نوروز في العراق: العرب والاكراد والمسيحيين يحيون نوروز متوحّدين

اجواء آمنة خلَت من حوادث العنف والارهاب والتفرقة

 

شبكة النبأ: لم تمنع الأمطار التي هطلت في شمال العراق الأكراد من الاحتفال بأعياد نوروز، بمشاركة العرب والمسيحيين، بل على العكس من ذلك عدّوها فألاً حسناً يجلب الخير والنماء بعد سنوات الجفاف والحرمان السياسي.

واختلطت ألوان الأزياء الكردية الزاهية بألوان الحقول والبراري المنتشية بهطول المطر على سفوح الجبال وفي وديان المناطق المحيطة بمدن السليمانية وأربيل ودهوك وكركوك مشكلة لوحة يعجز كبار الفنانين العالميين عن الاتيان بمثلها، وزادها ألقاً وبهاءً الدبكات وأجواء الحضور التي تسود وسط أجواء الحرية والتفاؤل بغد أفضل.

ففي محافظة أربيل (349 كم شمال شرق بغداد) توجهت أعدادا كبيرة من العوائل والشبان إلى خارج المدن فكانت هناك آلاف السيارات المتجهة شمالي المدينة خاصة على طريق كويسنجق، وهي مليئة بالنساء والرجال الذين يرتدون الزي الكردي المميز (زي النساء يدعى جلي) للاحتفال بعيد الربيع.

وقال رفان أحمد إن عيد نوروز “يشكل عيدا قوميا لنا ونحن نستعد له منذ أيام حيث نخرج مع الأهل والأصدقاء ولن نرجع من نزهتنا حتى حلول المساء”.

أما سليم علي الذي كان برفقة عائلة عربية فذكر أن “أصدقاءنا جاءوا من الموصل لمشاركتنا احتفالات نوروز وهم يرتدون ملابسهم العربية”، في حين قال المواطن الموصلي خلف حسين “نحن سعداء أن نشارك عائلة صديقنا رفان وشعبنا الكردي بهذه المناسبة”.

وأضاف “منذ أربع سنوات ونحن نشارك باحتفالات نوروز”، مستدركا “لكن احتفالات الأعوام السابقة لم تكن كما هي عليه الآن إذ لم نتصور أن تشاهد هذا العدد الهائل من المحتفلين”. بحسب اصوات العراق.

وجلي كوردي تعني الزي الكردي باللغة الكردية وهي الثياب المألوفة للرجال والبراقة الملونة للنساء.

ما يلاحظ في هذه السنة النظام والانضباط والتواجد الكثيف لشرطة المرور، في حين قامت بلدية أربيل بتوزيع أكياس جمع النفيات على المواطنين مجانا للحفاظ على البيئة”.

أما في دهوك (460 كم شمال العاصمة بغداد) فقد احتفلت العوائل الكردية والعربية والمسيحية بأعياد نوروز.. وبهذا الشان قال دلشاد سعيد صادق (38 سنة كاسب) “اشعر بسعادة غامرة وأنا اتمتع مع عائلتي والكثير من المواطنين بهذه المناسبة بحرية بعد طول حرمان”، مشيرا وهو يشارك العديد من الأصدقاء والأقارب في إعداد وجبة الغداء إلى أن “أغلبية المواطنين لم يكونوا يستطيعون الاحتفال بعيد نوروز بل ولا حتى التفكير بإمكانية ايقاد شعلة العيد خوفا من بطش نظام صدام”.

وقال سالار حسن إن هذا العيد “مهما لجميعنا وتستطيع أن ترى آلاف العوائل وهي تقصد الجبال والطبيعة للاحتفال بنوروز لأنه دليل على تجدد الطبيعة وتجدد الحياة مع قدوم سنة جديدة اتمنى أن تكون سنة خير وسلام على الأكراد والعراقيين أجمع”.

