عرض لكتاب (هل للشعوب قيمة؟).. من مؤلفات الإمام الشيرازي الراحل(قدس سره)

 

الكتاب: هل للشعوب قيمة؟

المؤلف: السيد محمد الحسيني الشيرازي(قده)

الناشر: هيئة محمد الأمين (ص)، الكويت

الطبعة: ط1، 2002م

الصفحات: 40ص، قطع وسط

عرض: بشير البحراني/ عضو تحرير موقع قطيفيات

قد يثير فيك هذا العنوان للكتاب شعوراً من المبالغة، ولكن المؤلف الإمام المجاهد آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره الشريف) يرى ما هو أكثر من ذلك، فيقول في مقدمة الكتاب: «إن الواقع أضخم من هذا العنوان، لأن الحوادث والقضايا التي شهدناها ولمستها أغلب الشعوب كانت أكبر من أن نعطي رأياً فيها أو نجد لها مصطلحاً يتناسب مع ضخامتها في قاموس اللغة [ص9].

ويؤكد الإمام المؤلف منذ البداية بأن المبالغة هي في احترام الدين الإسلامي للإنسان وشخصيته، فهو لا يسمح حتى بمجرد تخويف الإنسان أو استفزازه أو الإساءة إلى كرامته، ولذا نجد أن رسول الله (ص) أعطى بواسطة الإمام علي بن أبي طالب (ع) مالاً لكل من ارتعب وارتهب بسبب خالد بن الوليد.

والإسلام جعل من الإنسان محوراً لكل الخليقة، وهذا المعنى يستفيده الإمام المؤلف من تكرار قوله تعالى: {خلق لكم} و{جعل لكم} أكثر من مرة في القرآن الكريم.

ولكن بعض الحكام صاروا يمارسون الظلم والتنكيل بالشعوب، ومنهم النظام البعثي الحاكم في العراق، حيث يذكر الإمام المؤلف كلاماً عن الظلم والسجن والتعذيب في السجون العراقية، فيقول: «منذ سنة 1958 ميلادي وحتى هذا العام الموافق 1999م [تاريخ تأليف الكتاب] كان ولا زال العراق مسرح لأبشع المهازل مما لم يذكر أمثالها في كتب التاريخ التي بين أيدينا، من القتل والسجن والتعذيب ومطاردة الأحرار وإخراج أكثر من ثلاثة ملايين من أبناء الشعب الآمنين وهتك الأعراض ذكوراً وإناثاً وغير ذلك من الجرائم» [ص18].

وليس العراق وحده فحسب، فهذه إندونيسيا التي ابتليت بـ(سوكارنو) الذي قلب نظام الحكم وصار مسرفاً مستهتراً ودكتاتورياً، وحين أراد أن يصبح شيوعياً بحتاً بصورة علنية؛ قامت الثورة وقتل المئات من الشعب. ثم حكم البلاد بعده (سوهارتو) بدعم من الغرب، فمارس الظلم والشراسة ضد الإسلام وسرق أموال البلاد إلى نفسه.

وهكذا في مصر أيضاً، حيث كان يحكم جمال عبدالناصر كأداة طيعة في يد الغربيين والشرقيين، حتى أنه فترة محددة اعتقل مائة وثمانين ألفاً من ذوي النزعات الإسلامية وجعلهم تحت التعذيب الشديد.

وكذلك في إيران، حيث مر الشعب هناك بمحن وصعوبات عديدة، ويذكر سماحة الإمام المؤلف أن (البهلوي) قتل ذات مرة الآلاف من الناس فقط بسبب مطالبتهم بعدم إلقاء حجاب المرأة، كما أنه كان يسرق وينهب ثروات البلاد، وهكذا مارس أخوته وأخواته شتى أنواع النهب والسرقة والقتل والتعذيب للمواطنين الإيرانيين.

وكذلك في أفغانستان، حيث جرى فيها من جرائم الاغتيالات وسفك الدماء وتخريب المدن وتحطيم الدين الشيء الكثير، وينقل الإمام المؤلف عن شهود عيان كيف أن طالبان كانت تهجم على القرى الشيعية وتستبيحها بوحشية، حتى أنه يقول: «لو جمعت ما سمعته من الثقاة في قضايا وحوادث أفغانستان وبعد الاحتلال الشرقي والغربي لها لكان بقدر ما سمعت ورأيت في جمهورية العراق منذ 1958م، ولكانت مادة ثرية لإصدار كتاب ضخم يفوق ألف صفحة وجملة منها غير قابل للتصديق مطلقاً» [ص25].

ويقرر الإمام المؤلف بأن كل ما جرى ويجري على المسلمين من مآسي وآلام هو بسبب الانحراف عن سنن الله، وقد قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً}.

كما أن للغرب دوره البارز في ذلك، حيث يتحكمون ويسيطرون على الحكام في البلاد الإسلامية، ويأتون بمن يشاءوا ويسرحوا من يشاءوا.

ومن هنا فالإمام المؤلف يوجه الدعوة إلى الملايين من المهاجرين واللاجئين المسلمين في الغرب بضرورة نظم الأمر، والعمل على تعديل فكرة الغرب المسيحي عن الإسلام وتعاليمه الإنسانية، ومحاولة الحيلولة دون محاربة السياسيين الغربيين للدول الإسلامية.

كما يجب على الحكام في البلاد الإسلامية الكف عن الإساءة العملية للإسلام والمسلمين، ثم إن على المسلمين أن يرفعوا من مستوى وعيهم وإدراكهم وسلوكهم لكي يستطيعوا الصمود والمواجهة.

ويقدم الإمام المؤلف ثلاثة حلول في سبيل تغيير نظرة الغرب للإسلام، وهي:

أولاً/ تأليف ملايين الكتب التي تحمل مفاهيم الإسلام بلغات الغرب المتداولة.

ثانياً/ أن يتصف المسلمون داخلاً وخارجاً بسلوك يدفع عنهم الشبهة والشك.

ثالثاً/ تعريف الغرب بأن الدين الإسلامي لا يحارب دين المسيح (ع).

.. هكذا يمكن إنقاذ الشعوب من دعم الغرب إلى ما يمكن أن يساهم في تشريد وبؤس وفقر ومرض وذلك ملايين الناس من المسلمين وغيرهم.