كيف يولد الحب؟

السيد محمود الموسوي

إن السعي لتكوين الشعور بالحب في داخلك كسائر الأعمال والمهارات التي تحتاجها لكي تتقن ما تعلّمته بشكل نظري، كجهاز الكومبيوتر مثلاً، تحتاج إلى جانب دراستك العملية له، الممارسة العملية لتتعرّف على المهارات المطلوبة وتكتسبها عن طريق المزاولة العملية..

وفي طريقك لتكوين علاقة حب بينك وبين زوجتك، لا بد لك من أن تتعلم لغتها، وتتقن فنونها، نحوها، وصرفها، وبلاغتها..

إنها لغة الأحاسيس والقلوب، تسعى فيها للتقارب بين قلبين وخلق الألفة واللذّة والأنس في اجتماعهما..

وكما يقول خبراء الكمبيوتر، إنك تحتاج بجانب دراستك النظرية، إلى التطبيق العملي، وإلاّ فستذهب جهودك هباءً منثورا.

كذلك في ولادة حبك، لا بد أن تمارس التطبيق العملي مع ما سوف تتعرّف عليه نظريا.. وإليك الآن ما يتوجّب عليك أداءه..

(1)

التودّد

هناك حقيقة ذات أهمية كبرى عليك أن تتعرّف عليها وهي: أن الحب لن يقع عليك من السماء فجأة.. وانه لن يقذف في قلبك وقت نومك، لتستيقظ صباحاً، لتجد نفسك قد أحببت..

انه ليس شيئاً من الخارج، بل هو إحساس يرقد على فراشه في داخلك، في أعماق قلبك، وأنت تقوم بدور الموقظ له من حالة السبات..

وإذا لم يستيقظ بمجرّد دخول شريكك في حياتك، فإنك بحاجة إلى ممارسة الإيقاظ، بالتعّود على إظهاره، وبالتكلّف في ترديده..

لأن الحب مثله كجميع الصفات الفاضلة في النفس، إن لم تظهر بسهولة، فعلى الإنسان أن يتمّرن عليها.. وكأنك تمارس رياضة الصباح لأول مرة، فتحس بالتعب والإرهاق والتشنّج، ثم يبدأ ذلك التعب بالزوال شيئاً فشيئاً مع الاستمرار في أداء التمرينات.. كذلك الحب تحتاج إلى ممارسته يوماً بعد يوم، وستشّعر بثقل الكلمات في بداية المطاف لكنك سرعان ما ستحّس بسهولتها وعذوبتها في فمك..

يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((تحبب إلى الناس يحبّوك))[1].

وبعد أن تمارس الحب بالتودّد لزوجتك، فان إشعاع التودد سوف ينعكس عليك حبّاً صافياً من شوائب التكلّف..

وفي قصة السيدة التي لجأت إلى الطبيب النفساني التي ذكرناها في الفصل السابق، خير مثال وشاهد على هذه الدعوى.. بعد أن كانت تحمل أكواماً من الحقد لزوجها.. تودّدت إليه تمثيلاً، فتعلّق بها.. ثم تعلق قلبها به، وتحوّلت حالة النفور إلى حالة تجاذب مؤنس..

إذاً إنما هي بضع كلمات جميلة، وهمسات دافئة، ولمسات حانية، لتكوّني إيحاءً داخلك، كتمرين الصباح، لتشعري أنت بحب زوجك، وتشعريه بذلك الحب.. لكي ينعكس عليك حبه المخلص..

يقول الفيزيائيون: لكل فعل رد فعل..

ويقول علماء النفس: لكل مثير استجابة..

ويقول الإمام علي (ع): (( قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه))[2].

إن عملية التمرين تلك، تؤلّف القلوب فتقبل عليك بالطريقة التالية:

• أنتِ تقومين بترديد كلمات الحب بشكل دائم، فتزرع هذه الكلمات في داخلك شيئاً فشيئاً، فيتكون لديك إحساس بحب زوجك.

• وهو يتلقى تلك العبارات فتؤثّر فيه وتخترق مشاعره، فيقوم بترديدها أيضاً، فيستشعرها..

• فتعود عليك مشاعره الودّية نتيجة لذلك..

هذا لأن المحبة عملية تمسّ الروح والإحساس بشكل أساسي، يقول الحديث الشريف في معرفة المودة: ((اعرف المودة لك في قلب أخيك، بما له في قلبك))[3].

