شيعة الكنترول في البقيع

محمد الوادي

في استطلاع من قبل صحيفة ايلاف لأراء عدد من أراء الصحفيين السعوديين حول احداث البقيع الاخيرة، اجاد علينا احدهم بمقولة لطيفة " جدا جدا " حين استخدم مفردة ( الخلايا الشيعية... وان مشكلة بعض الشيعة في المملكة والخليج انهم يدارون بالريموت كونترول من طهران !!).

طبعا واولا وقبل كل شيء يجب حفظ تفضل هذا الكاتب الهمام حينما قال بعض الشيعة، وهذا في حقيقة الامر يضيف فضل وجميل اضافي على الشيعة العرب من البعض الاخر والذين هم من خارج صف " الخلايا والكنترول " وايضا خاصة اذا كان احدهم ينتظر هذه المكارم العربية المملة جدا.

مشكلة العرب المعاصرة " انهم لايفهمون " وهذه مشكلة بذرتها قرون التخلف منذ احتلال المغول لعاصمة الحضارة والرقي والتقدم بغداد العظيمة و الذي امتد 270 عام والاحتلال العثماني الذي امتد الاخير وحده الى حوالي 420 عام، وامتد هذا التخلف حتى يومنا الحالي وبامتياز لاتجاريه اي امة اخرى.

 والمصيبة الاعظم ان كتاب وسياسيين اسرائليين يعرفون هذه الحقيقة ويكتبون عنها ليل ونهار لكننا نصر على اكمال رأيهم فينا وبشكل عملي فنحن " لانقرأ ولانفهم... وأن قرائنا وفهمنا... فلن نغير شيء !!".

 ومن الواضح ان هذه المشكلة اصبحت مزمنة واصبحت اكثر ملازمة من السابق بعد ان تم تغميسها بكل شواهد وعلامات الطائفية التي تستوطن هذه الامة منذ عقود طويلة لكنها طفحت للسطح بشكل اقوى بعد سقوط صنم الطائفية في العراق عام 2003.

 لااعرف حقيقة كيف يتملك هذا الشعور الوهم نسبة واضحة من الكتاب والسياسيين العرب بانهم يمتلكون مفاتيح الوطنية المحلية في بلدانهم او حتى المفاتيح القومية لمجرد انتمائهم الى المذهب الحاكم في البلاد العربية، فيبدأ يوزع الكرامات والمكرمات هنا وهناك على المواطنين الشيعة العرب في تلك البلدان ، ويخيل له بان الشيعة سيفرحون ويسبحون بحمده لمجرد انه يستخدم هذا الاستثناء او ذلك حسب مصالحه او وجهة نظره المريضة اصلا.

ان المواطنين الشيعة العرب في بلادهم العربية هم مواطنين بنفس مستوى الكفة مع اي مواطن اخر بغض النظر عن الدين والطائفة وعلى الحكومات والاعلام العربي ان يتعامل مع هذه الحقيقة الكبرى، بل ان يمارس الجميع دوره باعطاء العرب الشيعة حقهم الانساني والدستوري وحتى الشرعي ابتدأ من اعلى درجات السلطة والحكم وحتى اصغر الدوائر الرسمية والتشريعية.

 وان لايتم ذلك من خلال المكرمات والعطايا بل من خلال حق دستوري وقانوني متساوي مع الاخرين من خلال اليات دميقراطية ومن خلال التصويت والانتخابات. اما غير ذلك فهي لعبة خطيرة سيكون وقودها عدم استقرار امال وطموحات الانسان العربي وايضا البلاد نفسها. وستكون صور الاقصاء والتفرد والنتائج الكارثية مثل التي حدثت بالعراق خلال الثمانية العقود الاخيرة هي الابرز في عصرنا الحالي، وايضا في لبنان وفي فترة معينة واعتقد في وقتنا الحالي ان المشكلة هي في تثبيت حق انساني ووجودي وان لبس ثوب الخلافات السياسة من قبل جميع الاطراف.

 وقد تكون قنبلة البحرين المؤقتة بنفس مستوى مشكلة العراق التاريخية عندما تكون الاغلبية السكانية هي الابعد عن دوائر الحكم والتشريع ليس لسبب يذكر سوى الاختلاف المذهبي ونفس المشكلة مع اختلاف النسب السكانية توجد في السعودية.

وهذه المشاكل التي تحدث بين فترة واخرى في البقيع او غيرها هي مشاكل طائفية بجدارة يجب النظر اليها بحكمة وحيادية وصدق لاجل وضع الحلول المناسبة لها. ولايمكن باي حال من الاحوال وتحت اي ذريعة ان يتم منع مجموعة معينة من أداء طقوسها او تقاليدها او شعائرها الدينية والمذهبية تحت مبررات لاتقنع ابسط العقول.

 فالمشكلة الجوهرية هي في محاولة البعض باسم الدولة وباسم السلطة القانونية اقصاء تقاليد زيارة أئمة البقيع تحت غطاء " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " وهل من المنكر زيارة أئمة اهل البيت الكرام "ع" السلام اجمعين.

اما مسالة واتهامات حول " ملامح تحريض ايراني... وريموت كنترول " هنا الغائب الاكبر عدم الاشارة الى انواع الكنترولات الاخرى غير الايرانية، من جهات اخرى.؟ فهذا في حقيقة الامر هروب الى الامام ولن يحل المشكلة بل يعقدها اولا لان لااحد مستعد على الاطلاق يجامل من الشيعة بحب اهل البيت وثانيا وهذا الاهم ان رمز المذهب الشيعي هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب "ع" ابن عم نبيكم العربي الامين "ص" وزوج ابنته الزهراء وابو سيدا اهل الجنة الحسن والحسين "ع"... فهل هولاء جميعهم من ايران او من الفرس !؟ وهل تتشكل العروبة وتسمى عروبة بدونهم !!؟

فرجعوا الحقوق الدستورية للمواطنين الشيعة العرب في كل البلاد العربية يرافقها حقهم في الاختيار وممارسة الشعائر التي يؤمنون بها. كما يجب ان يرافق هذه المقالة حقها المهني في النشر بكل حيادية في ايلاف دون تردد من قبل ادارة ايلاف وتمنع نشرها كما فعلت مع مقالاتي السابقة ردا على فيصل القاسم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 8/آذار/2009 - 10/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م