من حق تكريت ان يحكمها صدام

محمد الوادي

عصر يوم الاحد نقلت قناة سما دبي بشكل مباشر أمسية شعرية كان احد طرفيها الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ال مكتوم. وفي الواقع كانت نوعية ومواضيع القصائد جيدة وتثير الانتباه مقارنة مع سنين عمر الشيخ حمدان مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هذا الشعر هو من النوع " النمطي " الذي ينتمي الى البداوة العربية وهو في احسن احواله لايخرج من تلك الدائرة.

وبينما كنت اطرح سؤال " تحفيزي للفكر " على الشخص العزيز الذي كان يشاركني مشاهدة هذه الامسية الثقافية يتلخص " هل هذا الجمهور الغفير الذي يحضر هذه الامسية هو فعلا متذوق لهذا الشعر او حضور من نوع اخر !!" وقبل ان أصل مع جليسي الى جواب نتفق عليه نحن الاثنان. حدثت المفاجأة. اذا نوه الشيخ حمدان في مطلع احدى قصائده الى " بطولات صدام وتكريت " ومامعناه " ان تكريت لاترضخ الى اوامر الا صدام ولايحكمها الا صدام !!".

لايمكن القول ان هذا الموقف رسمي  لكن ايضا لايمكن ابعاده عن الحالة الرسمية اذا اخذنا بنظر الاعتبار طريقة الحكم في دولة الامارات العربية، وهو نفسه الرسمي الايجابي الذي سجل سابقة عربية مميزة عندما تنازل عما يسمى " الديون على العراق " والتي كانت تقدر بسبعة مليارات دولار. وسجلت هذه المبادرة ارتياح كبير لدى كل ابناء الشعب العراقي خاصة مع تواجد سفير لدولة الامارات العربية في بغداد، وهو ايضا رجل ودبلوماسي جدا مميز جمعتني به قبل فترة  قصيرة جلسة اخوية جميلة وبحضور ايضا سفير دولة البحرين في بغداد. وكانت أرائهم وامنياتهم ونظرتهم ايضا للعراق ولكل العراقيين تدعو للارتياح والاطمئنان وتشير الى تحسن كبير في طريقة نظر بعض الدول العربية للعراق الجديد وتقبل هذه الدول لهذا الواقع الايجابي الجديد في عراق اليوم.

 ثم ان الصنم الساقط كان عنده راي بتجربة دبي في البناء وهذا الراي " قبيح وسلبي " في اقل وصف له حينما كان يصف ومن شاشة التلفاز مدن الاعمار والتطور في الخليج حينها وفي دبي على وجه الخصوص " بانها مدن دجاج وليس اعمار !!" وهذا تصريح موثق من قنوات تلفزيونية. وايضا هل ممكن تجاوز موقف الشيخ زايد " يرحمه الله " حينما اراد الصنم المتاجرة بقضية الجزر العربية من خلال قادسية السوء فكان موقف مشرف حينما رفض ذلك. وايضا موقفه الكبير حينما وصف وبشكل مباشر مهزلة ام المعارك " ام الخسائر والهزائم ". ويبقى موقف الشيخ زايد حينما عرض على صدام مغادرة العراق هو وجلاوزته لاجل الحفاظ على سلامة البلد عام 2003 هو الاكثر صدى لدى الكثير من العراقيين.

كعراقي اجزم ان ابناء تكريت لم يتحسروا على الصنم الساقط والدليل الساطع والكبير هو خروجهم الكبير  قبل حوالي شهر لاجل التصويت واختيار مجلس محافظتهم، وهذا حق انساني ودستوري حرم منه اهالي تكريت حالهم حال بقية محافظات العراق.

واذا كان من يتحسر ويتمنى ظاهرة نظام الصنم فليحشد الاصوات اللازمة لهذه الاصنام عن طريق صندوق الانتخابات وبكل الاحوال وان حدث المستحيل وجاء صنم اخر. فسيكون دوره محصور في تكريت وحدها وداخل قرى معينة على وجه الخصوص وليس اكثر رغم حتى هذه الحالة ستكون تحت طائلة الدستور والقانون العراقي.

فلقد أدبرت صفحات الاصنام من التاريخ العراقي الجديد وقبرت ايضا عصور التفرد والاقصاء والتهميش وحكم الاقلية او حكم الاستفراد او حكم انقلابات دبابات حرامية الليل كما حدث في عامي 1963 و1968.

 ان عراق اليوم  لم ولن تحكمه عصابة حزبية او عشائرية او طائفية او عائلية كما كان منذ ثمانية عقود مضت وحتى نيسان 2003. العراق الجديد رجع الى أهله ومعهم أهالي تكريت الذين ذاقوا سحر وجاذبية صندوق الانتخابات فالفرق بين عصور الظلام وعصور النور وهو كالفرق بين الثرى والثريا وكالفرق بين ان تكون انسان او لاتكون. وهذا حق اصبح يتمتع به كل العراقيين دون استثناء.  

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25/آذار/2009 - 27/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م