معالجة (المياه الرمادية) خطوة لترشيد استخدام المياه النظيفة

الرائحة الكريهة إحدى سلبيات هذا النظام

 

شبكة النبأ: أفاد المركز الدولي للأبحاث التنموية الذي يتخذ من كندا مقراً له، أن عُدة جديدة لمعالجة مياه الصرف في المنازل قد تشكل إحدى طرق معالجة مشكلة المياه في المناطق القروية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

والمياه الرمادية هي مياه الصرف غير الصناعية التي تنتج عن الأعمال المنزلية مثل غسيل الأواني والملابس والاستحمام. وتشكل 50 إلى 80 بالمائة من مياه صرف المنازل.

وأفاد حمو العمراني، منسق مشروع المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب على المياه في المركز الدولي للأبحاث التنموية بكندا، أن هذه العُدة هي عبارة عن "تقنيات للاستعمال في المنازل وبشكل خاص في المناطق الريفية بهدف معالجة المياه الرمادية الخارجة من مغاسل المطبخ وأحواض الاستحمام وإعادة استعمالها".

كما أخبر العمراني شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) خلال المنتدى العالمي للمياه في إسطنبول أن الأمر لا يستدعي أكثر من "عُدّة معالجة مياه بسيطة وسهلة الاستعمال ورخيصة الثمن ولا يتطلب استخدامها أي تدريب خاص أو مهارات تكنولوجية ويمكن استعمالها في المجتمعات الفقيرة والمهمشة".

والمياه الرمادية هي مياه الصرف غير الصناعية التي تنتج عن الأعمال المنزلية مثل غسيل الأواني والملابس والاستحمام. وتشكل المياه الرمادية 50 إلى 80 بالمائة من مياه صرف المنازل.

وتتكون هذه العُدّة من برميلين بلاستيكيين واسعين يبلغ طول الواحد منهما 1.2 متر وتصل سعته إلى 200 لتر بالإضافة إلى أنابيب ورمل. وقبل أن تصل مياه الصرف إلى البرميلين تمر عبر مصفاة منفصلة حيث تتم إزالة المواد العالقة مثل قطع الطعام الصغيرة. وتتم تعبئة البرميلين بالرمل الذي يساعد في تصفية المياه وتنقيتها.

وأوضح العمراني أن "جودة المياه المعالجة تتحسن كيميائياً وبيولوجياً، حيث تزيل المصفاة كل العناصر المسببة للمرض خصوصاً بكتيريا إيكولي التي يمكنها التسبب بأخطار صحية. كما تزيل المصفاة بيض الطفيليات الذي لا يستطيع المرور عبرها لأنها تشكل نوعاً من الغشاء الحيوي الذي يزيل مثل هذه الأجسام".

الفوائد

وقال العمراني أن لهذه التقنية "فوائد اجتماعية واقتصادية وبيئية". فمياه الصرف التي تتم معالجتها بالرمل لا تشتمل سوى على القليل من النيتروجين والبوتاسيوم ولا تشكل أية أخطار من حيث تلوث التربة. كما أوضح أنها لا تتضمن أية مكونات معدنية من شأنها رفع نسبة ملوحة التربة أو تدهورها. كما أنها لا تشكل خطراً على الإنسان من حيث تعريضه للعناصر الممرضة.

وأضاف أنها "تعمل على خفض كمية المياه التي تذهب إلى آبار المراحيض بحيث لا يضطر السكان إلى تنظيفها باستمرار إذا يلزم القيام بذلك مرة واحدة فقط كل ثلاثة أشهر بدل مرة في الأسبوع. وهذا بدوره يخفض كلفة تفريغ البئر".

وأوضح أنه "بالإمكان أيضاً استعمال هذه المياه لأغراض إنتاجية حيث يمكن استعمالها لري الأشجار خصوصاً أشجار الزيتون كما رأينا في الأردن.... كما يمكن إعادة استعمال هذه المياه في المنازل لغسل المراحيض مثلاً". ولكنها غير صالحة لري الحبوب أو الخضراوات التي تُستهلَك نيئة مثل الخيار والطماطم، حسب العمراني.

