العمل بين مطلب النجاعة ومبدأ العدالة

زهير الخويلدي

العمل ليس مجرد ضرورة قاسية لا يستطيع الإنسان التملص منها بل هو في الوقت ذاته الإمكان المتاح له حتى يبلغ جدارة عالية

استهلال:

لم يوجد الإنسان فقط ليتأمل ويحب الحياة وينظم الشعر ويؤلف الموسيقى ويلهو ويلعب بل وجد أيضا ليعمل ويشقى ويكابد وينتج ويحول ظواهر الطبيعة إلى أشياء نافعة وينمى ثرواته ويمتلك جملة من خيرات ويطور فرديته ويستقل نسبيا عن الجماعة التي وجد ضمنها في السابق لاسيما أنه كلما أخلد إلى الكسل كلما صعب عليه أن يعزم على العمل، لكن التوتر سيبرز والإشكال سيظهر عندما يجد المرء نفسه حائرا أمام إيجاد تفسير لعمله فهل هو وسيلة لتحقيق الربح بتقاضي أجر أم أنه غاية إنسانية نبيلة؟ وهل يعمل لتلبية الضرورة الطبيعية أم لتجسيم اختيار ثقافي؟ هل العمل هو مصدر الملكية وطريق نحو السعادة أم أنه يضفي معنى على الحياة؟

ما يزيد من حيرتنا هو تحول العمل من الحرفة إلى المانيفاكتورة ومن علاقة إنتاج داخل المصنع إلى علاقة تبادلية بين الدول في إطار التقسيم العالمي للعمل عمل على تأبيد التبادل اللامتكافىء وتفاقمه، وقد انعكس التقسيم التقني للعمل كذلك سلبا على العمال وعوض أن يخلصهم من الملل صار هو الذي يسبب لهم ذلك وصاروا يعملون دون متعة وكما يقول دي توكفيل: كلما تقبل مبدأ تقسيم العمل تطبيقا أكثر تقدمت الصنعة وانحط الصانع وبالتالي عوض أن يحفظ العمل كرامة العامل ويحقق له الازدهار والرخاء المادي فاقم من بؤسه وجعله ينحط عن كرامة طبيعته ويحن إلى حياة البدائي الهمجية الحرة الواسعة.

إن الذي يدعونا إلى الاستشكال الفلسفي المعاصر لظاهرة العمل هو المفارقات التي أصبحت تطرحها والاحراجات التي بات تخلفها عند الإنسان العادي ومحترف الثقافة وممتهن الصناعة وخاصة تواجدها على عتبة البطالة والاستعباد وبين نحتها لماهية الإنسان وتسببها في فقدان الذاتية والتحول إلى آلة عاملة غير قادرة على التمتع باستهلاك قليل مما تنتجه.

رأس المشكل عبر عنه أحد الباحثين عن فرصة عمل في عصر اللاعمل على النحو التالي: أنا لا أحب أن أظل عاطلا عن العمل ولكني لا أريد أن أصبح عبدا أثناء عملي. فإذا كان العمل عبادة والله تعالى يكره الإنسان البطال وإذا كانت كينونة الإنسان تكمن في سعيه وفعله وكده اليومي فان الإسلام قد شرع ذلك وألزم الناس به ودعا إلى طلب العلم النافع خاصة لما ألغى الرق وأعتق الجسد من الامتهان وحث على طلب الرزق إلى يوم البعث، كما أن الرسول صلعم قد أوصى بإعطاء العامل أجره المناسب قبل أن يجف عرقه وأن يتمتع بحريته كاملة وأن تصان كرامته دون قيد أو شرط.

فهل التزمت الحضارة المعاصرة بمثل هذه القيم الكونية واحترمت القوانين الوضعية التي امتلأت بها مجلات الشغل أم أنها ظلت مجرد حبر على ورق؟

يترتب عن ذلك أن واقع العمل في عصر العولمة أنتج توترا حادا بين مطلب النجاعة ومبدأ العدالة، فما نعني بالنجاعة؟ وما المقصود بالعدالة؟ كيف ارتبط العمل بقيمة النجاعة؟ هل تحترم كل الأعمال الإنسانية مبدأ العدالة؟ كيف يكون وضع العمل في إطار التناقض بين العدالة والنجاعة؟ أليس الحرص على نجاعة العمل يؤدي إلى تدنيسه لمبدأ العدالة؟ ولماذا أفرز العمل توترا حادا بينهما؟ بعبارة أخرى هل العمل يحقق مطلب النجاعة فقط أم أنه يمكن أن يحترم مبدأ العدالة؟ متى يكون العمل منصفا؟ هل بالإبقاء على التناقض بين العدالة والنجاعة أم بإزالته وتحقيق التوازن بينهما؟ هل يضفي العمل على امتلاك البعض القسط الهام من الثروة المشروعية القانوني؟ هل العمل خلق للقيمة أم سلب لكل قيمة؟ هل من العدل المساواة بين النسا في الأجور؟ وهل المنفعة المادية هي الغاية المثلى من العمل الإنساني؟

ما نراهن عليه من البحث في آداب العمل هو تفادي النظر إلى العدالة من زاوية المساواة والتعويض والتعامل معها من زاوية الإنصاف والتوزيع للمنافع والخيرات حتى يستفيد الذين هم أقل حظا.