وعما يميز هذا اليوم أوضح سالار “ارتداء الملابس الكردية وإعداد الأكلات الخاصة بالمناسبة إضافة إلى ولائم الشواء والخروج من المنزل والتفاؤل بالحياة”.

والاحتفال بعيد وروز يعتبره الأكراد شيئا مميزا حيث يرتبط بقصة كاوة الحداد الذي قضى على الشاه الضحاك الذي كان يسخر أرواح الشباب لمأربه.

وذكر زيدان اسماعيل الذي يقوم كل عام بإعداد حفلات جماعية بهذه المناسبة “منذ سنوات نحتفل والأصدقاء من مئات العوائل بهذا العيد والأبواب مفتوحة للجميع للمشاركة فيها لترسيخ مفاهيم جديدة للحياة تتعلق بالتطلع للحرية والتجدد”، مبينا أن الوضع هذه السنة “يختلف خاصة أن الربيع مزدهر لكثرة هطول المطر ولذلك فان آلاف العوائل تركت منازلها لتقصد الجبال والمصايف ويقومون بالرقص والغناء ابتهاجا بالمناسبة”.

وأخذ الاحتفال بعيد نوروز هذه السنة طابعا آخر حيث أسهم الاستقرار الأمني بمشاركة العديد من المسيحيين من آشوريين وكلدان وعرب بالاحتفالات، وبهذا الشأن قال عماد بولا لوكالة (أصوات العراق ) إنه قصد دهوك من تلكيف منذ الصباح الباكر “لأشارك أصدقاء وأقرباء الاحتفال بهذا العيد وحقيقة أشعر بشيء جميل وفرح غامر لا يوصف”.

وأضاف عماد الذي كان يساعد والدته بجمع الحطب لآشعال النار تمهيدا لإعداد الطعام “اصرار أمي دفعني للمجيء واعتقد انها كانت محقة”.

وشهدت مدينة دهوك خروج آلاف العوائل إلى خارج المدينة بحيث بدت اليوم فارغة والأسواق مغلقة حالها في ذلك حال غالبية المدن الكردستانية.

ومن أبرز ما شهده الاحتفال بنوروز هذه السنة مشاركة العديد من العوائل العربية السفرات والاحتفالات هذه، وعن ذلك قال مشاهد محمد الجبوري الذي قدم من برطلة إلى فايدة لاحياء السفرة مع عائلته وعوائل أخرى”اغتنمت الفرصة لاشارك اصدقائنا الاحتفال بهذه المناسبة وقصدنا دهوك ولكنا بعد معرفتنا أن الازدحام شديد غيرنا وجهتنا إلى خارجها حيث الطبيعة أجمل والناس من كل الأطيف تحتفل بالعيد”.

وتابع مشاهد “شيء جميل أن تكون الظروف الأمنية مناسبة لنتشارك جميعا هذه الأعياد لا فرق بين كردي أو عربي لأننا نتقاسم هذا الوطن منذ آلاف السنين”.

مع مشاهد كانت عائلة صديقه عيسى ذنون أيضا تجلس بالقرب منهم وهي الأخرى قادمة من الموصل حيث قالت زوجته وسن صادق خليفة “اتمنى أن تكون كل الايام هكذا ربيع واحتفالات ونستطيع الخروج لأننا سئمنا من الأوضاع السيئة طوال العقود الماضية”.

وأوضحت وسن “اتينا للاحتفال بنوروز بعد أن كنا محرومين من زيارة كردستان وهذه السنة وبعد تحسن الوضع وازدهار الربيع نفكر أن نأتي أكثر من مرة”.

الاحتفال بنوروز هذه السنة تميز بالإعداد المسبق وكثرة السفرات والحفلات الجماعية حيث تستطيع ملاحظة ذلك بين مسافة وأخرى إضافة إلى عوائل خرجت من ساعات الصباح الأولى وحفلات الشباب هنا وهناك وهم يرقصون ويرددون “هذا اليوم جاءت السنة الجديدة ، جاء نوروز”.

