سوريا واوباما: تقويض التحالف مع إيران وحزب الله ثمناً للوفاق

 

شبكة النبأ: في ظل اتهامات غربية لدمشق بتطويرها اسلحة غير تقليدية قلل عضو كبير بمجلس الشيوخ الامريكي من امكانية حدوث تطور ايجابي سريع في العلاقات مع سوريا قبل ان تحدْ دمشق من دعمها للجماعات الإسلامية مثل حماس وحزب الله اللبناني وتتعامل بإيجابية مع مخاوف واشنطن من التحالف السوري مع طهران والاشتباه بتبنيها برامج اسلحة كيماوية ونووية.

فقد دعا السناتور الأمريكي بنجامين كاردين سورية إلى إنهاء تحالفها مع إيران والذي استمر ثلاثة عقود فيما تقوم واشنطن بمراجعة السياسات التي تنتهجها إزاء منطقة الشرق الأوسط.

وكان كاردين ـ الذي يترأس وفدا أمريكيا يقوم بزيارة رسمية إلى سورية ـ يتحدث عقب انتهاء محادثات أجراها مع الرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق.

وحث كاردين الحكومة السورية على اغتنام فرصة وجود إدارة أمريكية جديدة لوقف دعمها للجماعات اللبنانية والفلسطينية المسلحة، والذي كان السبب في فرض الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عقوبات على دمشق.

وقال كاردين في تصريحاته "لقد عزلت سورية نفسها بالشراكة مع الإرهاب، وبتقديم ملاذ آمن للمنظمات الإرهابية، وبعلاقاتها مع حماس والجهاد والعلاقات غير المريحة التي تحتفظ بها مع إيران".

وأشار كاردين إلى أن الولايات المتحدة ستقوم بمراقبة ممارسات سورية بدقة شديدة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

من ناحيتها قالت وكالة الأنباء السورية إن المحادثات مع الوفد الأمريكي ركزت على العلاقات بين سورية والولايات المتحدة وأهمية تطويرها من خلال حوار جاد وإيجابي يستند إلى الاحترام المتبادل.

وتأتي تصريحات كاردين فما نقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن الرئيس الأسد ترحيبه بالخطوات التي يتخذها الرئيس الأمريكي جورج أوباما من أجل إقامة حوار مع بلاده معربا عن رغبته في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

والوفد الذي يترأسه كاردين هو ثاني وفد من الكونجرس الأمريكي يزور سورية في أقل من شهر، فيما يتوقع أن يشمل السناتور الأمريكي جورج كيري ـ رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس ـ سورية ضمن الجولة التي يقوم بها حاليا إلى الشرق الأوسط.

سناتور أمريكي: على سوريا أن تعمل على تحسين العلاقات

,قلل عضو كبير بمجلس الشيوخ الأمريكي من إمكانية حدوث تطور سريع في العلاقات مع سوريا قبل ان تحد دمشق من دعمها لجماعات إسلامية مُتشددة وتتعامل مع مخاوف واشنطن. وقال جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ خلال زيارة لجنوب اسرائيل "لا أحد يأخذ الكلمات على علاتها خاصة في هذا الجزء من العالم. تعلمنا ان الأفعال هي التي تتحدث وسيكون من المُهم بالنسبة لسوريا ان تظهر رغبة في القيام بعدد من الأمور."

واجتمع كيري العضو في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس الامريكي الجديد باراك أوباما مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قبل ان يبدأ جولته في الشرق الاوسط.

وزار كيري بلدة سديروت الحدودية جنوب اسرائيل والتي عادة ما تتعرض لهجمات صاروخية يشنها نشطاء فلسطينيون من قطاع غزة الذي تديره حماس. ويعيش قادة كبار لحماس في المنفي في العاصمة السورية.

وصرح كيري للصحفيين في سديروت بأن واشنطن تريد من سوريا ان توقف دعم مقاتلي حماس في الاراضي الفلسطينية وجماعة حزب الله في لبنان. بحسب رويترز.

واضاف انه فضلا عن ذلك يجب على دمشق احترام الانتخابات اللبنانية وإظهار قدر أوضح من الرغبة في التحرك صوب السلام مع اسرائيل والتعاون مع السياسة الامريكية في العراق وايران.

