حوار الأديان وأعوان السلطان

جعفر المهاجر- السويد

الحوار بين الأديان والحضارات في عالمنا الراهن هو أمل لكل شعوب الأرض ويعني بمفهومه العام مد الجسور وتلاقح الأفكار  وانفتاح الأديان السماوية على بعضها لإيجاد صيغة مشتركة للتفاهم  والتخفيف من حدة التوترات وتعميق النظرة الواقعية والابتعاد عن الانغلاق والتعصب الأعمى والبحث عن العوامل المشتركة التي تربط بين الأمم  جوهرها ومحتواها أن تسود لغة السلم والتفاهم بين الأديان والحضارات لكي تعيش هذه الشعوب آمنة مطمئنة مع احتفاظ كل شعب بخصوصياته وخياراته الدينية.

وديننا الإسلامي الحنيف بما تضمنه دستوره الخالد - القرآن - أول من نادى بهذا الحوار البناء  الذي فيه خير هذه الشعوب وآياته المحكمات كثيرة في هذا المضمون حيث قال الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم :( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين )الآية 208 - البقرة.

وقال سبحانه وتعالى : (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن أن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) الآية 125 - النحل.

وقال عز من قائل: ( ولا تجادلوا أهل الكتاب ألا بالتي هي أحسن ألا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل ألينا وأنزل أليكم وألهنا وألهكم واحد ونحن له مسلمون ) الآية 46 - العنكبوت

 وقال عز وجل في آية أخرى: ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم  ألا نعبد ألا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فأن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون )  الآية 64 - آل عمران.

 ومن    يتدبر القرآن الكريم يجد آيات أخرى كثيرة كلها تحث على السلم والتفاهم وزرع بذور الخير والمحبة من خلال الحوار المشترك. وحاور رب البشرية حتى الشيطان وقد كان نبينا العظيم محمد ص محاورا من الطراز الأول فحاور كل الذين خالفوه بما فيهم اليهود والنصارى والتأريخ شاهد على هذا.

أن كل هذا مطلوب اليوم لأنه من جوهر ديننا الإسلامي العظيم ولكن لكي يكون هذا الحوار بناء وهادفا يجب أن ينطلق من نية صادقة بعيدة عن الأغراض الدنيوية المبنية على أهداف أنانية فردية ضيقة هدفها وغايتها تثبيت هذا السلطان في كرسيه وإعطاء انطباع كاذب عن صورته الحقيقية  وإخفاء الحقيقة المرة عما يدور  في الوطن الذي يحكمه وأن يكون أعوانه الذين يعينهم وهم تحت أمرته ومراقبته متسامحين مع كل المذاهب الإسلامية التي  تؤمن بالله ربا وبمحمد نبيا وبالكعبة قبلة وبجميع الأنبياء والرسل خاصة وأن أمتنا الإسلامية اليوم تعيش على مفترق طرق وتواجهها تحديات كبيرة وخطيرة وكل يوم يطلع علينا الأعداء بإساءات جديدة إلى نبينا الكريم محمد ص.

وعلى هذا الحاكم المسلم أن يتحمل مسؤوليته بشجاعة ويشخص الخلل الحقيقي الذي يهدد الدين الإسلامي الحنيف وأن تثقف أجهزته الإعلامية الضخمة التي يمتلكها للتعامل مع أبناء جلدتهم بالتعامل الأخلاقي والإنساني الذي نادى به ديننا العظيم  لا أن تركز على شخصه فقط  لكي يسلط مجموعات ضالة متوحشة على شريحة من شعبه وتتهمهم بمختلف النعوت البعيدة عن الخلق القويم والسلوك الإنساني  الحضاري الذي نادى به الإسلام ويذهب هو إلى بلدان العالم الغربي لكي يظهر نفسه بين رؤساء هذه الدول بمظهر المتسامح  والمحاور للأديان الأخرى زيفا وكذبا ليحسن صورته الشخصية فقط ويستمر في حكمه الوراثي القبلي البعيد كل البعد عن الإسلام ومضامينه الحضارية.

