تزايد وتيرة العنف في العراق.. رسائل سياسية أم صحوة موت

الخلايا النائمة التهديد الأبرز للمكاسب الأمنية

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: الخشية والترقب في الشارع العراقي كانت المشهد الأبرز مع سلسلة الانفجارات الاخيرة التي استهدفت المدنيين في بغداد، وهي بقدر ما عكّرت صفو الامن الذي شهدته مؤخرا العديد من مناطق العاصمة، وضعت امام الحكومة العراقية مسؤوليات مضافة وتحديات اخرى.

وفيما اعتبر محللون ان الانفجارات تحمل رسائل سياسية تقف وراءها جهات سياسية مرتبطة بالارهاب، عدّها آخرون بأنها صحوة موت، إلا أن رئيس مجلس محافظة بغداد معين الكاظمي اعتبرها جرس انذار للحكومة بعد اعتقادها باستقرار الوضع الامني بشكل تام في العراق.

وقال معين الكاظمي “أدعو الحكومة الى التعامل بحزم مع هذا الملف والتصدي له بجدية وان تسارع بتنقية الاجهزة الامنية من دفاع وداخلية واجهزة اخرى من العناصر المشكوك بولائها للعراق وان تكون راعية لتكريس الامن الحقيقي في بغداد والمحافظات.

وأضاف  بأن الخروقات الامنية الاخيرة تشكل جرس انذار للقوى الامنية والحكومة التي اعتقدت بأن الاوضاع الامنية استقرت وانتهى كل شي. مبينا أن الخلايا نائمة لا تزال تعمل في العراق ولا تزال هناك جهود تبذل من داخل العراق وخارجة لتأزيم الاوضاع الامنية.

وكانت سلسلة انفجارات وقعت في بغداد، خلال الايام القليلة الماضية، استهدفت عددا من المدنيين. حيث استهدف انتحاري، الثلاثاء (10/3/2009) تجمعا عشائريا وبعض قوات الشرطة لدى تجوالهم في سوق شعبي غربي العاصمة، راح ضحيته اكثر من 56 بين قتيل وجريح، حسب الناطق باسم قيادة عمليات بغداد قاسم عطا.

كما استهدف “انتحاري” بحزام ناسف جمعاً لمتطوعي كلية الشرطة في بغداد، راح ضحيته ما لا يقل عن 72 شخصا، فيما حدثت انفجارات متفرقة اخرى لا تقل خطورة عن سابقاتها في اماكن متفرقة من البلاد.

واعتبر الكاظمي الانفجارات التي حصلت مؤخرا “مؤشرا خطيرا في أمن واستقرار العراق” برغم وصفه لها بأنها “محاولة يائسة”. وقال الكاظمي إن “الشعب العراقي هو من يدفع فاتورة هذا العنف وعلى الحكومة اثبات جدراتها في هذا الجانب وحماية المدنيين”.

الى ذلك، اعتبرت النائبة المستقلة صفية السهيل بأن الخروقات الامنية الاخيرة “تحمل رسائل سياسية قد تقف بعض القوى السياسية وراءها”.

وعبّرت السهيل عن أسفها لما وصفته بـ “تراخي” الاجهزة الامنية في العراق. وقالت إنها “بدأت تتراخى وذهبت بعيدا للاحتفال بنشوة النصر”. مشددة على أن “النجاحات التي حصلت على مستوى الامن لابد من ان تدعم بخطوات اخرى تعززالحالة الامنية وتحافظ عليها”. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

وحول الاسباب التي تقف وراء موجة العنف الاخيرة، قالت “يمكن ان تكون رسائل سياسية تأتي متزامنة مع دعوة رئيس الوزراء للتصالح مع البعثيين”. موضحة ان “المصالحة السياسية ونبذ روح الاحقاد مع الاخرين من ضمن ما تم الاتفاق عليه داخل البرلمان ودعوة رئيس الوزراء كانت جزءا من رسالة الوحدة الوطنية واهدافها”.

واستدركت السهيل “لكن لابد من ان تكون وفق طرق دستورية وان تساهم بوضع كل من اساء بحق العراقيين امام القضاء العادل”. 

من جانبه، وصف الخبير القانوني طارق حرب الاحداث الامنية الاخيرة بأنها “صحوة موت” للجماعات المسلحة، وان من المبكر وصف العراق بأنه من البلدان المستقرة أمنيا.

وقال حرب ان “الامن الان في العراق ما زال هشّاً، ونسمع كثيرا عن وجود خروقات امنية هنا وهناك وبالتالي فالمسألة شبه اعتيادية”.