1- العمل والنجاعة الاقتصادية:

إن الإنسان في المجتمع الحديث يتصرف وفق ما تمليه عليه المصلحة

العمل هو المعاناة المشفوعة بتعويض أو بربح وهو الفعل المتواصل الذي ينكب عليه الإنسان لينجز عمليات صناعية وليبدع أشياء لها نفع معين وبالتالي يعتبر العمل عملا منتجا إذ هو يساهم في خلق إنتاج ما ومن هنا جاء المطلب الكانطي الذي يقر بحاجة الإنسان إلى أن يتعلم أن يعمل لأنه في حاجة إلى أشغال تستلزم إكراها معينا. جميع الناس يتفقون في البحث عن أعمال من أجل تحصيل الرزق وجلب الخيرات وقد عبر عن ذلك نيتشه بقوله: البحث عن عمل من أجل الربح هذا ما يتساوى فيه تقريبا كل سكان البلاد المتمدنة.

 إن العمل شأن جماعي يساعد الناس على الوقوف ضد الاستسلام الآني للعنف ويجعلهم ينخرطون في شعور عام بالارتياح عندما يوفر لهم وعدا بالربح الآجل وكما يقول جورج باطاي: يقتضي العمل تصرفا معينا تكون فيه نسبة الجهد المبذول قياسا إلى النجاعة الإنتاجية نسبة قارة.

على هذا النحو يرتبط العمل بتحقيق النجاعة والفائدة وقد عبر عن ذلك برودون بقوله: إن العمل هو الفعل الذكي الذي يعالج به الإنسان المادة ويحولها إلى شيء نافع وبالتالي كان العمل مصدر الثروة وأساس الملكية وكما يصرح جون لوك: إني قد بدلت بجهدي الخاص الحال العامة التي كانت عليها الأرض لذلك أصبحت ملكي الخاص بحكم ذلك الجهد. في هذا السياق تقريبا أكد روسو: أن العمل وحده هو الذي أعطى الفلاح الحق في منتوج الأرض التي حرثها.

لكن ما نعني بالنجاعة؟

النجاعة Efficacitéهي الفاعلية التي ترتبط بمعاني الإنتاج والربح والثروة وتحقق الوفرة والرخاء والرفاه والاستهلاك، بعبارة أخرى النجاعة في العمل هو استعمال أفضل الوسائل الممكنة في أسرع الأوقات بأقل التكاليف لتحقيق أعلى النتائج. يقول آدم سميث حول ذلك: إن الاستمرار في الإنتاج بتكاليف أقل تمكن من البيع بأكثر ربح. . . وان اختراع عدد كبير من الآلات التي تسهل العمل وتختصره تمكن أنسانا واحدا من القيام بمهمة عدد كبير من الناس.

النجاعة هي طريقة من التحقق تضمن القدرة على انجاز نوع خاص من الأداء يقع التخطيط لتحصيله بشكل مسبق، وبعبارة أخرى إن النجاعة هي أسلوب في العمل يتضمن قصدية منظمة تمكن من تحقيق هدف نفعي وتتحدد كإستراتيجية تنظم طريقة العمل ليضمن لنفسه ما أراد من منفعة بالتعويل على مبدأ الأداء.

 كما تتطلب النجاعة توفير مجموعة من المستلزمات هي التخطيط المنظم وطريقة في العمل ذات مراحل وتتكون من جملة من الوسائل وكذلك التحكم في المجهودات عن طريق ضبط السرعة والدقة وتوخي المرونة والسهولة. إن مثل هذا القول يفيد أن التقسيم التقني للعمل داخل نظام رأسمالي تتحكم فيه الدولة يحقق الرخاء الاقتصادي الذي يفرز استقرار اجتماعيا مما يمكن الأفراد من تحقيق مصالحهم الفردية في ظل مصلحة جماعية متوفرة. ألم يقل ماركس وانجلز في البيان الشيوعي: خلقت الرأسمالية خلال فترة حكمها التي كانت بالكاد مائة عام قوى إنتاجية أكثر جبروتا مما خلقته كل الأجيال السابقة معا ؟

 ما نلاحظه أن النجاعة مفهوم بالأساس اقتصادي مرتبط بالوصول بالعمل إلى قدرة إنتاجية عالية ويتحرك ضمن مبدأ المردود وكوجيتو البضاعة والعقل الحسابي ويربط العمل بالمصلحة والربح والثروة والمنفعة وبالتالي فأن كل عمل لا تحصل منه منفعة مادية هو عمل غير ناجح وكل عمل يحقق المصلحة الآنية والمستقبلية والخاصة والجماعية هو عمل ناجع، في هذا السياق يقول كاينز: إن العالم لا تحكمه المشيئة الإلهية على نحو تتوافق فيه المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة لأن التجربة تؤكد أن المصالح الجماعية تعبر عن المصالح الفردية.

