلهم إلى مكان أمن.”وقال انه لن ينسى تلك اللحظات العصيبة طالما بقي حيا لأنها أصبحت ممزوجة بذاكرته.
ويزيد العطار” كنا نمني النفس بعراق جديد تسود فيه أواصر المحبة والاخاء والتعايش والسلمي، لكن سرعان ما جاءت الأيام حبلى بالأحداث التصاعدية التي لم نكن نتصور وقوعها قبل ذلك.”
مواطنون يطالبون بتحسين واقعهم وهاجس الامن مازال مسيطراً
وطالب مواطنون من محافظات عدة بتحسين واقعهم الخدمي والمعيشي بعد ست سنوات من الاجتياح الامريكي للعراق واسقاط النظام السابق في مثل هذا اليوم، وبرغم اقرار عدد غير قليل منهم بتحسن الامن في عموم البلاد إلا أن الكثير منهم بدا منشغلا بهاجس عودة العنف مجددا.
وفيما اعتبر مواطنون من محافظات وسطى وجنوبية أن الاوضاع العامة في البلاد شهدت تغييرا “ايجابيا” خلال الاعوام الستة، عبر موصليون عن تشاؤمهم لأن الوضع في مدينتهم “من سيئ إلى أسوأ”.
ورحبت رغد سامي، (20 عاما) وهي طالبة من أهالي بغداد بالتغيير الحاصل في العراق بعد عام 2003 وقالت “أنا ألمس تغييرا كبيرا في العراق قياسا بما كان عليه الوضع في الاعوام التي سبقت الغزو الامريكي للعراق”.
واستدركت سامي بالقول إن “الشيء الذي لا يزال على حاله دون تغيير هي الخدمات فلا تزال غير متكاملة، الا اني متفائلة بتحسنها مع مرور الوقت. طالما تحسن الامر الآن يمكن لشركات الاستثمار الاجنبية الدخول والاستثمار في هذه قطاع الخدمات”.
وعن الوضع الامني قالت إنه “لم يكن جيدا في السنوات السبقة لكنه تحسن كثيرا مؤخرا وأصبح بالامكان التجوال في بغداد بحرية”.
وشاركها في هذا الشعور عباس حسين، (35 عاما) وهو كاسب من اهالي بغداد، وقال إن “هناك تغييرا ايجابيا في العراق بعد مرور ست سنوات على الغزو من حيث تحسن الامن، لا شك أن الوضع الأمني في بغداد تحديدا قد تغير نحو الاحسن هذا العام قياسا بالسنوات السابقة”. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.
لكنه قال“لا نزال نعاني من عدم توفر العمل ما ينعكس سلبا على الوضع المادي لنا وعلى عوائلنا، اضافة الى عدم توفر الخدمات من ماء ومجاري وكهرباء وغيرها”.
وفي كربلاء التي تقع على بعد 110 كم جنوب غرب العاصمة، قال الصحفي ذياب الطائي إن “قطار التغيير يسير في محطات متعددة ربما لم نألفها من قبل، فبالرغم من مرور ست سنوات على الغزو، إلا أن معطيات كثيرة تغيرت وتبدلت عربات الزمن نحو الأفضل وهي تبحر في دوامة مستديرة”.
لكنه قال“نعم تغير النظام ولكن لم يتغير الواقع فنحن لا نريد تبديل الكراسي قدر ما نريد عراقا متقدما يشار له بالبنان. لنخرج من هذه التجربة ونعلن الحرب على الفساد والتخلف وقمع الحريات ونبني وطنا أركانه الإخلاص وعموده النزاهة وأرضه العدالة”.
فيما قال الصحفي علي المهداوي (30 عاما) “بعد ست سنوات من الغزو أرى أن التغيير الذي حصل لم يكن بالمستوى المطلوب بل لم يحقق الطموح، فالهاجس الامني مازال يشغل بال العراقيين والخوف من تردي الاوضاع وعودتها الى سابق عهدها ما يزال قائما”.
