المصالحة مع البعثيين تصطدم بمعارضة شعبية واسعة

المالكي وشخصيات وجهات حزبية تتنصل عن تأييدها

اعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: تسابقت (مؤخرا) العديد من الشخصيات الحكومية لنفي تأييدها لما طرحه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن ضرورة المصالحة مع أعضاء حزب البعث المحظور.

فبعد أن واجه المالكي سيلا من الانتقادات والضغوط المباشرة دعته للتراجع عن دعوته، وتجلي أبعاد ما سيتركه هذا المشروع من أصداء شعبية رافضه، تصاعدت العديد من الأصوات الحكومية والبرلمانية لتعلن (براءتها)  مما تم طرحه رسميا.

يذكر إن بعض الجهات سارعت لتبني الفكرة أملا في المكاسب السياسية قبل أن تعلن تراجعها بعد أن تجلى للعيان حجم الفئات الشعبية المناهضة لفكرة التصالح مع البعثيين.

المالكي يصدر توضيحا

فقد أصدر المكتب الخاص لرئيس الوزراء نوري المالكي، توضيحا لموقفه من حزب البعث المنحل، اعلن فيه انه “لا يمكن ان يكون  شريكا في العملية السياسية”، وان هناك وسائل اعلام نسبت للمالكي كلاما لم يرد في حديثه، مبينا ان الهدف من اصدار الايضاح هو “طمأنة الشعب العراقي وإزالة مخاوفهم وقلقهم”.

وذكر مكتب المالكي ان هذا الايضاح يأتي لوجود دعوات اطلقها المالكي “لتفعيل المصالحة الوطنية وفق ضوابط وسياقات حددها الدستور، وانسجاما مع نهج المصالحة الوطنية وتهيئة ً لمناخ الاصلاح السياسي” وبهدف “إزالة الالتباس الذي اشاعته بعض وسائل الاعلام عن كلام لم يرد في حديث لسيادته حول الموقف من حزب البعث المنحل، نوضح الامر للجميع ليتفاعلوا معه دون خوف او قلق مصطنع”. بحسب أصوات العراق.

وجاء في الايضاح ان “الدستور العراقي يمنع اي حوار او عودة لنشاط حزب البعث المنحل او مشاركته في  العملية السياسية لارتكابه جرائم بشعة بحق جميع مكونات الشعب العراقي على مدى خمسة وثلاثين عاما، ولدعوته وممارسته افكارا طائفية وعنصرية، فاننا ندعو الجميع الالتزام بهذا المبدأ تجاه كل مسميات او واجهات حزب البعث المقبور”.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، دعا العراقيين المعارضين الى العودة الى العراق وتفعيل المصالحة الوطنية، شاملا بدعوته كل الاطراف السياسية، وهو ما قيل حينها انها تشمل حزب البعث.

واضاف مكتب المالكي أن “هذا الحزب (البعث) الذي يتحمل كامل المسؤولية عن معاناة الشعب العراقي والاوضاع الانسانية والسياسية والامنية والاقتصادية، لايمكن ان يكون حزبا وطنيا او ملتزما بالدستور، وان كل من يفكر بالحوار معه ناهيكم عن السماح له بالعودة للعمل السياسي يرتكب مخالفة دستورية صريحة تتعارض مع دولة القانون والمؤسسات التي نعمل على تعزيزها في العراق الجديد”.

وبين الايضاح أن “حزب البعث المنحل الذي اضاف الى جرائمه السابقة باصطفافه الى جانب تنظيم القاعدة والمنظمات الارهابية، لا يمكن ان يكون شريكا في العملية السياسية التي تقوم على اساس الدستور”، إذ انه “أكره الكثير من العراقيين على الانتماء اليه، ونحن نميز بين الذين أكرهوا على الانتماء تحت الضغط وبين من اعتقد بأفكاره وممارساته الطائفية والعنصرية، وعلى هذا الاساس فاننا نجدد الدعوة لاولئك الاشخاص للعودة الى الوطن كمواطنين وليس كأعضاء في حزب البعث المنحل، وأن يتعهدوا بعدم العودة اليه والالتزام بافكاره ومتبنياته، ان دعوتنا موجهة الى اولئك الذين لم يرتكبوا جرائم ولم تتلطخ ايديهم بدماء الابرياء ولم يعتدوا او ينهبوا المال العام ويثروا على حساب ابناء الشعب العراقي العزيز”.

