أرامل العراق مأساة صامتة

شخصيات ومنظمات دولية ومحلية تطالب بتحسين واقع المرأة

شبكة النبأ: عانت المرأة العراقية على مدى العقود الثلاث الأخيرة بشكل يجعل من تلك الشريحة الأكثر تضررا نفسيا واجتماعيا وماديا أيضا.

فالحروب المتواصلة للنظام السابق والأحداث الدموية التي أعقبت التغيير أفضت إلى أعداد مهولة من الثكالى والأرامل والأيتام العراقيات.

ورغم الاستقرار النسبي الذي تمر به البلاد لا تزال المرأة العراقية تعاني من هدر واضح للحقوق، فضلا عن غظ الحكومة العراقية نظرها عن الدعوات المطالبة بتعويض المتضررات التي تطلقها العديد من الهيئات والمنظمات المدنية بين الحين والآخر.

أمثلة من الواقع المر

 قتل زوجها وثلاثة من أشقائها، وقد توفي والداها، ودمر منزلها، وكانت حاملا في ذلك الوقت ففقدت جنينها.

وفي الشهور التالية لذلك كان عليها أن تتحمل المزيد، وهي الآن تعيش في ملجأ للنساء في وسط بغداد.

تمضي نهارها في إطعام الحمام وإعداد الطعام، لكن الملجأ في نهاية المطاف هو المكان الوحيد الذي يحميها من المخاطر الكثيرة التي تحدق بالأرامل في العراق.

تقول نادية:" بعد وفاة زوجي عثرت على عمل كمنظفة في أحد المنازل، لكن رجلا وشقيقه حاولا انتهاز الفرصة والاعتداء الجنسي علي لكنني رفضت. أما ابن شقيقي وهو مدمن للخمر فقد اعتاد على ضربي واتهامي في شرفي".

أما الآن، تقول نادية، فعائلتها هي النساء اللواتي يعشن معها في الملجأ، لكنه يتعين عليها الحصول على إذن من أقاربها قبل فعل أي شيء أو الذهاب لأي مكان. بحسب BBC)).

قصة نادية ليست خارقة للعادة في العراق. فالبرغم من عدم وجود احصاءات دقيقة عن عدد الأرامل في العراق، فإن المعروف أنه حتى قبل الغزو الأمريكي في عام 2003 كان المجتمع العراقي يضم مئات الآلاف منهن.

كثير من هؤلاء الأرامل فقدن أزواجهن في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمان سنوات، اما في ذروة العنف التي عاشها العراق خلال السنوات الماضية فقد كانت حوالي 100 امرأة تترملن يوميا.

هؤلاء الأرامل تراهن أينما سرت في بغداد. تراهن في إشارات المرور يتسولن وقد اتشحن السواد من رؤوسهن إلى أقدامهن.

وتقول الحكومة إنها خصصت معاشا للأرملة يساوي دولارا واحدا في اليوم الواحد، لكن مسحا أجرته منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية أظهر أن ربع النساء المستحقات لهذا المعاش يحصلن عليه.

في وضع كهذا تتعرض كثيرات للاعتداءات البدنية والجنسية، كما تُطالب أخريات بالزواج من رجال متزوجين بالفعل، لكن الفقه الشيعي، يسمح بالزواج المؤقت الذي يمكن أن يدوم لأيام أو أسابيع.

وهناك نساء فضلن الموت، حيث سجلت هجمات انتحارية قامت بها نساء. من بين هؤلاء أم حارث التي تلقت تدريبات لتنفيذ عملية انتحارية لكنها تراجعت عن التنفيذ.

تقول " عندما مات زوجي شعرت بأنني منعزلة تماما، لقد كان يرغب في أن يكون مفجرا انتحاريا، وعندما قتل أردت تفجير نفسي، أردت الانتقام من هؤلاء الأشخاص الذين أخذوا مني أغلى شخص لي".

لكن غالبية الأرامل اللواتي تحدثت إليهن لم يبدين ميلا إلى الانتقام بل يفضلن القبول بما حدث لهن على أنه "إرادة الله".

ويقول الأشخاص الذين يمثلون منظمات تدافع عن حقوق أرامل العراق، إن من أصعب المهام التي يواجهونها تتمثل في إقناع الأرامل بالاعتقاد بأنهن يستحققن حياة أفضل.