وقال كيري الذي هزمه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش في انتخابات الرئاسة عام 2004 "هناك قضايا رئيسية غير مطروحة على الطاولة. نحتاج ان نستكشف هذه القضايا..لكنني أؤكد لكم ان ما من أحد يتوهم ان مجرد الكلمات تكفي لاقامة علاقة."

وخلال حكم بوش سحبت الولايات المتحدة سفيرها من دمشق بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005 واتهمت سوريا بالسماح لمقاتلين إسلاميين بالتسلل الى العراق. كما أثار التعاون بين دمشق وطهران غضب واشنطن.

الأسد يمد غصن الزيتون للولايات المتحدة

وكتب ايان بلاك محرر الجارديان للشرق الاوسط والذي اجرى الحوار، الذي تصدر المانشيت الرئيسي على صفحتها الاولى، ان سوريا تتوقع ان ترسل الولايات المتحدة سفيرا الى دمشق في المستقبل القريب، كتفعيل لدعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما للانخراط في حوار مع البلدان التي تجنبتها ادارة بوش السابقة.

ويقول بلاك ان قرار الولايات المتحدة بارسال سفير الى دمشق من عدمه هو جزء من المراجعة السياسية التي امر بها أوباما عند توليه منصبه. الا ان التفاؤل الذي غلف به بلاك عرض حواره مع الرئيس، تراجع في رؤية الجارديان في مقالها التحريري والذي جاء عنوانه مختصرا " الأسد يستجيب".

تقول الصحيفة ان مبيعات ممسحات الارجل التي توضع امام ابواب المنازل والمرسوم عليها نجمة داود والتي تسمح للسوريين التنفيس عن غضبهم تجاه اسرائيل، في كل مرة يدخلون او يخرجون فيها، قد ارتفعت خلال حرب غزة الاخيرة.

الا ان الصحيفة تشير الى ان " ما تطلق عليه سوريا موقفا ثابتا" والذي يتضمن التحالف مع ايران ودعم حزب الله وحركة حماس والعداء لاسرائيل ومناهضة سياسات الولايات المتحدة اصبح لبعض الوقت اقل انسجاما عما بدا عليه سابقا.

وتدلل الصحيفة على ذلك بعدد من المواقف التي اتخذتها سوريا مؤخرا ومنها:

-مفاوضات السلام غير المباشرة مع اسرائيل برعاية تركيا.

-قرارها بفتح سفارة في بيروت باتجاه الاعتراف بالسيادة الكاملة للبنان

-الاقتراب من الاتحاد الاوروبي ومواصلة مباحثات الشراكة السورية الاوروبية.

وتشير الصحيفة الى ان احداث غزة التي اوقفت تلك المسيرة، قد ابطأتها على الارجح فقط حيث كانت حكومات المنطقة تترقب تنصيب اوباما وهو ما حدث فعلا حيث عبر الاسد عن استعداد بلاده للاستجابة للبوادر التي تأتي من الادارة الجديدة.

ورغم ان الجارديان ترجح وفقا للمعطيات الراهنة ان يكون مسار السلام السوري الاسرائيلي هو المهيأ اكثر للتوصل الى صفقة سلام، الا انها تحذر من ان ذلك " يتجاهل حقيقة ان في الشرق الاوسط الحديث هو بديل عن الفعل او وسيلة لتأجيله".

وحسبما ترى الصحيفة فلان ثمن استرداد مرتفعات الجولان مكلف بالنسبة لسوريا فيما يتعلق بارتباطاتها الاقليمية، فان دمشق ستفضل في كل الاحوال الانتظار حتى ترى آداء حزب الله في الانتخابات اللبنانية في يونيو/ حزيران.

أما الديلي تليجراف فبدت اكثر تفاؤلا في قرائتها للحوار السوري واوردت مقتطفات كثيرة من كلمات الرئيس السوري الذي " رحب بعرض باراك أوباما للدخول في حوار مع البلدان التي كانت ادارة بوش تتحاشاها".

يقول الاسد "لا بديل عن الولايات المتحدة". وتأكيدا على اماله بتغيير رئيسي في سياسة الولايات المتحدة، تبرز الصحيفة ترحيب الاسد بزيارة الجنرال ديفيد بتريوس قائد القيادة العسكرية الامريكية المركزية الى دمشق لمناقشة ملف العراق وقضايا اخرى.

ويقول الاسد " نحن نرغب في الحوار مع الادارة الامريكية. ونرغب في رؤيته ( بتريوس) هنا في سوريا".

