اليوم العالمي لمكافحة الايدز.. تعبئة ضد مرض يهدد استقرار العالم

 

يبدو مرض الايدز الذي تسبب في وفاة اكثر من ثلاثة ملايين شخص وارتفع عدد المصابين به الى 42 مليونا في 2002 اكثر خطورة بتقدمه بسرعة ليمشل قارات اخرى غير افريقيا الى درجة يهدد معها استقرار الكرة الارضية.

ورفع شعارا مكافحة التنديد والتمييز في اليوم العالمي الخامس عشر لمكافحة المرض والحملة العالمية لمكافحة الايدز في 2002 و2003 . وادى المرض الى موت اكثر من ثلاثة ملايين شخص بينهم 610 آلاف طفل في 2002 بينما في العالم 42 مليون شخص يحملون الفيروس بزيادة تبلغ مليوني شخص خلال عام.

وحذر مدير برنامج منظمة الامم المتحدة لمكافحة الايدز بيتر بيو من ان التقديرات تثير مخاوف من اصابة 45 مليون شخص آخرين حتى 2010 في الدول ال126 الاقل دخلا و40% منها في آسيا والمحيط الهادئ اذا لم تتخذ اجراءات فعالة.

واضاف ان مكافحة المرض بفعالية تتطلب عشرة مليارات دولار سنويا مقابل ثلاثة مليارات حاليا. وبانتظار تحقيق ذلك لا تحصل غالبية المرضى في العالم على العلاجات وينتشر المرض بوتيرة خطيرة تبلغ 14 الف شخص يوميا (اي خمسة ملايين في 2002).

وللمرة الاولى في تاريخ هذا المرض تشكل النساء 50% من مجمل البالغين ايجابيي المصل مقابل 48% العام الماضي. وتبقى القارة السوداء التي يبلغ عدد المصابين فيها 29,4 مليون شخص الاكثر ضررا. خلال العام الجاري توفي 2,4 مليون من الافارقة بالايدز ويواجه اكثر من 14 مليونا خطر الموت بسبب المجاعة التي يزيد المرض من خطورتها لانه يحصد القوى المنتجة.

وقال مدير ادارة مساندة الدول والمناطق التي يشرف عليها ميشال سيديبي "لو لم ينتشر الايدز في بوتسوانا لبلغ معدل الحياة 62 عاما بدلا من 37 اليوم واسس الامن والاستقرار بحد ذاتها تأثرت في هذه المنطقة التي تبلغ نسبة العسكريين الصمابين فيها بين 40 و50%".

اما الصين والهند حيث يمكن ان يبلغ عدد حاملي الفيروس عشرة ملايين شخص مع انتهاء العقد الجاري اذا لم يتم الحد من انتشار المرض تشكلان قنبلتين موقوتتين حقيقيتين بينما يستمر الايدز في الانتشار بسرعة كبير في اوروبا الشرقية ووسط آسيا.

وقال سيديبي ان "انتشار المرض بين النساء سيشكل مشكلة كبرى لسبب بسيط هو انه في الكثير من الدول يرتبط بقاء الاسرة بالمرأة". وتتعرض النساء في اغلب الاحيان للتمييز الذي يمنعهن من التعلم والحصول على العناية والوظيفة في عدد من الدول ويصعب عليهن رفض علاقات جنسية خطيرة او المطالبة بواق. وعبر سيديبي عن استيائه "لان اقل من 4% من المرضى فقط يحصلون على ادوية معالجة الايدز". ورغم ذلك تمكنت البرازيل من خفض نسبة الوفيات المرتبطة بالمرض بنسبة 50% باللجوء الى ادوية نوعية.

لكن الوضع يرتبط الى حد كبير مع الاسف بالرفض والقمع اللذين يعرقلان الوقاية ويصيبان الاشخاص المرضى ايا كان سبب اصابتهم. وقال بيو "لن ننتصر في هذه المعركة العالمية الا بجعل الفيروس عدونا المشترك وليس الاشخاص المصابين به".

ويرى (ديديي شيربيتل) الأمين العام للاتحاد الدولي للهلال والصليب الأحمر استناداً لإحصائية معتمدة بأن هناك نصف مليون مولود يولدون وكأنهم مصابون بفيروس الإيدز، نتيجة لتخوف الأمهات من إجراء الفحوص الطبية الخاصة بمعرفة مدى إصابتهن أو حملهن للفيروس. وحتى اللائي منهن يخضعن لإجراء الفحوص الطبية يترددن كثيراً في البحث عن معرفة النتائج أو يحجمن عن اتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية المطلوبة مخافة أن يشار لهن بأصابع الاتهام كمصابات بالإيدز.

