الحب مفتاح لحلّ المشكلات

السيد محمود الموسوي

في قصة اغتصاب.. وقف القاضي مشيراً بالسؤال إلى السيدة التي ادعت وقوع جريمة الاغتصاب بحقها.. كيف حصلت الجريمة ؟

وصفت السيدة كيف أن الرجل طلبها للفراش فأبت كعادتها ورغم إلحاحه، إلاّ أنها كانت تتمنّع، فعمد الرجل للعنف كوسيلة لنيل مراده، فجرّدها من ملابسها وأخذها للفراش عنوة..

سأل القاضي: ما هي صلت هذا الرجل بكِ ؟

فأجابته: إنه زوجي يا حضرة القاضي !!!

إذا نظرنا لهذا المشهد الواقعي، الذي يتكرر بشكل كبير في مجتمعاتنا، سواء بهذه الكيفية أم بكيفية أخرى، فسنجد أن المرأة مقصّرة بحق زوجها، لأن المعاشرة الزوجية من حقه، لكننا إذا أمعنّا النظر قليلاً فسنكتشف أن الزوج لم يؤدّ واجباته تجاه زوجته، فأدى بها إلى التمنّع وعدم أداء واجبها في المقابل.

ولتوضيح ذلك وبيان صلته الوثيقة بالحب علينا أن نعرف ما تختزنه العلاقة الزوجية من واجبات يتوجب أداءها على كل طرف منهما، وحقوق يستحقها من شريكه في هذه الحياة، وأن عدم إنجاز كل طرف ما يتوجب عليه سيلاقي صدّاً لحقوقه، وحينها ينشب النزاع..

وعندما يحل الحب في عشّ الزوجية، فسيكون كل من الطرفين مسروراً بأداء مسؤولياته وواجباته، ولن يجد أي صعوبة في ذلك، بل وسيزيد في ما يقدّمه للطرف المقابل، لسبب بسيط، وهو أنه يحب من يعاشر.

وقد يقوم بعض الأزواج بكل ما يتوجب عليهم فعله، في حالة عدم مودتهم لزوجاتهم أو العكس، ولكن ذلك سيكون عن غير طيب نفس، وخالياً من أي إحساس..

وهل تعلم بأن (المحبة) للزوج قد تكون من ضمن الواجبات الشرعية، التي قد  نطالب بها، ذلك عندما يتوقف أداء المسئوليات عليها، يقول مؤلف كتاب (الفقه: الاجتماع): ((إن إنماء العاطفة الموجب للعمل بالواجب واجب.. مثل إنماء العاطفة نحو واجب النفقة والأرحام حتى يوجب القيام بشئونهم الواجبة والصلة الواجبة))[1].

الحب والإصلاح الزوجي

عندما تمتلك ذلك الشعور الودّي تجاه زوجتك، فهذا يعني أنك امتلكت المفاتيح الذهبية لحل مشكلاتك الزوجية بسهولة، كما و سيساهم الحب في تذليل الصعاب التي قد تواجه أي زوجين استبد بهم الخلاف..

يقول علماء النفس في دراسة ظاهرة الزوج النكدي ـ كمثال لمشكلة تلاقيها الزوجة: ((إن الحب الزوجي يلعب دوراً كبيراً في القضاء على ظاهرة الزوج النكدي، فبالحب وحده تستطيع الزوجة فض الاشتباك، وإذابة الجليد واستعادة احترام وتقدير وحب زوجها لها))[2].

فلو أخذنا مثالاً لمشكلة زوجية، تأخّر الزوج عن المنزل بشكل مستمر، فقد تشك الزوجة في ذلك، وتعتبره حالة من التقصير والتهميش، فستنشب حرب ضروس جرّاء ذلك، لأن مشاعر الحب غائبة عن الموقف، وإذا تصوّرنا ذات الحدث، ولكن مع وجود مشاعر الحب، فإن الزوجة سوف تحمل زوجها على محامل كثيرة من محامل الخير، فإنه لا يهمّشها، بل تأخّر عن غير قصد، أو لأي سبب من الأسباب..

وإن كان التقصير من جانب الزوج، فستسعى لبذل قصارى جهدها لحل المشكلة، عبر التفاهم الهادئ أو التنازل أو غير ذلك..

إن الكثير من محاولات الإصلاح الزوجي قد تفشل، لأن العلاقة لم يتخللها الحب، أو يكون قد نسي في وقت النزاع، فيميل كل طرف منهما للتخلّص من الآخر، أو الانتقام منه، أما إذا كان الزوجان يتبادلان معاني الحب، ولو في وقت سابق لحلول المشكلة، فسوف يعطي هذا الشعور دافعاً قوياً لتقريب المسافات، وتضييق شقّة الخلاف، ليعود كل منهما للآخر.

ولهـذا ينصح أحد الخـبراء في المعــالجات النفسـية، أن يركّز المصلح بين الزوجين على الأيام الخوالي، وذكريات الهيام والسعادة التي عاشاها معاً.. لتنجذب النفسان نحو بعضهما البعض، ويسهل حل المشكلات بعدها مهما بلغ الشقاق بينهما.

وكما أن وجود الإحساس بالحب في الحياة الزوجية، يساهم في حل المشكلات ووأدها قبل أن تولد، فإن افتقاد ذلك الإحساس يخلق الكثير من المشكلات الزوجية، والذي يعده علماء النفس أحد أهم أسبابها، ومن تلك المشكلات، عدم التقدير، والمعاملة الفظة، وحب السيطرة، وعدم احترام الحقوق، وسوء الظن وغيرها..

* فصل من كتاب الحب في العلاقات الزوجية

www.mosawy.org


[1] / الفقه: الاجتماع، للإمام الشيرازي ص16.

[2] / الأمراض النفسية وعلاجها – ص25. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آذار/2009 - 19/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م