افغانستان: نفوذ طهران الاقليمي يفرض قواعد اللعبة على اوباما

امريكا بحاجة لمعونة ايران في مستنقع الامبراطوريات

 

شبكة النبأ: تعتزم الولايات المتحدة دعوة ايران الى مؤتمر دولي حول افغانستان في وقت لاحق هذا الشهر وهي اول مفاتحة من ادارة الرئيس باراك اوباما تجاه طهران. وتعتمد واشنطن على هذه البادرة من منطلق، ان الولايات المتحدة وايران لديهما مصالح مشتركة في افغانستان، واذا عملتا اولاً على القضايا التي قد تستطيعان الاتفاق بصددها فقد تستطيعان حينذاك بناء ثقة للمضي قدما بشأن قضايا شائكة مثل النزاع النووي.

فعلى سبيل المثال، قُتلَ اكثر من 3500 من أفراد قوات الامن الايرانية خلال قتال مهربي المخدرات منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979...

ولكن لماذا تحاول الولايات المتحدة التواصل مع ايران؟

امريكا وايران على خلاف منذ أطاحت الثورة الاسلامية التي اندلعت عام 1979 بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة.

وعلى رأس المخاوف الامريكية بشأن ايران الاشتباه في أن طهران تستغل برنامجها للطاقة النووية كستار لبناء قنبلة نووية. ويساور واشنطن القلق بسبب دعم طهران للجماعات الاسلامية المتشددة مثل حزب الله وحركة حماس.

لكن الولايات المتحدة وايران لديهما مصالح مشتركة في افغانستان واذا عملتا اولا على القضايا التي قد تستطيعان الاتفاق بصددها فقد تستطيعان حينذاك بناء ثقة للمضي قدما بشأن قضايا شائكة مثل النزاع النووي.

ما الذي يشترك فيه الجانبان بشأن افغانستان؟

تشترك الولايات المتحدة وايران الشيعية في كراهية حركة طالبان السنية المتشددة. وكادت ايران ان تخوض حربا مع افغانستان حين كانت تحكمها طالبان عام 1998 وقامت طهران بتسليح فصائل تحالف الشمال الافغاني ضد الحركة الاسلامية المتزمتة. ولا تريد الولايات المتحدة ولا ايران عودة طالبان الى الحكم مجددا.

وتريد الولايات المتحدة وايران ايضا أن تشهدا نهاية انتاج الافيون والهيروين في افغانستان. وتريد واشنطن هذا لانه يساعد في تمويل طالبان اما طهران فلانه يتم تهريب المخدرات عبر الحدود ويتعاطاها ما يصل الى مليوني ايراني.

وقتل اكثر من 3500 من أفراد قوات الامن الايرانية خلال قتال مهربي المخدرات منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979. وللجانبين مصلحة في ضمان استقرار افغانستان.

والتجارة بين ايران وافغانستان مزدهرة على امتداد طريق بنته ايران يؤدي الى مدينة هرات بغرب افغانستان.

وافتتحت افغانستان لتوها طريقا بنته الهند يمتد من الحدود الايرانية ويربط الطريق السريع الافغاني الرئيسي بموانيء ايرانية.

وسيفيد مزيد من التجارة ايران لكن من الممكن ايضا أن يحقق مزيدا من الرخاء للمساعدة في تحقيق الاستقرار لافغانستان.

ما هي النقاط العالقة؟

يقول قادة عسكريون امريكيون انه عثر على أسلحة ايرانية الصنع ومنها القنابل التي تزرع على الطرق في افغانستان. لكن لم يتم التوصل الى اي دليل حتى الان يثبت أن حكومة ايران نفسها أمدت المسلحين الذين يقاتلون القوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي وحكومة كابول الموالية للغرب بهذه الاسلحة.

ويقول محللون ان ايران لا تريد عودة حركة طالبان المتشددة الى الحكم لكنها قد تغذي المقاتلين حتى تبقي القوات الامريكية مكبلة الايدي وغير قادرة على مهاجمة ايران. بحسب سي ان ان.

