روسيا وامريكا: بداية جديدة ام عصر مساومات آخر؟

ايران والدرع الصاروخية والجمهوريات الانفصالية على طاولة التوزيع

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما تعهدت الولايات المتحدة وروسيا على العمل معاً لإعادة تفعيل علاقاتهما المتوترة،  والعمل لمعالجة عدد كامل من القضايا الثنائية والعالمية، رأى محللون ان ذلك قد يكون بداية عصر جديد من التفاهمات التي لاتخلوا من المساومات والتنازلات البينية على خلفية تسرُّب انباء تفيد بأن الرئيس باراك أوباما بعث برسالة لنظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، عرض فيها تعليق السير بخطة بناء درع صاروخي امريكي في أوروبا الشرقية إذا ما قامت إيران بوقف برامجها الهادفة للحصول على أسلحة نووية.

وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيرته الأمريكية، هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحفي مشترك في ختام لقائهما عن نية توصل الجانبين إلى اتفاق روسي أمريكي جديد بشأن الأسلحة الإستراتيجية الهجومية في نهاية العام الحالي.

وقالت كلينتون إن الطرفين حددا عدداً من العناصر المكونة للمعاهدة الجديدة المقبلة بينهما حول إجراء مزيد من الخفض في ترسانتي الأسلحة الإستراتيجية الهجومية  لدى الولايات المتحدة وروسيا.

من جهته، أبدى لافروف ثقته بإمكانية التوصل إلى اتفاقية جديدة قبل 5 ديسمبر/ كانون الأول تاريخ انتهاء العمل باتفاقية "ستارت".

ويأتي لقاء كلينتون ولافروف بعد إعلان حلف الناتو استئناف العلاقات مع موسكو، التي كانت قد جمدت عقب حرب القوقاز الأخيرة الصيف الفائت.

واتفق الجانبان خلال اجتماعهما في جنيف على إيجاد مواقف مشتركة بشأن إيران وأفغانستان وكوريا الشمالية.

وجاء رد وزير الخارجية الروسي على سؤال بشأن نية موسكو نصب صواريخ S-300 في إيران، بإن الكرملين لا يجهز حلفائه بأسلحة "دفاعية تزعزع الاستقرار."بحسب سي ان ان.

وقالت كلينتون بعد الاجتماع إن إعادة بناء العلاقات سيستغرق وقتاً، وأن هذا سيتطلب "مزيدا من الثقة والقدرة على التكهن والتقدم."

وكانت كلينتون قد أعربت عن تأييدها القوى لإعادة تنشيط  المحادثات الرسمية بين الناتو وروسيا، مؤكدة على مبدأ السعي لتوثيق التعاون بشأن قضايا المصالح المشتركة، مع الاعتراف بالاختلافات.

وذكرت كلينتون خلال مؤتمر صحفي عقد في ختام اجتماع وزراء خارجية  الناتو في بروكسل "أن هناك منافع وفوائد جراء إعادة تنشيط مجلس الناتو - روسيا، كما أن هناك أيضاً منافع محتملة في المناقشة التي سأشرع فيها  مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف في جنيف."

واستبقت وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" الاجتماع بالإشارة إلى أن كلينتون أعلنت عزمها مناقشة المسائل التوافقية والخلافية في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية خلال لقائها مع لافروف المزمع عقده في جنيف في السادس من مارس/آذار الحالي.

وأوضحت كلينتون في حديث للصحفيين أن مواقف الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو تتطابق مع المواقف الروسية من قضايا مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، والتصدي للقرصنة، لكنها تتباين فيما يخص مسألة الدفاع المضاد للصواريخ، ومستقبل معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا، وجورجيا.

أوباما والصفقة مع روسيا لوقف برامج إيران النووية

وكشف مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية أن الرئيس باراك أوباما بعث برسالة لنظيره الروسي، ديمتري ميدفيديف، عرض فيها تعليق السير بخطة بناء درع صاروخي في أوروبا الشرقية إذا ما قامت إيران بوقف برامجها الهادفة للحصول على أسلحة نووية.

