السعودية في مواجهة رياح التغيير

علي آل غراش

إننا نعيش في عالم متغير، والتغيير سنة من سنن الله تعالى في الكون، فكل شيء متغير من حال إلى حال؛ الإنسان يتغير ويتطور، وأساليب الحياة في جميع المجالات تتغير وتتطور بشكل مذهل بما يخدم الإنسان، وكذلك واقع الأمم والدويلات، ونظام الحكم الذي شهد طوال المسيرة البشرية تغيرات جذرية مذ إن حمل الإنسان المسؤولية، مسؤولية أعمار الأرض..،

فكانت هناك حكومات عادلة وشفافة ومنتخبة وديمقراطية ساهمت في خدمة شعوبها والإنسانية، كما كان هناك حكومات ظالمة وظلامية ومستبدة ودكتاتورية وشمولية استعبدت الإنسان والأرض، ونشرت الرعب والخوف في نفوس البشر، فأصبحت لعنة في تاريخ الإنسانية.

ومن يتابع سيرة الأمم والشعوب والحضارات على مر التاريخ البشري يستنتج إن رغبة الشعوب للتغيير والإصلاح لتسود العدالة والحرية والتطور، والعمل والتضحية لذلك، هي التي ساهمت في فرض التغيير والتطور لدولهم والتحضر.

وخلال هذه الفترة الزمنية تهب على دول العالم العربي وبالخصوص السعودية رياحا قوية جدا مليئة بالدعوة للتغيير والإصلاح في جميع جوانب الحياة، مدعومة بطلب دولي وعالمي جديد، وبإرادة ورغبة داخلية سعودية.

الشعب السعودي من جميع الأطياف جزء من شعوب العالم العاشقة للعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية والأمن والامان، وهو من أكثر الشعوب في هذه الفترة الزمنية رغبة للتغيير والإصلاح، وهذه الرغبة لم تصبح سرا لا في الداخل ولا في الخارج بل أصبحت معروفة للجميع، وتحولت إلى هدف يسعى المواطنون المخلصون من جميع التيارات والمدارس إلى تحقيقه، وهناك من دفع ضريبة تصريحه الصريح بذلك.

ونتيجة لشعور الحكومة السعودية برغبة الشارع السعودي الجامحة للتغيير والإصلاح قامت في السنوات الأخيرة بإصدار عدد من القرارات، منها تأسيس مجلس الشورى يتم اختيار أعضائه بالتعيين لا الانتخاب، وتأسيس هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان حكومية، وإقامة انتخابات للمجالس البلدية لمرة واحدة، وإنشاء مجلس الحوار الوطني، وأخر تلك القرارات قبل نحو شهر عندما اصدر خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قرارات بتعيين وزراء جدد يحملون فكرا أكثر انفتاحا، وإقالة بعض الوزراء والمسؤولين المعروفين بالتشدد والمحسوبين على المؤوسسة الدينية المتشددة، بالإضافة إلى تعيين علماء من المذاهب الإسلامية السنية لأول مرة في هيئة كبار العلماء لأول مرة في تاريخ الدولة السعودية، وتم استثناء علماء المذاهب الشيعية.

ولكن تلك القرارات لغاية الآن لم تصل إلى مستوى يشبع رغبة الشارع الذي ينتظر تفعيل قرارات خادم الحرمين على الأرض التي اصطدمت مع الواقع بسيطرة بعض المتشددين على زمام الإدارات. فالشارع السعودي يتطلع  للمزيد من القرارات الأكثر جرأة وقوة، ويوما بعد يوم يرفع سقف مطالبه مستفيدا من التغيرات التي تحدث في العالم وفي الداخل، ومن ارتفاع  الوعي لدى المجتمع، فالشارع كان في يوم من الأيام حدود مطالبه تتوقف عند الدعوة بالإصلاحات، ولكن الآن هناك من ينادي بالتغيير والإصلاح الجذري، وارتفعت مؤخرا بالتلويح بالانفصال كنتيجة لاستمرار التهميش وعدم فعالية قرارات التغيير والإصلاح وعدم فعالية مجلس الشورى ومجالس المناطق والبلديات ومركز الحوار، وعدم تطبيق واحترام التنوع والتعدد الفكري والمذهبي، وعدم السماح لجميع أبناء الوطن بممارسة حريتهم وحقهم في التعبير عن فكرهم وعقيدتهم بدون اعتداء على الآخرين،  وإشراك جميع أطياف الوطن في إدارة الوطن، وقيام المؤسسة الملكية الدستورية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/آذار/2009 - 26/ربيع الاول/1430