سوريا: رفع العقوبات أساسي لتطبيع العلاقات مع أمريكا

وقال مسؤول سوري بارز ان الولايات المتحدة يجب أن ترفع العقوبات التي تفرضها على سوريا اذا كان الرئيس باراك أوباما يريد تطبيع العلاقات.

وكانت واشنطن على مدى فترة طويلة تعتبر سوريا دولة راعية للارهاب. وتدهورت العلاقات بدرجة اكبر في عهد الرئيس جورج بوش الابن الذي فرض عقوبات في عام 2004 اساسا بسبب دعم دمشق لجماعات مسلحة مناهضة لاسرائيل. واتهمت الولايات المتحدة سوريا كذلك بالسماح لمقاتلين بعبور الحدود الى العراق.

وقال عبدالله الدردري نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية في حديث لرويترز "من حيث المبدأ لتكون هناك علاقات طبيعية بين سوريا والولايات المتحدة يتعين رفع العقوبات. سيكون ذلك جزءا مهما من أي حوار بين سوريا والولايات المتحدة."

وهذه هي المرة الاولى التي تربط فيها السلطات السورية بشكل مباشر بين التقارب مع ادارة أوباما وبين رفع العقوبات التي أثرت على اقتصاد البلاد وأسهمت في سنوات من العزلة الدولية.

وبعد توليه السلطة قال أوباما ان سوريا يجب ان تأخذ في الاعتبار في اطار الجهود الامريكية لتحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط وقال الرئيس بشار الاسد انه مستعد للتعاون مع الرئيس الامريكي الجديد.

وقال الدردري "بشكل عام نحن نأمل في رؤية سياسة مختلفة في واشنطن لان السياسة السابقة فشلت تماما والسيد أوباما كان يعد بالتغيير."وأضاف ان أثر العقوبات كان محدودا مع نمو الاستثمارات الاجنبية المباشرة بنحو 30 بالمئة سنويا لكنه قال انها كانت رادعا "نفسيا" لبعض المستثمرين الاجانب.

الاسد يؤكد.. الهجوم الاسرائيلي على غزة فشل في تحقيق اهدافه

واعلن الرئيس السوري بشار الاسد ان الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة "فشل في تحقيق اهدافه" بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السورية الرسمية سانا.

وقال الاسد خلال ترؤسه اجتماعا للجبهة الوطنية التقدمية ائتلاف الاحزاب الثمانية الحاكم في سوريا بقيادة حزب البعث ان "العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة فشل في تحقيق اهدافه رغم فظاعته (...) وفشل في ضرب المقاومة وفي فرض ارادته على الشعب الفلسطيني" وفق المصدر نفسه.

واكد ان الشعب الفلسطيني "استطاع عبر صموده ومقاومته الباسلة افشال جميع المحاولات السياسية التي رافقت العدوان وكانت ترمي الى فرض الحلول الاستسلامية على العرب".

واستمر الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس 22 يوما واسفر عن مقتل 1330 فلسطينيا على الاقل.

وكان الاسد دعا خلال استقباله وزير الخارجية الايرلندي مايكل مارتن اوروبا الى "تفعيل دورها" في الشرق الاوسط.

وقالت وكالة الانباء السورية ان الاسد دعا اوروبا الى "تفعيل دورها في منطقة الشرق الاوسط بما يساعد في ايجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجهها بما ينعكس ايجابا على الاستقرار في المنطقة والعالم".

واوضحت الوكالة ان الرئيس السوري بحث مع وزير الخارجية الايرلندي في "شؤون المنطقة وآخر التطورات فيها خاصة الاوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني الناتجة عن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة".

سوريا منفتحة على استئناف المحادثات مع اسرائيل عقب الانتخابات

من جهة ثانية قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان سوريا قد تستأنف محادثات السلام مع اسرائيل اذا انتخبت اسرائيل زعيما في الاسبوع المقبل راغبا في الوصول لاتفاق سلام شامل.

ولكن شراسة الحملة العسكرية التي شنتها اسرائيل على غزة على مدى ثلاثة أسابيع حولت المشاعر الشعبية في الشرق الاوسط ضد التسوية مع اسرائيل. وأضاف المعلم أن الاولوية الان هي لمساعدة الفلسطينيين في التعامل مع تبعات الاجتياح.