وقال المسؤول، إنه بخلاف بعض التقارير الصحفية، فإن الرسالة لم تكن سرية، وكانت تهدف لطلب المساعدة الروسية في التعامل مع ملف إيران، دون عرض صفقة.

وأضاف أن أوباما كتب الرسالة رداً على أخرى كان ميدفيديف قد بعثها له قبل فترة، وأن دبلوماسياً أمريكياً بارزاً قام بتسليمها باليد خلال زيارة قام بها إلى موسكو قبل ثلاثة أسابيع.

ونفى المسؤول ما جاء في التقارير الصحفية عن أن أوباما قدم صفقة لروسيا، تقوم بمقتضاها واشنطن بوقف نشر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا لقاء تدخل موسكو لوقف البرنامج النووي الإيراني، معتبراً أن الهدف ليس "توظيف الروس للمساعدة، بل إنهاء التهديد النووي الإيراني.

ولفت المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الدليل على عدم وجود صفقة هو أن أوباما لم يربط وقف الدرع بتقديم موسكو لمساعدة، بل بالتوصل إلى نتيجة حاسمة تضع حداً لبرنامج إيران النووي، مضيفاً أنه في حال لم تتكلل الجهود في هذا الإطار بالنجاح فإن خطط بناء الدرع الصاروخية "ستستمر."

ووصف المسؤول ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" حول كون الرسالة سرية بأنه "تضخيم غير صحيح،" مضيفاً أن البيت البيض وزّع نص الرسالة على الكثير من المؤسسات الأمريكية لإبقاء القائمين عليها على اطلاع بتطور الأحداث، وللمحافظة على التنسيق المشترك.

وشرح قائلاً: "لقد كانت الرسالة معلنة بصورة أكثر مما ينبغي.. ووصفها بأنها سرية أمر يثير الغضب لأنه سيؤدي إلى الاعتقاد بوجود صفقة سرية بين موسكو وواشنطن، وهذا أمر غير صحيح، فالأمر لا يرتبط بسلوك روسيا، بل بإزالة الخطر."

كما نبه إلى أن مضمون الرسالة يعيد التأكيد على موقف علني كانت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، قد أدلت به علناً في العاشر من فبراير/ شباط الماضي، عندما قالت خلال زيارتها لتشيكيا أن واشنطن على استعداد لإعادة النظر بالدرع الصاروخية لحماية أوروبا إذا أوقفت طهران سعيها لامتلاك السلاح النووي.

بالمقابل، كان للكرملين تعليق على التقارير الصحفية حول رسالة أوباما، نفى خلاله وجود صفقة مع واشنطن.

وقال ناطق باسم الرئاسة الروسية لـCNN إن الرسالة كانت رداً على برقية بعث ميدفيديف بها إلى الرئيس الأمريكي لتهنئته بعد توليه السلطة، وتطرق خلالها إلى بعض النقاط ذات الاهتمام المشترك، وبينها إيران والدرع الصاروخية.

وبحسب الناطق الروسي، فإن ميدفيديف اعتبر رسالة نظيره الأمريكي "إيجابية،" نافياً أن تكون قد حملت أي ربط بين طلب المساعدة من موسكو للحد من برنامج إيران النووي، وخطط نشر درع صاروخية في أوروبا الشرقية.

اوباما قد يعيد النظر في الدرع الصاروخية

وفي نفس السياق قال مسؤول اميركي كبير في بروكسل ان الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما قد يطالب باعادة بحث كلفة وفاعلية مشروع نشر الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا.

وقال المسؤول لوكالة فرانس برس "لن ادهش اطلاقا اذا ابدت الادارة الجديدة رغبتها في مراجعة المشروع لاستيضاح بعض المسائل مثل "حالة تقدم البرنامج؟ ومستوى التطور التكنولوجي؟ وكم يكلف؟ وما وصلت اليه علاقاتنا بشان هذه النقطة مع حلفائنا؟".

