آفاق مستقبلية رحبة لعلاج العقم

 

تأخر الحمل أو عدم حدوثه يكون السبب الرئيسي في تحول الحياة الزوجية السعيدة إلى نكد يومي وبالأخص بعد مضي عدة أشهر من الزواج، وسواء أكان السبب يتعلق بالزوج أو الزوجة فإن الحكم على العقم لا يمكن أن يتم خلال عدة أسابيع أو أشهر وإنما ينبغي أن يتم ذلك بعد مرور ما لا يقل عن سنتين من ممارسة الحياة الزوجية بشكلها الطبيعي، وبعد مرور هذه الفترة الزمنية، يمكن أن يلجأ حينها الزوجان إلى استشارة الطبيب المختص الذي يقوم بإجراء سلسلة من الاستقصاءات البسيطة منها والمعقدة تمهيداً لتحديد السبب ومعالجته. وأياً كان السبب فإن 98% من حالات العقم ترجع إلى أسباب معروفة طبياً ويمكن معالجتها، وإن معدل حالات العقم غير المعروف الأسباب لا تتعدى 2% من الحالات.

ويؤكد أطباء الأمراض النسائية أنه لا بد من الفحص الطبي لكلا الزوجين للتأكد من عدم وجود معوقات للإنجاب سواء معوقات تشريحية (كالمشكلات الخلقية في الجهاز التناسلي الذكري أو الأنثوي) أو معوقات هرمونية، وهي التي تتحكم في عملية الإباضة (عند المرأة) وكذلك في الحيوانات المنوية (عند الرجل)، أو معوقات تتعلق في فشل الحيوانات المنوية في عملية تلقيح البويضة، والتي تعتبر من أكثر العوامل المسببة للعقم عند الرجال، ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة الأمراض الالتهابية التي تصيب الرجال وخصوصاً المتموضعة في غدة البروستات والبربخ وللأسف فإن هنالك عوامل عديدة تلعب دوراً سلبياً في تطور الإصابة، وأهمها عدم التشخيص الدقيق والمبكر للمرض، أو إهمال العلاج والتأخر به.

ويمكن لأي فتاة أن تتأكد من مدى خصوبتها بعمل فحص هرموني عن طريق التصوير بالموجات فوق الصوتية للتأكد من قدرتها على الإباضة وكذلك صلاحية جهازها التناسلي وقدرتها على الإنجاب. حيث أن التشخيص السليم يتم بدراسة الدورة الشهرية للمرأة منذ بدايتها وحتى نهايتها، ومعرفة معدلات تغير الهرمونات وتأثيرها على المبيض والرحم والمهبل، حيث تتم دراسة الخرائط الهرمونية في أوائل أيام الدورة وبخاصة ثاني وثالث أيامها ودراسة تجويف الرحم والأنابيب بعد انتهاء دم الحيض، ويتم التأكد من الإباضة باستخدام وسائل عديدة أهمها وأكثرها شيوعاً تحديد نسبة هرمون البرجيسترون بعد حدوث الإباضة بأسبوع، وتتم دراسة نمو البويضات عن طريق الموجات فوق الصوتية طوال أيام الدورة الشهرية. وعليه فإنه لا يمكن اعتبار عقم المرأة مرضاً بحد ذاته لأن أكثر حالات العقم تنتج من خلل وظيفي يؤدي بدوره إلى عدم مقدرة المرأة على الإنجاب، وعند علاج هذا العارض والخلل تزول حالة العقم (هذا بالنسبة إلى عقم المرأة).

أما بالنسبة لعقم الرجال، فإن الحالة المرضية تتطور وتصبح مزمنة وتحدث تأثيرات سلبية في الحيوانات المنوية التي لا تستطيع أن تقوم بوظيفتها بالشكل الأمثل ومن جراء ذلك لا يحدث التلقيح والحمل حتى وإن لجأ الطبيب إلى التلقيح الصناعي، ويعود ذلك لارتفاع نسبة الكريات الدم البيضاء التي يزداد عددها كرد فعل على العوامل الممرضة المسببة للالتهابات؛ إذ إن وجود خمس كريات بيضاء في المليم الواحد من السائل المنوي يعني أن الالتهاب قد أصبح مزمناً وأن رد الفعل المناعي الذاتي قد حدث مما يؤدي لتغيرات حيوية وشكلية في الحيوانات المنوية وحدوث العقم، وذلك يعود إلى الأسباب التالية:

1- ضعف حركة ونشاط الحيوانات المنوية وعدم قدرتها على التلقيح.

2- تأخر نمو ونضج الحيوانات المنوية.