وأضاف“لدي العديد من الامنيات تتمثل باستتباب الامن وضرورة الوصول الى توافق بين جميع الاطراف السياسية ورحيل القوات الامريكية من العراق وأن يكون قراره عراقيا خالصا بعيدا عن اي تأثير خارجي”.
فيما قال إحسان الجبوري، معلم، إن “سقوط النظام يعد رمزا لسقوط التكبر والتسلط والعنجهية وما كان للشعب العراقي أن يحلم في يوم من الأيام بأن ينعم بهذه النعمة لولا التدخل الإلهي، حيث كان سقوط الطاغية يمثل لأبناء الشعب فرصة أخرى وحلم طموح”.
وأضاف أن “ما يؤلمنا هو عدم وجود أرضية صلبة لمثل هكذا تغيير، حيث امتدت أيدٍ خبيثة سواء من دول الجوار أو ما تبقى من عناصر البعث داخل العراق لتحول نعمة السقوط إلى أذى كبير تمثل في قتل ألاف الأبرياء واغتيال أفضل الكفاءات والطاقات العراقية إضافة إلى تعدد الأحزاب وكثرة الانقسامات”.
وتابع “كما أن ظهور التجاذبات السياسية والكيانات الحديثة وعدم الالتزام بالدستور وفقراته تسبب بتعطيل البرلمان. وكل هذه المتغيرات أدت إلى إصابة المواطن بكثير من الاحباطات وعدم اكتمال الفرحة بهذا اليوم بعد أن كنا نحلم بأن نستنشق الهواء النقي بعد يوم 9/4″.
وفي مدينة تكريت مسقط رأس رئيس النظام السابق صدام حسين والتي تبعد مسافة 175 كم شمال العاصمة، عبر محمد حسين عبد الله، (45 عاما) مدرس وباحث، عن اعتقاده بأن “السياسة الأمريكية وبعد ست سنوات من الاحتلال تغيرت نحو شيء جديد وهو سياسة التفاوض والحوار بدل عنجهية القوة والعنف بعدما فرضت الأوضاع في الساحة العراقية هذا الخيار.
وأوضح أن “السياسيين الأمريكيين يتفاوضون مع الجميع بمن فيهم محور الشر كوريا الشمالية وايران وسوريا، وحتى البعثيين الذين جاءت لتزيحهم عن حكم العراق والمتطرفين وغيرهم، وهو تبدل إستراتيجي مهم نحو الانفتاح على الآخر بدل احتوائه او محاصرته او حتى احتلاله”.
بينما رأى المهندس حمادة خلف عواد، (34 عاما) أن “الامريكيين نجحوا في بعض الاهداف التي جاءوا من اجلها، فبعد كل الذي حدث في العراق نجحت الاستراتيجية الامريكية في تحقيق أهدافها بتغيير مفاهيم المجتمع العراقي وتقاليده”.
من جانبه، قال احمد السعدي، موظف، “برغم السلبيات هناك ايجابيات تحققت ومن اهما التحسن الاقتصادي والحرية، نعم الوضع الامني سيئ والخدمات ايضا لكن هناك توجه نحو الديمقراطية من خلال الانتخابات التي تجرى سنة بعد اخرى لتصبح أكثر أهمية لدى الناس الذين اقتنعوا بها كوسيلة تعايش تجمعهم دون إقصاء او تهميش”.
وأضاف أن “هناك تحسنا اقتصاديا وانفتاحا في الأسواق العراقية على العالم، ورواتب الموظفين جيدة، وهناك حرية للتعبير في وسائل الاعلام”.
وفي المقابل، رأى موصليون أنه بعد ست سنوات على الغزو فإن أوضاعهم وأوضاع مدينتهم، التي تقع على بعد 405 كم شمال العاصمة، “من سيئ إلى أسوأ”.
وقال نجم علي، (69 عاما) وهو قاضٍ متقاعد، إن “الفوضى ابسط وصف لما خلفه الاحتلال، فقد جاؤونا بشعارات الديمقراطية والحرية وأعطونا الفوضى”.
وأضاف، وهو يحشر سيارته في شارع مزدحم قرب الجسر القديم، ابرز جسور المدينة، محاولا عبوره “انظر: فوضى في السير المروري وفوضى في الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي وحتى طريقة تفكير الناس وسلوكهم والتعبير عما بداخلهم”.