وتابع مكتب المالكي، وفقا للايضاح ان دعوة المالكي للمعارضين للعودة الى ارض الوطن “جاءت بعد ان سقطت كل الادعاءات والتخرصات والاتهامات بحق حكومة الوحدة الوطنية واتضحت مواقفها الوطنية غير المنحازة مذهبيا او قوميا او حزبيا  وبشكل عملي  للقاصي والداني”، وانها كانت “دعوة مفتوحة وفي اطار المصالحة الوطنية لاسلاميين وقوميين ويساريين، ولا مبرر لحصرها على الاطلاق بالبعثيين او حزب البعث المنحل”.

وجاء في الايضاح ايضا أن “الاستفادة من اجواء الحرية والديمقراطية، مشروطة بالايمان بهما والعمل وفق ضوابطها، غير المسموح ان تستغل الديمقراطية والحرية ويساء العمل في ظلهما، فالدستور الذي منح الحريات وضع ضوابط وعقوبات، ومنها مضاعفة العقوبة على الذين يعودون للبعث، كما جاء وبشكل صريح ولا لبس فيه في حديث رئيس الوزراء في مؤتمر العشائر العراقية”.

و ختم المكتب الاعلامي ايضاحه قائلا “لمنع ازلام حزب البعث المنحل من العبث مجددا بالوحدة الوطنية ومبادئ المصالحة الوطنية وتحقيق مكاسب وقتية، ولطمأنة جميع ابناء الشعب العراقي العزيز وازالة مخاوفهم وقلقهم، اقتضى اصدار هذا  التوضيح”.

المالكي يؤكد ترحيبه بجميع المعارضين

فيما اعاد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال لقائه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بغداد الترحيب ب"جميع" المعارضين "لكن على اسس دستورية".

وقال المالكي في ختام اللقاء ردا على سؤال لاحد الصحافيين حول المعارضين "نرحب بالجميع لكن على اسس دستورية" في اشارة الى ان الدستور الجديد يحظر حزب البعث العربي الاشتراكي.

وانتقد "شعارات المعارضين وشكوكهم في ان الحكومة باعت العراق".

الا ان المالكي اكد اثر ضغوط وانتقادات من جهات شيعية ان المصالحة "باب مفتوح للجميع لكن فيه تدقيق حتى لا نعود للعنصرية والتمييز. لا نريدها ان تكون مخالفة دستورية في الحديث مع الذين اجرموا بحق الشعب كما انها ليست عودة للماضي".

من جهة اخرى، اوضح المالكي "ان القدرات الامنية والاستخباراتية قادرة على ملء الفراغات بشكل سريع كما ان الانسحابات لا تتم الا بالتوافق". بحسب فرانس برس.

بدوره، قال موسى ان "العراق الجديد يتشكل الان فهو دولة عربية يجب ان تستانف دورها بسرعة (...) اشعر بالفارق بين زيارتي السابقة قبل اربعة اعوام والان".

واضاف موسى في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية هوشيار زيباري "نتابع ونبارك وندعم العملية السياسية، وهي عملية عراقية".

وتابع ردا على سؤال ان "قلقنا يتضاءل والعراق اليوم ليس كما رايته قبل اربع سنوات ونامل ان يستمر هذا الامر".

وحول الملفات العالقة مع دول الجوار مثل ترسيم الحدود ومشكلة الديون، قال موسى "معظم هذه القضايا كانت فحوى الكلام والشرح اليوم وكل هذه المسائل مطروحة بين الدول العربية لايجاد الحلول".