وقطعت سوريا رسميا محادثاتها غير المباشرة مع اسرائيل والتي كانت تجرى بوساطة تركية خلال الحملة العسكرية الاسرائيلية على غزة. وكانت المفاوضات انقطعت بالفعل عقب استقالة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت في سبتمبر أيلول. بحسب رويترز.

وقال المعلم عقب اجتماعه بنظيره الايرلندي مايكل مارتن "اذا برهنت اسرائيل بعد انتخاباتها أن من سيأتي الى السلطة فعلا يملك ارادة السلام العادل والشامل من خلال تنفيذ قرارات مجلس الامن.. سيكون لهذا تقييم اخر."

وأضاف "الوضع العام الان الشعبي في منطقتنا لم يعد يعانق عملية السلام.. أولويته هي كيف يخفف معاناة أهلنا في غزة من خلال فك الحصار وفتح المعابر وأيضا اعادة اعمار غزة من خلال تثبيت وقف اطلاق النار."

وتركزت المحادثات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل على مرتفعات الجولان. وسيطرت اسرائيل على تلك المرتفعات في حرب عام 1967. وضمتها بعد ذلك بأكثر من عقد من الزمان. وهي خطوة اعتبرها مجلس الامن باطلة.

وأجرى البلدان محادثات سلام مباشرة على مدى عشرة أعوام تحت اشراف الولايات المتحدة وانهارت في عام 2000 بسبب مدى الانسحاب الاسرائيلي المقترح من الجولان.

وتجري اسرائيل انتخابات برلمانية في العاشر من فبراير شباط. ويتقدم زعيم حزب ليكود اليمنيني بنيامين نتنياهو في استطلاعات الرأي وتتبعه تسيبي ليفني زعيمة حزب كديما الحاكم.

سوريا تطوِّر موقعا للاسلحة الكيميائية

وفي تطور لاحق ذكرت مجموعة جين لمعلومات الدفاع ان سوريا زادت نشاطاتها في موقع يشتبه انه لانتاج الاسلحة الكميائية، وهي الخطوة التي من شأنها ان تزيد التوتر بين سوريا واسرائيل.

وقالت مجموعة جين المرموقة ان صورا التقطتها الاقمار الصناعية لموقع السفير شمال غرب سوريا لا توحي بان دمشق تعد اسلحة للقيام بهجوم، الا انها ستثير مخاوف اسرائيل المجاورة.

وقال كريستيان لو مير محرر "جينز انتلجنت ريفيو" ان "صور الاقمار الصناعية التي فحصتها مجموعة جين تشير الى ان دمشق سعت الى توسيع وتطوير السفير وترسانتها من الاسلحة الكيميائية". واضاف ان "اي توسيع اضافي للموقع من المرجح ان يثير عداء اسرائيل ويؤكد على غياب الثقة حتى مع التقدم المتقطع لمحادثات السلام بين الجارتين". بحسب فرانس برس.

وقالت المجموعة المعلوماتية التي مقرها لندن انها درست الصور التي تم الحصول عليها من اقمار صناعية تجارية التقطت في الاعوام ما بين 2005 و2008.

واضافت ان "الموقع يحتوي ليس فقط على عدد من المواصفات التي تؤكد انه موقع اسلحة كيميائية، ولكن كذلك على نشاطات بناء في محطة الانتاج في تلك المنشأة والقاعدة الصاروخية المجاورة.

واضافت في بيان لها ان "ذلك لا يشير الى ان سوريا تسلح نفسها لشن هجوم، ولكن يمكن ان يكون له انعكاسات امنية اقليمية نظرا للتوتر بين سوريا وجارتها اسرائيل.

واوضحت المجموعة ان من بين المؤشرات الواضحة على ان المنشأة عسكرية وليست مجمعا مدنيا هو مستوى الامن حيث ان الدخول الى المنطقة يتم عبر نقطة تفتيش عسكرية كما أن هناك العديد من النقاط الامنية بين مختلف اجزاء الموقع.

واضاف لو مير ان "البناء في منشأة السفير يبدو انه اكبر موقع في سوريا لانتاج وتخزين الاسلحة الكيميائية. وتابع ان "وجود ذلك الموقع يشير الى رغبة سوريا في تطوير اسلحة غير تقليدية سواء لاستخدامها كعامل ردع لمنع نشوب نزاع مع اسرائيل او لتعزيز قوتها في حال نشوب اي نزاع".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23/شباط/2009 - 27/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م