وأوضح أن “فقدان هيبة القانون امر خطير، ومعالجته امر صعب لأن الموطن عندما ينكسر لديه الحاجز النفسي لاحترام القانون والنظام من الصعب جدا إعادة ذلك في نفسه، وهذا احد مخلفات الاحتلال الخطيرة”.
وبين أن “القتل أصبح لأتفه الأسباب سواء كان السبب عشائريا او لنزاع على مال أو لأسباب أخرى، ولم يقتصر الامر عند ذلك، بل حتى التجاوز على ممتلكات الدولة والآخرين والفساد الادراي كل هذه مخلفات الاحتلال في الموصل ومدن عراقية أخرى”.
فيما قال ناظم يونس، (26 عاما)، “تخرجت قبل أربع سنوات ولم أتعين لدى دوائر الحكومة، حاولت أن اجد عملاً حراً فلم يكن متاحا أمامي سوى سائق سيارة أجرة يمتلكها شخص آخر أو صاحب بسطية (عربة متحركة للبيع) أبيع مواد غذائية او مستلزمات أخرى. وأوضح “أنا نادم لأني أضعت 16 عاما من عمري لأجد بعد ذلك أن مصيري كمصير الذي لا يجيد القراءة والكتابة”.
وقال متسائلا “ماذا جلب لنا الاحتلال؟ جيوشا من العاطلين عن العمل، شبابا لم يتمتعوا بالحياة بسبب الشعور بفقدان الامن خشية اعتقال كيدي او موت باطلاق أعيرة طائشة او صائبة”.
أما بسمة عبد الرحيم، (34 عاما) ربة بيت، فقالت إن “عدم شعوري بالأمن وخوفي على زوجي وأطفالي شعور يراودني منذ ست سنوات”.
وأضافت “لا ننام بشكل جيد بسبب صوت أزيز الطائرات او خشية المداهمة والاعتقال وهذا الشعور تولد في نفوسنا في اعوام 2004، 2005، 2006، 2007، وفي النهار، عندما يخرج أفراد اسرتي اخشى عليهم من تدهور الوضع الامني”.
وأوضحت أن “سوء الخدمات امر آخر نعاني منه، فقد تراجعت الخدمات المقدمة لنا بشكل كبير منذ ست سنوات و كذلك حال المدينة من حيث الكهرباء والماء والمجاري والشوارع”.
في حين رأى مواطنون من مدينة العمارة التي تبعد مسافة 380 كم جنوب شرق بغداد أن هناك تغييرا وصفوه بالايجابي في الوضع العام بالبلاد بعد ست سنوات من الغزو الامريكي.
وقال وسام التميمي، (21 عاما) وهو طالب جامعي، “بعد مضي ست سنوات من الاحتلال الامريكي تحول العراق بشكل نوعي إلى بلد ديمقراطي، ولمس المواطن أن هناك فارقا كبيرا في مستوى المعيشة من خلال زيادة رواتب الموظفين واقامة مشاريع خدمية خصصت لها أموال طائلة ومنها انشاء جامعة ميسان المستحدثة”. وأضاف التميمي لوكالة (اصوات العراق) أن “على الحكومة العراقية ان تقوم بحملة كبيرة للقضاء على الآفة الجديدة التي استشرت في دوائر الدولة وهي الفساد الاداري، بالاضافة الى خلق فرص عمل للعاطلين عن العمل وخاصة الخريجين”.
فيما قال محمد السوداني، (50 عاما) وهو شيخ عشيرة، أن “هناك عدة امور ايجابية طرأت على حال المواطن العراقي من خلال تحسين وضعه المعيشي بالاضافة إلى تطوير بعض المؤسسات الصحية من خلال استخدام بعض الاجهزة الحديثة التي كانت تفتقر لها تلك المؤسسات في الماضي”.
لكنه بين لوكالة (اصوات العراق) أن “هناك بعض الممارسات غير المنضبطة من القوات الامريكية عند قيامها بحملات التفتيش والاعتقالات العشوائية التي طالت بعض المواطنين الابرياء”.
