* الغنى الزائف..الفقر القاتل!.. الفقر الخفي.. عالم يتهاوى نحو هاوية المجاعة...

 

الدعاية الإعلامية الكاذبة حول جماليات الحياة في بلدان الغرب ما تزال تعتمل في نفوس شرائح اجتماعية عديدة في العالم النامي، حتى أصبح موضوع الهجرة السرية إلى أوربا حلماً للفقراء في آسيا وأفريقيا، إذ تبدأ رحلة العذاب إلى الغرب، بأن يبيع المهاجرون ما يملكونه ليدفعوا ثمن تلك الرحلة إلى التجار القراصنة الذين يملكون شبكات التهريب الدولية، لنقل المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدان مثل بريطانيا وألمانيا وغيرها التي يصورها وكأنها بلاد النعيم المنتظرة للترحاب بمن يصل إلى أراضيها.

وبمجرد أن يسلم المهاجرون غير الشرعيين أنفسهم إلى سلطات الموانئ البحرية أو المطارات التي يصلونها، تبدأ خيبة الأمل ظاهرة للعيان وشروط قبولهم مع استثناءات قليلة جداً تكون في منتهى القساوة، وعادة ما يكون أولئك المهاجرون قد تخلصوا من أوراقهم الشخصية الثبوتية وهم محلقون في الطائرة أو الباخرة التي يستقلونها، كي يفرضوا على تلك السلطات الأمر الواقع لمنحهم حق اللجوء في البلد الغربي الذي اختاروه. وعند التمحيص جيداً في الأسباب التي تجعل هؤلاء المهاجرين مندفعين للعيش في بلد غربي، يتبين أن (الفقر) بكل ما يحمله من قبح كان مدعاة للفرار نحو الغرب. وقد نبه إمام الإنسانية علي بن ابي طالب (ع) لآفة الفقر وكيف تسلب من الإنسان محاسنه، فقال قوله المشهور: (لو كان الفقر رجلاً.. لقتلته).

 

رغم كل ما تعمدته (سويسرا) من إخفاء حالة الفقر التي تجتاح حياة شرائح كثيرة من المجتمع السويسري لإبقاء صورتها الدعائية اللماعة إلا أن زيف تلك الدعاية بدأ يطفح على السطح إذ كشف إحصاء سويسري حكومي أحيط بشيء من التحفظ إلا أن بعض مضامينه تسربت إلى الرأي العام المحلي الأمر الذي أحرج حكومة سويسرا فاضطرت إلى نشر الإحصاء الذي يبدو ناقصاً في الإفصاح عن كامل ما جاء في توثيقاته، فقد كشفت سويسرا التي اقترنت بهالة من السمعة الكاذبة بأنها تعتبر رمزاً للغنى والرفاهية وكسب المال بسهولة، أن عدداً كبيراً من مجموع مواطنيها هم فقراء حقيقيون لكن الخجل ينتابهم من طلب مساعدات اجتماعية من الدول وبررت الحكومة ذلك، للتغطية على الواقع المر الذي يعيشه فقراؤها، بإدعاء أن شظايا الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية قد طالت كيانها هذا في حين بينت أرقام إحصاءاتها الرسمية أن حوالي (6%) من العمال السويسريين لا يحصلون على مداخيل كافية لمعيشتهم وبالنسبة للمجتمع السويسري فلا يرى في تأكيد حكومة سويسرا لظاهرة الفقر إلا اعترافاً بأن التعامي عنى حقيقة فقر وإفقار المواطنين السويسريين لم تعد مسألة ممكن التلاعب فيها أكثر.

وفي الوقت الذي تتجمع أموال معظم أغنياء العالم الكبار والتجار الدوليين في مصارف سويسرا وتجني حكوماتها المتوالية مبالغ خيالية جراء الفوائد والعوائد المالية الكبيرة التي تفرضها القوانين المالية السويسرية على المشاريع والأعمال التي تقوم بها الشركات فقد بينت أرقام الإحصاء الرسمي الذي  صدر مؤخراً (أن عدد الأفراد السويسريين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر أزداد بنسبة (50%) خلال بضع سنوات وأن هذه النسبة في حالة ازدياد).

وبالرغم من أن دخل العامل السويسري يصنف ضمن المداخيل الأعلى في أوروبا، (بحسب الدعاية الحكومية) التي تهمل ما يقابلها من ارتفاع أسعار الحاجات الضرورية التي تمتص نسبة ارتفاع تلك المداخيل، فإن الحكومة تحاول ربط هذه الأوضاع بالمواطنين أنفسهم إذ جاء في الإحصاء المذكور: (ومن بين العوامل التي أدت إلى ازدياد عدد الفقراء السويسريين، ارتفاع حالات الطلاق بشكل كبير، فمن أصل كل زيجتين هناك زيجة واحدة تنتهي بالطلاق أو الأنفصال) ويفيد الإحصاء ذاته أيضاً: (لكن الرقم الأخطر يتعلق بحوالي (250) ألف عامل فقير.. تتراوح أعمارهم بين (20 – 60 سنة) يؤلفون (535) ألف نسمة وهم يعيشون في وضع صعب) ويستمر الإحصاء المذكور الصادر في 14 أكتوبر 2002م في إظهار الحقائق التي كانت محجوبة فيقول: (وهناك (400) ألف شخص لا يتجاوز دخل الواحد منهم (1250) دولاراً شهرياً، ويقدر أن عائلة من (4) أشخاص تحتاج إلى أكثر من (2200) دولار شهرياً كي تتجاوز عتبة الفقر نظراً لغلاء المعيشة وخصوصاً في مدن الكونفيدرالية السويسرية).