وبعد عام ونصف العام من المفاوضات مع الولايات المتحدة اعلنت بولندا هذا الصيف موافقتها على نصب عشر بطاريات صواريخ اعتراضية على اراضيها.

ويرافق هذه الصواريخ جهاز رادار قوي في جمهورية تشيكيا التي ابدت هي ايضا موافقتها على نصبه على اراضيها الا انه ما زال ينتظر اقرار البرلمان التشيكي.

وخلال الحملة الانتخابية اوضح اوباما انه سيدعم مشروع الدرع الصاروخية الذي تبناه الرئيس جورج بوش اذا ما تبين انه "مناسب تكنولوجيا ومحتمل ماليا".

وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي صرح مستشار اوباما للسياسة الخارجية دنيس ماكدونوه ان الرئيس المنتخب لم يتخذ "اي تعهد" نهائي بشان هذا البرنامج الذي تعارضه روسيا بشدة.

واضاف المسؤول الاميركي عشية تنصيب اوباما "في هذه المرحلة لا شيء يتيح القول بوجود اعتراض سياسي على الدفاع الصاروخي او رغبة في التخلي عنه".

وتؤكد واشنطن ان الدرع الصاروخية تهدف الى التصدي لدول مارقة مثل كوريا الشمالية وايران اللتين يمكن ان تحصلا على ترسانة متواضعة من الصواريخ ذات الرؤوس النووية ولا تستهدف باي حال القوة الضاربة الروسية الضخمة والتي على اي حال لن تكون الدرع قادرة على اعتراضها.

الا ان موسكو ترى ان نصب هذه الدرع الصاروخية في وسط اوروبا يكمل منظومة رصد واعتراض باليستي فضائي اميركي تطوق اراضيها.

وتشكل العناصر الاوروبية للدرع الصاروخية الدعامة الثالثة لهذه الدرع التي توجد عناصر منها بالفعل في الولايات المتحدة مع انظمة انذار في غرونلاند وبريطانيا.

روسيا تطلب من اوباما تغيير مسار الحلف بشأن اوكرانيا وجورجيا

ودعت روسيا الرئيس الامريكي باراك اوباما الى انهاء سياسة واشنطن "المعادية لروسيا" بالاسراع في منح عضوية حلف شمال الاطلسي لكل من اوكرانيا وجورجيا.

وقال سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي ان هذه السياسة اثارت الاضطرابات في اوكرانيا وساعدت على اثارة حرب الصيف الماضي في منطقة اوسيتيا الجنوبية الانفصالية بجورجيا.

وقال ريابكوف في مقابلة نشرتها وزارة الخارجية "امل ان يتعلم الرئيس الجديد في البيت الابيض من اخطاء اسلافه."

وعرقلت الدول الاوروبية بقيادة المانيا وفرنسا مسعى امريكي في قمة للحلف في العام الماضي لمنح اوكرانيا وجورجيا خارطة طريق للعضوية. بحسب رويترز.

وقال مسؤولون ان اي من البلدين ليس جاهزا وان العضوية يمكن ان تثير استفزاز روسيا دون ضرورة وهي تعتبر الدول السوفيتية السابقة جزءا من منطقة نفوذها.

وقال ريابكوف "نحن لسنا ضد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة.. واوكرانيا وجورجيا."واضاف "ولكن في نفس الوقت لانعتزم اغلاق اعيننا على موقف تبدأ فيه القوة الموجهة لمثل تلك العلاقات في التأثير سلبا على المصالح الروسية في جانب الامن القومي..."

وتابع "هذا يرتبط على نحو كامل بتعزيز السياسة المعادية لروسيا اساسا في القبول السريع لكييف وتفليس من قبل الحلف. وقال "تكلفتها معروفة جيدا للجميع" مشيرا الى "زعزعة الاستقرار" لاوكرانيا وهجوم جورجيا على اوسيتيا الجنوبية.