بعد ست سنوات... صورة سلبية للجندي الأمريكي
وبعد ست سنوات من دخول القوات الأمريكية بغداد، يرى عراقيون أن صورة الجندي الأمريكي قد تغيرت لديهم عمّا كانت عليه في البداية، ليطغى الجانب السلبي وانعكاساته على تلك الصورة، مع تعاقب السنين وتفاقم الأمن في البلاد.
وأعربت تغريد علي (طالبة وعمرها 24 سنة) عن اعتقادها بان “صورة الجندي الأمريكي تتغير بين سنة وأخرى، إلا أن اغلب السنوات تهيمن عليها صورة الجندي المحتل”.
وذكرت“كنا ننظر الى الجندي الأمريكي كمحرر للعراق في السنة الأولى؛ إلا أن صورته سرعان ما تلاشت بعد سنتين من الاحتلال”.
وقال المواطن فائق حنون (موظف في الطرق والجسور في البصرة) “بسبب القمع الذي وقع علينا في زمن النظام السابق، رحبنا بدخول القوات الأجنبية، بل كنا نترقب دخولهم بحماس لتخليصنا من انتهاكات النظام السابق، وكنا نرى في شخصية الجندي الأجنبي رمز الخلاص والتحرر”.
وأضاف“على الرغم من ان الاستعمار والاحتلال من ابغض ما يكون، إلا اننا كنا نمني النفس بعالم جديد تتاح فيه لنا الحريات والتطور ونلتحق بركب التطور والحضارة. بحسب تقرير اصوات العراق.
وأوضح “ولكن تجربة السنوات الخمس الماضية أطاحت بهذا الإحساس، لأن الوضع الأمني المتردي والوضع السياسي المخيب ومناح أخرى، أجبرتنا على التفكير بأن الأمر بقى على ما هو عليه بل ربما كان أكثر سوءا وخصوصا من جانب السلم الأهلي”.
وتابع أن “صورة الجندي الأجنبي اهتزت بشكل كبير، فقد رأينا الكثير منهم يرتعشون من الخوف ويمارسون العنف المفرط على العراقيين دون سبب”.
فيما قال المواطن جعفر حسن (موظف وعمره 35 عاما) من العاصمة بغداد لوكالة (اصوات العراق) إن “صورة الجندي الأمريكي لم تتغير منذ ست سنوات من عمر الاحتلال وهي صورة المحتل.
وأضاف “حتى لو زال الاحتلال عن العراق فان هذه الصورة سوف لن تتغير في ذهني لان المحتلين دمروا العراق وشعبه وانا لا انسى ابدا هذه الصورة للجندي الأمريكي”.
أما ابراهيم محمد، موظف في مطار البصرة الدولي (40 عاما) فقال لوكالة (أصوات العراق) “كانت القوات الأجنبية المتواجدة في مطار البصرة في بداية دخولها متشددة جدا، فقد كانوا يدققون بالحاح بعمليات التفتيش ، وكانوا لا يسمحون لنا بالدخول إلا بعد رؤية الهويات التعريفية وتفتيشنا بواسطة الكلاب”.
وأضاف “ولكن في أيامهم الأخيرة تساهلوا كثيرا وكنا ندخل الى مقر عملنا في المطار بهوياتنا الوظيفية الرسمية”.
ومن جانبها، قالت احلام سمير موظفة بدائرة بلديات نينوى لوكالة (اصوات العراق) “ها نحن قد دخلنا في السنة السادسة لاحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية إلا إننا لم نلتمس أي تغيير في مجالات الحياة ولم نحظ بفرص كانوا قد وعدونا بها وبقى حالنا كما هو عليه”.
وذكرت أن “تعامل الجندي الأمريكي قد تغير وبدأ هذا التغيير واضحاً خصوصاً بعد عامين من الاحتلال وحتى هذه الفترة، فقد اصبح الجندي الأمريكي أكثر قساوة مما كان عليه سابقاً وكأن جميع أبناء الشعب العراقي هم أهداف له والواجب عليه تصفية هذه الأهداف واحداً تلو الأخر”.