ومن الثابت لدى الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، أن العديد من الدول ترفض السماح لملايين المدمنين على تعاطي المخدرات بالتمتع بمجانية الحصول على أبر نظيفة، مما يتسبب بانتشار الإيدز بكثرة في بلدان أوربا الشرقية – على سبيل المثال – حيث سجل فيها مؤخراً ارتفاعٌ في نسبة انتشار المرض بلغ حوالي (426%) خلال السنوات الخمس الأخيرة، يضاف لذلك نصف مليون مريض كما تشير لذلك قوائم المصابين بالإيدز في العالم سنوياً.

هذا وتتوفر الآن لدى الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر إمكانات مادية وبشرية ضخمة لتنفيذ برامج العلاج والتي يراها ملائمة للمساهمة في الحد من انتشار المرض، إذ توجد لدى هذا الاتحاد جمعيات محلية وإقليمية منتشرة في 178 دولة، ويعمل بها أكثر من (90) مليون متطوع، ويؤكد ضرورة التوعية الكفيلة بالوقاية من المرض.

أما عن العالم العربي فتشير معلومات الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، أن دوله ما تزال تتحفظ من الحديث عن مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) وهذا راجع إلى أسباب تتعلق بضرورة حفظ السمعة، وهذا أمر يضر بمصالح ومصير حياة الأفراد في المجتمعات العربية إذ إن التستر على المرضى بالإيدز يفتح المجال واسعاً أمام انتشاره الرهيب والمميت!.

ولكن مسؤولون في الامم التحدة ومنظمة الصحة العالمية  قالوا ان المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الايدز) يزيد عددهم في الدول ‏العربية سنويا بمعدل ثمانين الف مصاب ليصل مجموعهم حاليا الى نحو 750 الف مصاب ‏‏بالايدز. ‏   

‏ ودعا هؤلاء المسؤولون الى رعاية المصابين بالايدز وعدم النظر اليهم على انهم ‏منبوذون من المجتمع كونهم يحملون هذا المرض وتخفيف العبء عنهم بتحسين الرعاية ‏‏الصحية وعدم حرمانهم من حقوقهم الاساسية مثل الغذاء والماوى والطرد من الوظائف ‏‏العاملين فيها. ‏   

‏ وقال ممثل البرنامج الانمائي للامم المتحدة في مملكة البحرين الدكتور خالد ‏‏علوش في مؤتمر صحفي عقده في المنامة بمناسبة اليوم العالمى للايدز ان المصابين ‏‏بهذا المرض ينبذون من مجتمعاتهم ومن اسرهم ولايجدون العلاج المناسب كونهم حاملين ‏‏لهذا الفيروس بالرغم من ان احتمالات انتقال العدوى شبه معدومة الا فى حالات ‏‏الاتصال الجنسي. ‏   

‏ وذكر ان الامم المتحدة وجهت رسالة بهذه المناسبة تؤكد فيها ان هذا الانطباع ‏‏السلبى للمجتمع عن حاملى مرض الايدز يجب ان يتغير كونه كأى مريض مصاب بمرض لاينقل ‏‏العدوى الا فى حالات انتقال الدم مبينة ان الخوف من وصمة العار يؤدي الى السكوت ‏‏وعندما يتعلق الامر بمكافحة الايدز فان السكوت عنه يعنى الموت. ‏   

‏ واضاف ان الرسالة بينت ان جميع الدول الاعضاء فى الامم المتحدة اعتمدت ‏‏بالاجماع في دورتها الاستثنائية اعلان الالتزام بشأن فيروس لايدز والذى تعهدت ‏‏الدول بموجبه بسن او تنفيذ قوانين تحظر التمييز ضد المصابين بفيروس نقص المناعة ‏‏البشرية واعضاء الفئات المتضررة. ‏   

‏ وبين ان الامم المتحدة اطلقت هذا العام حملة عالمية لمكافحة الايدز تحت شعار ‏‏(عش ودع الاخرين يعيشوا ) مطالبة بان نضمن لجميع الناس المصابين وغير المصابين ‏‏بفيروس نقص المناعة البشرية على حد سواء امكانية تمتعهم بحقوق الانسان والعيش ‏‏بحرية وكرامة واحلال الدعم للمصابين بالايدز بدلا من وصمة العار واستبدال الخوف ‏‏بالامل والسكوت بالتضامن.