وردا على سؤال حول الانسحاب الاميركي، تابع ان "الانسحاب امر طبيعي ويجب ان يكون العراق جاهزا لتسلم المسؤوليات كاملة والمصالحة الوطنية يمكن ان تشكل وضعا متينا ليكون العراق قادرا على تسلم الملف الامني والنهوض".

وزار موسى الى بغداد لمحادثات حول عدد من المسائل مع كبار المسؤولين العراقيين، وخصوصا "تقدم العملية السياسية".

الربيعي لا مصالحة مع البعث الصدامي

من جانبه قال مستشار الأمن الوطني، أنه لا مصالحة مع “البعث الصدامي” مشددا على عدم إمكانية عودته إلى الحياة السياسية في العراق باستثناء الأعضاء الذين وصفهم “بالمكرهين على الانتماء للحزب أو من كانوا يبحثون عن لقمة العيش”

 وأوضح موفق الربيعي في مؤتمر صحفي عقده في النجف بعد زيارته المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني “لا توجد مصالحة مع حزب البعث الصدامي، و لا يمكنه العودة إلى الحياة السياسية في العراق، وليس هناك أي شكل من أشكال المصالحة الوطنية معه”. مستدركا “لا بد أن نستثني الشريحة الكبيرة من الشعب العراقي الذين انتموا مكرهين، أو انتموا تحت الإكراه من اجل لقمة العيش، فعلينا أن نرعى هؤلاء كأي مواطن آخر”. وتاتي تصريحات مستشار الأمن القومي متزامنة مع تصريحات المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، التي مفادها ان حزب البعث “مرفوض” بكل مسمياته للعمل السياسي في العراق؛ كونه ارتبط “بتدمير العراق والمنطقة”.

وفي سياق آخر تطرق الربيعي إلى موضوع اتهام بعض السياسيين العراقيين بتلقي رشاوى من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة قائلا “هناك تقارير استخبارية ذات قيمة عالية و صدقية وصلتنا، يمكن لقسم منها أن يرقى إلى مستوى تجريم بعض العناصر مؤداها أن منظمة خلق الإرهابية تقدمت برشاوى إلى بعض السياسيين و الجهات السياسية العراقية من أجل التأثير على مواقفهم والدفاع عن وجود و بقاء المنظمة في العراق”, مشددا على أن “محاولة رشوة بعض السياسيين العراقيين أمر لا نقبل به”. بحسب أصوات العراق.

وشدد أن العراق “لا يعترف بوجود لمنظمة خلق الإرهابية في العراق، و أنما يعترف بوجود 3418 ساكنا إيرانيا في معسكر اشرف” منوها “سوف لا نجبر أي احد للعودة إلى إيران بالقوة و أنما نعتقد أن الغالبية العظمى من هؤلاء يريدون العودة إلى إيران طوعا”.

و لفت إلى أن “إيران مستعدة لان تعطيهم الجوازات الإيرانية لكي يسافروا إلى أي بلد في العالم”.

و كشف الربيعي أن “هناك 914 من هؤلاء لديهم أما إقامة أو لجوء أو جواز صادر من دولة غربية، و يمكن أن يعودوا إلى بلدانهم “. مبينا أن “هناك قرار للحكومة العراقية بإغلاق المعسكر في اقرب وقت ممكن، و تحويل المعسكر بعيدا عن الحدود الإيرانية و خارج مرمى نيرانها، لان مسؤليتنا حماية المعسكر من أي تهديد خارجي”.

و في سياق منفصل آخر أعلن الربيعي أن “هناك قرار سياسي بإطلاق سراح أو تسليم كل المعتقلين العراقيين الذين عددهم 443 معتقلا عراقيا في السجون السعودية إلى السلطات العراقية  وأن هذا الأمر ينتظر أن نوقع اتفاقية أمنية مع المملكة العربية السعودية”.

