المدارس الثلاثية... بين الفوائد والأضرار

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: قد يبدو العنوان غريبا أو مثيرا للجدل، لاسيما في شطره الأول، فما هو المعني بالمدارس الثلاثية؟.

إننا هنا لا نقصد تعدد لغات التعليم في المدرسة الواحدة، كأن تكون لغة مناهجها عربية/ إنكليزية/ فرنسية مثلا، ولا نقصد صيغة جديدة او مستحدثة تصب في تطوير التعليم في العراق الغني بأمواله وإرثه الحضاري المعروف.

بل ما نعنيه تحديدا هو حشر ثلاث مدارس إبتدائية في بناية واحدة !! .

ولعلها طريقة مستحدثة فعلا، فبدلا من أن تكون البناية مخصصة لمدرسة واحدة تُسمى بإسمها وتخصص لأنشطتها وفعالياتها التعليمية والرياضية والفنية وغيرها وتستوعب طلابها بصورة عصرة متحضرة، فيُزج معها بمدرسة أخرى ثم ثالثة لتحصل كل مدرسة من هذه المدارس الثلاث على ثلاث ساعات تعليمية فقط، حيث توزع ساعات النهار بالتساوي على هذه المدارس، مما يستدعي من ادارات هذه المدارس أن تقلص زمن الحصة الدراسية الى ثلاثين دقيقة مع إلغاء الفرص بين الدروس من اجل أن تكون المساحة الزمنية للساعات الثلاث كافية لجميع المناهج التعليمية.

إذن هي طريقة مستحدثة فعلا، لكن المشكلة التي يعاني منها الطلبة الصغار مع كادرهم التعليمي هي صورة الزحام الشديد التي تشهدها الصفوف ومقاعد الدراسة (الرَحلات) حيث يجلس على الرَحلة الواحدة اربعة طلاب او كثر فيصل عدد طلاب الصف الواحد الى خمسين طالبا او أكثر!!.

وهذا ما يقود الى مشكلة تتعلق بتوصيل المادة الدراسية، حيث يعاني المعلم من مشكلة توصيل المعلومات لهذا العدد الكبير من التلاميذ في الصف الواحد، وبالتالي حدوث خسائر جسيمة في التعليم لاسيما اذا تذكرنا ووافقنا على أن (التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر).

واذا تطرقنا الآن الى مواصفات المدارس العصرية لاسيما في جانبها التصميمي من حيث سعة الصفوف وتأثيثها وتجهيزها بوسائل الايضاح واجهزة التعليم الحديثة، فإننا سنقر بوجود هوة شاسعة بين مدارسنا والمدارس العصرية، علما أن الايرادات المالية والثروات المتاحة للعراق تفرض على الجهات المعنية إنشاء المدارس العصرية بأعلى مستوياتها وارقى مواصفاتها.

فما بالك حين يُحشر خمسين طالبا او اكثر في صف واحد وحين يتزاحم اربعة طلاب على مقعد واحد وحين تتناوب ثلاثة مدارس في بناية واحدة؟!!.

إذن فغرابة العنوان المتأتية من جملة (المدارس الثلاثة) تأتي من حالة التناقض العجيب بين مدارسنا ومدار العصر وبين ثرواتنا مع فقدان هذه المدارس في تتواجد في دول تفتقد لمثل ثرواتنا او جزء منها.

من هنا فإن حالة تأشير هذا الخلل الخطير تستوجب من جميع المعنيين رسميين وأهليين معالجة هذه الظاهرة السلبية جدا، ونقول ظاهرة لأنها تتواجد في أغلب المحافظات، بل ولازالت تتوالد باستمرار مع متابعتنا لتصريحات بعض المعنيين المتعلقة بمدرسة هنا وأخرى هناك.

وتأسيسا على ما ورد في أعلاه، نطالب الجهات المعنية بالقيام بدورها المطلوب للحد من هذه الظاهرة التي تتطلب أعمالا مخلصة على الارض وليس أقوالا متفائلة لاتضع للتنفيذ سقفا محددا، ونقترح في هذا المجال مايلي:

1- القيام بمسح شامل لاحصاء المدارس ثلاثية الدوام في عموم البلد من لدن الجهات ذات العلاقة.

2- تحرك مراكز البحوث المتخصصة لرصد هذه الظاهرة والتركيز على السلبيات المستنتجة مع محاولة طرح البدائل المناسبة.

3- على الجهات التنفيذية المسؤولة متابعة ما يجري من تجاوز على طرق التعليم في هذه المدار لاسيما ما يتعلق بعدد طلاب الصف الواحد وعدد ساعات الدراسة المتاحة في اليوم الواحد.

4- مطلوب تحرك عملي ضاغط من لدن منظمات المجتمع المدني لتوضيح الخطورة التي يتعرض لها الصغار في الجانب التعليمي.

5- تخصيص المبالغ المطلوبة لمضاعفة بناء المدار وفق مواصفات معاصرة ومتابعة التنفيذ بصورة جدية ومحاسبة المتلكئين بصورة علنية .

6- تدخل القطاع الشعبي في عملية الضغط وتحرك الآباء بصورة جماعية لتوضيح العوامل السلبية لهذه الظاهرة.

7- تفعيل قطاع الاعلام بجميع قنواته وانواعه لوضع هذه الظاهر تحت المجهر الحكومي والشعبي في آن واحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 12/نيسان/2009 - 15/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م