وأشار الى ان “الحكومة العراقية لم تستطع بسط الامن كاملا ولا يزال هناك تدخل اجنبي واقليمي ولا يزال العراق بلدا محتلا وعليه فليس من المصلحة اعطاء هذا الخرق الاخير اكبرمن حجمه”.

بعض المواطنين في العاصمة بغداد أبدوا قلقهم من تصاعد العنف مؤخرا معتبرين أن “الخلافات السياسية” تقف وراء ذلك التصعيد في العمليات المسلحة داعين الحكومة للتعامل بجدية مع الموضوع وإقالة المسؤولين عن الخروقات الأمنية. فيما عبر آخرون عن اعتقادهم بأن هناك تطورا في الاجهزة الامنية بشكل ملحوظ، واعتبر أحدهم هذا التصعيد بمثابة “نهاية” للجماعات المسلحة.

وقالت المواطنة ندى محمد (30 عاما) وهي موظفة في وزارة الثقافة “رجع العنف مرة اخرى، كما لو أننا رجعنا الى المربع الاول الذي كان قبل انطلاق الخطط الامنية التي نادت بها الحكومة ونفذتها في الكثير من مناطق العراق”.

وعزت سبب التصعيد الأخير إلى ما سمته “التصفيات بين الاحزاب” وقالت إن “المعركة بين هذه الأحزاب بدأت ثانية على حساب المواطن البسيط، خاصة انها حسمت مواقعها في مجالس المحافظات”.

ودعت ندى الحكومة للتعامل من العنف “بمزيد من الجدية”، وأوضحت أنه “لو تصرفت الحكومة العراقية على مبدأ إقالة المسؤولين عن هذه المآسي الامنية لكان الوضع قد تغير بالتأكيد نحو الافضل”.

واتفقت دعاء عدي، وهي طالبة جامعية، مع ندى في تحديد سبب تزايد أحداث العنف وقالت إنه “متأت من خلافات سياسية بين الفرقاء”.

وقالت “اصبحت الخلافات السياسية في العراق ومع الاسف تترجم الى احداث عنف والمواطن وحده هو من يتحمل وزر هذه الخلافات التي بدت واسعة”.

لكن المواطن احمد عباس حسن يرى أن الأجهزة الأمنية “طورت قابلياتها في الفترة بشكل ملفت وصار بإمكان المواطن ان يتجول ليلاً في الاسواق وفتحت سفارات في العراق ودخلت بعض الشركات العمرانية للبلاد وهذا كله ينم عن قدرة الاجهزة الامنية”. وقال إن ما حدث مؤخراً “يعد نهاية اخيرة للجماعات المسلحة وجيوب الارهاب”.

كبوة أمنية في اسبوع دام بالعراق: 86 قتيلا و194 جريحا

ولقي 86 شخصا حتفهم وأصيب 194 آخرون بجروح جراء سلسلة من اعمال العنف التي وقعت في العراق منذ مساء الجمعة (6/3/2009) وحتى عصر اليوم الجمعة (13/3)، والتي كان من ابرزها عودة ظاهرة الانتحاريين الى المشهد الامني وشيوع حالة من التدهور الامني وصفها رئيس الوزراء نوري المالكي بانها “كبوة أوقفت الهدوء الامني في العراق”.

وشهدت العاصمة بغداد، في تطور أمني أثار قلقا وترقبا في الاوساط الرسمية والشعبية، سلسلة انفجارات كان اضخمها تفجير انتحاري وقع يوم الاحد الماضي (8/3) بحزام ناسف بالقرب من كلية الشرطة في شارع فلسطين شرقي بغداد، مستهدفا متطوعين للشرطة، ما ادى الى مقتل 23 شخصا وإصابة 50 اخرين.

كما فجر انتحاري يرتدي حزاما ناسفا نفسه يوم الثلاثاء (10/3) بسوق شعبي في منطقة ابي غريب (غربي بغداد)، مستهدفا تجمعا لشيوخ عشائر وقوات امنية كانوا يقومون بجولة ميدانية، ما اسفر عن مقتل 28 شخصا، فيما اصيب 28 اخرون بجروح، بحسب المتحدث بأسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا.

وفي اول رد فعل لرئيس الوزراء نوري المالكي على هذه التفجيرات هو وصفه لها في مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الوزراء الاسترالي يوم امس الخميس بانها “كبوة أوقفت الهدوء الامني في العراق”، لكن منفذيها من عناصر تنظيم القاعدة “فشلوا في أحباط جهود استقرار البلاد”.

واضاف المالكي وفقا للصحيفة أن “ما حدث يظهر انه محاولة منهم لإثبات أنهم ما زالوا موجودين في العراق، لكننا عازمون على بذل أفضل ما في وسعنا لتامين الوضع في البلد”.

