حكاية قلم

الحرية لاقلامنا

قبس النداوي

لاول مرة عبر تاريخ كتاباتي البعيد وطوال سنوات عملي التي لم اكل منها ولم امل ولاول مرة وانا اقف بين يدي كاتبتي المرتجفتين اشعر بانني كائن جماد لاروح فيه مجرد اداة تحركها افكار وطموحات ورغبات اصحابها ولم اتوقع في يوم من الايام بانني سامر بهذا الموقف المجرد من المشاعر واعرف حقيقتي المؤلمة بانني فعلا مجرد جماد وانني.. مجرد قلم...

لم املك القدرة يوما ان اقول ما اريد اوان اتنفس الكلمات والعبارات حسب رغباتي وطموحاتي انا...

شعرت بانني بدات افقد كل تاريخي الطويل واصبحت اسطري الجميلة مجرد خطوط قد يمر عليها من يقراها بسرعة اوقد لا يلتفت اليها احد فالجميع يبحث عن منطقة امنة منعزلة لا يسمع منها صدى ليتمتم بينه وبين نفسه عن ما يلج في خاطره خوفا من غربان الظلام قد تعتقل افكاره وتقتل بصيرته ليصبح الواحد الاخر بدون بصيرة لا يكتبون مناداة ارواحهم بل يكتبون ما تمليه عليهم تلك الغربان.

وحينما توقفت انامل كاتبتي عن الكتابة ووضعتني جانبا بل ابعدتني ولاول مرة عن اوراقها الناصعة البياض قلت لنفسي ها قد اقتربت نهايتك ايها القلم يا من ارتبط اسم التاريخ باسمك وتعلمت العلوم منك علومها واشتقت الحضارات منك ارتقائها ها قد ان الاوان للرحيل...

ولكنني فجاة شعرت ببرد استعمر جسدي الصغير ورجفة كدت افقد قدرتي على الكتابة من شدة الارتجاف وادركت حينها بان يدي كاتبتي المرتجفتين عادت لي مرة اخرى لتعانق اناملها خطوطي وحروفي من جديد متحدية كل طيور الشر والظلام التي تريد منع خيوط الشمس الذهبية من احتضان اوراق الزهر واغصان الشجر ونشر الدفء في سماء اقلامنا الحرة...

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 19/نيسان/2009 - 22/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م