الانسانية شعاراً.. سعي مجتمعي للتقريب بين ايران والولايات المتحدة

معرض امريكي متنقّل يصور حياة الإيرانيين اليومية

 

شبكة النبأ: يعتقد المصوّر توم لوغلين بأن مشروعه الأخير سيكون قد حقق النجاح إذا أشعل جذوة الحوار والنقاش في أميركا. وبالقياس على هذا المعيار، يعتبر معرض "صوركم: صور من إيران" الذي يصفه لوغلين بأنه "مشروع جوّال مركّب من وسائل إعلام متعددة تعرض صور مواطنين إيرانيين مطبوعة على نسيج شفاف" أنه نجح في أداء المهمة. فقد تراوحت التعليقات والانتقادات التي استقطبها المشروع لموقعه على الشكبة العنكبوتية بين محبّذ مادح ورافض قادح.

ولوغلين، المحامي السابق في قضايا المسؤولية القانونية عن المنتجات وحقوق الملكية الفكرية، هو المهندس المبتكر للمشروع والشخص الذي يعتبر الواجهة الأمامية للمعرض المؤلف من مجموعة ضخمة من قضبان الألمنيوم المكسوة بالحرير. ويبلغ طول الإطار 27 مترا (90 قدما) و8.5 المتر (28 قدما) في أقصى عرض له ويبلغ ارتفاعه 8 أمتار وربع المتر (27 قدما).

أما الأنسجة أو الألواح الأربعة من القماش الشبيهة بالستائر المعلقة من الخارج والداخل فيبلغ ارتفاعها 4 أمتار ونصف المتر وعرضها 4 أمتار وربع المتر تعرض الصور التي التقطها لوغلين الذي اعتزل المحاماة وأصبح مصورا متفرغا كل الوقت ومصورون آخرون في إيران. ويضم المعرض 10 لوحات يبلغ حجم كل منها مترا و8 أعشار المتر بمترين وثلاثة أرباع المتر، و12 لوحة  يبلغ حجم كل منها 60 سنتيمترا بـ90 سنتيمترا.

وقال لوغلين إنه صمم أجنحة المعرض على غرار أسواق "البازار" التقليدية التي تقام في الأماكن المغطّاة في إيران، وهي عادة منطقة وسطية مستديرة كثيرا ما يعتقد الناس خطأ أنها مسجد. وهي أماكن مألوفة لالتقاء الناس واجتماعهم في البيوت الإيرانية. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وأول ما يطالع الزائر عند دخوله السرادق هو أنسجة القماش المتدلية االتي تطل منها وجوه الإيرانيين المحدقين في آلة التصوير وغيرهم من الماضين غير مبالين إلى شؤون حياتهم اليومية. ويضطر المتفرج في بعض الأحيان إلى حشر نفسه بين اللوحات وملامستها كي يستطيع المرور من واحدة إلى غيرها. ويقول لوغلين في هذا "أردت أن يكون الأميركيون قادرين على مقابلة الإيرانيين ورؤيتهم وجها لوجه وأن نرى أنفسنا." وأوضح أن هدف المعرض هو التعبير "عن الحقيقة البسيطة وهي أننا كلنا كائنات إنسانية."

أضواء الشهرة

أقيم معرض "صوركم" لأول مرة في العام 2008 في كريستيد بط، مسقط رأس لوغلين بولاية كولورادو، ثم دخل دائرة الضوء الدولي في آب/أغسطس 2008 أثناء انعقاد المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي في دنفر حيث كان من المعروضات اللافتة للنظر والاهتمام في القسم المخصص لـ"حرية التعبير."

وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت تعليقات على المعرض في منشورات قومية ودولية مطبوعة  وعلى موقع المشروع على شبكة الإنترنت. وكتب أحد الزوار في أيلول/سبتمبر 2008 قائلا "إن الفن يجب أن يتمتع دائما بقدرة السموّ على السياسة والدعاية سعيا وراء بحثنا عن روحنا الجماعية."

غير أن السياسية بالذات كانت محور تعليقات أخرى كتلك التي تطوعت بها الناشطة آن سامي في تعليق لها كضيفة على موقع دنفر بوست دوت كوم، وقالت فيه "إن نظرة لوغلين غير المتوازنة إلى حقيقة الشعب الإيراني توقع نفسها ولا شك في أيدي النخبة الإيرانية الحاكمة وتشكل ذريعة لهم."