وفي منطقة دوكان (60 كم شمال غرب السليمانية) كانت الدبكات الكردية وأصوات الموسيقى والخيم في كل مكان، وقالت الشابة شادي هلكوت لوكالة (أصوات العراق) أنها “قررت الاحتفال بخطبتها هذه الايام تزامنا مع أعياد الربيع”، ولم تنتظر طويلا لاكمال حديثها معنا إذ أنهته قائلة “كاكا جيان هذا وقت الاحتفال وليس الكلام”، هرعت للالتحاق بالدبكة مع خطيبها ومجموعة من الشباب والشابات وهي تودعنا والسعادة بادية على ملامحها كما الجميع.

لكن أمها السيدة روناك خان قالت إن “من حق الشعب الكردي أن يفرح ويحتفل بنوروز بعد طول معاناة وحرمان”، وتابعت “لقد شهدت هذه الجبال الكثير من المآسي وقد آن لها أن تشهد مهرجانات الفرح بعد زوال الظلم وتحرر الأكراد”.

وأردفت “لقد بدأ الشعب الكردي كما العراقي يحقق أحلامه”، وأضافت بالمناسبة هنالك “العديد من العوائل العربية معنا فهناك صديقتي أسماء خان وعائلتها من منطقة العامرية ببغداد وقد رجوت بناتها أن يرتدين الملابس العربية المعروفة باسم الهاشمي لإضفاء نكهة مميزة على العيد”، وزادت “وذاك هو الدكتور محمد وعائلته من منطقة الكرادة خارج ببغداد حيث ترتدي زوجته وهي من مدينة الحلة الهاشمي أيضا”.

 وأفادت روناك خان “صحيح أن الطريق ما تزال طويلة وهناك الكثير مما يعكر صفو المياه لكننا بدأنا رحلة الألف ميل ولا بد أن نصل”، على حد تعبيرها وهي تتركنا لتتفرغ للإشراف على إعداد الطعام.    

ويعد نوروز عيدا قوميا لدى الشعب الكردي وعدد من شعوب شرق آسيا، وهو في الوقت نفسه رأس السنة الكردية الجديدة 2709.

عقرة الكردية تحتفل بعيد النوروز على طريقتها

وتحتفل عقرة ذات الغالبية الكردية والتابعة لمحافظة دهوك في اقليم كردستان العراق، بعيد النوروز على طريقتها الخاصة عبر انارة مشاعل في الجبال في صفوف منتظمة تبدو كأنها طابور من النار.

ويحتفل الاكراد في 21 اذار/مارس بعيد النوروز الذي يعتبرونه بمثابة رأس السنة الجديدة وفق التقويم الكردي للعام 2709.

وتختلف طريقة الاحتفال في عقرة (اكري بالكردية) عن المدن الاخرى في الاقليم، حيث يقوم شبان يرتدون الزي التقليدي الكردي الفضفاض بحمل المشاعل والصعود الى الجبل.

وعلى القمم المرتفعة تستقبلهم مجموعة من الشبان تشعل النار فيها وبعدها ينزل الجميع الى التلة الواقعة في وسط البلدة حيث تنتظرهم حشود لوقد الشعلة الكبرى وسط اطلاق الاسهم النارية والرقصات الفولكلورية.

وبعدها تبدأ حفلات الرقص والطرب حتى وقت متأخر في البلدة الواقعة في اقصى الجبال الوعرة في شمال العراق.

وبحسب المعتقدات الكردية، فان احد اجداد الاكراد قام بقتل احد الحكام الطغاة واوقد بعدها نارا كبيرة جدا ليعلم شعبه بانتصاره وانتهاء مرحلة من الظلم والطغيان. بحسب فرانس برس.