واذا كانت طهران وراء بعض شحنات الاسلحة فسيساعد مناخ ينطوي على ثقة اكبر بين الولايات المتحدة وايران في الحد من قدر من تكنولوجيا صناعة الاسلحة والقنابل لطالبان.

لكن حكومة ايران ستريد ضمانات ملموسة بأن القوات الامريكية لن تستخدم قواعد في افغانستان لمهاجمة ايران. وفي حين قد لا يريد رجال الدين الشيعة الذين يحكمون ايران ان تنجح حركة طالبان السنية في افغانستان قد يحجمون ايضا عن المساعدة في ظهور ديمقراطية مستقرة على الجانب الاخر من الحدود الشرقية لبلادهم.

طهران: أمريكا بحاجة لمساعدتنا لحل مشكلة أفغانستان

وردّت طهران على التقارير التي تشير إلى عزم الولايات المتحدة دعوتها إلى مؤتمر يُعقد لدراسة الوضع في أفغانستان بالقول، إن واشنطن "تحتاج إلى مساعدة إيران لحل المشكلة الأفغانية،" وأن طهران مهتمة بعودة الاستقرار إلى ذلك البلد.

وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، غلام حسين إلهام، إن "الولايات المتحدة والقوى العالمية لن تتمكن من استعادة الاستقرار في أفغانستان المجاورة دون مساعدة إيران الإسلامية."

ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية عن إلهام قوله: "إذا كانوا بحاجة إلينا فإنهم سيعرضون الدعوة، ونحن سندرسها انطلاقا من توجهنا لمساعدة أفغانستان بأية طريقة، وإن الاستقرار في أفغانستان من أولويات إيران."

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد دعت الجمعة إلى عقد مؤتمر حول أفغانستان والتحديات الإقليمية، بمشاركة الدول المجاورة لأفغانستان، بما في ذلك إيران. بحسب سي ان ان.

وقالت هيلاري كلينتون، في أول كلمة لها كوزيرة خارجية أمريكية في اجتماع لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الخميس، إن المؤتمر سيعقد في الحادي والثلاثين من مارس/آذار الجاري.

وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى للصحفيين: "أتوقع أن توجه الدعوة لإيران" لحضور المؤتمر الذي لم يحدد مكان انعقاده، غير أنه أشار إلى أن هذا الأمر موضع نقاش مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.

يشار إلى أن الموقف الأمريكي حيال الدور الإيراني في أفغانستان قد شهد الكثير من التبدلات، حيث تشير تقارير إلى تعاون مشترك في بداية التدخل العسكري الأمريكي بأفغانستان، كانت طهران تهدف من خلاله التخلص من حكم حركة طالبان التي تختلف معها سياسياً وعقائدياً. وفي مرحلة لاحقة، جرت الإشارة إلى دور سلبي لإيران بدعم العمليات المسلحة ضد القوات الدولية في ذلك البلد.

يذكر أن واشنطن سبق لها تطبيق إستراتيجية عقد لقاءات لدول الجوار في الملف العراقي، وقد تخلل هذه اللقاءات حصول اجتماعات أمريكية إيرانية لدراسة الوضع الأمني.

ويعتبر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن معالجة الوضع في أفغانستان ركيزة أساسية في سياسته الخارجية، وقد وافق مؤخراً على زيادة حجم القوات الأمريكية في تلك الجبهة، كما يعكف على دراسة خطط جديدة لمواجهة العنف المتزايد.

ايران: امريكا تمنى بفشل في افغانسان

وقالت ايران ان الولايات المتحدة تمنى بفشل في أفغانستان وان هناك حاجة لانتهاج اسلوب جديد بعد أربعة أيام من اعلان واشنطن انها ستدعو طهران لمؤتمر دولي لبحث الوضع في افغانستان.

ولم يوضح وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي ما اذا كانت ايران ستقبل الدعوة الامريكية للاجتماع المقرر هذا الشهر بشأن افغانستان والتي تمثل مفاتحة سريعة من جانب الادارة الامريكية الجديدة برئاسة باراك أوباما تجاه ايران.