وأردف أن مسودة الاتفاقية “موجودة وفي مرحلة الدراسة، و عند إقرارها من قبل مجلس النواب تصبح اتفاقية، و نستلم من خلالها كل أبنائنا في المملكة العربية السعودية” مشيرا إلى  أن “في العراق نحو 161 سعوديا محكوما محكوميات بعضهم  طويلة الأمد و آخرين منهم قصيرة الأمد، وهم في انتظار التبادل بعد توقيع الاتفاقية بين الطرفين “.

الدستور يحظر البعث الصدامي

 قال الخبير القانوني طارق حرب، ان الدستور العراقي  حظر حزب البعث الصدامي من المشاركة بالعملية السياسية، لافتا الى ان العضوية في حزب البعث لا تعد سببا للاحالة الى المحاكم. بحسب أصوات العراق.

وأضاف حرب الذي يرأس أيضا جمعية الثقافة القانونية ان الدستور العراقي”نظم الموقف من حزب البعث في المادة السابعة منه والتي حضرت البعث الصدامي، كما ان المادة 135/ خامسا من الدستور قررت ان مجرد العضوية في حزب البعث لا تعد اساسا للاحالة الى المحاكم “.

واشار حرب الى ان الدستور ” اكد على ضرورة ان يتساوى اعضاء حزب البعث السابق مع بقية المواطنين”، مبينا ان قانون المساءلة والعدالة “استثنى القيادات في حزب البعث فقط” .

التصالح مع البعثيين مجرد اعلام

كما وصف النائب عن جبهة التوافق رشيد العزاوي، دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي للتصالح مع البعثيين بانه “مجرد اعلام”، لافتا الى ان ذلك يعد مخالفة دستورية لا يمكن لرئيس الوزراء تنفيذها الا اذا عدل الدستور. بحسب أصوات العراق.

وقال العزاوي: “انا اعتقد ان الحديث عن المصالحة مع البعثيين هو مجرد محاولة اعلامية لا تقدم ولا تؤخر، وقد تكون متأتية من ضغوطات دولية وداخلية او قد اراد ان يقول رئيس الحكومة من خلالها بانه ليس لدية اي خلاف مع المعارضين للعملية السياسية”، مستدركا “لكن لا يمكن للمالكي ان يخالف الدستور، لأن عودة البعثيين يتطلب تعديل الدستور وذلك لن يتم الا بالرجوع للجنة التعديلات الدستورية”.

الدليمي يدعو إلى مصالحة حقيقية

من جهته دعا رئيس جبهة التوافق، الشعب العراقي والحكومة إلى مصالحة حقيقية مع جميع الفصائل المعارضة للعملية السياسية، لافتا الى ان جبهته مع أية مصالحة مبنية على التسامح وحسن النوايا وتسهم في إعادة امن واستقرار العراق.

وقال عدنان الدليمي” نحن في جبهة التوافق نرحب بأية مصالحة تساهم في استقرار العراق وجعله بلدا مزدهرا ومستقرا. بحسب أصوات العراق.

واشار النائب الدليمي”نحن نرى أهمية مشاركة جميع العراقيين في العملية السياسية باستثناء الذين تلطخت ايديهم بدماء الابرياء”  مشيرا الى ان” مصلحة العراق تكمن في المصالحة الحقيقية”

وتابع ” سبق وان دعت بعض القوى السياسية الى الغاء قانون اجتثاث البعث لان يساهم في إقصاء أعداد كبيرة من العراقيين اجبروا على الانتماء لهذا الحزب تحت ظروف معينة ونحن نؤكد ذلك”

وزاد” من المنطقي أن تعود الفصائل المعارضة التي لم ترتكب جرما بحق العراقيين الى البلاد وتأخذ فرصتها في العمل السياسي شأنها في ذلك شأن جميع القوى السياسية ” مبينا ان “ذلك من شأنه أن يفرض شرعية اكبر على العملية السياسية التي يشهدها العراق.”

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/آذار/2009 - 26/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م