التغيير والإصلاح في السعودية مطلب وطني داخلي وحاجة ضرورية
أساسية. فالسعوديون يتطلعون لتغيير حقيقي وجذري منذ زمن طويل، تغيير
يواكب حالة التغيير والتطور في العالم الذي يشهد تغييراً سريعاً في
جميع المجالات، لا سيما إن السعودية تعاني من أزمات (اجتماعية وتعليمية
واقتصادية وتنموية وإعلامية وقضائية ودينية وغيرها) . وقد طالب الشعب
السعودي بجميع فئاته بضرورة التغيير والإصلاح والتطوير للخروج من هذه
الأزمات، ومن ثقافة البيروقراطية والانغلاق والتشدد الديني والتعصب
القبلي والمناطقي، والخروج من كذبة وخدعة ان الشعب السعودي غير!
والحقيقة ان السعودية جزء من العالم، الذي أصبح كالقرية الصغيرة،
وان السعوديين أخوة لسائر البشر في الإنسانية وشركاء في العيش على
البسيطة.
فمن حقهم أن يعيشوا كبقية البشر المتحضرين المتمدنين في دولة
العدالة والمساواة والحقوق والتعددية الفكرية والثقافية والدينية
والتسامح والامن والامان، وان يكونوا شركاء في تقدم وخدمة وتطور
الإنسانية.
حرب ضد الفساد والتقصير
إن صدور قرارات خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتغيير عدد
من الوزراء والمسؤولين وأعضاء مجلس الشورى المعينين بالتعيين وليس
بالانتخاب، وتعيين امرأة في منصب قيادي في وزارة التربية والتعليم نائب
الوزير لأول مرة، اعتراف من قيادة الوطن على وجود تقصير وأزمة في الوطن
تحتاج إلى تغيير ومعالجة بعدما طفح الكيل.
وما الأصداء الكبيرة من قبل الشارع السعودي للقرارات بين متفائل جداً
وبين من يطالب المزيد والمزيد من رفع سقف التغيير، وآمال عريضة بان
يكون التغيير في الأعمال والأفعال نحو الأفضل إلا دليل على مدى شوق
وتلهف الشعب السعودي للتغيير الجذري في بناء دولة حضارية دستورية
متطورة، وليس مجرد تغيير وتعديل في أسماء الأشخاص والمناصب، وحملات
إعلامية مبالغة.
التغيير الشامل هو المطلوب
ولم يخف الشعب السعودي أمنيته لو ان التغيير شمل اغلب أو جميع
الوزارات والمؤسسات والجهات والإدارات التي لم تشهد تغييراً منذ عقود
من الزمن، ليحدث تغييراً وإصلاحاً شاملاً يؤثر بشكل أفضل على مستوى
الخدمات في الوطن، لا سيما إن العديد من الوزارات والقطاعات والمناصب
المهمة وإدارة المناطق هي أكثر حاجة إلى التغيير والتجديد بعناصر جديدة
كفوءة شبابية تبحث عن تحقيق انجازات، فليس من الصحيح أن يبق بعض
المسؤولين في مناصبهم أكثر من عقد من الزمن بدون تغيير؛ فالتغيير
والتجديد يحدث تغييراً وتطويراً وتجديداً.
الإعلام والتغيير
كما أن على الإعلام المحلي الذي تعامل مع القرارات بأنها حدث تاريخي
مفاجئ يصب في مصلحة الوطن، وانه يعبر عن مشاعر وأحاسيس القيادة نحو
المواطن، ألا ينشغل كثيرا بالحديث عن القرارات، وينام على وسادة
القرارات الناعمة أو يتناسى واقع المواطنين السعوديين.
فالإعلام مطالب أن يستغل التغيير ليكون سلطة رابعة مؤثرة، وجهة
داعمة لمشروع التغيير والإصلاح والديمقراطية ونشر ثقافة الحقوق والرأي
والرأي الآخر، وان يتحول إلى مرآة حقيقية لنقل واقع حياة المواطن
السعودي، ورصد الملاحظات والسلبيات في أداء الوزارات وفضح الفساد
ومحاسبة المسؤولين.
فالمجتمع السعودي يعاني من مشاكل وأزمات عديدة منها: الفقر والبطالة
وبيروقراطية الجهات الحكومية، ومن الفساد الإداري وضياع المال العام،
واستغلال المناصب، وضعف الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية وغيرها،
ومعاناة الشباب السعودي من الجنسين ـ الساعي إلى المزيد من الانفتاح
والحرية وفهم الثقافات الأخرى للشعوب ـ من ازدواجية المعايير والتخبط،،
وكذلك ملف وضع المرأة السعودية، ووضع حقوق الإنسان، وتنامي حالة التشدد
والتشنج الطائفي والقبلي، وسيطرة الخطاب الديني المتشدد على الحياة
العامة، واهتزاز الأمن الاجتماعي، وزيادة عدد السرقات والاعتداءات
والجرائم، ووجود أكثر من 60 بالمائة من الشعب السعودي لا يملكون منازل!
الشعب السعودي ينتظر تغييراً حقيقياً يساهم في تغيير واقعه غير
المناسب، إلى واقع أفضل بكثير يتناسب مع حجم ودور الوطن الاقتصادي
والسياسي والديني، ويواكب حالة التغيير والتطوير في المنطقة والعالم،
وان يكون التغيير حرباً حقيقية على الفساد والتخلف وثقافة التشدد
والتقصير. |