مستقبل المياه في العراق وأهمية تفعيل الدور الحكومي

 

شبكة النبأ: قبل نصف قرن من الآن تقريبا، كان العراق يخشى الفيضانات التي قد تحدث بسبب زيادة مناسيب المياه في أحد نهريه العملاقين او كلاهما، وكانت الاستحضارات لصد تلك الفيضانات تتطلب إشراك قوات الجيش وعناصر الدفاع المدني وغيرها من الجهود من اجل تلافي خطر الماء الفائض.

أما اليوم فقد بات العراق لاسيما في الوسط والحنوب يتحسر على تلك الايام، حيث بدأت مناسيب المياه تقل في نهري دجلة والفرات لدرجة أنك لن تُفاجئ برؤية الجزرات وهي تتشكل في اعماق الماء، مما يزرع القلق في النفوس وكأنك تتابع كائنا بشريا يلفظ أنفاسه رويدا، فالنهر الذي كان عريضا أخذ يضمر وينحسر ويتقارب جرفاه  شيئا فشيئا ليتحول الى نهر عادي يفقد حجمه وهيبته بسبب قلة الماء بشكل متواصل، وحول هذا الموضوع، عبر نائب في البرلمان ينتمي لحزب الفضيلة عن تشاؤمه من مستقبل المياه في العراق، مطالبا الحكومة بايجاد الحلول المناسبة لمشكلة المياه مع تركيا، فيما قلل نائب رئيس لجنة الزراعة والاهوار في البرلمان من اهمية  هذه المخاوف، مبينا أن العراق بامكانه سد النقص الحاصل بالمياه عن طريق المياه الجوفيه.

فقد قال النائب عن كتلة الفضلية كريم اليعقوبي لوكالة أصوات العراق إن “العراق يعاني كثيرا من شحة المياه والجفاف وانحسار سقوط الامطار والتي اثرت بشكل سلبي على الانتاج الزراعي وتحولت الكثير من الاراضي الزراعية الى اراض صحراوية غير صالحة للزراعة وادت الى قلة الغطاء النباتي وتعرية التربة”.

وأضاف أن “أهم الاسباب في شحة المياه في العراق هو انخفاض منسوبي نهري دجله والفرات وهما الشريان النابض بالحياة في العراق وسبب الانخفاض عائد لعدم تعاون البلدان المتشاطئه في المياه مع العراق في تأمين حصه عادله للعراق من المياه”.

يأتي ذلك بالتزامن مع الاحتفال السنوي في (22 اذار مارس) باليوم العالمي للمياه الذي وضعته الامم المتحدة من  أجل توفير مياه نظيفة عذبة للشرب، و زيادة الوعي ‏العالمي للمشاكل والحلول للمساعدة في حل مشكلة المياه.

وياتي الاحتفال هذا العام بالتزامن مع انعقاد المؤتمر العالمي للمياه في اسطنول والذي حضرته اكثر من 44 دولة من  العالم لايجاد حلول لمشكلة النزاعات على المياه بين الدول المتشاطئة.

وبين اليعقوبي أن “تركيا التي تعتبر بلد المنبع للنهرين قد اقامت السدود والخزانات العملاقه مثل سد آليسا وسد أتاتورك وغيرها دون الاخذ بنظر الاعتبار حصة العراق المائية مما خفض مستويات المياه بشكل كبير في النهرين”.

وتقوم تركيا منذ سنوات ببناء عدة مشاريع اروائية على نهري دجلة والفرات لغرض ملء الخزانات والسدود المقامة في منطقة جنوب شرق الاناضول (الغاب)، فضلاً عن وجود المشاريع السورية، الامر الذي ادى الى تقليل حصة المياه الواصلة الى العراق لفترات متفاوتة خلال العقود المنصرمة ما اثر سلباً على المشاريع الانمائية.

وأوضح اليعقوبي أن العراق “حاول  ومنذ فترة طويلة ان يعمل على عقد اتفاقية مع تركيا وايران وسوريا لغرض تحديد حصته المائيه الا ان كل الجهود لم تفلح في عقد مثل هذه الاتفاقيات وقد استخدمت المياه كورقة سياسيه للضغط عليه”.

