أخطاء القطاع الصحي في العراق بحاجة الى علاجات فورية

 

شبكة النبأ: يتفق المراقبون على ان العنف بمعناه المعروف قد تراجع كثيرا في العراق بحسب الاحصاءات الرسمية وغيرها الرسمية، وقد بذلت الجهات ذات العلاقة جهودا محمودة في مكافحة الارهاب الذي تسببت به تنظيمات ارهابية باتت معروفة للقاصي والداني كتنظيم القاعدة ومن يساندها في تحقيق اجنداتها في العراق او غيره، وقد أثمرت الجهود المبذولة للحد من الارهاب في تقليل نسب العنف في العراق الى ادنى مستوياته حسبما تؤشره الوقائع على الارض بالاضافة الى الاحصاءات المعلنة في هذ الصدد.

إذن نحن نتفق على تحقيق نسبة عالية من الامن وكبح جماح الارهاب والعنف المباشر، ولكن يرى مراقبون لطبيعة الحراك العملي للعراقيين بروز عنف من نوع آخر غير ذلك الذي يتخذ صورة مباشرة!!.

فما يجري على سبيل المثال في بعض المؤسسات الصحية وما يتمخض عنه من نتائج هو وجه آخر للاضرار بالمواطنين، فقد أعلن اكثر من مسؤول عراقي بأن الفساد الاداري والتجاوز على المال العام وجميع حالات الاختلاس تعد وجها من وجوه الارهاب وإن كان غير مباشر، ولذلك عندما يذهب المواطن المريض لكي يتطبب في احدى مستشفيات الدولة ولايجد الرعاية المناسبة، فإن ذلك سيعود عليه بالضرر الصحي بنسبة ما قد تقل او تكبر، بسبب الاهمال المقصود او خلافه.

إننا حين نؤشر هذه الوقائع إنما نهدف الى وضع الامور في نصابها كي لاتغيب عن عيون المعنيين بأمر الرعية كما يُقال، وفي متابعة لرحلة المرضى الى احد المستشفيات الرسمية سنلاحظ اهمالا لهذا المريض او ذاك من قبل بعض الاطباء او معاونيهم او المعنيين بأمر معالجتهم، ويبدأ هذا الاهمال من لحظة استقبال المريض بطريقة غير مناسبة وبإسلوب جاف، ناهيك عن قلة الدواء او عدم اعطائه الدواء المطلوب، ويعزوا بعضهم هذا الامر الى رغبة بعض الاطباء بمراجعة المرضى لعياداتهم الخاصة من اجل الربح المادي، لكننا نعرف بأن الطبيب يتقاضى حاليا راتبا شهريا جيدا قد يفوق اجور كثير من الموظفين، ومع ذلك يلجأ بعضهم لاجبار المرضى الى مراجعة عياداتهم من خلال انتهاج اساليب متنوعة تبدأ بسوء التعامل ولا تنتهي بإعطاء الدواء غير الكافي.

إننا حين نرصد مثل هذه الامور لا نقول بخلو الاطباء الجيدين المخلصين، ولكننا من خلال الملاحظة والسماع ثبتنا هذه الملاحظات، فهناك درجة من الاهمال تصل الى مستوى الخطأ في العمليات الجراحية الكبرى، كما اننا نشير الى ان المريض الذي لايملك المال المطلوب للعلاج (في المرافق الرسمية) سيبقى يعاني من مرضه وربما يقوده ذلك الى عاهة مستديمة او الى الموت.

وثمة مظهر آخر من مظاهر الفساد يتعلق بتسريب الدواء الى الاسواق العامة او ضخه لبعض الصيدليات بأسعار مغرية، مما يجعل حصول المواطن على حصته من الدواء متدنية، ويُعد هذا السلوك كما نتفق على ذلك نوعا من انواع الفساد الاداري والمالي، من هنا نقول ان بعض ما يجري في المرافق الصحية هو نوع غير مباشر من انواع العنف لانه يقود بالنتيجة الى الاضرار بصحة الناس قد تصل الى فقدان الحياة.

إنها ملاحظات نعتقد بأنها مخلصة ولا تستهدف أحدا بعينه إنما نرغب بوضع الامور كما هي أمام أنظار من يهمه الامر من اجل مكافحة هذا الخلل الذي لا يجوز التغاضي عنه، فمثلما جندت الحكومة العراقية جميع امكانياتها لمكافحة الارهاب المباشر نعتقد بأن معالجة ما يحدث في القطاع الصحي وغيره يحتاج الى تدخل قوي ومباشر، ليضع الامور في نصابها كما أسلفنا، فعندما توفر الحكومة متطلبات الاطباء ومساعديهم كالرواتب وما شابه، عليها في الوقت نفسه أن تقتص ممن يحاول أن يربح بشكل غير مشروع من المواطن المنهك اصلا بمستلزمات العيش الكثيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/آذار/2009 - 7/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م