هناك طبقة من الكتاب والمحليين في المجال السياسي والامني الى جنب
بعض الجنرالات وكذلك بعض الشخصيات السياسية لاتعلو اصواتها الا حينما
يتراجع الوضع الامني في العراق بعض الشيء!
فما ان يحدث خرق امني هنا او هناك حتى تجد هؤلاء قد سجلوا حضورا
مميزا في جميع وسائل الاعلام المرئية والمسمومة والمقروءة، في هذه
القناة او تلك الصحيفة او هذه المحطة الاذاعية او على مواقع الانترنت،
حيث تعاد نفس الاسطوانة البالية التي تثار كل مرة عبثا لا لاجل شيء
انما فقط من اجل وضع العثرات بوجه العملية السياسية بشكل عام وليس من
اجل كشف عورات هذه الحكومة او تلك كما تفعل جماعات الضغط التي نثمن
جميعا دورها الريادي في اي تجربة ديمقراطية.
ان هذه الطبقة المذكورة ذات الرائحة واللون الواحد في طبيعة خطابها
تشعرك بانها كجمهور كرة القدم يصمت لكنه سرعان ما ينتفض مع هجمة مرتدة
تسفر عن هدف ! ولذلك فهم ينتفضون مع انفجار كل سيارة مفخخة او حزام
ناسف.
على امثال هؤلاء ان يطمئنوا بان الوضع الامني والسياسي في العراق
حتى لو تراجع بعض الشئ لكنه بكل تأكيد لن يصل الى اسوأ مما وصل عليه في
الفترة السابقة ( بداية 2004 ـ حتى منتصف 2007 ) آنذك لم يكن هنالك جيش
عراقي نظامي ولاتشكيلات مدربة لوزارة الداخلية بل كانت هنالك حالة من
الفوضى والارباك ساهمت في حصول ما حصل، ورغم كل ماحدث فقد استمرت
الحياة وتقدمت العملية السياسية الى الامام ولو بساق مقطوعة، فما بالك
اليوم والجيش العراقي ممسك بزمام الامن الى جنب القوى الامنية الاخرى
التي وان لم تكتمل جهوزيتها الى الحد الذي نتمناه الا انها بوضع يسمح
لها بالسيطرة على الموقف في ايّة لحظة.
ان ما حصل ماهو الا كبوة جواد وعثرة لازالت الساحة العراقية المعقدة
ربما تسمح بحصولها لكن الايام القادمة كفيلة بتعرية هذه الطبقة
المتكلسة ممن نصبوا انفسهم محللين في الجانب الامني والسياسي والذين
اثبتت التجارب السابقة كل مرة فشل نظرياتهم التشاؤمية الشعاراتية منذ
فترة حرب الخليج الثالثة وحتى هذا اليوم.
ان هؤلاء لا يعجبهم العجب ولا القيام في رجب لاينتقدون حكومة لهذا
الطرف ولا لذاك فحسب ولا يوجد ثمة شئ يستحق الاشادة في نظرهم على
الاطلاق رغم كل ما حصل بعد التاسع من نيسان عام 2003 اذ انهم لايرقصون
طربا الا حينما يسقط المزيد من الضحايا الابرياء، وهذا بالضبط ما
يخرجهم من دائرة جماعات الضغط التي نشيد بدورها الضروري المطلوب ويضعهم
في دائرة الجماعات التي اشتهرت في لعب دور المشاكس فقط دون المساهمة في
تقديم الحلول.
* كاتب عراقي
gamalksn@hotmail.com |