يقول الأمام علي ع: (العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء ثلاثة) والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يحكم بقبضته على أرض نجد والحجاز وأجهزته القمعية التي تحكم بلغة القرون الوسطى تأخذ بخناق الناس وتحصي أنفاسهم وما يسمى ب (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) تصول وتجول في هذه الأرض الطيبة دون حسيب أو رقيب وتعيث  في الأرض فسادا وتعتدي على الحرمات وتضرب النساء والأطفال والشيوخ من مذهب أسلامي يختلفون معه وهم أبرياء وعزل جاءوا لزيارة قبر الرسول الأعظم محمد ص وآل بيته الكرام في البقيع فانهالوا عليهم بالضرب المبرح والشتم وإطلاق مختلف النعوت المتعارضة مع الخلق القويم عليهم لا لشيء سوى أنهم يختلفون معهم في بعض أفكارهم وهذا ليس بجديد عليهم.

 فهل هذا العمل المشين يتناسب مع مايقوم به ملك هذه الدولة  بالذهاب إلى أسبانيا وأمريكا لكي يتحاور مع الأديان الأخرى؟ أليس من الأجدر بك ياحضرة الملك ويا(خادم الحرمين الشريفين ) أن  تأمر أتباعك  بالكف عن هذه الأعمال الهمجية المخزية قبل أن  تركب الطائرة  وتطير خلف البحار للحوار مع الأديان الأخرى من أجل غاياتك وأهدافك الفردية ولكي يقول عنك هؤلاء الرؤساء أنك ملك مصلح وجدير  باحترامنا!!!

لقد قال الأمام علي ع: (من طلب عزا بباطل أورثه الله ذلا بحق) وهذا الذي تفعله اليوم أيها الملك هو طلب العز بباطل لايغيب عن كل إنسان يمتلك عقلا رشيدا يستطيع أن يميز به بين الحق والباطل.

أن هذا الشخص التكفيري الحاقد والمدعو  (عبد العزيز حنين) قد عينته أنت بإرادة ملكية وأن  مايقوم به هو وعصابته المتوحشة من اعتداء على المسلمين الآمنين في حرم رسول الله المقدس (ص) مسؤول عنه أنت مباشرة، وترويع النساء والأطفال والشيوخ من قبل هذه الفئة الضالة المنحرفة لايمكن أن يكون حادثا فرديا أو محدودا.

   فكبار المكفرين من أمثال بن جبرين وأبن باز وغيرهم الذين أصدروا ويصدرون عشرات الفتاوى التكفيرية ضد الشيعة واستباحة دماءهم وتأثر المئات بهذا الفكر التكفيري المنحرف والضال وذهابهم إلى العراق لتفجير أجسادهم  بين الأبرياء العزل لايتفق مع حوار الأديان الذي تحمست اليه وذهبت للاشتراك فيه لتلتقط لك الصور التذكارية لسبب واحد هو أن شبح أحداث 11 أيلول تلاحقك وتلاحق نظامك لأن معظم القتلة الانتحاريين قد تخرجوا  من مدارسكم التكفيرية التي تزق التكفير والحقد زقا في نفوس ناشئتكم منذ الصغر فيكبرون ويكبر معهم هذا الفكر المتحجر والمنحرف، فالقاعدة  و ابن لادن وأيمن الظواهري والزرقاوي ومن لف لفهم من المجرمين كلهم جاؤوا من تحت هذه العباءات.

