ايران والعرب: حرب سعودية بسلاح المذهبية

الرياض تتنازل لدمشق أملاً في كسر التحالف مع ايران

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: كاظمةً غيظها تصلح السعودية علاقاتها مع سوريا، لاستعادة مظهر التناغم العربي قبل قمة تعقد نهاية هذا الشهر، وتهدئة التوترات الاقليمية ودفع دمشق نحو تهدئة تحالفها مع طهران، أملاً في انتزاعها من محور ايران التي اخذت اوراق لعبها تتزايد منذ الغزو الامريكي للعراق وحتى الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة الشهر الماضي...

من جهة ثانية يعيد قرار المغرب قطعْ العلاقات الدبلوماسية مع إيران، طرح ملف التشيّع في شمال أفريقيا عموماً والمغرب على وجه الخصوص، وهو ملف يمس بالنسبة لدول تلك المنطقة عمق هويتها واستقرارها السياسي، خاصة وأن بعضها يواجه مشاكل عرقية بما يتعلق بالقضية البربرية، أو مذهبية على غرار الحالة الأباضية بالجزائر، إلى جانب أزمة الصحراء الغربية.

وقال مسؤول عربي يتمتع بعلاقات وثيقة مع السعوديين "الاولوية الاولى للسعودية هي مواجهة ايران وجدول أعمالها في العالم العربي. السعوديون يريدون اضعاف بطاقات طهران في العالم العربي وبالتالي (يجيء) النهج الجديد تجاه سوريا."

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "يعلمون أنه سيكون من الصعوبة الشديدة بمكان قطع العلاقات بين سوريا وايران لكنهم يأملون اضعاف هذا التحالف من خلال اظهار ما سيجنيه السوريون اذا عادوا الى الحظيرة العربية."

من جانبها تحرص سوريا على التخلص من اي بقايا للعزلة الدبلوماسية التي تحملتها بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي كان يحمل الجنسية السعودية عام 2005. ونفت دمشق أن يكون لها اي يد في حادث الاغتيال الذي تنظره محكمة دولية بدأت عملها هذا الشهر. بحسب رويترز.

وشعرت سوريا بالغضب بسبب انضمام السعودية ومصر للضغوط الدولية التي أجبرتها على الخروج من لبنان عام 2005 وقوت تحالفها مع ايران وحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية في عداء مشترك لاسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما المحافظين العرب.

وخففت السعودية من حدة موقفها المناهض لسوريا بعد أن ساندت دمشق العام الماضي اتفاقا تم بوساطة قطرية بين الفصائل اللبنانية وتحدثت الادارة الامريكية الجديدة عن الاتصال مع دمشق.

وقال جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية "الامر يتعلق بالعمل الجماعي اي العمل العربي المشترك."وأضاف خاشقجي أن من شأن عودة سوريا "الى الفريق" أن تتيح اجراء الانتخابات اللبنانية في يونيو حزيران دون أعمال عنف فضلا عن تعزيز محادثات المصالحة الفلسطينية التي ترعاها مصر واعطاء دفعة لاحتمالات اجراء مفاوضات بين العرب واسرائيل.

وتابع أن السعودية تريد من سوريا التعاون بشأن لبنان حيث تدعم الدولتان كتلا سياسية متعارضة وأن تفكر في جارتها على أنها "ند وليست تابعا."

المغرب يقطع العلاقات مع إيران.. أُم طريق المد الشيعي؟

ويعيد قرار المغرب قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، طرح ملف التشيّع في شمال أفريقيا عموماً والمغرب على وجه الخصوص، وهو ملف يمس بالنسبة لدول تلك المنطقة عمق هويتها واستقرارها السياسي، خاصة وأن بعضها يواجه مشاكل عرقية بما يتعلق بالقضية البربرية، أو مذهبية على غرار الحالة الأباضية بالجزائر، إلى جانب أزمة الصحراء الغربية.