وجاء تسلسل اعمال العنف في العراق خلال الاسبوع الماضي، ليخلف 86 قتيلا و194 جريحا في اعمال  العنف التي وقعت في العراق منذ مساء الجمعة (6/3) وحتى اليوم الجمعة  (13/3).

ويمثل هذا الرقم في هذه الاسبوع، ارتفاعا ملحوظا في عدد الضحايا عن الاسبوع الذي سبقه، والذي شهد مقتل 35 شخصا، من بينهم جنديان أمريكيان، وأصابة 100 آخرين بجروح خلال أعمال عنف وقعت في مناطق مختلفة من العراق منذ مساء السبت الماضي (28/2/2009) وحتى عصر اليوم الجمعة، حسبما أفادت مصادر أمنية لوكالة (أصوات العراق).

المالكي: العمليات اوقفت الهدوء لكنها لن تهدد الاستقرار

من جانبه وصف رئيس الوزراء نوري المالكي، العمليات الانتحارية التي شهدتها بغداد مؤخرا وأودت بحياة العشرات بانها “كبوة أوقفت الهدوء الامني في العراق”، لكن منفذيها من عناصر تنظيم القاعدة “فشلوا في أحباط جهود استقرار البلاد”، بحسب ما نشرته صحيفة تلغراف Telegraph البريطانية.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الاسترالي كيفن راد، في كانبيرا باستراليا التي وصلها على رأس وفد عراقي رفيع المستوى.

واشارت تلغراف أن حديث المالكي هذا يأتي كأول ردة فعل على التفجيرات التي وقعت في العراق خلال الايام الماضية، ونقلت عن المالكي قوله إنه “ليس هناك من شك ان ذلك كان كبوة في فترة جيدة من الهدوء في العراق”، مضيفا أن “القاعدة، ومتطرفين، وإرهابيين في العراق قد فقدوا قدراتهم في مواجهة وتحدي قوات الأمن في العراق”.

واضاف المالكي وفقا للصحيفة أن “ما حدث يظهر انه محاولة منهم لإثبات أنهم ما زالوا موجودين في العراق، لكننا عازمون على بذل أفضل ما في وسعنا لتامين الوضع في البلد”.

وبشأن انسحاب القوات الأمريكية، قال المالكي “عندما يتعلق الأمر بانسحاب القوات الأمريكية، اعتقد أن العراقيين سيكونون قادرين على التعامل مع الوضع كله بأيديهم”، مبينا ان “قدرات القوات العراقية في كل من العمليات الحربية وجمع المعلومات الاستخبارية تتطور باضطراد من خلال تعاون وثيق مع المجتمعات المحلية”.

وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما قد قال الشهر الماضي أن الولايات المتحدة سوف تسحب كامل قواتها القتالية من العراق بنهاية آب أغسطس من العام المقبل، وستترك قوة قد تصل الى حوالي 50.000 عسكري من اجل تقدم المشورة للقوات العراقية وتدريبها خلال العام 2011.

نائبا رئيس الجمهورية يقرران مفاتحة المالكي بشأن التدهور الامني!

وقال مصدر اعلامي في رئاسة الجمهورية، ان نائبي رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي بحثا تداعيات الأوضاع الأمنية الأخيرة في البلاد، وتقرر خلال اللقاء مفاتحة القائد العام للقوات المسلحة باستدعاء الوزراء الأمنيين لبحث ما وصفوه بـ التدهور الأمني.

وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه ان عبد المهدي والهاشمي “بحثا خلال اجتماع لهما الأوضاع الأمنية في البلاد والتداعيات الأخيرة للهجمات التي طالت المدنيين في مناطق بغداد وكركوك والموصل”.

وأضاف  “تقرر خلال الاجتماع الذي جرى في مقر السيد عادل عبد المهدي، مفاتحة القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء نوري المالكي باستدعاء الوزراء الأمنيين للاطلاع  ملابسات الأوضاع الأمنية الأخيرة في البلاد، وبحث سبل وخطوات التي يجب ان تقدمها الحكومة لتجنب تكرار ماحصل”.

واضاف المصدر “كما جرى خلال اللقاء مناقشة موضوع تفعيل عمل مجلس الرئاسة والمجلس التنفيذي وان يضلع بدوره، خاصة وان المجلسين معطلين على مدى الاشهر الماضية. بحسب اصوات العراق.

وتابع بان اللقاء تضمن مناقشة “مهام مجلس النواب المقبلة، وموضوع اختيار رئيس جديد للمجلس، اضافة الى موضوع اقرار الميزانية والنجاح المتميز الذي حققه المجلس في هذا الجانب، ومواضيع اقتصادية وامنية اخرى”. دون ان يكشف عنها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آذار/2009 - 19/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م