المتحف الوطني العراقي يفتح ابوابه بعد طول انقطاع

احتفاء وطني وسط تغطية صحفية شبه معدومة

 

شبكة النبأ: بعد اغلاق دام سنوات طويلة إحتفت العاصمة بغداد باعادة افتتاح المتحف الوطني العراقي، إثر عمليات النهب والتدمير التي تعرض لها بعد التاسع من نيسان العام 2003.

وجرى افتتاح المتحف خلال حفل رسمي اقامته وزارة السياحة والاثار بحضور العديد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية وممثلي وسائل الاعلام والهيئات والسفارات الاجنبية.

بعض الحاضرين وصف اعادة افتتاح المتحف بانه عرس وطني، فيما قال معنيون بالشأن الامني بان عودة متحف بغداد يعني استعادة الامن للعاصمة بغداد، لكن صحفيون انتقدوا تغطية مراسم الافتتاح وقالوا انها شبه معدومة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدولة للسياحة والاثار، بان وزارته تحتفي باعادة تأهيل المتحف بعد تعرضه للنهب والتخريب، وبعد استرجاع قطع أثرية عديدة يصل تعدادها الى 16ألف قطعة أثري”، مشيرا الى ان “الآثار التي سرقت تعرض للمرة الأولى خلال الافتتاح”.

وكشف عبد الزهرة الطالقاني أن “العديد من الدول أعادت مقتنيات اثرية كانت موجودة لديها والتابعة للمتحف العراقي، حيث اعادت سوريا 701 قطعة والأردن 2466 وأميركا 1046، وكذلك أعيدت بعض الاثار من ايطاليا والسويد وبيرو ومصر”.

واعتبر الطالقاني ان “حضور ممثلي الوكالات الدولية والسفارات العربية والأجنبية واطلاعهم على المتحف من جديد، سيكون دافعا لدعم جهود وزارة السياحة والاثار، وهو بداية لتعاون واتفاقات تطوير للمتحف الوطني”.

وكان المتحف العراقي قد تعرض الى عمليات نهب وتخريب عقب سقوط النظام السابق، في 9 نيسان ابريل العام 2003، ووفقا لما تقول منظمة اليونسكو، فان بين 3000 إلى 7000 قطعة أثرية عراقية ما زالت مفقودة، من بينها حوالي 40 إلى 50 تعد ذات أهمية تاريخية كبيرة. بحسب تقرير اصوات العراق.

الى ذلك، أعتبر وكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي بأن افتتاح المتحف يمثل منعطفا كبيرا في مسيرة العراق الديمقراطية والامنية، واصفا الافتتاح بانه “عرس وطني”.

وقال فوزي ان “افتتاح المتحف يمثل في كل الاحوال عرس وطني يهم كل عراقي بعيدا عن كل الشكليات الإدارية والسياسية، وهو يمثل منعطفا في مسيرة البلاد الديمقراطية والامنية. منوها “اننا أصبحنا امام مرحلة جديدة في العمل الوطني”

واشار الاتروشي الى ان “الإرهابيين الظلاميين حين سطوا على ماضينا، بدأت مرحلة اخرى بالسطو على حاضرنا من خلال قتل الكفاءات والذبح والتفجيرات بنية تصفية مستقبلنا”. وهو يرى “استعادة هذا الكنوز الاثرية بها، يعيد لنا التذكير بماضينا العريق ويدعونا مجددا الى المصالحة الوطنية  وتأكيد الإنتماء الوطني الممتد الى أعرق الحضارات”.

كما أشار الناطق المدني لخطة فرض القانون تحسين الشيخلي بان “اعادة فتح المتحف يدلل على ان العراق بدأ يستعيد حاضره بشكل يستمد جذره التاريخي عمقه الحضاري ويستعرضها امام الناس في زمن حاولت الفوضى أن تطغى على الهوية الحقيقية للعراق”.