غير أن الحرص على المردودية أثناء العمل وعلى إنتاج كمية أكبر من البضائع تزيد عن حاجيات السوق والالتجاء إلى مضاعفة عدد ساعات العمل من أجل المزيد من الإنتاجية قد أدى إلى تحويل مبدأ النجاعة إلى وسيلة يقع استثمارها اجتماعيا لتنمية رأس المال وتطوير الاقتصاد والى حصول الاستتباعات خطيرة أهمها التفاوت واللامساواة والاستبعاد الاجتماعي والاغتراب والتشييء والتموضع. لكن ما تعني هذه الظواهر؟

ان الاغتراب هو حالة من التفاوت بين الذات وما يتحقق منها تعلن عن فقدان الذات لذاتها لاسيما وأن العامل يكون المنتج من جهة والغريب أمام ما ينتجه من جهة أخرى. في حين أن التشيأ يتمثل في أن الزيادة في قيمة عالم الأشياء قد حول الإنسان من مرتبة الصانع للأشياء إلى مرتبة المتماهي معها. أما التموضع فيعني أن الذات لم تعد تنتج ذاتا تعي ذاتها بل تحولت إلى موضوع فاقد قيمة ما يصنع بفعل التكرار الدائم لنفس العمل. حول هذا الموضوع يقول ماركس: يصبح العامل سلعة تزداد وضاعة بقدر الزيادة في خلق السلعة ويضيف أيضا: كلما زاد فقر العامل وتعاظم فقر عالمه الداخلي إلا وحل ما يملكه بشكل خاص.

ان هذه النتائج الخطيرة سببها الاعتقاد في أن العمل إما أن يكون ناجعا أولا يكون عملا وعدم الاكتراث بمبدأ العدالة والتغافل عن الظروف اللاانسانية التي يعاني منها العمل والوضع البائس. ان العمل هو الوسيلة التي يستطيع من خلالها الناس تحسين دخلهم ولكن بسبب العلاقة بين الأجر المنخفض والفقر قد لا تقدر الوظيفة وحدها على انتشال الأسرة من الفقر. بل إن ما حصل هو النتيجة العكسية أي المزيد من الاستبعاد الاجتماعي والعيش في أسر فقيرة والتداخل بين الأجر المنخفض والفقر ومحدودية الرعاية الصحية والنقص في الروابط الأسرية وسوء التغذية.

فهل كان آدم سميث على خطأ عندما بين: أن الزيادة الكبيرة في منتجات مختلف الحرف والمهن الناتجة عن تقسيم العمل تؤدي في مجتمع سليم القيادة إلى حالة من الرفاهة العامة التي تسري إلى آخر طبقات الشعب؟ ما منشأ الفقر واللامساواة والبطالة والحرمان والتفاوت وكل المشاكل الاجتماعي؟

انتهينا إلى أن التضافر بين العمل والنجاعة أدى إلى إحداث نجاعة دون عدالة عبر عنها ايريك فايل بقوله: إن المواطن هو بادئ الأمر عضو في مجتمع العمل وأول ما يطالب به هو جزء عادل من الإنتاج الاجتماعي. والمقصود هو الاحتجاج على الحيف والإجحاف والجور الذي يتعرض له العمال في مجتمع المصنع والذي أدى إلى إنتاج فوراق اجتماعية وتفاوت في الدخل وخلل في التمتع بالخيرات بين الأفراد والطبقات لكن ألم يبتدع الحق ليقاوم اللامساواة ؟ أليست العدالة هي الحق؟ فما ينتج عندما نربط بين واقع العمل ومبدأ العدالة؟

2- العمل والعدالة الاجتماعية:

ان العمل رغم صدوره عن لعنة يظل مرتبط بالصلاة هيجل

العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه والعمل على احترام حقوق كل إنسان، عند أفلاطون العدالة هي إحدى الفضائل الرئيسية الأربعة إلى جانب الحكمة والشجاعة والاعتدال اذ يقول في هذا السياق: لا يسمح الإنسان العادل لأي جزء من أجزاء نفسه بأن يقترف شيئا غريبا عنه ولا يدع مبادئ نفسه الثلاث تتدخل في شؤون بعضها البعض، فهو صديق نفسه ينسق بين أقسامها الثلاث ويربط بين عناصرها بحيث يصبح شخصا واحدا بعد أن كان متعددا.

تفيد العدالة في معناها الإتيمولوجي ماهو مطابق للحق فهي تعود في الأصل إلى كلمة أيjuris-jus الحق. وقد اقترنت العدالة Diké بالمساواة والفضيلة وبالتالي فإن سجلها أخلاقي يوكل إليها مهمة احترام حقوق الآخرين. لكن هذا المعنى تغير في الفترة المعاصرة ليرتبط بتوزيع الثروات والمنافع الاقتصادية وبالمصلحة العمومية التي تقتضي أشكالا من التفاوت حتى تتحقق لتصبح ناتجة عن ضرب من الاتفاق العام.

في نفس السياق يشير مسكويه: ليست العدالة جزءا من الفضيلة وإنما هي الفضيلة كلها ويقصد أنها رأس المأمورات وأساس العمران وذهابها يؤدي إلى خراب العمران وتفشي الظلم ولذلك نجد أبيقور يقول: لا وجود لعدل في ذاته بل العدل تعاقد مبرم بين المجتمعات تكون الغاية منه ألا يلحق أحدا ضررا بغيره وألا يلحقه منه ضرر. ويرى نيتشه ما يلي: كل شيء له قيمة وكل شيء يمكن دفع ثمنه ذلك هو القانون الأخلاقي للعدالة.