وتزين التلة حيث يقع مركز البلدة الثقافي، الالوان الكردية الثلاث الاحمر والاخضر والاصفر، كما ترتدي غالبية الشبان والاطفال الملابس الكردية.

ويقول علي محمد شريف مسؤول المركز الثقافي "هذه التقاليد والطقوس الخاصة مصدرها اسم البلدة المشتق من النار (باللغة الكردية آكر)".

وتسكن عقرة كذلك اقلية مسيحية من الاشوريين، كما كانت هناك اقلية يهودية لكنها هاجرت الى اسرائيل او الخارج اواخر اربعينيات القرن الماضي.ويضيف "قام النظام السابق بتغيير اسم البلدة من آكري الى عقرة".

ويعتبر ان "اختلاف الطقوس في هذه البلدة عن غيرها يعود الى تأثير الديانات القديمة مثل الزرادشتية او الايزيدية التي كانت منتشرة في هذه المناطق بحسب المصادر التاريخية".

وكانت عقرة تتبع اداريا في السابق محافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل، لكن بعد الانتفاضة الكردية العام 1991، خرجت عن سلطة النظام وقررت سلطات اقليم كردستان الحاقها بمحافظة دهوك.

ويتابع شريف "كان الاحتفال بالنوروز ابان النظام السابق يشكل تحديا لسيطرته لكن الطقوس والتقاليد ترسخت حتى اصبحت ملازمة نمارسها سنويا" مشيرا الى ان "الطبيعة الجغرافية تشكل عاملا مساعدا في اقامتها بهذه الطريقة".

وتقع عقرة وسط جبال شاهقة يحيطها من الخلف سلسلة جبال وتطل عليها خرائب قلعة تعود الى العصور القديمة.

ويؤكد شريف ان الاستعدادات لاستقبال النوروز تبدأ قبل ايام، من خلال تهيئة الشعلة الكبيرة وتحضير الشبان حملة المشاعل الكبيرة المصنوعة بطريقة بدائية من قطعة قماش ملفوفة حول عصا طويلة.وتسبق النوروز استعدادات امنية كذلك.

ولا تنتهي طقوس العيد بانارة الشعلة عشية العيد، بل يخرج المواطنون صبيحة الحادي والعشرين الى الطبيعة ويعقدون حلقات الرقص الكردي.

وتتجه غالبية العائلات الى المنتجعات الخضراء، للاحتفال بحلول السنة الجديدة والربيع في هذا اليوم الذي يعتبره الاكراد "خلاصا للانسانية من العبودية".

اهالي السليمانية يقضون أول أيام الربيع في الجبال والمصايف

وخلت شوارع مدينة السليمانية، صبيحة السبت الماضي، أول أيام العام الكردي الجديد، من المارة بعد أن غادرتها أعداد كبيرة من سكان المدينة إلى الجبال و المصايف للاحتفال بعيد النوروز ورأس السنة الكردية 2709.

ورغم الغيوم والأجواء الممطرة في السليمانية، أصر المحتفلون على التوجه نحو مصيف دوكان 65كم شمال غرب السليمانية ومنطقة قرداغ جنوبي المدينة حيث شهدت الشوارع الخارجية ازدحاما شديدا للسيارات. وتجمع المحتفلون بالملابس الكردية في مناطق مختلفة من مصيف دوكان وانتشرت حلقات الدبكة الكردية وامتزجت الوان الملابس مع لون العشب الأخضر المبتل بالمطر.

سامان أحمد (39 سنة) ، احد المحتفلين، قال لوكالة (أصوات العراق) “لم يمنعنا المطر من القدوم الى المصيف لنحتفل فيه بعيد النوروز و رأس السنة الكردية.”

وأضاف سامان الذي قدم الى مصيف دوكان مع عائلته بأن النوروز “هو عيد وطني ورمز إنتصار الكرد لذلك لابد لنا أن نتذكر هذا اليوم دائما، و لنجعل من هذا اليوم مناسبة للعمل على حل المشاكل و النواقص الموجودة في حكومة الإقليم و التي لم تحل الى الآن”.