وتقول هناء ادوار المدافعة عن حقوق النساء " المشكلة ليست في التشريع فقط، المشكلة تكمن في طريقة التعامل داخل الأسرة المشكلة هي كيفية تغيير أساليب وطرق معاملة هؤلاء النسوة".

وتقدر هناء إدوار أن نسبة 40% من العاملات في الدعارة بالعراق من الأرامل. فقد أدى التحسن الأمني في الآونة الأخيرة إلى ظهور فرص خفية لمن فقدن أزواجهن ومصدر عيشهم، كما فتحت النوادي الليلية أبوابها من جديد.

في احد النوادي الليلية جلس الرجال إلى الطاولات يشربون الخمور ويستمعون إلى الغناء بينما ترقص نساء أمامهم. قبل عامين كان مجرد الإقدام على أمر كهذا في العراق مبررا للقتل.

قال لي المغني في المكان، إن النساء اللواتي يعملن هنا ، لا يمارسن نشاطا غير قانوني وأن بعضهن راقصات فيما تقوم أخريات بالتحدث إلى الزبائن.

ولا توجد أماكن كثيرة في بغداد يمكنها أن تقدم الدعم للأرامل، لكن واحدا منها يعلمهن مهارات ربما تساعدهن في العثور على عمل مثل تكنولوجيا المعلومات والتمريض، لكن ولأن معظمهن اميات وفرص العمل نادرة، تظل تلك الجهود أشبه بنقطة في بحر المشكلة.

وقد وفرت الحكومة لمئة وعشرين أرملة أماكن مؤقتة للعيش في منازل متنقلة باحد ضواحي بغداد. هيفاء رحيم واحدة منهن تقطن في ذلك المنزل المصنوع من الألومنيوم، بداخله لا يوجد أي أثاث فقط عدة بسط فرشت على الأرض.

تعيش هيفا في المكان مع أطفالها السبعة وأمها حيث تعتمد العائلة بالكامل على ما يقدم لها من معونة غذائية. تقول " درجة الحرارة تكون فظيعة خلال الصيف، لكنه يظل أفضل من لا شيء". وتشكو هيفاء من القيود الاجتماعية "من الصعب للنساء والفتيات السير بحرية في المنطقة بسبب تراثنا وثقافتنا".

ويتردد حديث في بغداد بين الفينة والأخرى عن اعتماد قوانين جديدة وتخصيص اموال اضافية للعناية بمئات الآلاف من الأرامل، لكن المدافعين عن حقوقهن يقولون إن ما يحتجنه أكثر من أي شيء آخر هو معاملتهن بمزيد من الاحترام من جانب المجتمع العراقي.

ارامل يطالبن بدعمهن اقتصاديا واجتماعيا

 كما طالبت نساء أرامل في عدد من احياء العاصمة بغداد، بمناسبة يوم المرأة العالمي، الحكومة بالاهتمام بهن ودعمهن اقتصاديا واجتماعيا، بعد ما فقد بعضهن ازواجهن جراء العمليات المسلحة خلال الاعوام الخمسة الماضية.

وقالت فضيلة عبد النبي، (46) عاما وهي من اهالي حي المعامل شرقي بغداد وفقدت زوجها بحادث تفجير عام 2006 “ندعو الحكومة الى الاهتمام بشريحة الارامل ودعمهن اقتصاديا واجتماعيا نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي يعشنها واعالة ابنائهن وبناتهن بعد فقد ازواجهن”.

واضافت عبد النبي “لدي ولدين وابنتين وهم طلاب في المرحلة الثانوية، وليس لي مصدر معيشي سوى ما نتقاضاه من شبكة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، والذي يبلغ نحو 150 الف دينار كل شهرين وهو ما لايكفي لمصروف عدة أيام”. بحسب أصوات العراق.

وتتولى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق توزيع رواتب شهرية للمحرومين بينهم الأرامل، وتشمل الايتام والعاطلين عن العمل، تقدر بـ150 ألف دينار عراقي (125 دولارا).

وبينت عبد النبي أنها تروم افتتاح محل في منزلها لكنها بحاجة الى رأس مال لتمكينها من افتتاحه.

