طفل المستقبل إنتاح مختبري حسب المواصفات المطلوبة!

حياة اصطناعية من مكونات وراثية للحمض النووي

شبكة النبأ: مع التطور التكنولوجي الذي تشهده الساحة العلمية في السنوات الأخيرة، وفهم أكبر لخريطة الجينوم البشري، يمكن القول إنه أصبح بالإمكان "تصميم طفل المستقبل" أكان الأمر متعلقاً بتحديد لون شعره أو بشرته أو حتى طوله ومستوى ذكائه.

الكلام قد يبدو للقارئ هذياناً أو ربما سيناريو لفيلم من الخيال العلمي أو حتى للبعض فكرة مخيفة قد تكون عواقبها مخيفة.

لكن مع التطور المتسارع في المعرفة العلمية للجينوم البشري وقدرة العلماء المتزايدة على إحداث تغيير أو تعديل في الجينات البشرية، فإن سيناريو "تصميم" طفلك قد يكون محتملاً في المستقبل القريب.

ونقلت شبكة CNN أن تقنية المسح الجيني أصبحت مستخدمة فعلاً، حيث يمكن اختيار الأجنة بحسب الجنس وفحصها لمعرفة ما إذا فيها جينات لأمراض وراثية محددة، وهو ما قد يؤدي إما لإجهاض الجنين أو للاحتفاظ به إذا ما تم تحليل الحمض النووي DNA للبويضة في مرحلة مبكرة قبل زرعها عبر إجراء التخصيب الصناعي وفصل الجينات الحاملة للأمراض الوراثية عن تلك السليمة.

ومؤخراً طوّر علماء بريطانيون اختباراً أطلقوا عليه اسم "Genetic MoT" ويقدم أسلوباً عاماً حول مسح الأجنة بحثاً عن أمراض باستخدام تقنية جديدة لمسح خريطة الجينوم وهي أكثر فعالية من الأساليب السابقة.

ويقول العلماء إن الفحص يتم على جنين ملقح اصطناعياً قبل تثبيته للحمل به شرعاً، ما يسمح للأطباء بإجراء مسح لمجموعة جينات التي تشكل مخاطر عالية كحمله أمراضاً وراثية مثل مرض السكري وأمراض القلب والسرطان.

ويقدر العلماء أن تبلغ كلفة الفحص أو الاختبار في حال تم ترخيص العمل به من قبل سلطات الطب والتخصيب البشري في بريطانيا، ثلاثة آلاف دولار.

وبحسب العلماء فإنهم سيكونون قادرين في المستقبل على "علاج" الجينات التي تحمل المرض وهي في الأجنة عبر استبدال الجزء الذي يحمل عيوباً في الحمض النووي  بحمض نووي سليم وهي تقنية يطلق عليها "Germ Line Therapy" التي طبقت على أجنة لحيوانات لكن استخدامها مازال محظوراً على الأجنة البشرية.

بالإضافة إلى ذلك فإن التقنيات المتطورة في مجال تعديل الجينات يفتح المجال واسعاً أمام مجموعة كبيرة من الاحتمالات قد تؤدي إلى "تصميم أطفال" حسب طلب الوالدين المفترضين.

التقنية تقوم بتعديل الجينات في البويضة أو السائل المنوي أو الأجنة في مراحل تكوينها البدائية، ما ينتج عنها الجينات المعدلة لتمريرها إلى أجيال المستقبل، وهو ما يطرح التساؤل التالي: هل سيسمح للأهل بخلق أطفالهم؟ وهل علينا فعلاً القيام بذلك؟ دون أن نغفل الجدل القانوني والأخلاقي الذي سيثيره مثل هذا الموضوع فيما لو طرح للجدل. لكن مع هذا ينوي مركز جمعية العلوم الجينية التشجيع على طرح الموضوع للنقاش بأسرع وقت ممكن.

وقال المدير التنفيذي للجمعية ريتشارد هايس لشبكة CNN إن الجمهور العريض في معظم الدول يتم إغفاله من المشاركة في هذا النقاش.

وأوضح "الموضوع طرح للبحث بين العلماء والمراسلين العلميين، لكن الأشخاص العاديين يشعرون بارتباك شديد إزاء تفاصيل هذه التقنية.."وأكد دعمه لاستخدام تقنية المسح الجيني للأجنة للمساعدة في منع نقل الأمراض الخطيرة.

ومن بين الجامعات التي تجري أبحاثاً على تعديل الجينات، مركز أبحاث "إيرفين سو وبيل غروس" في جامعة كاليفورنيا الذي يرى المشرفون عليه أن الأبحاث الجارية في هذا المجال قد تحمل منافع هائلة.