من جهتها اكدت مدير البرنامج الوطنى لمكافحة الامراض التناسلية ‏‏والايدز فى مملكة البحرين الدكتورة سمية الجودر ان الوقاية من هذا المرض خير من ‏‏العلاج مضيفة انه للحد من هذا المرض يجب التزود بالمعلومات عن طرق العدوى ‏‏والوقاية .‏ وذكرت ان الاحصائيات تؤكد ان نصف الحاملين لهذا المرض يتحولون الى مرضى بعد ‏‏عشر سنوات. ‏   

‏ واوضحت الدكتورة الجودر ان الطب الحديث لم يتوصل حتى الان الى لقاح او تطعيم ‏‏للوقاية من فيروس الايدز الا ان هناك عقاقير طبية تساعد على تاخير مرحلة استفحاله ‏‏فى الجسم وتساعد فى الوقت ذاته على تحسين وكفاءة الجهاز المناعى مما تؤثر بالتالى ‏‏على حياة الفرد. ‏   

‏ وحول اساليب مساعدة حاملى الفيروس قالت ان مرضى الايدز حالهم كاى مريض لاينقل ‏‏العدوى ويحتاج الى التواصل الدائم من خلال زيارته ومعايشته والخروج معه دون نفور ‏‏منه ومشاركته فى اى اعمال يحتاج الى القيام بها للتخفيف عنه واشعاره بانه جزء من ‏‏المجتمع للتغلب على الحالة التى يعيشها. ‏   

‏ وعن اعراض المرض اوضحت الدكتورة الجودر ان الشخص المصاب ينتقل اليه الفيروس ‏‏دون ان يشعر به ولذلك فانه لايعلم بانه حامل الفيروس لعدم ظهور عليه اي اعراض ‏‏خارجية ولايكتشف المرض الا فى حالة الفحص الطبى وبالذات فى تحليل الدم. ‏   

‏ واضافت ان الحالات التى ينتقل فيها الفيروس دون شعور الشخص المصاب هي عن طريق ‏‏الاتصال الجنسى والحقن او الابر بالمخدرات مبينة ان الاشخاص الذين يعتقدون ان ‏‏هناك مخاطر معينة بحياتهم ادت الى الاصابة من الافضل لهم اجراء تحليل دم مختبرى ‏‏للتاكد من خلو الجسم من مضادات الفيروس. ‏   

‏ وذكرت ان الحامل للفيروس يمكنه ان يعيش كاى انسان عادى يحمل هذا الفيروس طوال ‏عمره ودون ان يكون سببا فى وفاته مؤكدة ضرورة عدم جعل فكرة الموت نهاية لهذه ‏‏المعاناة الفكرية وانما العمل على التغلب عليها بالممارسة الطبيعية للحياة ‏‏العادية للفرد وداخل المجتمع.

وفي إطار حملة توعية المجتمع المصري حول مخاطر الهلاك التي يمكن أن يؤدي لها مرض الإيدز يُعرض هذه الأيام ملصق إعلاني من نسخ عديدة في محطات مترو الأنفاق بالعاصمة المصرية القاهرة، وذلك تمشياً مع توجهات المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر. واللافت في حملة التوعية هذه أن شعار اليوم العالمي للإيدز (الخوف من وصمة العار يزيد من انتشار مرض الإيدز) ما زال يحظى باهتمام المجتمع المصري الذي يُعدَّ كأي مجتمع يوقن بأن الوقاية خير من العلاج، ويعتقد بضرورة تجاوز العراقيل النفسية والاجتماعية التي تواجه المرضى المصابين بالإيدز، ويفهم أن هناك إمكانية لأخذ وسائل الوقاية من المرض المذكور كأسلوب احتياطي متاح.

ومن المؤكد أن الإحساس بوصمة العار والتمييز الذي يعاني منه المرضى المصابون بالإيدز يصلح أن يكون مناسبة من أجل العمل للحد من معاملة الإزدراء التي تزيد من قلق المرضى وتفقدهم الأمل بالشفاء خصوصاً وأن علاج شافٍ لم يكتشف بعد لهذا المرض الذي بدأ يزحف ببطء مخيف إلى مجتمعٍ وأناس لم يخطر في بالهم يوماً أن مرض الإيدز سوف يهدد حياتهم.