مفاوضو روسيا وأميركا يجتمعون لبحث معاهدة الأسلحة الاستراتيجة

وصرح مسؤول أميركي رفيع المستوى بأن مفاوضي روسيا والولايات المتحدة عقدوا مفاوضات، وصفها بأنها مثمرة، حول عدد من القضايا المتعلقة بالأمن الاستراتيجي بما في ذلك إيجاد بديل لمعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجة الأولى المعروفة اختصارا بـ ستارت-1 المعقودة في العام 1991، وبحث نظام الدفاع الصاروخي المقترح إنشاؤه في أوروبا. ولم يكن من المتوقع أن تسفر المحادثات الأولية عن اتفاقيات جديدة.

فقد اجتمع وفد من المفاوضين الأميركيين برئاسة وكيل وزارة الخارجية بالوكالة جون رود بنائب وزير الخارجية الروسية سيرجي ريابكوف ومساعديه لهذا الغرض في موسكو في 15 كانون الأول/ديسمبر.

وقال رود في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن في 17 كانون الأول/ديسمبر، "أمضينا معظم وقتنا في بحث موضوعين هما متابعة معاهدة ستارت والدفاع الصاروخي. ومن الواضح أننا لم نتوصل إلى اتفاق على معاهدة أو شيء من هذا القبيل. وأود القول إننا، بصفة عامة، لم نتوصل إلى اتفاق على أي موضوع محدد، لكن البحث كان مفيدا."

مما يذكر أن "ستارت-1" معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية، اتفاقية ثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقا وقعت في 31 تموز/يوليو، 1991، وتحدد للطرفين عدم امتلاك أكثر من 6,000 رأس نووي حربي استراتيجي للمدى البعيد، كما تحدد أعداد وسائل حمل هذه الرؤوس وإيصالها سواء بالطائرات قاذفات القنابل أو بالصورايخ من قواعد برية أو من الغواصات بـ1,600 وسيلة لكل من الطرفين. وينتهي العمل بالمعاهدة الحالية في 5 كانون الأول/ديسمبر، 2009. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وأوضح رود أن اجتماع موسكو كان أول اجتماع للطرفين منذ عرضت الولايات المتحدة على الروس مسودة مشروع معاهدة جديدة، وقال "أعتقد أن من المهم بالنسبة لنا أن نستمر في الإفادة مما تبقى من الوقت للحكومة الحالية في محاولة لتمهيد الأساس للحكومة القادمة كي تتوصل إلى اتفاق قبل انتهاء العمل بمعاهدة ستارت الحالية خلال سنة."

وأشار رود إلى أن الخلاف الأساسي بين الولايات المتحدة وروسيا يدور حول نقطتين مركزيتين هما "أنه بالنسبة لنا نحن في الولايات المتحدة، نود التوصل إلى معاهدة تضع حدا للأسلحة النووية الاستراتيجية. أما زملاؤنا الروس فهم يودون التوصل إلى معاهدة أكثر شمولا من ذلك، فهم يودونها أن تشمل القوات التقليدية، القوات التقليدية الاستراتيجية أيضا."

وصرح وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف للصحفيين في 17 كانون الأول/ديسمبر بعد حضوره اجتماع مجلس الأمن الدولي في نيويورك بقوله "نحن نتوقع من الحكومة (الأميركية) الجديدة أن تواظب على التعاون البناء معنا بحيث يمكن المحافظة على معاهدة ستارت وتعزيزها بدلا من إضعافها بعد كانون الأول/ديسمبر، 2009."

وكشف رود عن أنه أجرى مشاورات مع فريق الرئيس المنتخب باراك أوباما الانتقالي قبل التوجه إلى موسكو، وأنه سيطلع الفريق على ما دار في محادثات موسكو.

وقال رود إنه علاوة على البحث الذي دار حول عقد معاهدة جديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية، بحث المفاوضون الروس والأميركيون أيضا خطة الولايات المتحدة لنصب 10 صواريخ اعتراضية في قاعدة في بولندا وإنشاء محطة رادار متقدمة في الجمهورية التشيكية من أجل حماية الولايات المتحدة وحلفائها من "الدول الخارجة على القانون" التي قد تحصل على صواريخ بعيدة المدى برؤوس نووية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/آذار/2009 - 11/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م