عرب الاهوار والمادة 140 من الدستور

جمال الخرسان

قرابة الـ 300 الف نسمة من عرب الاهوار رُحّل بعضهم ورحل البعض الاخر نتيجة لحملات الابادة التي كانت تشنها عليهم الحكومة العراقية طيلة فترة الثمانينات والتسعينات وخصوصا بعد جريمة تجفيف الاهوار عام 1991.

لقد توزعوا على  جميع محافظات العراق فيما اضطر البعض منهم الى الهجرة خارج العراق فاجبروا على التكيف والعيش مع بيئة لم يعرفوها ولم يألفوا العيش فيها على الاطلاق فيما كانوا يعيشون في بيئة يعرفونها جيدا وقد تكيفوا العيش معها الى حد كبير.  

هذه الشريحة البسيطة المغلوب على امرها بقيت طي النسيان حتى هذه اللحظة اما بصيص الامل الوحيد الذي كانت تعول عليه هو فقط ما تضمنته المادة 140 من الدستور العراقي التي ورثت كل مزايا المادة 58 من قانون ادارة الدولة، هذه الاخيرة اكدت بشكل رسمي ضرورة ارجاع الحقوق للشرائح المهجرة والمهاجرة نتيجة القرارات السياسية الظالمة التي مارسها نظام صدام حسين انذاك، وبصريح العبارة جاء في المادة 58مايلي:

( 1 ـ فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين والمهاجرين، وانسجاماً مع قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، والإجراءات القانونية الأخرى، على الحكومة القيام خلال فترة معقولة، بإعادة المقيمين إلى منازلهم وممتلكاتهم، وإذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضا عادلا.

2 ـ بشأن الافراد الذين تم نقلهم الى مناطق و اراض معينة، وعلى الحكومة البت في امرهم حسب المادة 10 من قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، لضمان امكانية اعادة توطينهم، اولضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة، او امكانية تسلمهم لأراض جديدة من الدولة قرب مقر اقامتهم في المحافظة التي قدموا منها، او امكانية تلقيهم تعويضاً عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق.

3 ـ بخصوص الاشخاص الذين حرموا من التوظيف او من وسائل معيشية اخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من اماكن اقامتهم في الاقاليم والاراضي، على الحكومة ان تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي).

لكن هذا الامل هو الاخر اصبح بعيد المنال بعدما اختزلت المادة المثيرة للجدل ( 140 ) في موضوع  كركوك، فنسي عرب الاهوار كما هي حال غيرهم من الشرائح التي تنطبق عليها المادة المذكورة فاصبحت المادة لا تعني الا كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وبين اقليم كردستان!

واذا ما كانت الامور المتعلقة بهذه المادة لا تسير الا بلغة التهديد والوعيد خصوصا فيما يتعلق بكركوك فان احدا لا يكلف نفسه تذكير المعنيين بمظلومية سكنة الاهوار فضلا عن وجود من يتحمس للدفاع عنهم حد الشراسة التي تتطلبها طبيعة المرحلة الحالية في تاريخ العراق على مستوى التشريع او التنفيذ.

لقد تحدّث البعض باسم عرب الاهوار وتاجر البعض الاخر بمظلوميتهم تحت عناوين مختلفة لكن النتيجة انهم بقوا في ذاكرة النسيان.

في الختام:  كان الاولى بالحكومة ان تطلق مبادرة لانقاذ الاهوار وترتيب اوضاع سكانها المسحوقين بدل ان تطلق مبادرات لاستيعاب الخارجين على القانون ممن لفظتهم الدنيا كما لفظت كبيرهم الذي علمهم السحر وانتهى به المطاف الى بئس المصير.

* كاتب عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 8/نيسان/2009 - 11/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م