ويبدو أن تطور الأحداث وسياقها العام لم يكن كافياً لإقناع الخبراء بأن الرباط، التي دخلت على مدى سنوات في عمليات تسوية مع طهران، تخللها طلب الملك الراحل، الحسن الثاني، من شاه إيران المخلوع، محمد رضا بهلوي، مغادرة البلاد لتجنب توسيع رقعة الخلاف مع قيادة الثورة الإسلامية، ستقدم على قطع علاقاتها بطهران بهذه السرعة.

إلا أن متابعة مجريات الأمور منذ أكثر من عام، وتحديداً بعد اعتقال الشرطة المغربية عناصر ما يعرف بـ"خلية بلعريج"، وقيادات في حزب "البديل الحضاري"، الذي يضعه مراقبون في إطار الحركات الإسلامية المقربة من إيران سياسياً وعقائدياً، سمحت بتسليط الضوء على مسألة نفوذ طهران وظهور التشيّع في المجتمع المغربي.

والبارز في هذا الإطار أن بين المعتقلين الموقوفين منذ أكثر من عام في قضية بلعريج مراسل قناة "المنار" اللبنانية التابعة لحزب الله الشيعي، عبد الحفيظ السريتي، والذي تحولت قضيته إلى فرصة لانتقاد النظام المغربي في الأوساط الإعلامية الشيعية. بحسب سي ان ان.

وقد كان نص بيان وزارة الخارجية المغربية الأوضح في هذا الإطار، فبعد الإشارة إلى مسألة استنكار المغرب لتصريحات مسؤولين إيرانيين حيال البحرين وسيادتها، وما رافق ذلك من رد إيراني اعتبرته الرباط "مسيئاً" لها، دون أن تتلقى تفسيرات رسمية بعد مرور أسبوع على الحادث، يشير البيان إلى سبب آخر يتعلق بالنشاطات الدينية الدائرة في المغرب.

ويتحدث البيان عن: "نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية، وبخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط، تستهدف الإساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة، والمس بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي، الذي يحميه جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين."

ويضيف أن: "هذه الأعمال تعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للمملكة، وتعارض قواعد وأخلاقيات العمل الدبلوماسي، ولجميع هذه الاعتبارات، فإن المملكة المغربية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية، مع جمهورية إيران الإسلامية."

ولاحقاً عاد عدد من المسؤولين المغاربة للتأكيد على أولوية هذه النقطة، ففي حديث لإذاعة البحر الأبيض المتوسط، التي تبث من طنجة، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، الطيب الفاسي الفهري، إن هناك نقطة مبدئية: "تتمثل في أن المغرب لا يمكن أن يقبل التدخل في شؤونه الداخلية."

وتطرق الفهري إلى ملف قضية البحرين، غير أنه ختم حديثه، وفق وكالة الأنباء المغربية، بالعودة إلى القضية المذهبية عبر القول إن من  دوافع القرار "بعض الحركات والعمليات التي تقوم بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تمس بوحدة السنة المالكية في المملكة المغربية."

وتنبع أهمية الإشارة إلى هذه النقطة من واقع أن العلاقات بين البحرين وإيران، التي يفترض أن تكون أساس الموقف المغربي، قد تحسنت مؤخراً، بعد أن صدر نهاية فبراير/ شباط الماضي، إعلان شدد على "انتهاء الخلاف الدبلوماسي" بينهما وعودة علاقات "حسن الجوار"، وتككلت المصالحة برسالة "ودية" من الملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

ويرصد المتابعون بالفعل تزايداً في النشاط السياسي والثقافي للشيعة في المغرب، يتمثل في حركة يقودها عدد من الناشطين في هذا الإطار، على رأسهم إدريس هانئ، إلى جانب صدور بعض المطبوعات مثل "رؤى معاصرة"، التي يصفها البعض بأنها "أول جريدة شيعية بالمغرب."

