أسرار إسرائيلية قذرة في غزة

صراع بين المتدينين للسيطرة على الجيش والمجتمع في إسرائيل

 

شبكة النبأ: زاد نشر تقرير تحدث فيه بعض الجنود الاسرائيليين في الاسبوع الماضي حول اساءة معاملة المدنيين الفلسطينيين خلال القتال الذي دار في غزة أخيرا، زاد من حدة المناقشات الدائرة حاليا في اسرائيل حول قواعد القتال وقوانين الحرب.

غير أن هذه المسألة كشفت شيئا اخر ايضا ينطوي على مغزى خطير بلا شك هو ذلك الصدام بين الليبراليين العلمانيين والقوميين المتدينين للسيطرة على الجيش والمجتمع في اسرائيل.

فقد بينت شهادات عدة نشرها معهد يُعد برامج تعليمية ويرتبط بحركة المزارع الجماعية -كيبوتز- العلمانية واليسارية ان هناك تذمرا واضحا من الجنود المتدينين الذين عينوا انفسهم كمحاربين مُقدسين. بحسب نيويورك تايمز.

يقول جندي اطلق على نفسه اسما مستعارا ان احد الحاخامات احضر الى غزة الكثير من الكُتيبات والمقالات لنقل رسالة واضحة تقول: «نحن الشعب اليهودي اتينا إلى هذه الأرض بمعجزة، فقد اعادنا الله إليها وعلينا الآن القتال لطرد غير اليهود الذين يتدخلون في فتحنا لهذه الأرض المقدسة.

هذه كانت الرسالة الرئيسية مما جعل الكثيرين من الجنود الاسرائيليين يشعرون ان عملية غزة كانت حربا دينية في المقام الأول.

ويتساءل داني زامير مدير المعهد المشار اليه سابقا: اذا مضى الحاخامات في دهننا بالزيوت المقدسة ووضع الكتب المقدسة بين ايدينا، واذا ما اصبح جنود وحدات الجيش الاسرائيلي لا يمثلون كل ابناء الشعب اليهودي بل فقط شرائح معينة من السكان فماذا علينا ان نتوقع اذاً؟ ولمن نشتكي؟

جدير بالذكر ان اعضاء المزارع الجماعية الذين كانوا يرون انفسهم علمانيين ومثقفين غربيين كانوا هم من يسيطر على الجيش خلال العقود الاربعة الاولى من وجود اسرائيل، لكن القوميين المتدينين والكثيرين من حركة المستوطنين في الضفة الغربية اخذوا يتولون خلال العقد أو العقدين الماضيين المزيد والمزيد من المسؤوليات في اسرائيل. فهناك الآن مناصب قيادية كبيرة يسيطر عليها القوميون المتدينون بل ان «اللواء جولاني» الذي هو من ألوية النخبة في اسرائيل اصبح مليئا بالجنود المتدينين من جناح اليمين برأي موشيه هالبيرتال بروفيسور الفلسفة اليهودية، الذي شارك في وضع «الميثاق الاخلاقي العسكري» والذي هو نفسه ملتزم دينيا لكنه ليبراليا سياسيا، حيث يقول: من الواضح ان اليمين المتدين يحاول التأثير على المجتمع الاسرائيلي من خلال الجيش.

الا ان اولئك المعارضين لليمين المتدين يشعرون بالقلق على نحو خاص من النفوذ المتزايد لرئيس حاخامات الجيش الاسرائيلي البريفاديو جنرال افيشاي رونتزكي الذي هو نفسه احد مستوطني الضفة الغربية والذي قام بدور نشط خلال الحرب في غزة حيث قضى معظم فترتها بصحبة الجنود في الميدان.

فقد اقتبس رونتزكي عن نص عبري قديم، وصوله الى شعار خلال الحرب يقول: ان الذي يرحم الوحوش سيصبح هو وحش بالنهاية وغير رؤوف بمن يستحقون الرأفة بعد ذلك اثير جدل كبير عندما تبين ان الكتيبات التي وزعها رونتزكي على الجنود تضمنت دعوات لهم كي لا يرحموا عدوهم.

وهنا اتهم افشالوم قيلان عضو البرلمان عن اليسار الحاخام بتحول العمل العسكري في اسرائيل عن القتال للضرورة الى شن حرب مقدسة.

ويلاحظ الفيلسوف هالبيرتال الذي يعارض مواقف الحاخام رونتزكي ان الانقسام المتنامي داخل اسرائيل لا يقتصر فقط على النفور المتزايد بين اليهود العلمانيين والمتدينين بل هو موجود ايضا بين المتدينين انفسهم، وهو يدور حول ثلاث مسائل رئيسية: القداسة مقابل الحياة، العلاقة بين المسيحية والصهيونية ومكان غير اليهود في الدولة اليهودية.

وما من شك في ان نشر الافكار الدينية المتطرفة لعب دوراً قوياً في ارتكاب الجنود الاسرائيليين لاعمال قذره خلال الحرب في غزة، لذا، تواجه إسرائيل تحدياً رئيسياً الآن بعدما كشف جنودها ان المسؤولين سمحوا لهم بل وامروهم في بعض الاحوال باطلاق النار على مدنيين فلسطينيين غير مسلحين، والواقع ان الشهادات التي ادلى بها بعض الجنود في هذا المجال تتباين على نحو فاضح مع المزاعم الرسمية التي تقول ان الجيش بذل جهوداً كبيرة كي يجنب المدنيين التعرض للأذى.

كما تعزز تلك الشهادات اتهامات الفلسطينيين بأن الجنود استخدموا قوة نارية غير نسبية بل وعشوائية في المناطق المدنية خلال القتال. ففي واحدة من الشهادات التي تلقي ضوءاً جديداً على ما كان مسموحا به من قواعد الاشتباك خلال عملية «الرصاص المسكوب»، قال جندي اسرائيلي: ان احد الضباط امر باطلاق النار على امرأة عجوز من مسافة قريبة وذكر جندي اخر ان قناصاً إسرائيلياً اردى امّا فلسطينية واطفالها قتلى بعد ان ضلوا طريقهم، وقال ان الاحساس العام لدى الجنود كان يشير الى ان ارواح الفلسطينيين كانت اقل اهمية بكثير من ارواح الجنود الاسرائيليين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/آذار/2009 - 30/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م