وبين الشيخلي، في حديثه لـ اصوات العراق بأن “المؤشرات التي نستنتجها، هي ان افتتاح المتحف هو واحد من ثمر ات خطة فرض القانون”.

ويعتبر المتحف العراقي من أهم المتاحف العالمية، فهو يغطي تأريخاً يعود إلى أكثر من 500 ألف عام قبل الميلاد ويحتوي على مجموعات أثرية من حضارة بلاد الرافدين.

في السياق ذاته، كشف قائد الشرطة الوطنية عن تشكيل مديرية حملت اسم حماية الاثار ترتبط بقيادة الشرطة الوطنية، وهي مسؤولة عن تامين حماية المواقع الاثرية في العراق.

واضاف الفريق حسين العوادي ان “مديرية حماية الاثار ستقوم بمهام تأمين حماية المتحف الوطني، وسيكون مقرها مجاورا له”. مبينا “ان حماية المتحف تؤمن حاليا من قبل شرطة حماية المنشات التابعة للشرطة الوطنية”.

ولفت قائد الشرطة الوطنية الى ان “افتتاح المتحف يؤكد استقرار الوضع وسيطرة القوات الأمنية وتمكنها من فرض الأمن، ونشاطات كثيرة اخرى، تؤكد استقرار الوضع الامني في العاصمة بغداد”.

بعض الصحفيين انتقد التغطية الاعلامية المخصصة لافتتاح المتحف، واصفا اياها بـ”شبه المعدومة”.حيث اوضح مراسل قناة الحرية اياد محمد، ان “الصحفيين منعوا من دخول قاعة المؤتمر اولا والاستماع لكلمات المسؤولين التي ألقيت”.

وتابع “كما تم منعهم من مرافقة رئيس الوزراء اثناء افتتاحه للمتحف الوطني، ناهيك عن التجاوزات والانتهاكات التي مورست بحق الصحفيين والاعتداء عليهم وتوجيه كلمات غير لائقة بحقهم”.

واضاف مراسل قناة الحرية، ان “الإعداد للإفتتاح لم يكن جيدا من قبل المسؤولين عن المتحف العراقي، من حيث تجهيز القاعات وملائمتها لهذا العدد الكبير والحدث المهم”.

وتأسس المتحف عام 1923 في بناية القشلة، وفي عام 1927 ونتيجة لتجمع أعداد كبيرة من الآثار التي رفدته بها عمليات التنقيب التي كانت تجري في أنحاء العراق فقد تم نقله إلى بناية خاصة في شارع المأمون وسمي بالمتحف العراقي، ولكنها لم تستوعبه هي الأخرى لتزايد تدفق الآثار إليه.

وتشير التقديرات الى ان حوالي 15 الف قطعة اثرية نهبت من المتحف لم يتم استرجاع الا ربعها تقريبا بالرغم من الجهود التي بذلتها العديد من الدول لمنع الاتجار بالآثار المسروقة او بيعها.

وكان المتحف العراقي قد افتتح بشكل رمزي ليوم واحد في شهر يوليو/تموز عام 2003 للبرهنة على انه ما زال يحتوي على بعض من كنوزه.

الا انه اغلق بعد ذلك وظل مغلقا. اما الآن فسيفتح المتحف ابوابه مجددا وذلك في سياق محاولة الحكومة العراقية البرهنة على ان الحياة في البلاد تعود الى طبيعتها.

الا ان اعادة افتتاح المتحف تعتبر خطوة مثيرة للجدل، فقد انتقدها عدد من الخبراء العراقيين - بضمنهم مسؤولون في وزارة الثقافة - الذين وصفوها بانها سابقة لاوانها.

ويقول هؤلاء الخبراء إن جزءا صغيرا جدا من محتويات المتحف قد تم تصنيفه وعرضه بالشكل اللائق، وانه ينبغي بذل المزيد من الجهد لاجل ان يبلغ المتحف المستوى العالمي.