ولاتوجد احصائية دقيقة عن عدد الارامل في العراق غير ان منظمات غير حكومية تشير الى ان عددهن يبلغ نحو مليون ارملة بسبب الحروب المتلاحقة وأعمال العنف التي اجتاحت البلاد بعد غزوه في اذار مارس عام  2003، فيما تشير بعض الدراسات الى وجود أرملة واحدة بين كل ثمانية نساء تتراوح أعمارهن بين 15-50 عاما في العراق.

وتخوض آلاف الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن بسبب أعمال العنف معركة متواصلة من أجل تأمين البقاء لأسرهن. وقالت سهيلة حامد، (39) عاما وتعمل موظفة خدمة في مدرسة ابتدائية بمدينة الصدر شرقي بغداد إن “زوجي كان يعمل حدادا وقتل قبل اكثر من عامين على يد مسلحين في بغداد”.

وأضافت حامد التي تتولى رعاية ابنتين “أعمل موظفة خدمة بصيغة العقد، وممكن الاستغناء عن خدماتي في اي لحظة، لذا أطالب الحكومة بمزيد من الاهتمام بالمرأة الارملة”.

فيما قالت علياء طاهر، (38) عاما وهي معلمة من اهالي حي الشعب شمالي بغداد، “توفي زوجي بسبب مرض عضال ألم به، لكني  حُرمت من راتب الرعاية الاجتماعية بسبب وظيفتي”.

وأضافت “لي ولد وابنتين في المدارس الابتدائية، وراتبي بالكاد يكفي لاعالة اسرتي”، مطالبة الحكومة بـ”زيادة خاصة لرواتب المعلمات او المدراسات الارامل”.

واليوم العالمي للمرأة هو اليوم الثامن من شهر آذار مارس من كل عام، وفيه يحتفل عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا يحصلن النساء على إجازة في هذا اليوم.

وجاء الاحتفال بهذه المناسبة على اثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام1945، و كان أول إحتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أن بعض الباحثين يرجح ان اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية.

ديمستورا يدعو لسن قانون يؤمن حقوق للأرامل

في ذات السياق دعا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، البرلمان العراقي الى سن قانون يضمن للنساء الارامل راتباً تقاعدياً لاعالة اطفالهن، الى حانب تعزيز سيادة القانون لحماية المرأة ضد العنف الذي تتعرض له.

وقال ستيفان ديمستورا في احتفالية اقيمت في بغداد للاحتفال بيوم المرأة العالمي إن “على البرلمان العراقي سن قانون يضمن للنساء الارامل راتباً تقاعديا لاعالة اطفالهن بعد ارتفاع نسبة هذه الشريحة في المجتمع العراقي، الى جانب تعزيز سيادة القانون وحماية المرأة ضد عمليات العنف التي تتعرض لها في الشارع والمنزل”.

وأوضح أنه “يجب زيادة المساعدات المالية المخصصة لدعم النساء لضمان حصولهن على التعليم لكي تساهم في القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”. بحسب أصوات العراق.

واليوم العالمي للمرأة هو اليوم الثامن من شهر آذار مارس من كل عام، وفيه يحتفل عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا يحصلن النساء على إجازة في هذا اليوم.

وبين ديمستورا أن “الامم المتحدة لديها قلق كبير من وجود نسبة 65% من سكان العراق نساء بضمنهم مليونين من الارامل وهي نسبة كبيرة مقارنة بسكان العراق، الى جانب وجود 17% من النساء في سوق العمل”، لافتاً الى أن “50% من النساء العراقيات يتعرضن للعنف في الشارع والمنزل”.

واعتبر ديمستورا أن “تحسن الوضع الامني في البلاد القى بظلاله الايجابية على انخفاض العنف ضد المرأة في السوق والمنزل، اضافة الى ان 85% من النساء المتعلمات بشهادات عليا يتولن مناصب عالية في الوزارات ويساهمن في رفاهية البلاد، على ان العاميين الماضيين ازدادت نسبة المتعلمات ضمن جهود الحكومة العراقية”.

من جانب آخر، شدد ديمستورا على “ضرورة أن تسير الحكومة العراقية بخطوات قوية لتحقيق اهداف المرأة العراقية، وان ما نتجت عنه انتخابات مجلس النواب بحصولهن على نسبة كبيرة في التمثيل ونجاح الكوتا النسائية الـ25% في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة”.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/آذار/2009 - 16/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م