وقد سئل الإمام الصادق (ع): ( إن الرجل يقول لي أودّك، فكيف أعلم يودّني ؟

فقال الإمام: (أمتحن قلبك، فإن كنت تودّه، فهو يودك)[4].

إذاً هي عملية إيحاء وتمرين فتجاذب بين القلبين، فعناق بينهما.

(2)

كن وفياً

إن في الحياة الزوجية مجموعة من المسؤوليات التي تقع على عاتق الزوجين، والمسؤولية هي تلك الأدوار التي يجب أن تقوم بها تجاه زوجتك..

فالزوجة عليها مسئولية رعاية زوجها وتلبية متطلباته المعنوية والجسدية، حفظ أسراره ومساعدته.. الخ.

والزوج عليه مسئولية الإعالة، ورعاية زوجته صحياً و اجتماعياً، والمحافظة على شرفها.. الخ.

هذه المسؤوليات تحتاج أكثر ما تحتاج إليه (الوفاء)، وما أن تتم تلك المسئوليات بمنتهى الوفاء والإخلاص، إلا وتزرع حباً طريّاً خالصاً في أعماق القلب.

فكيف ستكون ردة فعلك أمام زوجة رأيت منها كل ما ترضى وتحب، تخاف عليك من النسيم، وتسعى لرعايتك.. مجسّدة بذلك وفاءها إليك ؟.. طبعاً ستحب ذلك.

وللوفاء قاعدة عامة هي: أن يحب كل زوج مــا يحبه

لنفسه، فالوفاء في جميع مرافق الحياة من دون استثناء، و لنتناول مصداقاً من مصاديق الوفاء لبيان أهمية الوفاء وتــأثيره لخلق إحساس الحب والحفاظ على متانة العلاقة بين الزوجيـــن، فمن الوفاء ـ مثلاً ـ أن ترقى بزوجتك في تصـــرفاتها وثقافتها وأن تنصحها وتصحّح أخطاءها بنية صادقة في الوصول للأفضل..

وفي هذا المعنى هنالك قصة جميلة تجسّد الوفاء بشكل دقيق..

((ذات أمسية بعد زواج جورج وبيتي بوقت وجيز، وصل بهما الحديث إلى فيلم سينمائي شاهداه. كان رأي بيتي أن بطل الفيلم فائق الجاذبية، إلا أن جورج لم يشاطرها هذا الرأي.

قالت بيتي:" لا أردّ جاذبيته إلى مظهره فحسب، إنه قوي لكنه طيب النفس مرهف الحس. وهذا ما يجذبني إلى الرجل. ومع انك لا تتصرّف هكذا دوماً يا جورج فإنك في الحقيقة قوي واثق بنفسك، أني أحبك لذلك ".

قوي ؟ واثق بنفسه ؟ فاجأ الأمر جورج، فهو لم يصف نفسه قط بمثل هذه التعابير. فلطالما قعد مكانه والآخرون يأخذون القرارات عنه ويذهبون إلى حدّ توعّده أحياناً.

وهو يقول متذكراً:" فجأة تفكرت في أن هذه الخلال موجودة فيَّ. وعزمت منذ تلك اللحظة على السعي إلى الظهور بمظهر القوي الواثق بنفسه مهما يكن شعوري في أي ظرف ".

يقول روبرت ه.لاور أستاذ السلوك البشري في الجامعة الدولية في سان ديغو بكاليفورنيا معقّباً على ما جرى: " لو أن بيتي قالت لجورج: لم لا تكون مثل بطل الفيلم ؟ " لجرحت مشاعره ودخلت في جدل عقيم ولما طرأ تحسّن على حال زوجها. لكنها بثنائها عليه وابلاغه ما تريد ساعدته على التبدّل ".

ويقرّ جورج اليوم بعد مضي عدّة سنين: رأت بيتي فيَّ خلالاً غفلت عنها. وما كنت لأغدو ما أنا عليه لولاها.

ويضيف لاور ـ أستاذ السلوك ـ أن جورج وبيتي اكتشفا سرّ الزواج الناجح، وهو مدّ الشريكين يد العون كل إلى الآخر لينموا وينضجا))[5].

هذا نموذج من وفاء زوجة لزوجها، عمدت فيه إلى تطويره بأفضل السبل، لأنها مخلصة إليه.. ونتيجة ذلك حب زوجها العميق إليها..

يقول الإمام علي (ع): (( سبب الائتلاف الوفاء))[6].

