قم - النبأ: حضر سماحة العلامة السيد
حسين الشيرازي، بين مجموعة من الفتية في مدينة قم المقدسة، إثر
انتهاء أحد الدروس التي يتلقونها في حفظ وتلاوة القرآن الكريم، وألقى
محاضرة تربوية قيمة حول حسن الخلق، فيما يأتي نورد جانباً منها:
في بداية محاضرته، قال سماحة السيد: أكدت
الأحاديث الشريفة على إحدى الصفات الإنسانية، ألا وهي حسن الخلق؛ فقد
روي عن رسول الله (ص) قوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
أية صفة سيئة تلاحظونها، لابد أنها تعود في
جذرها إلى سوء الخلق، وبالقدر الذي يتوفر به الاستعداد، تصبح تلك
الصفة مصدراً للأعمال والتصرفات السيئة، فكل الأعمال القبيحة التي
تصدر من الشاب مردّها سوء الخلق.
وتابع السيد العلامة يقول: إن عنصر الأخلاق في
الإسلام مهم جداً؛ فقد أكدت الأحاديث الشريفة بأن الإنسان إذا كان
حسن الخلق، فإن الله سبحانه يتجاوز عنه في الأشياء الأخرى، أما إذا
كان الإنسان سيئ الخلق، إلا أنه يصلي صلاته في وقتها، ويصوم شهر
رمضان، فإن الله تعالى يبغضه؛ وتفيد بعض الأحاديث بأن العبد إذا تحلى
بخصال ثلاث إحداها حسن البشر في الوجه، فإن الله يدخله الجنة.
وأردف سماحة السيد يقول: يروى أن ثلاثة أشخاص
كانوا يعادون رسول الله (ص)، فلما قدم النبي الأكرم (ص) على المدينة،
ذهب هؤلاء النفر إلى آلهتهم في داخل الكعبة، وجعلوا يعاهدونها على
السير إلى المدينة ليقتلوا رسول الله (ص).. فلما كانوا في بعض الطريق
إلى المدينة، أعلم جبرائيل (ع) النبي (ص) بأمر هؤلاء، لأجل أن يبعث
إليهم من يقطع عليهم وجهتهم، ويردّهم على أعقابهم.
دعا رسول الله (ص) أصحابه، وقال لهم: من يذهب
ويصدّ هؤلاء النفر وإذا ما قتل ضمنت له الجنة.. وكرر (ص) عليهم قوله
ثلاث مرات، وفي كل مرة يجيبه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
(ع) فقط.
وهكذا، سار إليهم الإمام علي (ع)، فلما بلغهم
قال لهم: أنا أعلم ما أنتم طالبوه، أنتم جعلتم على أنفسكم أن تقتلوا
رسول الله (ص)، وها أنذا أمنعكم من ذلك، وآمركم أن تعودوا من حيث
جئتم، قالوا: كلا، فقد عاهدنا آلهتنا على أن نمضي لما نحن عازمون
عليه، فقال لهم الإمام (ع): إذا أردتم ذلك، فدون ما تريدون مقاتلتي..
فرأى هؤلاء الثلاثة أن قتال شخص واحد ليس عسيراً عليهم، فشرعوا
بمقاتلة الإمام (ع)..
تؤكد الروايات أن الإمام علياً (ع) لم يعمل
سيفه كثيراً في القتال، وإنما كان يضرب ضربتين؛ فواحدة يدافع بها عن
نفسه والثانية يحزّ فيها عنق عدوه.
وهكذا، قتل الإمام (ع) الأول والثاني، فلما
علا الثالث بسيفه هبط جبرئيل (ع) إلى النبي الأكرم (ص)، كما أخبر
الإمام علي (ع) أن يا علي لا تقتل الثالث، فلما سأل: لماذا إنه جاء
يريد قتل رسول الله (ص)؟ فقال جبرئيل (ع): إن الله يقول لا تقتل هذا
لأنه حسن الخلق، وقد أحبه لحسن خلقه.. فأخلى الإمام (ع) سبيل الثالث
وتركه يهرب..
فإذن حسن الأخلاق مهم إلى درجة أن الله تعالى
يتوسط لمنع قتل شخص كان يريد قتل نبيه الكريم (ص)!!.
ومضى سماحة العلامة السيد حسين الشيرازي
للقول: تفيد بعض الأحاديث الشريفة بأن أثقل شيء في الميزان يوم
القيامة، هو حسن الخلق. وليس معنى ذلك ترك الصلاة، بل المراد منه وجه
المفاضلة بين الأشياء.. فغاية القول أنه إذا تفشى سوء الخلق في أوساط
الشباب والفتية، فسيختل كل شيء، وتفسد سائر الأعمال.
إن معيار حسن الخلق، هو مقابلة الإساءة
بالإحسان، فكل من يتعرض لأذى أو إساءة من الأقارب أو الأباعد، فإنه
يتعين عليه أن يلتزم جانب الخلق الحسن، إنه أمرٌ يشق على النفس، غير
أن ثوابه عظيم.
يفيد الحديث الشريف أنه إذا ردّ العبد يوم
القيامة، وكان حسن الأخلاق، فإنه يترفق بحاله، أما إذا كان سيئ الخلق
فإن أول عذاب يتعرض له هو شدة ضغطة القبر.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
|