وأوضح خبير المركز الدولي للأبحاث التنموية أن "تكلفة هذه العُدة تتراوح بين 300 و400 دولار وقد لا تصل إلى ذلك في بعض الأحيان حسب سعر مكوناتها في بعض الأسواق. وإذا أخذنا بالاعتبار الفوائد الإنتاجية لاستعمال مياه الصرف المعالجة وانخفاض عدد المرات التي يتم فيها إفراغ آبار المراحيض يمكن استعادة سعر تكلفة العُدة في غضون سنة في أماكن مثل الأردن ولبنان". وأشار إلى أن هناك مشاريع مماثلة في الأرض الفلسطينية المحتلة واليمن.

وأفاد أن صيانة العُدة أمر بسيط للغاية إذ لا يحتاج ذلك إلى تغيير الرمل الموجود في البراميل إلا مرة كل 10 أو 15 عاماً.

وكانت الرائحة الكريهة إحدى سلبيات هذا النظام في البداية، حيث "لم تكن هناك أية تقنيات لإزالة الرائحة عند وجود المياه في البراميل. غير أن نظاماً جديداً لإزالة الغاز من البرميل ساعد في تجاوز هذه المشكلة، ولم يعد هناك أي خطر لجذب النمل أو غيره من الحشرات".

وقال العمراني: "نتوقع أن تقوم الحكومات ووكالات التنمية بالتدخل وتبني المشروع في هذه المرحلة ولكن ذلك لم يحدث بعد"، مضيفاً أن هناك حاجة لبذل بعض الجهود لنشر هذه الحلول وإعطائها بعضاً من الشعبية. "فهناك حاجة لعملية تسويقية لترويج [هذه التقنيات]، ولكننا لا نستطيع القيام بذلك بأنفسنا لأن دورنا هو التأكد من أنها تعمل وإخطار الناس بذلك".

وأوضح أنه لا يوجد حل واحد فقط لمشكلة المياه في شمال إفريقيا والشرق الأوسط بل يجب إعطاء فرصة لكل الإمكانيات والاختيارات.

ويرى بعض الباحثين أن تشجيع معالجة المياه بالمنازل أمر سابق لأوانه وأنه لا تزال هناك حاجة للقيام بالمزيد من الأبحاث قبل تقديم توصيات بذلك لصناع القرار.

وفي هذا الإطار، أفاد وولف بيتر شميدث وساندي كيرنكروس من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي في تقرير نُشِر في مجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا Environmental Science and Technology journal أنه قد تم الترويج لمعالجة مياه المنازل باعتبارها طريقة لتحقيق انخفاض كبير في معدلات الإصابة بالإسهال على مستوى العالم والمساهمة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.

وجاء في التقرير: "حتى نتمكن من تحديد مدى أهمية تشجيع معالجة مياه المنازل حالياً، قمنا بمراجعة أدلة حول مدى الإقبال عليها، وطرق تعزيزها وآثارها السلبية ومكاسبها غير المتعلقة بالصحة، وتوصلنا إلى أن الإقبال عليها وطرق تعزيزها لا يزالان غير واضحين. كما أن هناك حواجز كبيرة تُصعّب تحديد المجتمعات التي بإمكانها الاستفادة منها بشكل أكبر".

وأضافا أن "المكاسب التي لا تتعلق بالصحة تكاد لا تذكر. واستنتجنا أن الترويج الواسع النطاق لمعالجة مياه المنازل أمر سابق لأوانه بالنظر إلى الأدلة المتوفرة. لا تزال هناك حاجة للقيام بالمزيد من الدراسات المتعلقة بقابلية هذا المشروع وتجربته قبل أن نوصي به لصناع القرار والمنفذين".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/نيسان/2009 - 9/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م