فإنك إن أعطيت وفاءً ستأخذ حبّاً، لأنه سبب الائتلاف بين الناس، وإليكم بعض الوصايا التي تتجسّد فيها معاني الوفاء:

• اعملوا على تقويم بعضكما بأفضل أسلوب.

• حسّنوا صورة شريككم أمام الآخرين.

• اكتموا أسرار شريككم، ولا تذيعوا عيوبه.

• اصدقوا الحديث معه بشكل دائم.

• حافظوا على نفسه وماله وممتلكاته.

• أخلصوا المساعدة.

• أتقنوا واجباتكم الزوجية.

• حافظوا على عِرض شريككم.

• ادفعوا عنه كل بلاء وأذى يقترب منه، ولو لم يعلم بذلك.

• تمنوا لشريككم التوفيق والنجاح.

• بيّنوا للآخرين أنه يؤدّي واجباته على أكمل وجه.

• لا تفكّر بشكل فردي، بل بشكل زوجي.

• عندما ترتقي علمياً، فلا تتركها حبيسة الجهل.

• إذا سنحت لك الفرص أن تأخذ لها قطعة من الحلوى في المناسبات فافعل.

• اجعل الاستمتاع مشتركاً وخصوصاً خارج المنزل.

• اصبروا على أذى الشريك في حد الممكن.

• قدّروا الظروف الصعبة التي يمر بها كالمرض والفقر.

• قفوا معه عندما يكون متعباً أو كئيباً.

• حافظوا على الالتزام بالوعود والمواعيد.

(3)

الحديث عما يُحب..

((رحم الله عبداً اجترّ مودة الناس إلى نفسه فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون))[7].. هكذا قال الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام).

إن تجاذب أطراف الحديث فيما نحب وسيلة قوية لاجترار المحبة للقلوب بين الزوجين، خصوصاً أن فسحة التحدّث تكون متاحة لهما معاً بشكل كبير، لأنهما يعيشان في ظل منزل واحد، وفي دفئ غرفة واحدة، وعلى راحة سرير واحد..

والزوج الناجح في تكوين علاقة مفعمة بالحب، هو الذي يستقطع جزءاً من وقته، للحديث مع زوجته في اهتماماتها، والزوجة الناجحة في احتواء قلب زوجها هي التي تخصّص وقتاً لحديثها عن اهتماماته..

إذ أن ((هنالك قاعدة ذهبية في فن التحدّث مع الناس تقول: مع أي إنسان تكلّم فيما يتّصل باهتماماته، فسوف تجده ينساق معك ويرتاح إليك))[8].

سيكون من السهل عليك التحدّث فيما تحب، لكن قد يكون من الصعب أن تتحدّث عما تحبه زوجتك.. فإذا عرفت أن هذا الحديث سيوقع في قلبك ندى الارتياح عندما تتحدّث فيه زوجتك معك، وسيوقع حديثك معها في ما تحب الارتياح الشديد والقرب منك، فإنك لن تتوانى عن عمل برنامج تداوم فيه على ذلك.

يقول أحد المحامين الناجحين: ((إن نجاحي في الحياة، مدين لمعرفتي فن التحدّث في اهتمامات كل من ألتقي معه، وكانت لي قصة في تعلّم هذا الفن، فعندما كنت في مقتبل الشباب، كنت مولعاً بالقوارب، وحدث أن زارنا ضيف في منزلنا، وبمجرّد أن عرف هوايتي، بدأ يتحدّث عن المياه والبحر، والقوارب، فارتحت كثيراً لحديثه، وانسقت معه.

وعندما انصرف من المنزل سألت والدي عن وظيفته:

فقال لي: إنه صاحب محل تجاري.

فقلت: فما باله يتحدّث عن القوارب، والبحار، والمياه، وكأنه ابنها.

فردّ والدي: لقد عرف اهتماماتك، فتحدّث معك في مجال هوايتك، حتى يجذبك ليتبادل أطراف الحديث معه))[9].

ألا تريد أن تجتذب قلب زوجتك نحو قلبك ؟.. إذا كانت الإجابة بنعم، فحدّثها عما تحب، حدّثها عن علاقاتها بصديقاتها، وعن أهلها، عن هواياتها، وعن عملها، وعن نفسها، وعن كل حديث ترتاح إليه.