ويذكر أن اغلب مياه نهري دجلة والفرات العراق وفروعهما تنبع من دول الجوار تركيا وايران.

ويبدو أن السياسية المائية في العراق لم تقم على أسس مدروسة بصورة دقيقة، فلو أُخذت بنظر الاعتبار منابع نهري العراق وفروعهما، كونها تنبع من دول الجوار، وأن هذا الحال قد يستخدم كأوراق ضغط سياسية على العراق، لكانت الجهات المعنية لاسيما الوزارة ذات العلاقة بالمياه قد وضعت الخطط الكفيلة لدرء خطر الضغوط المذكورة، كإقامة السدود والخزانات المائية العملاقة وغيرها من الاجراءات التي تصب في معالجة هذا الأمر، ومع ذلك يجب ان يأخذ السياسيون الحاليون دورهم في معالجة شحة المياه وإشراك الدول الاقليمية في معاهدات قائمة على المواثيق الدولية للحد من شحة المياه التي يتعرض لها العراق في الوقت الحالي.

فقد طالب النائب اليعقوبي الحكومة والجهات المختصة في البلاد “باعطاء ملف المياه اولوية واهمية استثنائية والاستفادة من علاقات العراق الجيدة مع الدول الكبرى للتأثير والضغط على تركيا من اجل تأمين حصة مائية عادلة للعراق”.

من جهته، قال نائب رئيس لجنة الزراعة والاهوار عن قائمة التحالف الكردستاني لطيف حاجي لوكالة (أصوات العراق) إن “مشكلة المياه في العراق هي ليست كما يصورها الاعلام وبعض الجهات، من أن العراق يعاني من جفاف، انا شخصيا متفائل بحل المشكلة فيما اذا تم ادارة المياه بشكل جيد في المنطقة”.

وأوضح حاجي أن “مشكلة المياه اصبحت مشكلة عالمية بسبب زيادة السكان وزيادة الحاجة للمياه، لهذا السبب نحن لا نفكر كما كنا نفكر سابقا على اجبار ايران او تركيا  بشكل غير تفاهمي لحل مشكلة المياه، انما يتجه الكل حاليا نحو القرارات والتفاهم من اجل توزيع المياه”.

وبين أن “الشعار المرفوع  بين العراق وتركيا وايران هو التفاهم لاسيما بعد اتصالنا بالاعضاء الاوربيين خاصة المجوعة الاوربية كون الامر يتعلق بهم لأن شحة المياه تؤثر على الاقتصاد وبالتالي تتأثر اسواقهم”، لافتا إلى أن “المخاطر من أن تكون الفترة المقبلة فترة حروب على المياه زالت لأن التفاهم هو السائد”.

وعبر عن أسفه “الشديد لأن العراق لا يملك الخزانات الكافية لتخزين المياه، لذا يجب علينا ان نعمل على توفير العدد الكافي من الخزانات من ايرادات  بيع النفظ، فنحن في اقليم كردستان لا نعاني من شحة في المياه نظرا لكمية الامطار التي سقطت على كردستان كما أن الاحواض لدنيا كافية لخزن المياه”.

وشدد على “ضرورة ايلاء اهمية كبرى لمناطق الوسط والجنوب من العراق للاهتمام بالمياه الجوفية، ويجب أن يكون هناك اهتمام كبير لادارة المياة الجوفية، وخصوصا أن ما متوفر منها من الناحية  العلمية من الانواع الجيدة وممكن ادارتها والاستفادة منها لسد النقص الحاصل بالمياه”.

إن هذا الأمر يتطلب دراسات علمية وميدانية معمقة تقود الى وضع الخطط الاجرائية السريعة والمدروسة بصورة جيدة لتلافي حالات الجفاف التي تهدد مناطق كثيرة من العر اق، وهذا هو دور الحكومة ووزارة الموارد المائية التي ينبغي أن تأخذ دورهاالجاد في معالجة هذا الموضوع الشائك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25/آذار/2009 - 27/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م