خطوة مهمة نحو حياة اصطناعية

وفي نفس السياق أعلن علماء أميركيون أنهم خطوا خطوة كبيرة نحو تكوين أول جينوم حي من خلال نسخ الحمض النووي المنقوص من الأوكسيجين لجرثومة في المختبر. ونشرت مجلة ساينس العلمية الأميركية، نتائج البحث في عددها الاخير.

وقال الباحث في معهد جي. كريغ فنتر هاملتون سميث، والذي شارك في البحث إنّ "الفريق نجح من خلال العمل الدؤوب في أن يبرهن على أن تكوين جينوم كبير بات ممكنا اليوم كما يمكننا التحكم بحجمه مما يفتح الطريق أمام تطبيقات مهمة مثل إنتاج الوقود الحيوي وكذلك المعالجة الحيوية للنفايات السامة."

واستغرق العمل خمس سنوات من الأبحاث توصل فيها العلماء إلى ما يقولون إنّها المرحلة قبل الأخيرة نحو تكوين حياة اصطناعية انطلاقا من مكونات وراثية للحمض النووي تم تحضيرها في المختبر، فيما يشبه أفلام الخيال العلمي.

والجينوم هو المكونات الوراثية أو ما يطلق عليه العلماء مجموعة الصبغيات التي تحتوي على كافة الصفات الوراثية لأي عنصر أو كائن حي والتي تميزه عن غيره من الكائنات، بمعنى أنّها المكونات التي تجعل من الإنسان إنسانا وليس شجرة موز أو حشرة مثلا. بحسب سي ان ان.

وقال فنتر في بيان "هذا الإنجاز الرائع هو أحد عجائب التكنولوجيا."وأضاف أنّ فريق العمل أكمل الخطوة الثانية في عملية من ثلاث خطوات لتكوين عنصر حي بطريقة اصطناعية.

وفي المرحلة الثالثة من العملية وهي المرحلة التي بدأوا العمل عليها سيعمل الفريق في مختبره في ميريلاند على تكوين جرثومة أو بكتيريا فقط باستخدام مكونات الجينوم الاصطناعي التي قاموا بصنعها لجرثومة ميكوبلاسما جينتاليوم.

وهذه الجرثومة التي تسبب بعض الامراض المنتقلة عن طريق العلاقة الجنسية تحمل أحد مكونات الحمض النووي الأقل تعقيدا لأي شكل من أشكال الحياة.

ويعرف الكروموزوم الذي قام فنتر وباحثون بتكوينه باسم ميكوبلاسما لابوراتوريوم وسيتم في المرحلة الثالثة من العملية زرعه في خلية حية يتوقع ان "يسيطر عليها" ليصبح حيا.

وسبق لعلماء المعهد أن أعلنوا العام الماضي، أنهم نجحوا في زرع كل الحمض النووي من أحد الميكروبات، داخل ميكروب آخر لا يمت له بصلة قرابة.

وبعد العملية، أخذت الأحياء الخاضعة للدراسة، وهي أحياء تتكون من خلية واحدة فقط تماثل البكتريا، بإطاعة الجينوم الجديد لها بشكل تام، والخضوع لإرشاداته. وبدا سلوكها، في كل منحى، مماثلا لسلوك الأنواع الحية التي تبرعت بجيناتها.

ويؤكد هذا النجاح أن الصبغيات يمكنها أن تنجح في اجتياز مصاعب زرعها، وأنها لا تتأثر بذلك، ويمكنها إعادة "برمجة الهوية" وكذلك عمل الخلايا التي تزرع فيها.

وتمثل هدف فنتر في إنتاج كروموسومات مصنوعة يدويا تحتوي على جينات، تقوم بتوجيه التعليمات إلى الخلايا كي تنتج وقودا بيولوجيا ارخص وأنقى من النفط والفحم.

ويعتبر البحث نسخة معاصرة من بحث سابق أجري في الأربعينات، حين نجح علماء في جامعة روكفلر بتحويل الحمض النووي من سلالة لنوع من البكتيريا إلى سلالة أخرى، ونجحوا في رصد تغيرات جينية في أجيال السلالة التي زرع فيها الحمض النووي.

إلا أن البحث الجديد لكريغ فنتر هو الأول الذي شمل نقل كل المادة الجينية من أحد الأنواع الحية إلى نوع حي آخر كان عاريا من الغلاف البروتيني المعقد الذي يحيط عادة بالحمض النووي والذي يعيق عملية الزرع.

ومثل هذا الاكتشاف يعتبر معجزة يلهث وراءها العلماء رغم ما تثيره من المخاوف من أن تؤدي لاحقا إلى إنتاج أطفال في المختبرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آذار/2009 - 3/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م