قد تصطدم الزوجة عندما تريد الحديث مع زوجها عن عمله، بجهلها عن طبيعة ذلك العمل، يجدر بها عندئذٍ أن تحاول السؤال عن عمله، والاستفسار عن دوره، فإن مجرد المحاولة والتساؤل سيحُتسب اهتماماً منكِ ومشاركة في الحديث عما يحب، وهي مقدمة لاجترار محبته نحوك.

4

قُل: أحبك

إن كنت قد وقعت في حب زوجتك، وتتمنّى أن تقع هي أيضاً في حبك، فقل لها: أحبكِ.

وكذلك في حال وقوعكِ في حب زوجكِ، فلا تترددي عن إخباره بحبكِ إليه، يقول علماء النفس: لا يكفي أن تحب أحداً حتى تلاقي ذات الحب منه، ولا يكفي أحياناً كثيرة الاقتصار على التعبير بالأفعال عن الأحاسيس، حتى تحصل على المبادلة في المشاعر.. فإن للتعبير اللّفظي للحب وقعاً كبير في النفس، يصعب محوه على مدى الأزمان..

وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) في هذه العملية التجاذبية بين القلوب: (( قول الرجل للمرأة إني أحبكِ لا يذهب من قلبها أبداً))[10].

فكلمة واحدة تجترح المعجزات، ولها الأثر البالغ في قلب زوجتك، فقط ما عليك إلاّ أن تتلفظ بها بلسانك، وأرسلها في الهواء نحو سمعها: (أحبكِ)، وستتلقّى الإجابة السريعة.

فلا تجلس مكتوف الأيدي منتظراً زوجتك البدء بحديث الحب، ولا تضعي يديك على خدّيك في انتظار همسات حب من زوجكِ.. فينبغي المبادرة، يخطئ الكثير من الأزواج عندما يوكلون السبب في عدم التلفظ بكلمات الحب من الطرف الآخر، عدم حبهم إليهم..

فأنت تقول: لماذا لم تقل لي زوجتي كلمة أحبك ؟

وتتساءل هي: لماذا لا يقولها هو ؟

الكثير من الأزواج لا يحسنون التصرّف عندما ينتظرون الطرف الآخر ليقول كلمة أحبك أولاً، في هذه الحالات غالباً ما يكون الحب موجوداً في القلب، مختبئاً عن القلب الآخر، فقد يحجبه حياء الزوجة، وقد يعتقد الرجل أن إظهار ما في قلبه ينقص من قدر رجولته..

لجأ أحد الأزواج إلى خبير في العلاقات الزوجية، فأخبره بأنه متزوّج منذ ثلاثة أعوام، ولم يسمع من زوجته كلمة واحدة تعلمه فيها بأنها تحبه، هو يعرف شعورها نحوه، ولكنه يحتاج لكلماتها لتأكّد له ما يعتقد..

فسأله الخبير: هل قلت لها أنت كلمة حب واحدة منذ زواجكما وحتى هذا الوقت؟

أجابه الزوج: كلا.. لم أقل لها شيئاً من ذلك.

قال الخبير: إن زوجتك أيضاً تعاني من نفس المشكلة، اذهب وأخبرها بحبك لأنها تحتاج إليه، ثم سنتناول مشكلتك بالتفصيل.

ذهب الزوج مسرعاً فانتهز فرصة جلوسهما أثناء شرب الشاي عصراً، ليبح لها بمكنونات نفسه بكل صراحة..

يقول الزوج: يا للغرابة سرعان ما انتهيت من كلماتي، حتى بادرتني بالشعور نفسه، وكأنها تنتظرني لأبدأ، حتى تتفوّق علي في إبداء الكلمات الجميلة!!

والسؤال هنا: من عليه أن يبدأ، الزوج أم الزوجة؟

والجواب: إن البدء لا يحدّد بنوع الجنس، ولكنه يحدّد بمن عرف أهمية كلمة (أحبك) أولاً.. فيبدأ.. وينبغي أن يراعي الزوج حياء الزوجة ويبدّده بأحاسيسه المتلفظ بها، وإذا متن الحاجز عند الزوج، على الزوجة أن تحطّمه برقة كلماتها وعذوبة صوتها..

(5)

التقوى.. الطريق السريع

قد يكون برنامج إنشاء الحب في قلب الأزواج صعباً بعض الشيء، أو يحتاج إلى مزيد من الوقت والتمرّس، لكي يرتكز في أعماق النفس، ويحاكي القلب الآخر، لكنه يختلف تماماً في قلوب المؤمنين.