مختصون: المتحف الوطني العراقي بدأ يستعيد عافيته

وأجمع مختصون في التاريخ العراقي على أن المتحف الوطني العراقي الذي اعيد افتتاحه اليوم بعد توقف دام نحو ست سنوات بدأ يستعيد عافيته عقب الدمار الذي لحق به بعد 2003.

وقال قيس حسين رشيد رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث لوكالة أصوات العراق إن “أطرافاً عديدة قد ساهمت في عمليات إعادة إعمار المتحف وصيانة مقتنياته الأثرية ومنها اليونسكو ومركز البحوث الشرقية لجامعة شيكاغو ومؤسسة كيتي الأمريكية وصندوق النصب العالمية ومؤسسة جايكا اليابانية ووزارة الثقافة الإيطالية فضلاً عن أطراف أخرى”.

فيما قالت مدير عام المتاحف  أميرة عيدان الذهب “رغم الكارثة التي تعرض لها المتحف العراقي في نيسان 2003 إلا أن المتحف العراقي الذي اعيد افتتاحه اليوم أخذ تدريجياً باستعادة عافيته ونشاطه، فأعيد إعمار قاعاته الخمس الرئيسية ومنشآته الإدارية كما نجحنا في استعادة قسم من مقتنياته المنهوبة والبالغة قرابة 15 ألف قطعة أثرية”.

ويعتبر المتحف العراقي من أهم المتاحف العالمية، فهو يغطي تأريخاً يعود إلى أكثر من 500 ألف عام قبل الميلاد ويحتوي على مجموعات أثرية من حضارة بلاد الرافدين.

ويأتي المتحف العراقي في المرتبة السادسة بين متاحف العالم وذلك لميزته الخاصة، فهو يستعرض التطورات الحضارية للعراق بشكل متسلسل، بدون انقطاع، كما يعكس التطور الحضاري في حضارة الشرق القديم بأكمله. ولعل التسلسل الحضاري للقطع الأثرية هو ما يمنح هذا المتحف مكانة خاصة بين بقية متاحف العالم.

ولكنه تعرض للسرقة والسلب والنهب، بعد سقوط النظام السابق في التاسع من نيسان 2003. غير أن الكثير من القطع الاثرية وبجهود حثيثة اعيدت اليه، رغم تعرض بعضها للتلف، من بينها قطع نادرة.

من جانبها، قالت رئيس قسم التسلم في المتحف العراقي أمل عبد الرزاق إن “القطع المستردة حتى نهاية عام 2008 قد فرزت إلى ثلاثة أنواع وهي قطع مختلفة تم الحصول عليها بطريقة النبش والنهب، وبلغ مجموعها 27950 قطعة أثرية، ومسكوكات بلغ مجموعها 22002 مسكوكة نقدية وقطع تحمل أرقاماً متحفية بلغ مجموعها 4012 قطعة أثرية. ومن أهم القطع التي أعيدت إلى المتحف، الإناء النذري من الوركاء ووجه الفتاة السومرية ورأس الملك سرجون الأكدي.

باحثون: افتتاح المتحف الوطني عودة حقيقية للحياة الى بغداد

وفي نفس السياق، عدّ باحثون وآثاريون اعادة افتتاح المتحف الوطني حدثا مهما يحمل رسالة تطمين للعراقيين مفادها ان الحياة قد عادت الى بغداد، واخرى الى العالم تدفعه لمساعدة العراق بإعادة ما نهب من آثاره بعد احداث عام 2003.