ليس سكان مدينة السليمانية فقط من جاء الى دوكان للاحتفال بهذه المناسبة بل شاركهم عدد من أكراد مدينة كركوك ممن قدموا مع أقرباءهم من السليمانية.

سعيد كريم (70سنة) جاء مع عائلته من كركوك اعرب عن سعادته بالمناسبة قائلا “يسعدني قدومي الى مصيف دوكان مع العائلة للإحتفال بعيد النوروز في هذه الأجواء الحرة في كردستان”، مشيرا الى ان عيد النوروز” يعتبر عيدين لدى أهالي كركوك لأن المدينة حررت من قبل البيشمركة في الحادي و العشرين من آذار عام 1991″.

وعند الظهيرة ومع توقف الأمطار توجه عدد آخر من سكان السليمانية الى خارج المدينة لمشاركة من سبقوهم احتفالهم بهذا العيد.

وقالت نيكا بكر (27 سنة) التي توجهت الى منطقة قرداغ جنوب السليمانية “اليوم هو أول يوم من الربيع و أحببت أن أمضي هذا اليوم مع عائلتي خارج المدينة”.

بكر قالت انها وعائلتها ترددوا بادئ الامر في الحضور الى المصايف بسبب الأمطار “ولكن الأجواء المشمسة في فترة الظهيرة شجعتنا على التوجه نحو منطقة قرداغ لتمضية يوم وسط الجبال و الخضرة”.

ونوروز الذي يصادف اليوم الاول للسنة الكردية (21 اذار مارس ميلادية )، هو العيد القومي لدى الشعب الكردي وعدد من شعوب شرق اسيا، وهو في نفس الوقت رأس السنة الكردية الجديدة 2709.

نيران على قمم الجبال ودبكات في الشوارع

وفي اجواء بدت اكثر تنظيماً وهدوءا عن السنوات السابقة، شهدت مختلف مناطق اقليم كردستان بدءا من بعد ظهر اليوم الجمعة (20 اذار مارس) احتفالات متنوعة احياها هذا العام مبكرا، مئات الالاف من الاكراد الذين توجهوا نحو الجبال القريبة لاشعال “نيران الحرية” فيما انشغل اخرون باداء الدبكات الكردية في الشوارع والمتنزهات العامة.

الاحتفالات التي بدأت قبيل مساء اليوم 20 آذار وستستمر حتى 23 آذار، وتابعتها وكالة اصوات العراق في مدن كردستان الثلاث (اربيل – السليمانية – دهوك) فضلا عن المدن التي يتواجد فيها الاكراد بكثافة مثل كركوك ومناطق من محافظة ديالى، تضمنت في ساعاتها الاولى مسيرات مشاعل بمشاركة الآلاف من الشابات والشباب، وتجمعات جماهيرية وحلقات للدبك والرقص الكردي بمرافقة الموسيقى الشعبية تخللها اشعال النيران.

ومع حلول ساعات المساء اغلقت معظم المحال التجارية الصغيرة في معظم المدن الكردية ابوابها، وبدت الحركة التجارية في الاسواق ضعيفة، بعد ان كانت حركة التسوق قد شهدت خلال اليومين الماضيين (الاربعاء والخميس) نشاطاً كبيراً، مع اقبال المتسوقين على شراء الحاجات الخاصة بالاحتفالات، خاصة المواد الداخلة في صناعة الاطعمة المفضلة لدى العوائل الكردية في الأعياد، الى جانب شراء الملابس الكردية التي تشهد اسواقها اقبالاً كبيراً بالنسبة للملابس النسائية.