 أما اسبينوزا فانه يعرف العدالة على أنها: استعداد دائم للفرد لأن يعطي كل ذي حق ما يستحقه طبقا للقانون المدني. وقد جرت العادة أن يقع التمييز بين عدالة تعويضية وعدالة توزيعية وتتمثل العدالة التعويضية في تعويض المظلوم من الظالم على أساس التساوي ووفق مبدأ العين بالعين والسن بالسن سواء كان ذلك في المعاملات الإرادية الناشئة عن تفاهم الطرفين (قران و بيع وشراء) أو في المعاملات غير الإرادية ( السرقة والاعتداء والشتيمة). هذا النوع من العدالة يقوم إذن على قاعدة المساواة الرياضية نظرا لأن التعويض يكون عادلا إذا ما وجدت مساواة حقيقية بين الطرفين كانت لهما نفس القيمة. في هذا السياق يصرح أرسطو: عرفنا الجائر على أنه المخالف للقانون وغير متساو أما العادل فهو ما ينص عليه القانون وما يتوافق مع المساواة.

أما العدالة التوزيعية فهي الصادرة عن السلطة والمتمثلة في توزيع الخيرات والأموال والفوائد حسب الاستحقاق والجدارة والموهبة والكفاءة والمجهود المبذول نظرا لأنه ليس من باب العدل توزيع نفس المقادير على أشخاص غير متساوين. حول هذه الفكرة يقول المعلم الأول: أما في العدالة الجزئية وما ينتج عنه من حق فالنوع الأول منها يظهر على مستوى القسمة في الكرامة والثروات أو على مستوى الامتيازات الأخرى التي تعم أفراد المدينة وهذه الامتيازات قد تكون موزعة بين المواطنين داخل المدينة بطريقة متساوية وغير متساوية أما النوع الثاني فيخص العدالة المرتبطة بالعقود.

هذا التمييز بين العدالة التعويضية والعدالة التوزيعية يذكرنا بالتمييز الذي قام به أفلاطون في محاورة الجمهورية بين المساواة العددية التي تنظر إلى الأفراد على أنهم متساوين مثل أسنان المشط والمساواة الهندسية التي تقتضي معاملة الأفراد حسب حاجياتهم واستحقاقاتهم. إذ يقول حول هذا الموضوع: إننا لسنا جميعا سواء وإنما تتباين طبائعنا وتوجد بيننا فروق كامنة تجعل كلا منا صالحا لعمل معين على هذا النحو بدل إقامة علاقات على أساس المنافسة والصراع والتصادم في إطار العمل والمسألة الاجتماعية يكون من الضروري كما عبر عن ذلك ايريك فروم إقامة علاقة تعاون عادلة بدونها يستحيل إيقاف التوجه الأعمى للآلة الاجتماعية.

بيد أن العمل في شكله الحالي غير عادل وذلك لتداخل عوامل متفرقة، فالعامل لا يتقاضى أجرا يعادل قيمة ما ينتجه بل إن ثمرة منتوجه تسرق منه، كما أنه لا يتقاضى مقابل احتياجاته. زد على ذلك اللامساواة التي تجد تبريرها في التفاوت الطبيعي ذكاء وموهبة، وبناء على ذلك يصبح العامل رهين أبشع المساومات وسوء ذرائع الاستغلال استجابة لمنطق السوق القائم على العرض والطلب والصراع والمنافسة. من هذا المنطلق يرى أحد منظري مدرسة فرانكفورت هربرت ماركوز أن: الرفاه والفعالية وافتقاد الحرية في إطار ديمقراطي هذا ما يميز الحضارة الصناعية المتقدمة... (بعد أن) تحول الجسد والفكر تحت سلطان مبدأ المردود إلى أدوات للعمل المغترب...

إن التزام تنظيم العمل باحترام مبدأ العدالة يؤدي إلى التفريط في قيمة النجاعة من أجل تحقيق مبدأ المساواة ومنع تراكم الثروة وتعطيل النمو الاقتصادي وغياب المنافسة والتقليص من فرص الربح.

إذا جعلتم العدالة غير نافعة تماما فإنكم ستخربون بذلك ماهيتها وستعلقون الإلزام الذي تفرضه على البشر على أي نحو تتحدد حقوق الأفراد من الناحية الاقتصادية؟ هل يمكن أن نتحدث عن عدالة في ظل التسليم باللامساواة ؟ وهل من العدل أن تمنح المهارة أو الموهبة الحق في جراية أرفع ضمن مجتمع إنتاجي تعاوني؟ ما معنى أن يصرح أرسطو أن العدل فضيلة تامة ومطلقة ولكنها شخصية محضة ومتعدية إلى الغير؟

3- العمل وإتيقا الإنصاف :

