في كلمته أمام جمع من المؤمنين الكويتيين..

آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي يشدد على الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة في نشر علوم أهل البيت (ع)

قم/ النبأ: التقى جمع من المؤمنين الشيعة من دولة الكويت، المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي – دام ظله – في مكتب سماحته بمدينة قم المقدسة، وقد عبر الأخوة الضيوف عن حبهم وولائهم للسيد المرجع، وطرحوا على سماحته مجموعة من الأسئلة، واستمر اللقاء لبضع ساعات، واختتم بكلمة قيمة ألقاها السيد المرجع الكبير على مسامعهم، وقد دارت حول أهمية تعلم علوم أهل البيت النبوي (ع) وتعليمها الناس، فيما يأتي نذكر جانباً مما جاء في هذا الكلمة:-

بداءةً قال السيد المرجع: هذا الشهر (جمادي الثاني) هو شهر السيدة فاطمة الزهراء (ع)، التي هي بمثابة المحور والقطب لأهل البيت (ع)، وأمُّ أحد عشر إماماً معصوماً، وزوجة أبي الأئمة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وبنت رسول الله (ص) الذي عبّر عنها بقوله: (فاطمة أمُّ أبيها).

إذا رضيت عنّا الزهراء (ع)، رضي عنّا الإمام أمير المؤمنين (ع) الذي هو قسيم الجنة والنار، ورضي عنّا كذلك الأئمة المعصومون (ع)...

وتابع السيد المرجع يقول: إن النبي الأعظم (ص) الذي يقول الله عز وجل، في شأنه: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يُوحى) فيكون كلامه (ص) عبارة عن مضمون الوحي في الواقع؛ وعليه فإنه إذا رضيت عنّا الزهراء (ع)، رضي عنّا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) الذي هو قسيم الجنة والنار، ورضي عنّا كذلك الأئمة المعصومون (ع) جميعاً.

وفي الحديث المتواتر: (يرضى الله لرضى فاطمة ويغضب لغضبها). فأنا أوصي بقراءة خطبة السيدة الزهراء (ع)، وحفظها بعد ذلك تدريجياً؛ ذلك لأن هذه الخطبة تمثل خلاصة الإسلام، وخلاصة أصول الدين الإسلامي، وخلاصة الفلسفة والأخلاق والآداب وسائر المفاهيم الإسلامية...

هذه الخطبة تتضمن علة كل ذلك الأذى والظلم الذي تحملته الصديقة الطاهرة (ع)؛ تلك العلة هي الإسلام والقرآن الذي استشهدت (ع) لأجله، مع ابنها المحسن (ع) الذي كان لم يزل جنيناً في أحشائها..

ينقل أبو الصلت عن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) حديثاً، قال فيه: (رحم الله من أحيا أمرنا)، قال: فقلت كيف يا ابن رسول الله؟ قال (ع): (يتعلم علومنا أهل البيت ويعلمها الناس). وهي نفسها العلوم التي استشهدت لأجلها الزهراء وابنها – عليهما السلام-.

فيتعين على كل واحد منّا أن يعمل، بحسب وسعه، في هذين الاتجاهين، ولا فرق في ذلك بين المرأة والرجل، عن طريق المجالس، والحسينيات، والمساجد، والبيوت، أو عن طريق كتابة المقالات، ووسائل الإعلام المسموعة، والإنترنت، أو عبر أية وسيلة تجعل الناس على إطلاع ومعرفة بعلوم أهل بيت النبوة (ع)، وهو العمل الذي يجعل السيدة الزهراء (ع) راضية عنّا، وفي النتيجة يحقق رضى الأئمة المعصومين (ع) وبالتالي يترتب عليه رضى البارئ عز وجل عنّا.

* إن خطبة الزهراء (ع) تمثل خلاصة أصول الدين الإسلامي، وخلاصة الفلسفة والأخلاق والآداب وسائر المفاهيم الإسلامية.

وأردف السيد المرجع يقول: في قصة ينقلها العلامة المجلسي – رحمه الله – في كتابه (بحار الأنوار) أن شخصاً من الموالين لأهل البيت (ع)، قصد مدينة مشهد المقدسة، لزيارة قبر الإمام الرضا (ع)، وذلك قبل بضع مئات من السنين، فبلغ الحرم المطهر عند الغروب، فرأى الخادم يهمّ بغلق باب الحرم الشريف، فقال له، دعني أكون في داخل الحرم، وأبقى فيه حتى الصباح، وأنت اذهب لشأنك.

فدخل ذلك الشخص الحرم، ونوى أن يختم القرآن المجيد في تلك الليلة، وكان الخادم قد أعطاه شمعةً واحدةً ليستضيء بها، وأغلق الباب وانصرف.. ولكن ما هي إلا دقائق حتى انطفأت الشمعة، وصار الظلام يلفُّ كل شيء، فتألم الرجل، وجعل يلوم نفسه، لأنه لم يطلب المزيد من الشموع.. في مثل هذه الحالة شرع صاحبنا بقراءة القرآن الكريم، لكنه لا يكاد يرى شيئاً بسبب الظلام، وفجأة يسمع شخصاً آخر يقرأ معه القرآن بصوت جميل جداً، فظن أن أحدهم دخل الحرم، فراح يفتش، لكنه لم يجد أحداً، فقال لنفسه، لعل أحداً كان في الحرم قبلي، فطفق يتفحص بدقة في المكان، دون أن يتوصل إلى شيء.. فعاد لتلاوة القرآن الكريم، وهذه المرة سمع أيضاً ذلك الصوت الشجي يتابع معه القراءة، فركزّ سمعه، حتى علم أن ذلك الصوت الملكوتي يصدر من القبر الطاهر للإمام الرضا (ع).

إن الإمام الرضا (ع) هو نفسه الإمام في ذلك اليوم، نعم تغير شكل بناء الحرم وتغير تعداد الزائرين، لكن الإمام (ع) هو هو، ولم يتغير، فكل من يزوره يحظى بعنايته صلوات الله وسلامه عليه، فاستثمروا هذه الفرصة العظيمة، وعاهدوا الإمام (ع) على الاهتمام بمستقبل حياتكم، والتمسوا منه الدعاء بالتوفيق.

هذا، ومضى سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي إلى القول: إن القرآن هو أساس الإسلام، والله تبارك وتعالى يقول في القرآن الكريم: (وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم)؛ فيلزم منه أن يحصل الوفاء من الطرفين؛ من طرفكم، ومن طرف الإمام الرضا(ع)..

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.