3-قصور في قدرة الحيامن على اختراق جدار البويضة.

4- انخفاض في نسبة الحيوانات المنوية (الحيامن) الحية والفعالة منها، وذلك يعود إلى موت معظمها بسبب الالتهابات المزمنة والتغيرات الناجمة عنها. وبسبب ذلك فإن أي عملية تلقيح سواء أكانت تقليدية أو مجهرية أو أنبوبية تفشل مالم يعالج السبب ونقصد بذلك الالتهابات الموجودة، مع العلم أن بعض الإجراءات المستخدمة في عملية التلقيح الصناعي - ونقصد بذلك طريقة الغسل الحبيبية للسائل المنوي - تؤدي إلى تلف الحامض النووي للحيوانات المنوية وحدوث اضطرابات وبالتالي توقف نمو وتطور الجنين وحدوث نهاية مبكرة للحمل.

وللأهمية علينا أن نفهم أهم التغيرات المرضية التي تحدث في الحيامن والتي تؤدي بدورها إلى فشل الإخصاب إن كان طبيعياً أو اصطناعياً (مجهرياً أو أنبوبياً) في حالة وجود هذه الحالة الالتهابية المزمنة في الجهاز التناسلي للرجل، حيث أن التغيرات لها عواقبها التشويهية الخلقية والجنينية للجنين وكذلك للأجيال القادمة من هؤلاء الأطفال وعلاوة على ذلك فإن وجود التحليل الصبغي لهؤلاء الرجال والذين يعانون في نفس الوقت من نقص في عدد الحيوانات المنوية في السائل ما تحت العشرة ملايين حيمن في المليم الواحد وفي الوقت نفسه ارتفاع في كمية هرمون حث للجريبات ما فوق (151 UIL يؤدي إلى تقييم سبب العقم من ناحية التغيرات المرضية حيث تتواجد بنسبة 7-15% عند هؤلاء الرجال تغيرات مرضية وحدوث التحولات الخلوية أثناء نشوء الخلية الجنسية، وهذه تؤدي بدورها إلى شذوذ إما في ازدواج صبغات كاملة أو غير مزدوجة لوحدها أو يصاب جزء منها وعلاوة على ذلك يستطاع بواسطة التحليل الصبغي أن تقيم مخاطر الإجهاض أو موت الجنين. وكذلك التشوهات الخلقية عند هؤلاء الأطفال في حالة اللجوء إلى التلقيح المجهري وكذلك لوحظ عدم تواجد الحويصلة الجنسية وغيرها من التشوهات التي بدورها تؤدي إلى توقف التحولات الخلوية الجنسية وكذلك تؤدي إلى توقف تكون الحيامن نفسها في الخصية من حيث حدوث اضطرابات في الانقسام، وهذا يعني الاضطراب في انفصال الصبغات المتطابقة.

وقد تتكون هنا خلية جنسية غير متساوية الصبغة وإذا تم تلقيح هذه الخلية الجنسية مجهرياً فإن احتمال الإجهاض أو ولادة طفل مصاب بتشوه خلقي كبير جداً.

ولهذا فإنه من خلال التحليل الصبغي بعد أخذ عينة من السائل المنوي أو من الخلية الجنسية غير الناضجة عن طريق خزعة خصيوية وبطريقة صبغة خاصة يستطاع تشخيص التغيرات الصبغية تحت المجهر في جميع مراحل التحولات الخلوية حيث يتم تشخيص الشذوذ الازدواجي بنسبة 50% عند الرجال الذين يعانون من توقف تكوين النطف. وقد لاحظ الباحثون أن نسبة 38% من هؤلاء الرجال الذين يعانون من العقم والذين وجد عندهم قلة في العدد والحركة للحيوانات المنوية تقدر بأقل من المليون ونصف المليون حيمن في المليم الواحد من السائل المنوي وفي الوقت نفسه ارتفاع كمية الهرمون الحاث للجزئيات في الدم ما فوق (151 UIL) يوجد عندهم خلل في التحولات الخلوية الجنسية وهذا بدوره يؤدي إلى عدم الانفصال حيث يتوقف تطور نمو الجنين في هذه الحالات تكون هنا نهاية مبكرة للحمل.

وعلى ضوء كل ما تقدم فإن الأبحاث والدراسات السريرية تشير إلى أن الأمراض الالتهابية والتي ينتج عنها العقم، يمكن علاجها بواسطة أنزيمات فعالة تعمل على تحسين نوعية وأداء وكفاءة الحيوانات المنوية وتمكنها من إحداث التلقيح والإخصاب والحمل، وبالتالي إضفاء المزيد من السعادة والهناء على الحياة الزوجية.