إن العدالة من غير النجاعة ليس لها معني وان النجاعة لا تفيد شيئا من غير العدالة

إذا كانت النجاعة هي القوة عند باسكال فإن العدالة دون القوة عاجزة والقوة دون العدالة مستبدة لذلك يجب أن نضع العدالة والقوة معا وأن نحرص على أن يكون العادل قويا والقوي عادلا, أما إذا كانت النجاعة تعني المصلحة عند ايريك فايل فإن العدالة دون مصلحة وهم والنجاعة دون عدالة تضليل وفساد ويقصد أن ما يطرحه العمل من مشاكل اجتماعية يمكن أن نجد لها حلا في المجال السياسي الأخلاقي وليس في المجال الاقتصادي، ويؤكد على أن النجاعة تفترض اعتبار متطلبات الواقع والمصلحة والتنظيم وكل مقتضيات الحساب العقلي، أما العدالة فهي تنظيم المصالح الفردية في إطار المصلحة العامة وهذا هو مبدأ الإنصاف عينه الذي يجعل المواطن يطالب بجزء عادل من الإنتاج الاجتماعي، ويصرح حول هذه الفكرة: أن الثروة والإنتاجية ووضع المجموعة الخارجي وتقاليدها الخاصة وكامل أسلوب عيشها عناصر تتدخل في التحديد الملموس لذلك الإنصاف,.

لو كانت النجاعة تعني المنفعة فإنها تستوجب التفكير في المعنى التوزيعي للعدالة وقياسا على ذلك يبحث ستوارت مل في تحديد المفهوم باستحضار المعاني الاشتقاقية مشيرا إلى علاقة العدالة بالقانون والعرف مبينا أن اللفظة اللاتينيةJustum مشتقة منJussum أي ماهو منظم وأن اللفظة الاغرقية Dikaion تعني في الأصل تقديم قضية عدلية واللفظة الانجليزيةright تفيد القانون والحقlaw.

 من هذا المنطلق تبدو العدالة مالكة لعلاقة متينة بالمنفعة وأن الشعور بالعدالة يقوم على أمرين هما الرغبة في معاقبة من أحدث ضررا ووجود أشخاص أصابهم ذلك الضرر. وتبعا لذلك يذكر ستوارت مل تصورين للعدالة : الأول يطالب العامل بأن ينتج ما ينتجه الآخرون لا غير، أما الثاني فيرى أن المجتمع يستفيد من العامل الذي يكون مردوده أعلى وخدماته أنجع ولذلك يجب عليه أن يمنحه أجرا أعلى وألا يعطي إلا كمية أقل من وقته وجهوده.

ما يلاحظه مل هنا هو أن هذين التصورين للعدالة متضادان ويستحيل إقامة الانسجام بينهما ويرى أن النجاعة الاجتماعية هي وحدها القادرة على الحسم بين هذه وتلك. فإذا كانت العدالة تعرف على أنها منفعة عمومية تقترن بالحق فإن الصالح العام هو الذي يكمل أن يكون لشخص الحق في ضمان ما يجب أن ينتفع ويتمتع به.

يستحضر ستيوارت مل لتوضيح أطروحته عدة أمثلة تتعلق بالحق في القصاص والمكافآت وتوزيع الضرائب ويقر أن مفهوم المنفعة لا يحيل إلى السجل الأخلاقي فحسب بل وكذلك إلى حقل البحوث الاقتصادية. يظهر أن النظرية النفعية l’utilitarisme عند مل ليست مجرد سعي أناني وراء المصلحة الشخصية وهي ليست إقصاء للعدالة بل إنها نظرية اقتصادية تستحضر السعادة كغاية للإنسان وترى أن المصلحة العامة هي التي لها أولوية على المصلحة الخاصة وأنها لا تتحقق الا بضمان الأولى.

إن تجاوز التوتر الحاد الذي أوجده واقع العمل في عصر العولمة بين مبدأ العدالة وقيمة النجاعة لا يتم إلا باللجوء إلى مفهوم الإنصافEquité لكونه ينبع من الشعور الطبيعي بماهو عادل وهو أسمى من القانون الوضعي ويتمثل في احترام احتراما كليا ما يحصل عليه كل واحد من البشر.

هنا تطرح فكرة العدالة التوزيعية التي نظر إليها جان راولز كمرادف للإنصافEquité التي تحقق في الآن نفسه المصلحة الفردية في إطار ضمان استقرار المصلحة الكونية. يربط فيلسوف الطريق الثالث بين العدالة Justice والإنصاف ويرى أن طريقة توزيع الخيرات الأولية بين أفراد المجتمع هو أمر أساسي إذ أن معرفة ما إذا كان مجتمع ما عادلا لا تقوم إطلاقا على كمية الخيرات الأولية بل على طريقة توزيعها على من هم الأقل حظا فحسب.

يعطي راولز أهمية كبيرة للحريات مثل حرية الترشح للوظائف العامة وحرية التعبير وحرية التفكير والمعتقد وحق الملكية وعدم انتهاك حرمة الشخص. فهذه حريات وحقوق تحددها الدولة. كما أن المساواة تقتضي ألا يؤثر المنشأ الاجتماعي سلبا على الأفراد ويحاول أن يجمع بين الحرية الاقتصادية والحماية المدعمة للحريات والتشريعات الاجتماعية التي تسمح بتحسين وضعية من هم أقل حظا.