وجاءت مشاهد الاعلام الكردية التي رافقت النيران المتوهجة على المشاعل، لتشكل حضوراً بارزاً في جميع مظاهر الاحتفال التي جاءت بمشاركة عشرات الآلاف، خاصة في مدينة السليمانية (364 كم شمال بغداد) حيث تجمع في الشارع الرئيسي فيها (شارع سالم) آلاف المحتفلين الذي انشغلوا بالدبك والغناء وتقديم عروض فنية خاصة ضمن مهرجان كبير نظمته المحافظة، فيما تجمع الآلاف في مدينة زاخو القريبة من الحدود التركية، قرب الجسر الاثري القديم وعلى ضفاف النهر القريبة وفوق القمم الجبلية وسط مجموعات من فناني المدينة الذين تبادلوا الغناء، واستهلوا فقراتهم باغاني وطنية تحكي قصة الثائر الذي قتل الحاكم الطاغية، كما تحكي الاسطورة التي يتناقلها الاكراد.

في مدينة دهوك (460 كم شمال العاصمة بغداد) طافت سيارتا حمل كبيرتان، مزينتان بالاعلام  الكردية وبورود الزينة وبمشاعل نار خاصة وهي تحمل عشرات الشباب والشابات، عدد من شوارع المدينة وسط اصوات الموسيقى المرتفعة، واطلقت الالعاب النارية في سماء المدينة بكثافة لتزينها مع حلول الظلام.

كما جرت احتفالات في كركوك (250 شمال العاصمة بغداد)، وقام محافظها (عبد الرحمن مصطفى) باشعال النار بحضور ممثلين عن مختلف مكونات المدينة، فيما جرت احتفالات في بعض الاحياء الكردية والتي رعته مؤسسات ثقافية واجماعية كردية.

القنوات التلفزيونية الكردية، الفضائية والارضية، التي كانت قد بثت برامج خاصة منذ يوم أمس الخميس عن الاحتفالات بعيد رأس السنة الكردية والاستعدادات لعيد نوروز، نقلت من مختلف المدن الكردية مشاهد اشعال النيران في بعض الساحات العامة وعلى قمم الجبال.

الاحتفالات جرت في اجواء امنية مكثفة في مختلف المدن واشعلت النيران باستخدام مشاعل خاصة اعدت للمناسبة، وذلك في ساحات ومتنزهات ومناطق مفتوحة تمكن المحتفلين من سهولة الوصول اليها والتجمع باعداد كبيرة فيها، بعد ان قطعت حركة السيارات وتم نشر اعداد من البيشمركة على الطرق لحمايتها.

الاحتفالات لم تخلو من اطلاق الرصاص الحي في الهواء، لكن بشكل محدود، وهو ما كان يشكل احد ابرز مظاهر الاحتفال قبل عقدين من الزمن، باعتبار اطلاق النار احد ابرز وسائل التعبير عن الفرح والسعادة لدى الكثير من شعوب المنطقة.

واعلنت حكومة اقليم كردستان ايام 21 والى 23  عطلة رسمية ودعت عشرات السفراء الاجانب لزيار الاقليم والمشاركة في الاحتفالات الضخمة التي يتم الاستعداد لها، والتي تعد احد مظاهر التميز القومي الكردي عن باقي شعوب العراق.

الاكراد والعرب في واسط يحتفلون بعيد نوروز على الجبال

واحتفلت العوائل الكردية القاطنة شرقي محافظة واسط، باعياد نوروز على قمم الجبال المحاذية لايران وسط اجراءات امنية مشددة رافقت الاحتفالات التي نضمتها السلطات المحلية، بحسب مصدر امني في شرطة واسط.

وقال المصدر لوكالة اصوات العراق ان “سكان مدينة بدرة المحاذية للشريط الحدودي مع ايران (90 كم شرق الكوت) احتفلوا بمناسبة اعياد نوروز وسط اجراءات امنية مشددة”، مبينا ان القوات الامنية “نظمت سير المركبات الوافدة من مركز مدينة الكوت باتجاه مدينة بدرة والتي سببت زحاما كبيرا في المدينة بسبب شوارعها التي لا تتسع لعدد السيارات الوافدة”.