ومن الملاحظ أن التاريخ الديني لشمال أفريقيا، حيث ظهرت الدولة الفاطمية الشيعية، إلى جانب طابع الحكم المغربي، الذي يستند إلى أسس دينية تنسب العائلة المالكة إلى الأسرة النبوية، وفكرة "آل البيت" المركزية في المذهب الشيعي، تجعل المغرب على تماس مع الكثير من الأفكار الشيعية.

وذلك بالإضافة إلى ما يتردد عن تأثّر عدد من المغاربة في المهجر بالأفكار الشيعية لدى احتكاكهم بجمعيات أو أشخاص يعتنقون هذا المذهب في الدول التي هاجروا إليها.

وبالعودة لقضية شبكة "بلعريج"، التي اعتقل في إطارها عدد من قادة حزبي "البديل الحضاري" و"الحركة من أجل الأمة"، فقد كانت تقارير صحفية مغربية وفرنسية قد أشارت إلى لقاءات عقدتها أوساط تلك الأحزاب بشخصيات من حزب الله، وشخصيات إيرانية بين عامي 2004 و2007.

وقال مراقبون للوضع السياسي المغربي، إنّ طلاب حزب البديل الحضاري عبروا عن خلفياتهم العقائدية المتأثرة بحزب الله تحت اسم "طلبة الميثاق" و"طلبة الجند"، وكانوا يرفعون أعلام "حزب الله" اللبناني، وذلك حسب ما جاء في كتاب "أركيولوجيا التشيّع في المغرب"، الذي كتبه منتصر حمادة.

كما أنّ الصحف المغربية والفرنسية الصادرة بعد توقيف الشبكة، أشارت إلى أنّ الأمر يتعلق "بإحباط مخطط زعزعة واسع النطاق يستهدف النسيج السياسي والاجتماعي"، رغم أنه قد سبق لزعيم حزب البديل الحضاري، مصطفى المعتصم، أن اعتبر عدة مرات أنّ الحديث عن مرجعية شيعية للحزب هو"محض افتراء وكذب."

أما وزير الداخلية المغربي، شكيب بن موسى، فأشار في مؤتمر صحفي إلى أنّ زعيم الخلية عبد القادر بلعيرج، التي تم تفكيكها، له سوابق في اغتيالات لا تقل عن ستة.

وأكد الوزير بن موسى لاحقاً، أن هذه العمليات نفذت في بلجيكا بين عامي 1986 و1989، وأن القضاء البلجيكي لم يتوصل حتى الآن إلى كشف ملابسات جرائم القتل، التي من بينها قتل يهودي (أو أكثر) منحدر من أصول مغربية، وفقاً لما جاء بصحيفة "الحياة" الصادرة في 21 فبراير/ شباط 2008.

نصرالله يدعو العرب الى مد اليد لايران

من جانبه رحب الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بأي مصالحة عربية، داعيا العرب الى "مد اليد الى الدول التي تدعم الحق العربي مثل ايران وتركيا".

وقال نصرالله في كلمة القاها خلال احتفال شعبي لمناسبة عيد المولد النبوي الشريف الذي صادف هذا الاسبوع "نحن مع كل تلاق عربي ومصالحة عربية".واضاف ان "اي مصالحة عربية مصالحة مطلوبة ويجب دعمها وتأييدها ومساندتها (...) ان اي تلاق عربي قوة لنا جميعا". بحسب فرانس برس.

واضاف "نحن ندعو العرب وهم على ابواب القمة العربية في الدوحة ان يمدوا ايديهم الى بقية الدول والاقطار التي تساند الحقوق العربية كايران وتركيا".

وتابع ان "اي دولة في العالم ايا يكن فكرها الديني والسياسي وانتماؤها وحضارتها تقول انها تدعم الحق العربي لا يمكن صدها".