فصفة التقوى بما تصاحبها من معاني الطاعة للّه تعالى، والإخلاص، والامتثال لأوامره عز وجل، بمثابة طريق معبّد ليسير فوقه حب الرجل لزوجته أو العكس..

و قلوب المؤمنين بما تعوّدت عليه من هيام في ساحة حب الله عز وجل، والتفاني في حب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذوبان في حب الأئمة (ع)، وبما تحمل في أعماقها من حب المؤمنين، وبما تمتلك قلوبهم من الرأفة والرحمة والسماحة أصبحت قلوب واسعة المساحة، متفتّحة للحب، تستقبله بسهولة ويسر، بل ويحسّن حب الله وحب الأولياء قلوبهم فتكون تربة صالحة لنمو الحب كما أن الأرض الطيبة ينبت فيها الزرع الطيب، كذلك القلب الطيب ينبت فيه الحب الطيب..

يقول تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكداً)[11].

ويقرر هذه الحقيقة الحديث عن الإمام الصادق (ع): ((إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودّد بألسنتهم كسرعة اختلاط قطر السماء على مياه الأنهار، وان بُعد ائتلاف الفجّار إذا التقوا، وان اظهروا التودّد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف، وان طال اعتلافها على مذود واحد))[12].

فإن المؤمنين والمؤمنات عندما يقرؤون قوله تعالى:

- ( هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن([13].

- ) وعاشروهن بالمعروف)[14].

- ) ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة([15].

فإن المسؤولية الإلهية، والضرورة الحياتية، تختلط على صفحة القلب مكونة بذلك أجمل لوحة حب عرفها الإنسان، و الزوج المؤمن يدعو كما يدعو الإمام زين العابدين (ع) في مناجاة المحبين: (( أسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يوصلني إلى قربك..)).

 ف(( طوبى لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة الله))[16].

والحقيقة الناصعة في مواصفات محبة أهل الدين والتقوى التي أكدها الإمام علي (عليه السلام) هي: (مودة ذوي الدين بطيئة الانقطاع دائمة الثبات و البقاء)[17].

وأفعال أخرى

ليست تلك الأفعال والأقوال فقط تجتلب الحب وتزرعه، إنما هنالك أشياء كثيرة مضافة إلى ذلك، ومنها:-

- الإحسان إلى الزوج.

يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ): ((جبلت القلوب على حب من احسن إليها، وكره من أساء، إليها..)).

- التدّين.

- التواضع في السلوك وعدم التكبّر.

- البذل والعطاء.

قال الإمام علي (ع): ((ثلاثة تورث المحبة: الدين، والتواضع، والبذل)).

- البشاشة، وطلاقة الوجه، والابتسامة الدائمة.

قال الإمام علي (ع): (( البشاشة حبالة المودّة)).

ويقول الإمام الباقر (ع): (( البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبه للمحبة)).

- الإنصاف في المعاشرة، يقول أمير المؤمنين (ع): (الإنصاف يرفع الخلاف و يوجب الائتلاف)[18].

- المواساة في الشدّة.

- الرجوع على قلب سليم.

يقول الإمام علي (ع): (( ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة: الأنصاف في المعاشرة، والمواساة في الشدة والانطواع، والرجوع على قلب سليم)).

* فصل من كتاب الحب في العلاقات الزوجية

www.mosawy.org


[1] / الآداب والسنن،ج2،ص351.

[2] / ميزان الحكمة – ج1-ص 128

[3] / الصداقة والأصدقاء –ص 80 عن البحار.

[4] / نفس المصدر.

[5] / مجلة المختار – ديسمبر 1990م.

[6] / غررالحكم، 435.

[7] / ميزان الحكمة ج2 ص205.

[8] / الصداقة والأصدقاء، السيد هادي المدرسي، ج3 ص161.

[9] / الصداقة والأصدقاء، السيد هادي المدرسي – ج3 ص161.

[10] / الآداب والسنن – ج4 ص135.

[11] / سورة الأعراف- الآية 58.

[12] / ميزان الحكمة -ج1 -ص129.

[13] / سورة البقرة – آية 187.

[14] / سورة لنساء – آية 19.

[15] / سورة الروم – آية 21.

[16] / عن الإمام علي (ع) – ميزان الحكمة – ج 1 – ص 129.

[17] / غرر الحكم، 423

[18] / غررالحكم، 394

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/آذار/2009 - 2/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م