يحدد راولز مبادئ العدالة من خلال فرضيتين هما: الوضع الأصلي وحجاب الجهالة وبالانطلاق من مبدأ الحرية ومبدأ الاختلاف ذلك أنه في وضع شبيه بالحالة الطبيعية عند منظري العقد الاجتماعي ودون معرفة مسبقة بالوضعيات الاجتماعية يكون الأفراد قادرين على اختيار عقلي يجعلهم يتفقون على تعريف العدالة من خلال الإنصاف وذلك بضمان الحريات الأساسية والنظر إلى الاختلاف والتفاوت على أنه ضرب من المساواة الديمقراطية، إذ يقول في هذا السياق: يجب أن يكون لكل شخص في المقام الأول حق معادل للنظام الأكثر انتشارا للحريات الأساسية التي يتساوى فيها الجميع، نظام يكون متوافقا مع نفس النظام الذي للآخرين.

المبدأ الأول يتمثل في الحرية المرتبطة ببنية المجتمع الأساسية ويقر بأن للأفراد الحرية في فعل أمر ما أو الامتناع عن القيام به وقد صاغه راولز على النحو التالي: يجب أن يكون لكل شخص نفس الحق في أشمل نسق من الحريات التي يتساوى فيها الأفراد. هذا هو مبدأ المساواة المرتبط ببنية المجتمع والمنقسم إلى جانب سياسي ويتعلق بالحريات الأساسية وجانب اقتصادي ويتعلق بمسألة توزيع الخيرات والثروة، لكن الحق السياسي عند راولز له الأولوية على المنفعة الاقتصادية، إذ لا يسمح بتقليص الحريات الفردية باسم تحقيق عدالة اجتماعية.

في حين ينص المبدأ الثاني على الاختلاف الذي يقول عنه : يجب على أشكال التفاوت الاجتماعي والاقتصادي أن تكون منظمة على نحو يجعلنا قادرين على أن ننتظر منها أن تكون في آن واحد لصالح كل فرد وأن تكون مرتبطة بمواقع ووظائف مفتوحة للجميع.

يدل هذا المبدأ الثاني للعدالة على الفهم الليبرالي للحق وهو مبدأ مساواة بالمعنى القوى لأنه بالنسبة إلى شخصين إذا لم يكن هناك توزيع يحسن وضعية الاثنين فإنه يجب تفضيل توزيع آخر عليه. زد على ذلك أنه يفسر فكرة انتفاع الأفراد من المنفعة العمومية ضمن نظام تسلسلي على أنها تقتضي الابتداء بتحسين رفاه من هم الأقل حظا ثم الصعود إلى منهم الأكثر حظوة.

أما مفهوم الوضع الأصلي فقد اعتمده راولز كطريقة في العرض ليؤسس نظريته في العدالة بماهي إنصاف، إذ لو نفترض أناس يجهلون الوضع الذي سيكون لهم في المجتمع ولهم معرفة دنيا بالطبيعة الإنسانية ويفضلون الحصول على خيرات أولية ولنفترض أننا طلبنا منهم أن يختاروا تعريف للعدالة تنظم لهم المجتمع الذين يريدون العيش فيه فإنهم سيرفضون ربط العدالة بالمنفعة العامة كما نظر إليها النفعيين وسيختارون المبادئ التي حددتها نظرية العدالة كإنصاف، أي أنهم سيختارون الحريات الأساسية التي يكونون متساوين في التمتع بها وسوف يقبلون بالتفاوت الاجتماعي والاقتصادي لكنهم سيشترطون حماية مصالح من هم أقل حظا.

خلاصة القول إن العدالة كإنصاف هي ضرب من الحد الأقصى من الرفاه بالنسبة إلى أغلب أفراد المجتمع أي يقع تبني مبدأ العدالة التوزيعية ( كل حسب مجهوده) بدل العدالة التعويضية (كل حسب حاجته)، وقد لخص راولز المشكلة في الصراع بين النفعيين والماركسيين كما يلي: يتمثل المشكل في معرفة ما إذا كان فرض أعباء على عدد ضئيل قابلا للتعويض بأكبر مجموع من المنافع التي يمكن أن تكون للآخرين، أم أن العدالة تقتضي التساوي في الحرية بالنسبة إلى الجميع ولا تسمح إلا بالمساواة الاقتصادية الاجتماعية التي تكون في صالح كل فرد...

إن الإنصاف عند راولز هو الحل الممكن لتجاوز خطأ الاشتراكية التي عظمت العدالة الاجتماعية والمساواة على حساب النجاعة والحرية الفردية وقصد إصلاح مأزق الرأسمالية التي نادت بالملكية الخاصة وحرية السوق وأهملت الحقوق الاجتماعية والإنسانية للعمل، ليكون بذلك أحسن طريق ثالث يدافع عن مبدأ المساواة في حق الحرية للجميع دون أن يتنافى ذلك مع وجود تفاوت ولامساواة تبرر دوما بالنظر إلى حصول المنفعة العامة والمصلحة العمومية.

يصرح في هذا السياق: إذا لم يكن ثمة ما يستوجب أن يكون توزيع الثروة والمداخيل على نحو متكافئ فلابد أن يكون لفائدة كل شخص وأن تكون مواقع السلطة والمسؤولية في نفس الوقت في متناول الجميع... إننا ننظم أشكال التفاوت الاقتصادي والاجتماعي على نحو يستفيد منه الجميع.