وتابع المصدر ان “ان العوئل المحتفلة هي خليط من العوائل الكردية والعربية والتي اخذت بالصعود الى قمم الجبال واشعال النيران كتقليد سنوي ابتهاجا بالمناسبة”.

واشار الى ان “واجبنا كان هو توزيع مفارز للشرطة في مداخل ومخارج المدينة ودوريات راجلة منها انتشرت بين الجبال”.

وقال احمد سميع الذي يسكن مدينة بدرة لوكالة اصوات العراق “تعودنا على استقبال العوائل الوافدة من مركز المحافظة لمدينة بدرة، واستضافة العوائل الوافدة في منازلنا للمبيت حتى صباح اليوم التالي عندما تتاخر ساعات الاحتفال”.واضاف ان “مدينة بدرة فيها خليط من العوئل العربية والكردية، وكلنا نعيش فيها سوية منذ ان ولدنا هنا، ولم تستطع الهجمة الطائفية ان تفرقنا، وتعودنا في كل عام ان نحتفل باعياد نوروز معا”.

الأكراد في السويد يحتفلون ايضا

وفي خارج العراق نظمت الجالية الكردية المقيمة في السويد احتفالات واسعة بمناسبة رأس السنة الكردية ( عيد نوروز) والذي صادف السبت الماضي، وقال مسؤول محلي في الحزب الديمقراطي الكردستاني في السويد كمال ناودار لوكالة أصوات العراق إن “المئات من الأكراد احتفلوا ليلة الجمعة الماضية بأعياد نوروز في منطقة تنيستا في العاصمة السويدية ستوكهولم، وأوقدوا شعلة نارية كبيرة، احاط بها المحتفلون وهم يرددون الأغاني الكردي”.

ويحتفل الاكراد في الحادي والعشرين من آذار مارس من كل عام باعياد نوروز الذي يعتبر رأس السنة الكردية كما يعتبره الكرد في جميع أنحاء العالم عيداً قومياً لهم.

وقبل ذلك بيوم واحد، اي في مساء الـ20 من آذار مارس يتوجه الاكراد في مدن كردستان الى قمم الجبال والتلال ليشعلوا النيران تعبيرا عن إحتفالهم بعيد نوروز وقدوم فصل الربيع، إذ ان إشعال النيران، حسب الأسطورة التأريخية الكردية القديمة لهذا العيد، يعتبر رمزاً للحرية والخلاص من الظلم و الطغيان.

وأضاف ناودار ان “حفلات عدة تزامنت الليلة، احتفالاً بأعياد نوروز شهدتها كبريات المدن السويدية مثل ستوكهولم ويتوبوري ومالمو ومدن اخرى”.

وحسب ناودار فأن شخصيات سياسية سويدية رفيعة المستوى شاركت في الأحتفالات التي اقامتها الجالية الكردية بالمناسبة، مؤكداً حضور رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي منى سالين الحفل الكبير الذي اقيم في ستوكهولم بمناسبة نوروز. ويعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي اكبر الأحزاب السويدية واكثرها شعبية.

وحسب الأسطورة الكردية فان الكرد وقبل آلاف السنين كانوا يعانون من ظلم الطاغية (ضحاك) الذي كان يقتل كل يوم شابين إثنين ويستعمل دماغهما لعلاج داء خبيث فوق كتفيه، وفي أحد الأيام إنبرى له شاب كردي كان يسمى (كاوة الحداد) وقضى على الطاغية وفي نفس الوقت أخبر أصدقاءه بإن يشعلوا النيران فوق قمم الجبال والتلال تعبيراً عن إحتفالهم بنيل الحرية وفرحتهم بنهاية عهد الحاكم الظالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25/آذار/2009 - 27/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م