وقال نصرالله الذي كان يتحدث عبر شاشة عملاقة في مجمع الشهداء في الضاحية الجنوبية في حضور الالاف من انصاره، "اليوم ايران هي في هذا الموقع وتركيا في هذا الموقع. هذه الدول ستزداد لكن نحن علينا كعرب ان نمد يد التعاون والصداقة اليها لا ان نبادلها الدعم بالخصومة والاتهام".

وكان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل دعا خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الثالث من اذار/مارس الحالي الدول العربية الى وضع "رؤية مشتركة" للتعامل مع "التحدي الايراني" للامن العربي.

وقال الفيصل ان جهود "المصالحة العربية والفلسطينية لن يكرسها ويدعمها الا توفر رؤية موحدة ومشتركة ازاء القضايا ذات المساس المباشر بالامن العربي ومثل النزاع العربي-الاسرائيلي والتعامل مع التحدي الايراني سواء في ما يتعلق بالملف النووي او امن منطقة الخليج او اقحام اطراف خارجية في الشؤون العربية سواء في العراق او فلسطين او في الساحة اللبنانية".

وعقدت قمة عربية مصغرة في الرياض شارك فيها العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز والرئيسان المصري حسني مبارك والمصري حسني مبارك وامير الكويت صباح الاحمد الصباح، ووصفها المحللون ب"قمة المصالحة العربية" كونها جاءت بعد فترة طويلة من الجفاء بين سوريا والدول الثلاث الاخرى لا سيما السعودية.

واعتبر المجتمعون لقاءهم "بداية لمرحلة جديدة" من التعاون والسعي الى الاتفاق على سياسة موحدة ازاء القضية الفلسطينية، على ان تستمر الجهود "لتصفية" الاجواء العربية.

ويرى محللون ان المملكة العربية السعودية تسعى عبر التقارب مع سوريا الى عزل ايران عن حلفائها العرب والى اعادة اطلاق مبادرة السلام العربية في الشرق الاوسط. وتستضيف قطر القمة العربية العادية في نهاية اذار/مارس.

السعودية لن تنجح في تغيير التحالفات الاستراتيجية في المنطقة 

واستبعد تقرير صادر عن مركز الدراسات الدولية في معهد «هرتسيليا» الاسرائيلي ان تؤدي القمة العربية المصغرة التي عقدت في السعودية الاسبوع الماضي الى تغيير التحالفات الاستراتيجية في الشرق الاوسط، وقال معد التقرير الخبير جوناثان سباير ان «هذه اللقاءات تدخل في اطار التحضير للقمة العربية المرتقبة في 30 مارس الجاري في الدوحة، وهدفها رأب الصدع بين الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة مثل مصر والسعودية والاردن، وتلك التي اختارت التحالف مع ايران مثل سورية وقطر.

ورأى سباير انه من غير المرجح ان تؤدي هذه الخطوة الدبلوماسية الى تغيير التحالفات الاستراتيجية في المنطقة وقال، ربما يعي السعوديون هذه الحقيقة، لذا فهم لا يعلقون آمالا كبيرة على التحركات الجارية الآن.

وعزا سباير هذه التحركات الى الخوف من ايران الذي يوجه المسعى السعودي لتوحيد الصف العربي واكد ان السعوديين يدركون الخطر الذي تمثله ايران الساعية الى تعزيز نفوذها الاقليمي بوسائل متعددة وعبر نقاط مختلفة في الشرق الاوسط. بحسب تقرير لصحيفة الوطن.

ووفقا للمحلل الاسرائيلي فان السعودية تدرك خطر محاولة ايران السيطرة على الملف الفلسطيني الذي يمثل القضية المركزية للعرب. وقال ما دامت ايران تواصل دعمها لـ (حماس) فإن هذا سيشكل انجازا كبيرا لهذه الدولة غير العربية وغير السنية، وسيجعلها مصدر قوة في المنطقة، وفي هذا تكمن مساعي توحيد الصف العربي ضد ايران.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/آذار/2009 - 18/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م