حتمية الفحص قبل الزواج إجراء تحذيري ووقائي

 

تؤكد جميع الدراسات والأبحاث على ضرورة إجراء فحص مختبري للزوجين قبل الزواج وذلك لأن الحياة الزوجية يمكن أن تؤدي إلى إصابة أحد الطرفين بمرض معدٍ في حالة كون الطرف الآخر يحمل هذا المرض، وهذه الفحوصات تكون للتأكد من عدم وجود أمراض مثل التهاب الكبد الفيروسي نوع (B) ونوع (C) وكذلك فحوص لأمراض الزهري ومرض الإيدز، وهذه الفحوصات تعمل للبحث عن هذه الأمراض ولا يعني ذلك بالضرورة الوقوف عائقاً أمام الزواج، إذ إن وظيفة الطبيب فقط شرح واقع المرض وإمكانية العدوى وشرح وسائل الوقاية من الإصابة بالعدوى في حالة وجود وسائل فعالة. وتشير الدراسة بأن الأمراض الوراثية تؤكد أن المستقبل يخبئ الكثير بالنسبة لمن يعانون من الأمراض أي بالنسبة للمرضى، وفحوص ما قبل الزواج التي تتعلق بالزوجين حاملي المرض لا تعني أنهما ليسا مريضين ولذلك يتم ما يسمى بالعلاج الجيني ولا يتصور أن يستخدم لدى حاملي المرض اللذين لا يعانيان من أية أعراض مرضية نظراً لأنه يترافق مع مخاطر وآثار جانبية ولكن عند رغبة الزوجين في إتمام الزواج على الرغم من وجود مخاطر في إنجاب أطفال يعانون من أمراض معينة مثل أمراض الدم الوراثية، مثل فقر الدم المنجلي وسواه، ففي حالة كون الزوجين يحملان المرض نفسه فهناك احتمال بنسبة 25% في إنجاب أطفال يعانون من المرض، واحتمال 50% في إنجاب أطفال يحملون مثل ما يعاني منه الأبوان واحتمال 25% في إنجاب أطفال أصحاء تماماً.

وهذا يعني أن هنالك احتمال 75% في إنجاب أطفال لا يعانون من أمراض حتى ولو كانوا يحملون المرض إلى الأجيال.

واستناداً إلى هذه المعلومات، وانطلاقاً من التقدم الطبي في تشخيص الأمراض جينياً في الأجنة، فإن العلم يستطيع تشخيص ما إذا كان الجنين مصاباً أو حاملاً للمرض أو سليماً 100% وذلك في مراحل مبكرة من الحمل ويترك القرار للزوجين في إتمام الحمل أو عدمه، وتشمل فحوصات الزواج، الأمراض المعدية بالإضافة إلى إمكانية علاجية وقائية فيما يتعلق ببعض الأمراض. ففي حالة كون أحد الزوجين مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي من نوع (B) يمكن إتمام الزواج دون مشكلات وذلك بعد تطعيم الطرف الآخر ضد هذا المرض، وأجابت الدراسة عند السؤال عن خروج نتائج الفحص الوراثي من دائرة التوقعات، أن الأمراض الشائعة مثل فقر الدم المنجلي وأنيميا البحر المتوسط خرجت من دائرة التوقعات، بمعنى أن الفحوص الوراثية تعطي معلومات واضحة عن احتمالات الإصابة بالمرض هل هي 25% و50%؟ واحتمالات نشوء نسل يحمل المرض إلى من بعده دون أن يكون مصاباً بالمرض وهذه قد تصل إلى 100%، وهذه الفحوصات الوراثية تعطي احتمال 25% مثلاً لولادة أطفال سليمين 100%، وبالإمكان التطلع إلى فكرة الفحص الوراثي في قطاعات عريضة من المجتمع خاصة التي تعاني من هذه الأمراض في مناطق مختلفة من العالم العربي والشرق الأوسط بالذات، لأن هذه الأماكن تتوطن فيها بعض الأمراض كأمراض الدم الوراثية، والفحص يساعد على معرفة وجود جينة وراثية متنحية لدى أحد الزوجين أو كليهما وبعد التأكد من وجود هذه الجينات الوراثية يمكن إعطاء مشورة وراثية فيما يتعلق باحتمالات أن يكون الأطفال الذين يولدون من هذا الزواج أطفالاً مصابين بالأمراض وهذه احتمالات نقل الصفة الوراثية إلى الأطفال.

وأوضحت الدراسات المتعلقة بالموضوع أن هناك آلاف الأمراض قد تنتج عن زواج الأقارب، ولا تزال هناك عادات شرقية وتقاليد تطالب بزواج الأقارب، وتنتج عنه أمراض عديدة أهمها أمراض الدم الوراثية مثل فقر الدم المنجلي وإنيميا البحر المتوسط وهي تشكل في بعض الدول العربية كالسعودية مثلاً مشكلة صحية وإرهاقاً للموارد المخصصة للقطاع الصحي بالإضافة إلى أنها مشكلة اجتماعية، إضافة إلى معاناة المصابين بهذه الأمراض، حيث أن جينة الانيميا المنجلية موجودة لدى 20 – 30% من سكان المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، مما يؤدي إلى وجود مرضى يعانون من فقر الدم المنجلي بنسبة 1.5- 2% من السكان، وتنبأ الباحثون أن نسبة الإصابة بهذا المرض بعد 25 سنة هي 50% وبعد 50 سنة هي 85% حسب الدراسات والأبحاث العلمية الخاصة بموضوع فقر الدم المنجلي، وفي منطقة الإحساء تصل التقديرات إلى أن هناك طفلاً مصاباً كل 16 ساعة و16 طفلاً حاملاً للمرض كل يوم وهذا يعني أن 548 طفلاً يصاب سنوياً، وتقارب تكلفة علاجهم سنوياً بعشرة ملايين ريال سعودي إضافة إلى علاج المصابين بفقر الدم المنجلي الموجودين حالياً والذي يقارب عددهم 25 ألف مصاب في المنطقة.