هل اعتاد المالكي طريقة اللعب بالنار

المصالحة مع البعثيين.. إستراتيجية وطنية أم دوافع انتخابية

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: عدَّ بعض الساسة العراقيين ان دعوة المالكي الأخيرة لمصالحة البعثيين تهدف إلى استمالة الأهواء لا أكثر لتحقيق مكاسب حزبية في الاستحقاق الانتخابي القادم.

حيث شكك البعض في مبادرة المالكي الأخيرة التي أدرجها وفق مبدأ المصالحة الوطنية الشاملة، خصوصا إن اغلب شرائح المجتمع العراقي وأطيافه لم تتخلص حتى ألان من معاناة سياسة النظام البعثي التعسفية.

معتبرين إن سياسات المالكي تجعله كمن يلعب بالنار خصوصا فيما يتعلق بفتح ملف بهذه الدرجة من الحساسية، متهمين رئيس الوزراء العراقي باستغلال المصالحة الوطنية لأهداف تتصل بحملته الانتخابية نهاية العام الجاري، خصوصا انه لا يوجد صيغة أو خطة رسمية للمصالحة الوطنية.

يذكر إن العراق مرر تشريعا يهدف إلى إلغاء قرار للولايات المتحدة عام 2003 بتطهير الحكومة من أعضاء حزب البعث، وهو قرار أذكى أعمال عنف قام بها العرب السنة.

 المالكي.. ما حدث قد حدث!

ووجّه رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، دعوة واضحة إلى المصالحة مع عناصر حزب البعث والقوى المؤيدة للنظام العراقي السابق، بقيادة الديكتاتور السابق صدام حسين، معتبراً أنهم قد عادوا من جديد ليكونوا "أبناء العراق" ومشدداً على ضرورة تجاوز الماضي باعتبار أن "ما حدث قد حدث."

وقال المالكي، الذي كان يتحدث في المؤتمر العام لشيوخ قبائل وعشائر العراق إن انعقاد الاجتماع يؤكد انتهاء العنف الطائفي ومرحلة ما عرف بـ"القتل على الهوية،" وحض على "التحاور" مع المحيط "العربي والإسلامي" على أساس المصالح المشتركة، والابتعاد عن الحروب والمغامرات لأنها "لا تخدم العراق والمنطقة."

وتوجه المالكي إلى قادة القبائل بالقول: "نحن بحاجة دائمة إلى المصالحة الوطنية لأنها كانت وستبقى الأهم في معادلة الاستقرار، ونعني بها أن نتصالح على الأسس الوطنية لأنها أصبحت المبدأ الذي نعتمده وليس مرحلة مرت وانتهت." حسب (CNN).

ودعا المالكي إلى "عدم الخوف من العشائر مادامت تحركاتها في ظل الدستور وحماية العراق وسيادته،" في إشارة محتملة إلى بعض القوى العشائرية التي شكلت لمواجهة الحركات المسلحة، وخاصة تنظيم القاعدة، معتبراً أن المؤتمر يمثل "عراقاً مصغراً لأنه يضم القبائل العراقية من العرب والكرد والتركمان وباقي المكونات."

وأضاف رئيس الوزراء العراقي الذي تضاعف نفوذه مع المكاسب الانتخابية التي حققتها لوائح مدعومة من حزبه في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخراً: "هذا المؤتمر يبعث برسالة تؤكد أن الأمن في العراق مستقر، كما يعطي رسالة مصالحة لان الذين قاطعوا العراق عادوا إليه من جديد ولم يعد هناك خوف من الذين يقتلون على الهوية."

وتابع: "وهو رسالة إلى الذين لازالوا يتحدثون عن العراق بأن فيه فتنة طائفية وان الوضع الأمني غير مناسب فيه، ولو كان هذا موجوداً لما عقد هذا المؤتمر اليوم."

غير أن الأبرز في خطاب المالكي كان دعوته الصريحة إلى المصالحة مع العناصر السابقة في نظام صدام حسين حيث قال: "يجب أن نتصالح مع أولئك الذين ارتكبوا أخطاء، ممن اضطروا في تلك الفترة الصعبة إلى التزام جانب النظام السابق، واليوم هم مجدداً أبناء العراق."

وتابع المالكي: "سوف نتصالح معهم، شريطة أن يعودوا إلينا وأن يقوموا بقلب تلك الصفحة السوداء من تاريخ العراق.. فما حدث قد حدث."

من جهته، اعتبر النائب الكردي، محمود عثمان، أن ما جاء على لسان المالكي حيال أفراد حزب البعث، يصب في إطار الأهداف الانتخابية.

وقال عثمان: "أعتقد أن المالكي يستغل المصالحة الوطنية لأهداف تتصل بحملته الانتخابية نهاية العام الجاري، لا يوجد صيغة أو خطة رسمية للمصالحة الوطنية، مع أننا نرحب بهذه الخطة."وأضاف: "كل الأكراد في العراق يرحبون بالمصالحة الوطنية، لكن يجب أن تقوم على أساس قانون معين أو خطة محددة تتوافق عليها جميع القوى السياسية."

إلقاء القبض على (بعثيون جدد)

من جانب آخر قال مسئول في الجيش العراقي إن القوات العراقية القت القبض على سبعة رجال بتهمة محاولة احياء حزب البعث المحظور الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وقال العقيد علي اسماعيل وهو قائد لواء بالجيش العراقي في محافظة ديالى انه تم القبض على الرجال في المنطقة الواقعة شمال شرقي بغداد والتي لا تزال تشهد اعمال عنف حتى مع تراجع الهجمات في انحاء العراق.