لا تعزل نظرية راولز ماهو عادل عماهو خير ولا تعتمد تعريفا لماهو عادل على أساس أنه تجميع أو بلوغ الحد الأقصى للخير كما يفعل النفعيون بل تقول بأولوية العدالة التوزيعية على المساواة. وتنتهي إلى الإقرار بأن العدالة هي فضيلة المؤسسات الاجتماعية لأن ما يهم هو معرفة المجتمع العادل وليس الفرد العادل ويرى أن ماهو أخلاقي يتفوق على ماهو اقتصادي وبالتالي يجب أن يكون نمط الحياة اختيارا عقلانيا وليس مجرد حساب نفعي. اللافت للنظر أن فيلسوف الليبرالية الجديدة يخضع مفهوم العدالة إلى التطور والتغير ولا يعتبره قيمة ثابتة مطلقة لأن ماهو عادل خاضع لصيرورة الزمن وتنوع المجتمعات ولأن ماهو عادل في هذه الهوية الثقافية يمكن أن يكون غير عادل في هوية ثقافية أخرى.

 لكن كيف يكون اعتبار راولز من أنصار الخصوصية واحتسابه كأحد المنتسبين إلى تيار الجماعاتيين Communautaristeوفي الآن نفسه يعتبره البعض الوريث الشرعي للنزعة الكونية Universalité الكانطية ؟ ألا يوجد تناقض بين الحديث عن العدالة والإقرار بأشكال من التفاوت الاقتصادي والاجتماعي؟ فيم تتمثل المقاييس المعتمدة في توزيع المنافع الاقتصادية والاجتماعية؟ ما وجه الارتباط بين مبدأ الحريات الأساسية ومبدأ توزيع المداخيل والثروة؟ ألا تغمر الفرحة الإنسان حين يعطي ويشارك وليس حين يستغل ويكنز؟

خاتمة:

إن قواعد الإنصاف والعدالة تخضع كليا للحالة الخاصة والوضعية إلي يوجد فيها الناس

إن العمل ظاهرة مرتبطة منذ القدم بتحقيق الحاجات الضرورية للإنسان وهي لم تستقر على حال بل شهدت عدة تحولات،ففي البداية كانت المجتمعات القديمة تميز ين الحياة التأملية والحياة العملية وبين العمل الفكري والعمل العضلي وكانت تستهجن المجهود العضلي وتجعله من اختصاص العبيد ولذلك فهي تقوم بطرده من دائرة العمل الناجع وكانت تنظر إلى العلم والمعرفة والتأمل على أنها الأعمال الحقيقية النافعة، لكن مع ظهور الحداثة وتفجر الثورة الصناعية وتحرر الجسد وقعت المماهاة بين العمل العضلي والعمل الذهني وأصبح مجهود الإنسان يمتلك قيمة تداولية في نظام الأجرة وبدأ تقسيم جديد للعمل على أساس التسلسل والوظيفة وصار كل عامل منشغل بصناعة معينة.

 لكن رياح العولمة عصفت بهذا التصور الكلاسيكي للعمل وأنهته إلى الأبد عندما استبدلت علاقات الإنتاج المادية بين أصحاب رؤوس الأموال والعمال بواقع افتراضي جديد يكون فيه العمل لاماديا Immatériel أي مجرد وسيط رمزي يحقق التبادل ضمن سوق يتميز بالتحرر في كل شيء وتغطي بضائعه كافة أرجاء المعمورة وجميع الأسواق.

بيد أن المعضلة الكبرى التي تطرح في المجال الاقتصادي هي معضلة تحقيق العمل العدالة والنجاعة في الآن نفسه بالنسبة إلى العامل والى المجتمع الذي ينتمي إليه فردا والإنسانية لأن الدولة قد تضحي بالعدالة وتنتج الفوارق واللامساواة من أجل تحقيق نجاعة قصوى ونمو اقتصادي مشجع للاستثمار وقد تلجأ إلى التضحية بالنجاعة وتؤثر الركود الاقتصادي والانكماش من أجل معالجة بعض المشاكل الاجتماعية وتوفير الحماية لمن هم أقل حظا وبعبارة أخرى يحاول النظام السياسي الرشيد الحصول على نجاعة عادلة وعدالة ناجعة.

إذا كان من غير الممكن أن نتحدث عن عمل بلا نجاعة فذلك لأنه لا يمكن لصاحب رأس المال أن يوظف أمواله دون أن ينتظر منها ربحا ومردودية وفائض قيمة ولكن ما لا يمكن قبوله هو أن يتضاعف فائض القيمة على حساب العمال أنفسهم خاصة وأن الناس لا يرغبون في أن يكونوا أثرياء وإنما في أن يكونوا أكثر ثراء من الآخرين.

من هذا المنطلق لا يمكن أن تكون النجاعة وحدها للأصحاب رؤوس الأموال بل يجب أن يراعى الوضع المادي للعامل حتى تكون النجاعة نفسها عادلة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن الغاية من العمل نفسها لا تكون مرتبطة بزيادة الثروة وتفقير العامل ذهنيا وإنما يراعى في الإنسان سعيه إلى تطوير وعيه باستمرار وتنمية قدراته ونحت شخصيته وحفظ كيانه وكما يقول بول ريكور في كتاب التاريخ والحقيقة: أن تكون إنسانا ليس معناه أن تعمل عملا محددا فقط وإنما أن تجنح إلى أفق كلية الوجود الإنساني الذي أسميه العالم أو الوجود.