وقال الخبير الآثاري د.حميد محمد حسن إن المتحف العراقي” يمثل أحد المتاحف العالمية المهمة،بما يحتويه من آثار متنوعة تعود الى أقدم الفترات التاريخية التي مرت بها الحضارات البشرية والتي كان لها تأثير مباشر على الحضارات العالمية،ممثلة بالسومريين والأكديين والأشوريين والبابليين وحضارات أخرى”، مضيفا بان “اخر هذه الحضارات كانت الحضارة العربية الاسلامية والتي تتجسد  بعدد من القاعات الموجودة في المتحف الوطني من التي تزخر بنماذج من التراث العربي الاسلامي،بحيث تعطي للمشاهد نكهة خاصة من خلال الصناعات التراثية وبمواد مختلفة”. بحسب تقرير اصوات العراق.

وأضاف د.حميد محمد حسن ان المتحف العراقي” كان ومايزال  قبلة الزوار من اجانب وعرب وعراقيين،كونه الواجهة الحضارية التي توضح للزائر وجه العراق وعمق تاريخه،بما يحويه من كنوز حضارية وتراثية”،مشيرا الى ان العراقيين والعرب والاجانب كانوا ” ينتظرون بلهف ويأملون أن يحدث الافتتاح قبل فترة طويلة،كي يستطيعوا أن يشاهدوا ويطلعوا على مافيه من آثار،فهو يمثل حياة العراقيين وشخصيتهم المتميزة”.

وأوضح مدير عام المركز الوطني للمخطوطات ان” كثيرا من الناس والمؤسسات تنتظر هذه الفرصة الكبيرة والمهمة لتسليم ما تحتفظ به من آثار تعود الى المتحف العراقي،من التي نهبت وسرقت بعد احداث 9-4-2003″.

وستحمل عملية الافتتاح ، بحسب مدير عام المركز الوطني للمخطوطات ، رسالة الى ” دول العالم الأخرى التي تحتفظ بآثارعراقية هربت اليها في فترة مابعد التغيير،وربما ستحدث حوارات ونقاشات بهذا الصدد مع الوفود التي ستزور العراق والتي وجهت اليها الدعوة لحضور الافتتاح “.

وأضاف الباحث عبدالله حامد ان ” كل التدابير التي من شأنها  انجاح عملية الافتتاح اتخذت ،ومنها التدابير الأمنية المشددة،ونحن مطمئنون لسير الأمور”.

بينما أشار الباحث والكاتب رفعت عبدالرزاق محمد الى إن افتتاح المتحف” يعد صفحة اخرى تضاف الى صفحات التقدم الذي يخطوه العراق ،وصورة جميلة من صور الأمل بعراق جديد أصبح حقيقة واقعة”.

وتابع محمد قائلا ” لانضيف جديدا اذا قلنا ان الأمر هو انتصار آخر للحكومة العراقية في اعادة البسمة والسلام،بعد اندحار الارهاب الأسود الذي استلب مظاهر الجمال العراقي”.

واضاف ان “إعادة إفتتاح المتحف وكل مافيه من كنوز حضارية فائقة المثال هوعودة طيبة لمؤسسة ثقافية جديرة بالتذكير والتنويه ودعوة الى العالم بإسره للنظر الى بلد الحضارات نظرة ملائمة للمستجدات الحضارية التي حاولت جهات كثيرة طمسها،ابتداء من سرقة المتحف العراقي في ظروف غير طبيعية مربها العراق عام 2003″.

ويرى محمد ان” اعادة الآثار التي تعرضت الى ماتعرضت اليه،ليس من الواجبات الوطنية فحسب،وانما من المساهمات الحضارية التي أدعو بها الجهات داخل العراق وخارجه ،جماعات اوأفراد الى ان تعطيها الأهمية الكبرى” داعيا هيئة الآثار والتراث الى” تفعيل قرارات التحفيز بإعادة الآثار المنهوبة وتقديم الإصدارات والبرامج الكفيلة ببيان ذلك”.

ويعتقد الباحث رفعت عبدالرزاق محمد “ان المخاوف التي كانت تثار حقيقة او وهما لامبرر لها في ضوء التقدم الأمني والسياسي والاجتماعي الواضح”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/شباط/2009 - 30/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م