وفي أعقاب القبض عليهم عرضت قوات الامن الرجال وهم معصوبو الاعين ويجلسون على الارض على الصحفيين فيما وضعت اسلحة ومواد دعائية امامهم. حسب رويترز.

وألقي القبض عليهم بعد يوم من دعوة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي بالعفو عن الحلفاء السابقين لصدام الذي حظر حزبه عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 واطاح به من السلطة.

وقال اسماعيل ان الرجال كانوا مطلوبين في الاساس في تهم تتعلق بانتمائهم الى تنظيم القاعدة ومهاجمة القوات الامريكية والعراقية.

لكن عندما القت قوات الامن القبض عليهم عثرت على منشورات ووثائق ومواد اخرى تشير الى ان الرجال اعضاء بجماعة بعثية جديدة.

وقال اسماعيل ان الجماعة يتزعمها جاسم محمد العزاوي المعروف في ديالى بانه بعثي سابق في عهد صدام. وبعض الرجال الذين ألقي القبض عليهم اعضاء في مجالس الصحوة المدعومة من الولايات المتحدة والتي ساعدت في وضع حد للعنف ومحاربة تنظيم القاعدة في انحاء العراق.

تصاعد الدعوات لإعادة الحكم المركزي

من جهته دعا الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي العراقي المعارض، الى اعادة الحكم المركزي في العراق للوقوف أمام “الطائفية” و”الدعوات” للفيدرالية، فيما ذكر الامين العام للحزب القومي الناصري أن حزبه يقف مع قوى المعارضة التي تؤمن بالعمل السلمي.

وقال عبد الامير الركابي في مؤتمر صحفي عقده في فندق الشيراتون ببغداد “قدمت من الخارج الى العراق مع أثنين من زملائي في المعارضة للتحضير لعقد مؤتمر شامل للمصالحة الوطنية خاص بقوى المعارضة في الخارج”.

يأتي هذا بعد يومين من دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى التصالح مع الذين كانوا مضطرين للعمل مع النظام السابق، مبينا أهمية فتح صفحة جديدة لتجيمع الطاقات وتوحيد الكلمة لسد الثغرات التي قد يتسلل من خلالها أعداء العراق. بحسب اصوات العراق.

وأوضح الركابي أن وفدا من تياره “أجرى حوارات مع الحكومة أفضت الى الاتفاق على عقد مؤتمر قوى المعارضة الوطنية بكل أطيافها وشخصياتها التي تتمكن ان تسهم بكل طاقاتها في دفع التوجهات الشعبية الوطنية المتصاعدة المضادة للطائفية ولدعاوى الفيدرالية وانبثاق حقبة جديدة في مسار العمل الوطني في العراق”.

ودعا الركابي هذه القوى الى “حضور المؤتمر وانهاء وجودهم خارج البلاد لأن أسباب عملها في الخارج انتفت وان ميدان النشاط الوطني المعارض اصبح من اللازم  ان ينتقل الى الداخل”.

وبين أن تياره “شكل مع حلفائه من القوى وطنية وقومية هيئة اعداد لمؤتمر وطني يضم القوى العراقية الوطنية والشخصيات العاملة خارج العملية السياسية والمعارضة لها، على ان يعقد المؤتمر في (9/4)”.

واعتبر الركابي أن “العملية السياسية الحالية عملية للموالين للسطة فقط بنيت على الطائفية، الا ان هدف حزبنا هو التحول بها الى عملية ديمقراطية من خلال ممارستها بصورة سلمية، لأن نتائج انتخابات مجالس المحافظات احدث تغييرات في العملية السياسية والمجتمع الذي مارس حقه الديمقراطي”، مطالباً اعضاء حزب البعث المنحل “بمراجعة انفسهم”.

ولفت إلى أن “بعض شخصيات القوى المعارضة في الخارج لديها اشكالات قانونية في العراق، لكن التغييرات التي حصلت تدعو الحكومة الى استيعابهم ليتحول عملهم المعارض الى سلمي”، مبينا أن “العراق لازال تحت التحول والتغيير وان وجود المعارضة سيغير المفاهيم  لأن البلاد مرت بسلطة دكتاتورية واخرى اعتباطية”.

وأشار الى أن هدف حزبه ايضاً “ليس دخول العملية السياسية الحالية بل تغييرها لأنها اقيمت على المحاصصة الطائفية والفيدرالية”.

من جهته، وفي المؤتمر ذاته ذكر الامين العام للحزب القومي الناصري زيدان خلف النعيمي أن حزبه يقف مع قوى المعارضة خارج العراق التي تؤمن بالعمل السلمي والتي تريد بناء البلاد.

وقال إن “حزبنا لمس من لقائه رئيس الوزراء نوري المالكي تفهما وتقبلا للرأي الآخر شريطة ان لا تحمل القوى الخارجية المعارضة اجندات خارجية”.

وبين أن حزبه “شارك في المؤتمرات السابقة التي عقدتها الحكومة الخاصة بالمصالحة الوطنية وكذلك لقاءات مع مستشاري المالكي وطرح وثيقة لعقد مؤتمر وطني يتبنى وثيقة وطنية كاطار وطني للعمل داخل العراق، وتأخذ الحكومة بتوصيات المؤتمر شريطة ان تتضمن خروج القوات الاجنبية واكتمال السيادة”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آذار/2009 - 14/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م