مخاض الانتخابات الأخيرة وتحديات المرحلة الراهنة

كتب المحلل السياسي لـ شبكة النبأ

شبكة النبأ: أفرزت مرحلة ما بعد انتخابات مجالس المحافظات بعض الملامح المتناقضة التي رسمت المشهد السياسي في العراق، ففي الوقت الذي قوبلت فيه الانتخابات الأخيرة بارتياح كبير من لدن الشعب والمراقبين والمختصين وغيرهم، فقد ظهرت علامات مختلفة تؤشر خللا هنا وآخر هناك رافق هذه العملية الديمقراطية الهامة.

لقد تابعنا عبر وسائل الاعلام المختلفة احتجاجات بعض الكيانات السياسية التي شاركت في الانتخابات معبرة عن تشكيكها في صحة النتائج، ومشيرة الى عدم ملائمة آلية توزيع المقاعد على المرشحين الفائزين، حيث شكل (كما ترى بعض الكيانات) هدرا لارادة الناخبين من خلال عدم صلاحية القانون الذي سنته المفوضية العليا المستقلة لتوزيع المقاعد المذكورة.

ومهما يكن من أمر فإن مرحلة ما بعد الانتخابات أفرزت وستفرز كثيرا من المسارات التي قد تلتقي او تفترق عن بعضها، ولعل حالة الصراع والتحالفات والائتلافات ستبقى قائمة الى حين، من أجل تشكيل المجالس الجديدة التي ستأخذ على عاتقها قيادة المحافظات، فالقول بأن منصب المحافظ سيكون محل صراعات وتجاذبات بين الفائزين الجدد أمر مسلم به، وينطبق ذلك على جميع المناصب الاخرى، ولكن في ظل هذه التجاذبات والصراعات التي قد تستمر لأسابيع قادمة، نتساءل ماهو موقع الناخب من ذلك؟، بمعنى آخر، هل ستتحقق إرادة الناخب العراقي كنتيجة لهذه التجاذبات والصراعات المختلفة؟ والجواب الذي قد يسبق أوانه، هو ان ما يحدث بين الفائزين كتلا او أفرادا، قد لا يعبر إلاّ عن مصالحهم السياسية الكتلية والفردية في آن، وبكلمة أخرى، إن الناخب العراقي سيكون في أسفل قائمة إهتمامات الفائزين، بسبب التنافس ذي الصبغة النفعية.

واذا صح هذا القول او التوقع، فإن الخطأ الذي وقع فيه السياسيون السابقون هو نفسه الذي سيقع فيه القادة الجدد، حيث البحث عن المصلحة الفردية او الحزبية تتفوق على المصلحة الوطنية التي تهم المواطن وتحقق غاياته من المشاركة في الاقتراع الأخير، لذلك نعتقد أن الاستفادة من الاخطاء السابقة هي سنة الحياة وعلى الجميع أن يضع هذا الامر محل اهتمامه ومتابعته ثم تنفيذه.

فمن يرغب من المرشحين الفائزين في هذه الدورة بتحقيق اهدافه الخاصة اولا، عليه ان يعرف بأنه مرفوض منذ الآن من قبل الاصوات التي رفعته الى منصبه هذا، وان دورة السنوات الاربع التي سيعيشها في مجلس المحافظة هي أمر طارئ في حياته ولن يتكرر مطلقا، أما اذا كان الهدف من صعوده الى عضوية مجلس المحافظة هو تحقيق غايات الاصوات التي وقفت الى جانبه، فإن مثل هذا العضو سيحقق اهدافه واهداف الطرف الآخر في آن واحد وسيكون العمل السياسي حاضره ومستقبله بل مستقبل اطفاله، وسينجح في أهدافه بقدر فاعلية العمل الصادقة التي يتحلى بها في تتنفيذ وعوده التي أطلقها في حملته الانتخابية قبل الفوز بمقعده الحالي.

وأخيرا نعتقد في هذا الجانب، أن من يستسيغ الصراع من اجل المصلحة الذاتية والحزبية سيجد نفسه عاجلا ام آجلا خارج ساحة العمل السياسي قطعا، وسيلمس بيده نبذ عامة الناس له، كما حدث ذلك في الانتخابات الماضية، أما أولئك الذين يوازنون بين مصالحهم ومصالح الشعب بصورة صحيحة ومشروعة، فهم قطعا من سيمسك بفوهة صندوق الاقتراع لاحقا، ويجيرها لصالحه في الدورات الانتخابية القادمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 1/آذار/2009 - 3/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م