وردّ لوغلين على ذلك بأنه مستعد ومنفتح للنقاش. وقال "أنا أدرك أنه له (المعرض) تأثيرا سياسيا. لكن الجدل يبدأ من حقيقة بسيطة وهي أننا جميعا بشر."

ورحّب كارل إرنست، مدير مركز كارولينا لدراسة الشرق الأوسط والحضارات الإسلامية في جامعة نورث كارولينا بمدينة تشابل هل بالتصوير الإنساني للإيرانيين من خلال الفن.

قال إرنست "إن وسائل الإعلام والترفيه الشعبي في أميركا جرت على عادة الحط من إنسانية الإيرانيين بأسلوب عدائي." وإرنست هو مؤلف كتاب: "على خطى محمد (صلعم): إعادة التفكير الإسلامي في العالم المعاصر."

غير أن إرنست يرتاب في صواب المزج بين الفن والسياسة "والمدى الذي يمكن أن يتابع فيه المرء هذا المشروع إذا أخضع الجانب الإنساني فيه للأغراض السياسية. وهذا يبدو تناقضا هاما من البداية."

التزام بضروة العمل

صرح لوغلين بأنه شعر بالفضول وحب الاستطلاع تجاه إيران وهو في سن المراهقة عندما كان يشاهد الطلبة الإيرانيين الذين احتجزوا الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية في طهران. ولم يتقبل فكرة أن الأيرانيين مختلفون نوعا ما. قال "كان ذلك دوما جزءا من كياني – الافتراض بأننا جميعا بشر."

في خريف العام 2006 زار لوغلين إيران وقال عنها "أردت أن أرى بنفسي. حملت كاميرتي (آلة التصوير) وليس في ذهني أدنى فكرة عن ما آل إليه الوضع. اعتقدت أنني سأعود بصورة جميلة لشروق الشمس."

وقال إن ما خبره هناك كان كرما ولطفا رائعين. "فهم (الإيرانيون) بطبيعتهم التقليدية في الكرم الفارسي يتفانون في الترحيب بالضيوف. فالضيف بالنسبة لهم هبة وعطية، وهم يريدون التواصل معه."

ومن خلال تلك الرابطة كوّن لوغلين شعورا وكأن هناك كارثة وشيكة، وأحس بشعور ملح بأن يباشر بعمل ما. قال "كان هناك شعور بأن التعرض للقصف بالقنابل احتمال حقيقي فعلا."

عاد لوغلين إلى الولايات المتحدة يخامره شعور ملح بأن يشرك الناس في تجربته. قال "شعرت وكأن هناك فرصة متاحة والتزاما بأن أحكي القصة كمواطن من أبناء الولايات المتحدة حيث نتمتع بديمقراطية تتيح لنا حرية التعبير."

كان التحدي القائم هو كيفية التعبير ورواية التجربة. قال: "أدركت أن روايتي لن تنجح من خلال معرض في قاعة. أردت أن يقابل الناس بعضهم بعضا وأن يكونوا أكثر قربا من بعضهم."

غير أن إمكانية الوصول إلى المعرض تفتح المجال أمام إمكانية التخريب والتشويه. وقال "يجب أن يكون (المعرض) مؤثرا كي يدفع شخصا ما لفعل ذلك. ولذا راودتني نفسي بأن أتخلى عن الفكرة. فالإنسان الذي يستبد به الغضب ولا يغيّره الجمال سيصبح جزءا من التجربة."

يأمل لوغلين أن يتجول في البلاد بمعرضه، ولذا يعكف على جمع المال لذلك عن طريق منظمته المسماة "مشروع مانجوشري والخريطة الممزقة"، وهي جماعة خاصة لجمع التبرعات. وقال إنه وزوجته لوري كيندل جازفا بمبلغ زاد على مئة ألف دولارلتطوير المشروع، وهو يعتقد أن ما فعله هو عين الصواب.

ثم خلص المصور الأميركي إلى القول: "إن شعوري هو إنه يصادف نجاحا تماما كما أمّلت له. ولا أستطيع التفكير بأي طريقة لفعل ذلك غير هذه الطريقة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آذار/2009 - 14/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م