واللافت أن نصف العمال السويسريين فقط يتقدمون بطلب مساعدات اجتماعية من الدولة، وتفسير ذلك أن الاكتظاظ البشري في المدن يحول دون معرفة هوية طالب المساعدة، أما في الريف فإن الجميع يعرف الجميع، فإذا توجه عامل إلى مكتب المساعدات الاجتماعية فإن القرية كلها ستعرف بالأمر، وهذا ما يشكل إهانة للعامل.

 

توقعت (وكالة الطاقة الدولية) في تقرير نشرته مؤخراً وسائل الإعلام: (أن دول العالم النامي ستكون بحاجة ماسة لإنفاق (2.6) تريليون دولار على قطاعات توليد الكهرباء خلال العقود الثلاثة المقبلة لأجل تلبية الطلب المتزايد للكهرباء أي ما يعادل ضعفي الاستثمارات الحاصلة خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين المنصرم). وأضافت الوكالة: (إنه حتى إذا أمكن توفير هذه الاستثمارات فإن (1.4) مليار نسمة سيبقون رغم هذا دون كهرباء).

وأدلى (روبرت بريدل) المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية بتصريح صحفي أثناء تقديمه دراسة عن (الطاقة والفقر) إذ قال: (إن (1.6) مليار نسمة يعيشون الآن بلا كهرباء إلا أن ما سيثير صدمة أكبر هو الرقم المتوقع في سنة 2030م، إذ سيظل حينئذ (1.4) مليار نسمة بدون كهرباء).

هذا ومن المعتاد أن تصدر الوكالة المذكورة تقريراً كل سنتين تعرب فيه عن توقعاتها المستقبلية ومن المؤكد أنه ليس بالإمكان أن تكون هناك تنمية اقتصادية فاعلة قبل تأمين الطاقة الكهربائية المطلوبة.

 

بدأت الامم المتحدة مناشدتها السنوية في ثماني مدن حول العالم ساعية للحصول على مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات دولار في العام 2003 لمساعدة نحو 50 مليونا يواجهون أزمات. وقالت المنظمة ان مناشدتها العالمية ستتركز هذا العام على اعطاء الامل للمناطق التي تمزقها الحروب والازمات الأخرى.

وقالت لويز فريشيت نائبة الامين العام للمنظمة ان المساعدة الانسانية ليست غاية في حد ذاتها بل يتعين ان تصاحبها جهود لبناء جسر للعبور من الكوارث إلى التنمية ومن ويلات الحروب الى الحياة الطبيعية.

وقالت في تصريحات اعدت لاحتفال ببدء الحملة في برن بسويسرا يجب أن نوفر المساعدة المادية وقبل كل شيء ان نقدم الامل.

وشدد المفوض الاعلى لحقوق الانسان للامم المتحدة سرجيو فييرا دي ميو على الوضع المأساوي في بعض مناطق افريقيا وقال ان الحاجة لثلاثة مليارات دولار هي لانقاذ اطفال يموتون جوعا وعطشا او يجندون كمقاتلين، ولاعطاء اللاجئين المشردين مأوى ولتوزيع المساعدات الطبية الى المجموعات التي تفتقر اليها.

وتركزت في افريقيا وللعام الثاني اغلب الدول الواردة على قائمة الامم المتحدة مع تفاقم آثار الفقر والصراعات وتسجيل اعلى معدلات في العالم للاصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة الايدز.

ومن بين المناطق الافريقية التي تشملها قائمة المساعدات انغولا ومنطقة البحيرات العظمى التي تضم جمهورية الكونغو الديموقراطية وبوروندي وأوغندا. كما تشمل القائمة اريتريا وأثيوبيا والصومال والسودان في شمال شرق افريقيا بالاضافة الى المنطقة الجنوبية ودول في غرب افريقيا منها غينيا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون.

اما الدول الآسيوية في خطة الامم المتحدة فتشمل افغانستان وطاجيكستان في آسيا الوسطى وكوريا الشمالية في الشرق الاقصى واندونيسيا في جنوب شرق آسيا.

وعلى قائمة الامم المتحدة كذلك الاراضي الفلسطينية المحتلة وجمهورية الشيشان في روسيا وجمهوريات مجاورة.

وبناء على توصيات الجمعية العامة التي تضم في عضويتها 191 دولة توجه الامم المتحدة منذ نحو عقد مناشدة سنوية لجمع اموال للمساعدة في اطعام اكثر شعوب العالم فقرا وعلاج المرضى وإيواء النازحين عن ديارهم بسبب الحروب او الازمات الاخرى.

وفي العام الماضي طالبت المنظمة بجمع 2,5 مليار دولار لمساعدة 33 مليونا على مستوى العالم.

لكن تطورات شهدها العالم بعد ذلك منها مجاعة في جنوب وشمال شرق افريقيا وعودة اللاجئين لافغانستان بمعدل اسرع بكثير من المتوقع زادت من مطالبات الامم المتحدة الى نحو 4,3 مليارات دولار حتى منتصف تشرين الثاني.

ومع ذلك قالت فريشيت ان ما جمع بالفعل يزيد قليلا عن نصف هذا المبلغ وحثت المانحين على زيادة تبرعاتهم في العام 2003.