وأضافت “فجعل سلاحه مشهوراً تجاه صدور الشيوخ والنساء بل وحتى الأطفال بعد أن كان الواجب يحتم عليه توجيه سلاحه نحو صدور الإرهابيين”.
أما اركان فؤاد (48 عاما ويعمل مدرسا) فقال “بالنسبة لي قد لاحظت كما لاحظ الجميع أن الجندي الأمريكي كان يقوم بمساعدة المدنيين في الحصول على الوقود والغاز كما كان يساعد في عملية تنظيف المدن من خلال جمع النفايات التي كانت متواجدة بكثرة في الطرقات وكان يعطي الورود وبعض مقتنياته والحلوى للأطفال بغية ملاطفتهم ومداعبتهم”.
وتابع “حتى أصبح أطفالنا يلوحون لهم عندما يرونهم وما أن مرت ثلاث سنين وتحديداً بعد ازدياد عمليات العنف والقتل حتى رأينا ذلك الجندي الوديع قد أصبح ذئباً مفترساً يوجه فوهة سلاحه على كل من يصول ويجول”.
واصبح “المواطن العراقي يخاف أن يحمل قلماً بل وحتى وردة في يده خشية إطلاق النار عليه بحجة إنها وردة ناسفة”، وفقا لفؤاد.
ومن جانبه، قال عضو في المجلس المحلي عن تيار الاصلاح الوطني في ديالى “لا يوجد أي اختلاف في اداء الجنود الأمريكان داخل الشارع العراقي رغم مرور خمسة سنوات على دخولهم العراق وتوقيع الاتفاقية الأمنية مع الحكومة العراقية”.
وأضاف ساجد عبد الأمير لوكالة (اصوات العراق) أن “اغلب الجنود الأمريكان مازالت لديهم صلاحيات واسعة في الشارع العراقي ولا سيما داخل محافظة ديالى من خلال تشكيل السيطرات الامنية المؤقتة وقطع الطرق الرئيسة”.
ومن جانبها، قالت سجى قدوري القيادية في حزب الدعوة الإسلامي الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء نوري المالكي إن “اداء الجنود الأمريكان يعتمد كليا على موقف الحكومة العراقية ومدى جديتها في تفعيل بنود الاتفاقية الأمنية”.
واضافت أن “اداء الجنود الأمريكان مازال سيئا في الشارع العراقي ولا سيما بعد تدخلهم في الشأن العراقي وقيامهم بوضع العراقيل والصعوبات في طريق القوات العراقية (الشرطة والجيش) ومنعها من اداء مهامها على اكمل وجه.
وتابعت أن “الجنود الأمريكان قاموا قبل يومين بمنع دخول القوات العراقية الى مقر المجلس المحلي وسط مدينة بعقوبة لغرض تنفيذ مذكرات القبض الصادرة بحق عدد من اعضاء المجلس بالرغم من صدور هذه المذكرات من السلطات القضائية العراقية مما يؤكد بالدليل القاطع بان القوات الأمريكية مازالت تتدخل علنا في الشأن العراقي وتعرقل عمل القضاء في اداء مهامه.
أما مصطفى ابراهيم (موظف حكومي) فقال إن “اداء الجندي الامريكي لم يختلف كثيرا طيلة السنوات الخمسة الماضية رغم انخفاض عدد القوات الأمريكية الموجود في المحافظة.
واضاف“لقد شاهدنا في العديد من المواقف بان صلاحيات الجندي الأمريكي تتفوق كثيرا على صلاحيات الكثير من المسؤولين الحكوميين منها فرض حظر التجوال وغلق الطرقات وتشكيل السيطرات المؤقتة في الشوارع الرئيسة والفرعية دون مشاركة القوات العراقية.
ومن جانب آخر، ذكر حيدر نزار أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بالنجف إن “النظرة العامة كانت بعد 9 نيسان 2003 الى الجندي الامريكي على انه مخلص او محرر من نظام طاغوتي ظالم”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/نيسان/2009 - 23/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م