إن أكثر الناس لا يعملون إلا تحت ضغط الحاجة كما بين ذلك فرويد وهذا يعني أن الغاية من العمل في التمثل العفوي هو إشباع الرغبات وتلبية الحاجات ولكن وضعية العمل في المجتمع الصناعي قد جعلت الإنسان يطمح إلى ماهو أفضل من المتعة المادية والرخاء الاقتصادي ويتوق إلى تحصيل السعادة بمعنى الرضا الروحي على الذات والاستقرار النفسي، يصرح فروم في هذا السياق: يبدو أن حصول كل الناس على الثروة سيوفر بدون استثناء السعادة للجميع'، والمقصود بالسعادة هنا ليس تحقيق إنتاج لامحدود واستهلاك لا نهاية له ولا أيضا إشباع حاجة ذاتية بل خلق ظروف يمارس ضمنها الناس نعمة الحياة الكريمة ورغد العيش.

في هذا السياق قال ايريك فروم: إن العمل هو الذي يحدد وضع الإنسان بالإضافة إلى الطبيعة والى الآخرين، ويدل بذلك أن العمل يمكن الإنسان من السيطرة على الطبيعة والسيادة على الكون ويجعله يؤدي وظيفة الاستخلاف والتعمير على أحسن وجه بتحويل المعرفة إلى قوة والمادة إلى طاقة واستغلال ذلك للتحكم في الزمان ومراقبة المكان لأن حضارتنا نشأت منذ اللحظة التي بدأ فيها الإنسان مراقبة الطبيعة مراقبة فعالة ومنذ أن جعل من سعيه الدؤوب في الأرض شحنة يستمد منها الأمل في البقاء.

يتعين علينا ألا نتناسى روعة الأمل العظيم وضخامة الانجازات المادية والفكرية التي حققها العصر الصناعي، فماذا عساها أن تكون رسالتنا على الأرض غير أن نتعلم كيف ننجز عملا منصفا يوازن بين العدالة والنجاعة؟ ومتى يأتي اليوم الذي نقول فيه أن عملناTravail ارتقى من مستوى الحرفةŒuvre والمهنة والوظيفة إلى مستوى الفعلAction الإبداعي الخلاق المغير لوجه التاريخ والمحقق لقيم الحب والفرح والأمل للإنسانية جمعاء؟

* كاتب فلسفي

.......................................

المراجع:

آدم سميث، ثروة الأمم، طبع سنة 1776 في نسخته الإنجليزية،ترجمه إلى العربية حسني زينة

أفلاطون، الجمهورية، ترجمة فؤاد زكرياء، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1974

ايريك فروم، الإنسان بين المظهر والجوهر، سلسلة عالم المعرفة عدد140، الكويت يناير1978

جون هيلز وجوليان لوغران، الاستبعاد الاجتماعي، ترجمة محمد الجوهري، سلسلة عالم المعرفة عدد 344 أكتوبر2007

 جان جاك روسو، أصل التفاوت بين الناس، ترجمة بولس غانم، موفم للنشر الجزائر 1991

جون لوك، في الحكم المدني، ترجمة ماجد فخري، اللجنة الدولية لترجمة الروائع بيروت، 1959

تيمونز روبيرتس وأيمي هايت، من الحداثة إلى العولمة، ترجمة سمير الشيشكلي، سلسلة عالم المعرفة عدد309 نوفمبر 2004،

هنري أرفون، فلسفة العمل، ترجمة عادل العوا، منشورات عويدات، بيروت، باريس، الطبعة الثانية 1989،

هربرت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد. ترجمة جورج طرابيشي، دار الآداب، بيروت1988

عمانويل كانط، تأملات في التربية، ترجمة محمود بن جماعة، دار محمد علي الحامي للنشر، صفاقس، تونس، 2005،

فريدريك نيتشه، أصل الأخلاق وفصلها، ترجمة حسن قبيسي، طبعة مجد بيروت، 1983

 فريدريك نيتشه، العلم الجذل، ترجمة سعاد حرب، دار المنتخب العربي، 2001،

سمير أمين، الطبقة والأمة، دار الطليعة بيروت، 1980

Alain, Propos sur les pouvoirs, in éléments d’éthique politique, Paris, Ed, Gallimard, Coll. Folio-Essais, 1985,

Aristote, Ethique à Nicomaque, Traduction , de J. Tricot, Editions Vrin, 1983

David Hume, Enquête sur les principes de la morale, Traduction De A. Leroy, éd. Aubier Montaigne,

Eric Weil, Philosophie politique, Paris, Vrin, 1956,

Georges Bataille, l’Erotisme, Editions minuit, Paris, 1957

John Stuart Mill, l’utilitarisme, Flammarion, 1988

 John Rawls, Théorie sur la justice, Ed du Seuil, Paris, 1993, Paul Ricœur, Histoire et Vérité, Editions le Seuil, Paris 1955

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/نيسان/2009 - 19/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م