الحل اللاعنفي للأزمة الفلسطينية ممكن |
كتب محمود الاهي في صحيفة ديلي ستار نيوز Daily Star News ، كندا، 21 حزيران/ يونيو 2002 يقول: بينما يوقع الانتحاريون الفلسطينيون والدبابات الإسرائيلية الضحايا من المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين, أصبح واضحاً أن المتشددين على طرفي النزاع يسعون لحل عسكري لمسألة من الواضح أنها سياسية. ويبدو أن الانتحاريين الفلسطينيين وطائرات الهيلوكبتر العسكرية ووجوه كثيرة لا تنتهي، من الإسرائيليين والفلسطينيين، التي تشوهت ملامحها بسبب إصابتها بالألم المبرح وبالخوف الشديد, يعطون مبرر قوي لليأس والإحباط . ويلوم كل طرف الآخر والتغاضي عن دوره في خلق هذه المأساة. كما يبدو أن هناك خطة تقف وراء هذا الجنون الواضح. فبالنسبة للمتشددين من الفلسطينيين يبدو أن هذه هي الهجمة الأخيرة في حرب طويلة لإزاحة دولة إسرائيل. ويبدو أن هؤلاء المتشددين يظنون أن الاستمرار في الانتفاضة العنيفة والعمليات التفجيرية سيدمر إرادة الشعب الإسرائيلي. والمتشددون الإسرائيليون يفكرون بالطريقة نفسها. فقبل بضع سنوات أعلن رئيس الوزراء أرييل شارون (وقد كان يومها لواءاً) أن الدولة الفلسطينية موجودة وان إسمها هو الأردن. ثم أعلن بعد ذلك انه غير رأيه, دون أن يقنع أحد بأنه مخلص في ذلك. إلا انه من الوارد أن الكثير من المتشددين الإسرائيليين قد توصلوا إلى نتيجة أنه بإمكانهم احتلال الضفة الغربية تدريجياً وبطريقة تدريجية إذا أمكن دفع الفلسطينيين لهجرة البلاد نتيجة بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة واستمرار العمليات العسكرية. وقد يكون كل طرف قد أساء تقدير قدرات الطرف الآخر معتقداً أن حركة الأحداث تعمل لمصلحته. فقد أساء الفلسطينيون تقدير عمق التصميم الإسرائيلي, الإسرائيليين يعرفون كم عانى آباؤهم وأجدادهم أيام المحرقة النازية, وهذا أمر خلق فيهم ميل فريد إلى التحمل والصبر. ومعظم اليهود يعلمون أن إسرائيل هي المكان الوحيد الذي يمكن اعتباره وطناً لهم وان بقائهم يعتمد على بقاء تلك الدولة. ومن الناحية الأخرى, أساء الإسرائيليون المتشددون تقدير عزيمة وإرادة الشعب الفلسطيني. فالفلسطينيون يعلمون, كونهم يعيشون في المنافي في الدول العربية، بأنهم سوف يصبحون شعباً آخر بلا دولة إذا خسروا مواطئ أقدامهم في الضفة الغربية وقطاع غزة, وانهم سوف يصبحون لاجئين للأبد إذا لم تكن لهم دولة خاصة بهم. ومن المفارقة أن هذه الحالة من العداء المتبادل قد تساعد الفلسطينيين والإسرائيليين على الجلوس معاً بعد موجة العنف الدموية الأخيرة. فعندما يلاحظ كل من الطرفين انه لا يستطيع كسر شوكة الطرف الآخر, فمن المحتمل انه سوف يتجه نحو إمكانية التعايش. وبغض النظر عن التصريحات التي يدلى بها القادة الفلسطينيون فان معظم المتشددين لم يقبلوا حق إسرائيل في البقاء. والآن على هؤلاء المتشددين أن يتنحوا جانباً بإيقاف ويتركوا المجال للمعتدلين الهجمات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين، وإتاحة المجال للمعتدلين. ومن الناحية الأخرى, على إسرائيل أن تبدأ بالانسحاب من كافة المناطق التي تحتلها. فإعلان ياسر عرفات وأرييل شارون، في ذات الوقت، بأن كافة العمليات الانتحارية سوف تتوقف حال قيام إسرائيل بالانسحاب من الضفة الغربية, قد يمهد الطريق لمفاوضات ذات معنى لإحلال السلام في المنطقة. ولا يمكن لوزير الخارجية الأميركي كولن باول, الذي سعى، في السابق، للتوصل إلى السلام, أن يقدم المساعدة إلا إذا اتفق الطرفان على هذه القضية الأساسية. فالمفاوضات لا يمكن أن تبدأ إذا استمر الإنتحاريون والدبابات الإسرائيلية بإيقاع الضحايا. وقد تسلمت إدارة بوش مهام الإدارة الأمريكية بتردد له ما يبرره في الانخراط بالمراقبة والمشاهدة, وهو ما تميزت به الإدارة السابقة. لقد حاول الرئيس السابق بيل كلنتون استخدام المنطقة لتعزيز مكانته في التاريخ. وقد حاول, أثناء معاناته من فضيحة مونيكا لوينسكي, أن يظهر بمظهر السياسي العالمي بأن يضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين للوصول إلى اتفاق دون توجيه الاهتمام إلى السبب الرئيسي للعداء. ولا يمكن الوصول إلى اتفاق حقيقي دون وضع حد لدوامة العنف. كتبت حنان عشراوي, الشخصية القيادية الفلسطينية مؤخراً في مجلة The Progressive: "علينا كفلسطينيين, بل كضحايا, أن نعترف بحصتنا من اللوم وأن نسأل أنفسنا تلك الأسئلة التي بقيت صامتة أو طرحت بهمس في نقاشات خلف الأبواب الموصدة....لماذا ومتى نسمح لأقلية منا أن تفسر الهجمات العسكرية الإسرائيلية على حياة المدنيين الأبرياء كتصريح لممارسة الأسلوب ذاته ضد المدنيين منهم؟" عندما تسأل الأكثرية الفلسطينية نفسها هذا السؤال, يمكن تهيئة المسرح السياسي للسلام. - النص الأصلي باللغة الإنجليزية وقد قامت خدمة Common Ground الإخبارية بترجمته إلى العربية. |