العالم يبتعد اكثر عن إنسانيته.. انتعاش تجارة الرقيق على المستوى الدولي

 

(بيزنس الجنس).. مصطلح يشير لمعنى عمليات الاتجار بأجساد النساء التي تخطت الحدود الدولية لتدخل بلدان عديدة، وأصبح لها مكاتب وقواعد حتى قاربت أن تكون تقليداً عادياً تشجعه بعض الحكومات من طرف خفي ولأسباب لم تُعرف بعد تماماً، والموضوع في خلاصته لا يتطلب من مديري هذه التجارة سوى التجرد عن الأخلاقيات.. وليس أكثر!.

* الغواية.. قانوناً لتجارة الرقيق

بعد أن كان الإغواء يمثل ظاهرة تدار بحذر شديد في الظلام باتت اليوم هذه الظاهرة تدار علانية في العواصم والمدن الكبيرة في المكاتب والنوادي والمنازل، لتدر المال على أصحابها. إذ يتم كل شيء تحت ستار (التحرر!). وفي قراءة خارطة بيزنس الجنس يتم الاطلاع بسهولة فائقة على الوسائل الحديثة المتمثلة في شبكة الانترنيت أكثر من غيرها، التي تمد الراغبين بالمعلومات والتفاصيل المحيطة بتجارة (البزنس) فقد نشرت صحيفة (الديلي ميل) البريطانية منذ فترة وجيزة، تقريراً مفصلاً أكدت فيه: (أن الجنس بات يحتل المرتبة الأولى في قائمة الموضوعات التي يبحث عنها مستخدمو الانترنيت لا سيما على ما يسمى – الدليل العالمي للجنس – والذي يوضح تفاصيل واسعة عن وكالات الدعارة والنوادي الليلية... في كل أنحاء العالم.).

ومن المنافذ النشطة التي تجر إليها الفتيات لممارسة البغاء أن يقوم أحدهم بالمبادرة لطلب يدها للزواج، لتجد المختارة منهن كـ (زوجة) نفسها بعد ذلك محاصرة داخل أربعة جدران بين عدد من الرجال، الذين يجبرونها على الاستسلام للفعل الشائن بعد ما يكونوا قد هيأوا معها لتصوير فيلم سراً عن المشاهد التي تخدش الحياء في أتعس عمل إغوائي ممكن أن يحدث لابتزاز الفتاة الضحية ومن ثم جرها إلى سوق (الرق السري).

ونتيجة لانتشار ظاهرة الفساد والإفساد الذي تشهده المجتمعات (عامة) كلفت المفوضية الأوربية لجنة أمنية متخصصة لبحث أنجع الوسائل لمكافحة تجارة (الرقيق الأبيض) الذي يرمز إلى الجنس الأبيض، وسد المنافذ التي تستخدمها عصابات التهريب المنظمة لنقل النساء من بلدان أوربا الشرقية إلى بلدان أوربا الغربية، بعد أن ازدهرت في الآونة الأخيرة نشاطات (المافيا) لنقل الفتيات الشقراوات المنحدرات من بلدان مثل روسيا وبلغاريا ورومانيا وأوكرانيا وموالدافيا.. وغيرها وجاء في تقرير مشترك أصدرته مؤخراً (منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) والمنظمة الدولية لمساعدة الطفولة (اليونيسيف) و(المفوضية الدولية لحقوق الإنسان) أن عملية إغواء العوائل في البلدان الآنفة التي تتولى إنجاز مهامها عصابات المافيا، قد حددت بدفع مبلغ (8) آلاف يورو للفتاة أو لأهل الفتاة الصغيرة العذراء و(5) آلاف يورو للمرأة الثيب كحد أدنى لسعر شرائهن، هذا وأشار التقرير الآنف أيضاً أن زهاء (750) ألف امرأة سنوياً ينقلن بطرق سرية من شرق أوربا إلى غربها.

* و.. الرقيق بألوان الأبيض والأصفر والأسود

كشفت تجربة السنوات الخمس الماضية مع نشاطات المافيا في مجال تجارة الرقيق عن حضور إغوائي قد وصل إلى بلدان قارتي آسيا وأفريقيا، حيث يتم كل شيء بهدوء وسرية لنقل النساء من بلدان الشرق إلى بلدان أوربا الغربية، بطرق ملتوية وغير شرعية فقد أشار تقرير (دائرة مكافحة الجريمة في ألمانيا) إلى ازدهار من نوع آخر، ولكن هذه المرة لتجارة الرقيق (الأصفر والأسود) حيث تقوم تلك العصابات باستغلال الشباب الأوروبيين العاطلين عن العمل وتنظم عقود زواج وهمية لهم يوقعوا عليها، لقاء منحهم مبالغ مالية رمزية، لتأخذ معاملة جلب النساء من بلدان شرق آسيا وأفريقيا إلى أوروبا الغربية، شكلاً رسمياً وموثقاً.

وأمام حالة انتشار تجارة (الرقيق الأبيض والأصفر والأسود) ممكن القول إن المجتمع الذي يشاع عنه بأنه مجتمع أكثر انفتاحاً وأكثر صدقاً في التعبير عن سد الرغبات والتقدير بأن الناس هم أحرار فيما يرتؤوه لأنفسهم، ليس سوى خلط بين ما ينبغي عمله وما لا ينبغي.

فنزعة العلاقات الجنسية غير الطبيعية أول ما تؤديه إليه هو إصابة أصحابها بأمراض يصعب الوقاية منها على المدى الزمني القريب أو البعيد، إذ إن الدراسات الطبية توضح أن مفارقي الحياة بسبب الإصابة بمرض نقص المناعة (الإيدز) قد بلغوا الملايين في مختلف بقاع العالم.

* ازدهار تجارة الرقيق انتعاش للخطيئة

في كل مرة يفكر بها الناس الأسوياء بطرح السؤال المتوقع عن قبول المرء للخروج عن جادة الطريق القويم والاستعداد للانزلاق نحو الانحراف الأخلاقي المنافي للتقاليد في المجتمعات المحافظة، يتبادر إلى الذهن أن (ضيق ذات اليد) و(كسب المال) هما سببان رئيسيان يقفان وراء العديد من الحالات الخاطئة، ولعل ما يجسد جزءاً من هذا المفهوم هو الظروف الاجتماعية التي تحيط بالأفراد حيث المناخات المهيئة للسقوط السهل، الذي توقع في براثنه الفتيات المراهقات ويلعب الحرمان الجنسي دوره السلبي النسبي للتمهيد للوقوع في فخ الخطيئة.

كما لا يخلو الأمر في حالات محددة من القبول الذاتي للفتاة أو المرأة بالرضى أن تكون سلعة رخيصة تباع وتشترى يكون نابعاً من غريزة إشباع الرغبة بطرق غير مشروعة ومن هنا يأتي موضوع أن يصبر الإنسان السوي على ما يلم به من مصائب ويودع ثقته العالية بالله سبحانه وتعالى كي ينجيه من بؤس حاله. صحيح أن التدرج بالصبر يدرب الإنسان على التحمل العقلاني لكن درجة التحمل المعني تضمحل تماماً أمام قوة المبادئ والمثل عند الصابرين.

ولعل ازدهار تجارة الرقيق التي تنعش الخطيئة لا يمكن أن تتم إلا في غياب أو ضعف تلك المبادئ و المثل.