توقع فشل الحكومات العربية في إدارة بعض أعمالها إلكترونياً

 

تسعى إدارات العمل الإداري العربي للتحول نحو ما يسمى بـ (المنظمة الرقمية) لتتمكن من الاعتماد على نمط الإدارة لأعمالها إلكترونياً عبر الأجهزة التكنولوجية المتاحة التي بدأت تهيمن على تصريف الأعمال كبديل عن أعداد كبيرة من الموظفين ومن المؤكد إن الوصول إلى أفضل أداء إداري وتحسين الخدمات في إنجاز الأعمال من الغايات المتوخاة التي تعمل لأجلها كل إدارة ناجحة. والتقليد الجديد في الاعتماد على الإدارة الإلكترونية أصبح من موجبات العمل الإداري الناجح في دول العالم المتقدم..

ورغم الجهود الكبيرة المبذولة في عدد من الدول العربية للوصول إلى (الإدارة الإلكترونية) - إذا جاز التعبير - إلا أن بعض تلك الجهود أخذ يرى النور فيما بانت خطط أغلب الدول العربية للوصول إلى المنظمة الرقمية التي تديرها الأجهزة الإلكترونية تحتاج لوقت طويل قبل اللحاق بالدول المتقدمة تقنياً وفي محاولة لفك لغز إشكالية التحول إلى المنظمة الرقمية والتعرف على معوقاتها وعوامل نجاحها التقى (250) خبيراً ومسؤولاً يمثلون (15) دولة عربية في مدينة شرم الشيخ بمصر وعلى مدى أربعة أيام للوصول إلى الصيغة العملية للظفر بمعرفة أنسب الطرق الضامنة للتحول نحو المنظمة الرقمية، جاء ذلك في المؤتمر السنوي الأول لتكنولوجيا المعلومات الذي عقدته مؤخراً المنظمة العربية للتنمية الإدارية.

هذا وقد اختلف المؤتمرون حول كيفية التحديد الأخير لمواجهة تحديات التحول نحو المنظمة الرقمية التي تعتمد في أساس أعمالها على شبكة الإنترنت لكي تحسن وتنقل مهامها العملية إلى جمهور المتعاملين معها بكل الظروف المراد منها إنجاز المعاملات سواء داخل مؤسسات أو مع الذين هم خارجها خاصة وأن بعض الأعمال تحتاج إلى الأخذ بالاعتبار الإلمام الواسع بما تقتضيه قوانين وتعليمات كل إدارة حكومية على حدة، ومن ناحية ذات صلة بملاحظات المؤتمرين حذر الخبراء من انهيار أكثر من (70%) من خطط الإدارة الإلكترونية في البلاد العربية بحلول سنة 2004م بسبب عدم وضع خطط واضحة يرتجى منها مواكبة مستجدات العصر الحالي وتطوراته المتلاحقة.

ومما رصد من آراء وتقارير الخبراء العرب المشاركين في المؤتمر المذكور المخصص للتحول نحو المنظمة الرقمية ما قاله الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري رئيس المؤتمر ومدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية بـ (أن التحول نحو المنظمة الرقمية أصبح يمثل هاجساً لجميع قيادات العمل الإداري العربي في ضوء النمو السريع في تطبيق الحكومة والتجارة الإلكترونية عالمياً)، ثم أضاف موضحاً: (إن الدول العربية ما زالت تعتمد على تنمية الاقتصاد بالوسائل التقليدية في عصر يعتمد على النمو السريع في التطبيقات الإلكترونية). وأضاف الدكتور التويجري: (إن نقص الكوادر المؤهلة والخوف من التغير ونقص التمويل يعد من أهم تحديات التحول نحو المنظمة الرقمية، وإن الدول العربية مطالبة بوضع خطط طموحة لإعادة هيكلة النظام الإداري بالمؤسسات والقطاعات الحكومية المعتمدة على إدخال أحدث التقنيات ومن ثم تقديم الخدمات إلكترونياً للجمهور من أجل الاندماج مع العالم الخارجي.. والتحول إلى (عالم بلا أوراق).

وأكد الدكتور زين عبد الهادي منسق عام المؤتمر أن المؤتمر قد أوصى بإنشاء (الجمعية العربية للمنظمة الرقمية).. حيث ستعمل الجمعية على مساندة ومد يد العون لكل المؤسسات والشركات والهيئات العربية في وضع خطط التحول.. وإن التجارة الإلكترونية ستلعب دوراً رئيسياً في اقتصاديات الدول خلال السنوات المقبلة، لذلك طالب المؤتمر بوضع معايير لتطبيق التجارة والحكومة الإلكترونية في الدول العربية، كما أكد الدكتور عبد الهادي بختام تصريحه على وجود فرص هائلة تنتظر عمليات التنمية في البلاد العربية في حال تبني الإنترنت.

من جهته قال الدكتور حسين سنلاي الخبير السعودي في علوم الكمبيوتر ورئيس الاتحاد العربي لتقنية المعلومات: إن هناك مشاكل كثيرة في تطبيق الإدارة الإلكترونية في العالم العربي على رأسها أن كثيراً من الحكومات لم تغير من إجراءاتها التقليدية مع إدخال الكمبيوتر وعدم وجود التنسيق بين الجهات المالية والإدارية كما أن الاهتمام بالمواطنين والقطاع الخاص لم يكن نقطة الارتكاز في بواكير المواقع الحكومية بالإضافة إلى عدم إدراك الدول العربية لأهمية الحماية وأمن المعلومات والمتطلبات التقنية لأداء برامجهم ونظمهم ومواقعهم على الانترنت لذا تبدو هزيلة سهلة الاختراق إن لم تدعو للسخرية.

هذا فيما كشفت إحصائية رقمية مقارنة أضافها الدكتور عبد الهادي لتكون إحدى وثائق المؤتمر حيث أشار بأن ضعف أجهزة الكمبيوتر المضافة المرتبطة بالإنترنت التي تخص الدول العربية مجتمعة والتي بلغت عام 2001م نحو (54) ألفاُ و196 كمبيوتراً فيما بلغ الإجمالي العالمي نحو (106.7) مليون كمبيوتر.. مضيفاً بأن إسرائيل وحدها يبلغ عدد الكمبيوترات المضافة بها نحو (180) ألف و(263) كمبيوتر. أي أن نسبة ما لدى الدول العربية مجتمعة تصل إلى (30%) مما لدى إسرائيل، الأمر الذي يؤكد اتساع الفجوة الرقمية للدول العربية ويفرض ضرورة الإسراع في ترسيخ أسس ودعائم الاستعداد الإلكتروني للمجتمعات العربية لمواجهة التحدي الحضاري الرقمي المعاصر.