 ان الحديث عن الحوار بين الأديان والحضارات هو حديث خرافة وكذبة كبرى مادام الوطن الذي تحكمونه بالحديد والنار وبأفكار بالية سقيمة تتنافى وروح العصر ويتسلط فيه شراركم على مقدرات الناس. وقد قال الله في محكم كتابه العزيز: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم )الآية 225 - البقرة

أن كثرة فضائياتكم ووسائل أعلامكم الضخمة التي تتحدث عن الإسلام ليلا ونهارا وتبث الفتن الطائفية والأحقاد العنصرية بين المسلمين  من جانب آخر غير جديرة بثقة معظم المسلمين الذين يميزون بين النور والظلمة. ولا يمكن أن يجنى من الشوك العنب  أبدا اذا لم تغيروا من  نهجكم المنحرف الذي يتناقض مع العقيدة الإسلامية الحقة.

 أن الشيعة الذين تكفرونهم مسلمون يؤمنون بالله ربا  وبمحمد ص  نبيا وبالقرآن كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وبالإسلام دينا  وبالكعبة المشرفة قبلة للمسلمين وهم يصلون ويصومون ويبتعدون عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا يكفرون أحدا من المسلمين  وقد قال عنهم مؤسس مذهبهم الأمام الصادق ع: ( فو الله ما شيعتنا الا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون الا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس) أيمكن أن يطلق على هؤلاء الذين يتجاوز عددهم المئتي مليون نسمه بأنهم كفرة وأصحاب بدع بمجرد الاختلاف معهم.

 وكيف يتم الحوار مع الأديان وأنتم سائرون على هذا النهج التكفيري المعوج منذ عقود  ولا تضعون حدا له بعد أن جلب الويلات والمحن للأمة الإسلامية؟

أسألكم وأسأل ملككم الذي تطيعوه إلى درجة العبادة  لأنكم تعتبرنه ولي أمركم المفوض من قبل الله لحكمكم  بهذه الأسئلة وأتمنى أن يرد علي أحد أتباعكم لكي تتوضح الحقيقة كاملة :

1-هل أن حوار الأديان يسمح لكم بحرمان مواطني المنطقة الشرقية من كافة حقوقهم الدينية والمدنية ومنعهم من ممارسة طقوسهم بحرية تامة؟

2- هل أن حوار الأديان يسمح لكم بإتباع سياسة المحاور وتسخير كل وسائل دعايتكم ضد دولة أسلامية مجاورة فيها 70 مليون مسلم وإعطاء انطباع كاذب بأنها العدوة الأولى للعرب وتغضون الطرف عما يرتكبه الصهاينة من جرائم؟

3-هل أن حوار الأديان يسمح لفئة عينت بأمر النظام بتكفير شريحة واسعة من المسلمين والاعتداء عليهم بصورة همجية لأنهم حضروا لزيارة قبر الرسول محمد ص في ذكرى وفاته؟

4- هل أن حوار الأديان يسمح لوعاظ سلاطينكم بإلقاء الخطب التكفيرية في المساجد وتشويه المذهب الذي ينتمون أليه وقد اعترف به الأزهر الشريف كمذهب من مذاهب الإسلام الذي لاغبار عليه؟

5- هل أن حوار الأديان يسمح لكم باعتقال مئات المعدمين من العراقيين لأنهم تسللوا إلى الحدود لبيع أغنامهم  والتهديد بقطع رؤوسهم في أية لحظه والدوافع مذهبية بحته؟ وكل العتب على حكومتنا العراقية المتراخية في هذا الموضوع الخطير.

6-هل من حوار الأديان الاستيلاء على مقدرات الأمة والأموال وتسخيرها لأغراضكم وملذاتكم وبناء قصوركم الشاهقة التي أنشأتها لكم الشركات الأجنبية على حساب دماء الناس ومآسيهم في أرض الحجاز؟

7- وأخيرا أقول هل من حوار الأديان طبع الكتب والكراريس المليئة بالدجل والكذب والزيف ضد الشيعة في دولتكم وتهريبها للعراق لكي يتلقفها من يتبع أفكاركم الضالة ويقتل المزيد من الأبرياء نتيجة شحنه وتلويث عقله؟

فأين أنتم من حوار الأديان يا أتباع السلطان؟ وكفى بربك هاديا ونصيرا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/نيسان/2009 - 5/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م