وقال متحدث باسم الحكومة الايرانية ان بلاده ستدرس الدعوة وانها مستعدة لمساعدة افغانستان في مواجهة تعاظم تمرد طالبان. بحسب رويترز.

وقال محلل ايراني انه يعتقد ان ايران ستحضر لانها "تريد الاعتراف بها كطرف رئيسي في افغانستان". ولا تربط ايران والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية منذ نحو 30 عاما وتنخرطان الان في مواجهة بشأن برنامج طهران النووي الذي يشتبه الغرب في انه يهدف الى انتاج قنابل وتؤكد ايران ان أغراضه سلمية. لكن المحللين يقولون ان الغريمين يشتركان في مصلحة واحدة الا وهي تحقيق الاستقرار في أفغانستان.

وقال متكي ان الولايات المتحدة جاءت الى افغانستان قائلة انها ستقضي على التطرف وتحقق الامان وتنهي تجارة المخدرات.

وقال لمحطة تلفزيون حكومية "كل المؤشرات المتعلقة بهذه المجالات الثلاثة تظهر أن الاوضاع قد تدهورت بحدة."

وقال متكي ان هذا يوضح ان السياسة الامريكية في افغانستان "غير صحيحة".وأضاف انه ينبغي على المسؤولين الامريكيين ان "يشيروا الى انهم يريدون انتهاج توجه جديد."

وقال قائد القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان الجنرال ديفيد مكيرنان لهيئة الاذاعة البريطانية يوم الاثنين انه رغم النجاح الذي تحقق في بعض مناطق افغانستان الا ان حلف شمال الاطلسي لا يحقق فوزا في مناطق من الجنوب.

وقال في مقابلة "هناك مناطق اخرى.. مناطق كبيرة في الجزء الجنوبي من افغانستان بصفة خاصة وفي اجزاء من الشرق لا نحقق فيها فوزا."ودعت ايران في احيان كثيرة القوات الامريكية الى الانسحاب من المنطقة قائلة انها تزيد الاوضاع سوءا.

وقال أوباما فيما اعتبر تحولا كبيرا عن السياسة الامريكية السابقة انه يريد اشراك ايران في الامر. ومبادرة افغانستان ستكون بداية تقارب دبلوماسي مع طهران.

ورغم أن ايران والولايات المتحدة ناقشتا أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة الا ان ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش عملت على ان تبقي الحكومة الافغانية الجديدة الموالية للغرب ايران بعيدة.

وتوقع المحللون أن فريق أوباما من المرجح ان يبدأ حوارا مع ايران بشأن مسائل مثل افغانستان حيث تحاول الولايات المتحدة قلب موازين حرب قد تخسرها وحيث تعتزم ارسال قوات اضافية قوامها 17 الف جندي.

وقال المحلل الايراني الذي رفض ذكر اسمه "ايران لا تتمتع بنفوذ كبير في افغانستان."وأوضح وزير خارجية افغانستان رانجين دادفار سبانتا رغبته في حضور ايران المؤتمر الذي قد يعقد يوم 31 مارس اذار الجاري وسيضم دول الجوار ومنها باكستان ودول أخرى.

وقال سبانتا للصحفيين خلال زيارة لطهران "نحن نرحب بقوة بأي دور ثمين قد تريد ايران القيام به لتعزيز السلام في أفغانستان."

وقال محمد حسن خاني الاستاذ المساعد للعلاقات الدولية في جامعة الامام الصادق في طهران ان من مصلحة الدولتين الاسلاميتين والغرب ان تعمل طهران وواشنطن على حل مشكلاتهما.

وكتب في صحيفة واشنطن بوست يقول "الجهود التي تشمل نوايا طيبة وتعاملات ومفاوضات ستكون أكثر نجاحا بالتأكيد من استمرار العداء... الولايات المتحدة بدأت بدمج ايران في مناقشات تتعلق بافغانستان."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 22/آذار/2009 - 24/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م